Ru En

أسيا الوسطى: موطن البخاري وعمر الخيام

٢٦ مارس ٢٠١٩

أثناء حكم الخليفة العباسي السابع المأمون، الذي حكم من عام 813 ولغاