Ru En

الدين في عصر ما بعد الحداثة: من وجهة نظر ورأي الخبير

١٨ مارس ٢٠١٩

في زيارة إلى بوابة Islam-Russia.com -  الأستاذ في قسم الدراسات الدينية
في جامعة كازان – أنطون غورين

 

- كيف يتغير دور الدين في عصر ما بعد الحداثة؟
في الواقع الفعلي، في النصف الثاني من القرن العشرين، إن القوة الرئيسية التي تستخدم النظرة العقلانية كالإيديولوجية الحكومية هو الإتحاد السوفياتي. وللأسف، في عام 1991 ميلادية لم يعد موجودا والعقلانية نفسها في الثقافة العالمية عانت منذ ذاك الوقت من أضرار بالغة الخطورة وتخلت عن مواقفها. وكنتيجة لذلك، فلو أخذنا روسيا الإتحادية، فستظهر مسألة الإيديولوجية، حتى ولو لم تكن الحكومية منها، وذلك لأنه وفقا للمادة 13 من الدستور الروسي حيث أنه حتى الأن لا يمكن أن يكون لدينا أي شئ من هذا، ونريد أن نعتقد بأنه لا يوجد هذا فقط في الوقت الحالي. وكنتيجة لذلك، فإن المكان المقدس لا يكون فارغا كما يقول المثل الشعبي، ويتم طرح السؤال عن مسألة الهوية البشرية، وعن مسألة إنتماء شخص ما إلى شخصية شائعة معينة ويأتي مكان الإيديولوجية الحكومية التي تم إختبارها مع الوقت ومرور الزمن الإيديولوجية – وهي الهوية الدينية.


أي أنه إذا كان في القرن العشرين مبدأ "القريب – والغريب" تم تحديده بالطريقة التقليدية – وهي اللغة، وهي الأرض الجغرافية للإقامة المشتركة وهي رموز دينية مقدسة ومهمة. وفي يومنا هذا فإن الأرض الجغرافية – هي ليست معيارا، n-ое وعدد المواطنين الذين يملكون جنسيتين وثلاث جنسيات، اللغة – وهي الأن أيضا ليست معيارا، ومعرفة لغتين أو ثلاث لغات – هي أيضا ليست مألوفة، وتبقى الرموز المقدسة هي نفسها.


حيث إن الرموز المقدسة تمليها أو الإيديولوجية الحكومية، أو الإيديولوجية الروحية. كما أن الإيديولوجية الحكومية، وكما قلت أنا، فهي محدودة ومقيدة بموجب التشريعات والقوانين، ونتيجة لذلك، تبقى الإيديولوجيا الثقافية. كما أن الإيديولوجيا الثقافية تعجب أي شخص أو لا تعجبه، وهي تكون على اساس الدين، وهذا يعني أن الثقافة الروسية لا يمكن فصلها عن المسيحية الأرثوذوكسية، والثقافة التترية عن الإسلام. ولذلك من الطبيعي، فإن الدين يتحتل مكانة لواحدة من العلامات الرئيسية للهوية الذاتية للإنسان المعاصر.


- ما هو السبب الرئيسي في ظهور التفسيرات المتطرفة للدين؟

- إن الحالة هي كالتالي: كان تقليديا يعتقد بأن التفسيرات المتطرفة للمعتقدات الدينية لها أساس إجتماعي. إذا نظرنا إلى المختصين في الدراسات الدينية الروسية، على سبيل المثال منهم: دامير  شاغافييف، و   دينيس  سوكولوف، و رومان  سيلانتيف، وقد لاحظنا أنه في جميع أوصافهم أن أحد العوامل الأساسية في ظهور التطرف في الدين من وجهة نظرهم هو الظلم الإجتماعي المعين، ولهذا دعونا نقول بأن هذا هو الفوضى الإجتماعية للشباب، وهذه هي بعض العوامل الإجتماعية. ولكن اليوم تغير الوضع بالتأكيد بشكل نوعي.

وإذا قلنا بأن عدم وجود مصاعد إجتماعية أو محدودية وجودها في الواقع تلعب دورا كبيرا في ظهور الجماعات المتطرفة ذات الطبيعية الدينية، ولكن ظهور قوة أخرى، وشريحة أخرى. وفي الأونة الأخيرة، قمت أنا خادمكم المتواضع بإجراء دراسة  إجتماعية، على أراضي روسيا الإتحادية ظهرت صورة مثيرة للإهتمام: النسبة الكبيرة اليوم من الأشخاص بشكل عام يعتنقون وجهات النظر الدينية المتطرفة، وفي واقع الحال، إن الأمر ليس في الإسلام بحد ذاته، وإنما يوجد ذلك فعليا لدى هؤلاء الأشخاص الذين يمثلون جميع الطوائف والأديان، والذين يتواجدزن على أراضي روسيا الإتحادية.


وهؤلاء ليسوا بجائعين، وإنما هم أناس مشبعين وغير جائعين، وهذا جيل لا يعرف ما هو البقاء، وهذا جيل تعود أن يملك سقفا فوق رأسه، وتعود أن لديه عمل، ويوجد لديه أملاك مضمونة، وهؤلاء الشباب موجهون بوضوح نحو التعليم العالي للعلوم التطبيقية، وهؤلاء الشباب عازمون على الإندماج في المجتمع. وبالنسبة لهم، فإن إخيتار الإيديولوجية المتطرفة لها خلفية مختلفة نوعا ما.


ومرة أخرى، أنا أتطرق من جديد لقضية الإيديولوجية الحكومية. الحقيقة بأي شئ كان الإتحاد السوفياتي قويا، وبأي شئ كانت الخلافة العربية قوية في عصر العباسيين، والخلافة الصحيحة، وما إذا كانت الإمبراطورية الروسية قوية -  وهو وجود أهداف كبيرة للغاية. كما أن الإنسان يعيش ليس فقط من أجل الأهداف الشخصية، وليس فقط من أجل المصالح الشخصية، إن الإنسان – هو مخلوق غريب، هو يريد أن يكون محبوبا، وفي مرحلة معينة من حياته يريد الإنسان أن يدخل في التاريخ.

كما أن الدخول في التاريخ وصنعه ممكن إذا كان هناك هدف معين، والذي يفترض أن يكون ويشير إلى المصالح العامة للجميع. ومرة أخرى، في الإتحاد السوفياتي، في الإمبارطورية الروسية، في الخلافة العربية كان الهدف كبير للغاية – وهو البناء الموحد، على الأقل، إن لم يكن عادلا، يكون بالحد الأدنى مريح وسهل لعيش المجتمع بأكملة ووجود فضاء على أساس إيديولوجيات دينية وسياسية معينة. وبالنسبة للإيديولوجيات الدينية والسياسية، إذا كان في الخلافة الصحيحة، على وجه التقريب يمكننا القول، فإنها كانت متصلة، أي أذا كنا سنأخذ الأشكال اللاحقة من الخلافة، والإمبراطورية الروسية والإتحاد السوفياتي، فإن المكونات الروحية والسياسية تم تقسيمها بشكل جدي.
وكما أننا نددنا بأن الإتحاد السوفياتي دولة إستبدادية، على أي حال، فإن الحرية كانت حاضرة في التعبير الإبداعي. ولذلك، اليوم فإن هذا الهدف الكبير في واقع الحال غير موجود. وبالنسبة للشباب، فإن المشكلة الملحة هنا هي أن هذا الهدف هو إكتساب، أي إكتساب معنى الحياة. وهذه هو جيلنا الكامل، لا أريد أن ألومه أو أن أوبخه، من حيث المبدأ، كان الشباب دائما محركا للتغيير، ولكن شباب اليوم، يركزون على رؤية نتائج نشاطاتهم، هنا والأن.

إذا كان في وقت سابق، وفي الأشكال الروحية الحكومية فإن الناس كانوا على إستعداد للعمل من أجل أن يعيش أحفادهم وأبناء أحفادهم، أما اليوم فإن المجتمع الحالي يريد رؤية النتائج في حياته فقط. وإذا أخذنا على سبيل المثال أوروبا الغربية، هناك المزيد من الوضع المعقد بسبب حقيقة إنهيار سياسة التعددية الثقافية التي أدت إلى حقيقة أنه على أراضي أوروبا الغربية تعايش الناس من مختلف الثقافات المختلفة، واليوم فإننا نرى في الواقع، سيطرة المكون الثقافي والديني الخارجي.


- كيف يمكن محاربة إنتشار التفسيرات المتطرفة للدين؟

- واحدة من المشاكل الرئيسية للمجتمع الديني الحديث في روسيا الإتحادية – هو غياب وعدم وجود مفهوم قانوني للأديان التقليدية. في السابق كانت هناك عدة محاولات لصياغة مشروع قانون عن الدين التقليدي (في نهاية التسعينات – وبداية عام 2000 ميلادية). ولكن فهم ما هو الدين التقليدي حتى يومنا هذا لا يوجد له أرضية قانونية في روسيا. تم طرح السؤال عليّ أكثر من مرة: ما هو الإسلام التقليدي؟ أقول بصراحة، بأنني لا أستطيع الإجابة على هذا السؤال بسبب أنني أقصى ما أستطيع الرد عليه هو أنني أعبر عن رأي الشخصي فقط. وبالتحديد، فإنه لا يوجد اليوم مفهوم موضوعي لهذا من خلال القانون.

بما تتلخص المشكلة الرئيسية؟ تكمن المشلكة مرة أخرى في أنه بما نعني بمفهوم "الدين التقليدي". عادة، عندما يتعلق الأمر بالأديان التقليدية، أولا، مدة وجود وإقامة هذا الدين أو غيره من الأديان على أراضي روسيا الإتحادية. وهذا النهج لديه مشكلة كبيرة للغاية وجديه بما فيه الكفاية.
ثانيا، كان الإتحاد السوفياتي موجودا على أراضي روسيا الإتحالية الحالية على مدى 70 عاما، أي أن الدولة التي كان الدين فيها من حيث المبدأ قد تم إخراجه من التواصل الإجتماعي النشط، ثالثا، كيف يمكن تقييم ذلك؟ كان لدى الإمبراطورية الروسية، الإتحاد السوفياتي، روسيا الإتحادية – حدود مختلفة. وأخيرا، هناك شئ أخر. ما هي التقاليد إذا كان الناس يعتنقون معتقدات دينية معينة على مدى جيلين – أو ثلاثة أجيال؟ هذه تقاليد أم لا؟ منذ بداية عام 1991 ميلادية مر على ذلك مدة ربع قرن تقريبا، أي أنه تبدل أكثر من جيل واحد. ولذلك، فإن السؤال هنا مهم جدا للغاية.

النقطة الثانية التي ترتفع عندما يكون هناك مناقشة لظاهرة الدين التقليدي، وهذا هو مدى إنتماء ذلك الدين إلى ثقافة ذاك الشعب الذي يعيش على أراضي روسيا الإتحادية. وهنا مرة أخرى نواجه لحظات إنزلاق كبيرة للغاية.


أولا، اليوم وعلى مدى ربع قرن فإننا نرى صعود المجموعات الغير وثنية، وتصاعد مهم بما فيه الكفاية، وتمويل جدي للغاية، بما في ذلك، من الخارج.
ثانيا، في الإسلام التقليدي لا توجد ألية يمكن أن تعلن أن المسلم المذنب أنه غير مسلم.

أي أن السؤال هو ما إذا كان أي شخص داخل الأمة يبدأ بإستخدام العقائد التي شكليا تكون الإسلام، ولكن الإختلاف هو سلسلة العقائد، من وجهة نظر التقاليد لا يتوقف عن أن يكون مسلما. ونفس الشئ في الدين الأرثوذوكسي. ولا يوجد في أي دين تقليدي، أعبر هنا عن رأي البحت، بأنه لا توجد ألية تستثني الشخص من قائمة الأشخاص المؤمنين.

لا يمكن حرمان الإنسان من الإيمان. ولا يمكن لأي شخص ما غريب بأن يقول بأن هذا الإنسان مؤمن أو غير مؤمن. وعلى أي حال، في الطوائف الدينية التقليدية.
اللحظة التي أغفلها المشرعون لدينا – هو أن العديد من الطوائف الدينية تعد جزءا لا يتجزأ عن الهوية العرقية والثقافية البشرية، وهي جزء من الهوية العرقية والثقافية البشرية. أي أنه إذا كان الإنسان يعرف عن نفسه بأنه روسي، فعندئذ يتعين عليه حتما قبول الثقافة الروسية في الواقع هي أرثوذوكسية. وإذا عرف الإنسان عن نفسه بأنه تتريا، فإنه يتوجب عليه أن يحترم الإسلام، ولهذا لأن الثقافة التترية في قاعدتها هي مسلمة.

ولكن هناك جانبا أخر لذلك – الإسلام التقليدي، الذي ينتشر يسمح لهم ويلزمهم بأن يكونوا من التتار. الأرثوذوكسية اليي تنتشر تسمح وتلزم الروس بأن يكونوا من الروس. ولكن في تلك اللحظة التي تبدأ فيها العقيدة الدينية بوضع أولوية الهوية الدينية على الثقافات العرقية، يمكننا بالفعل التشكيل في طبيعتها التقليدية.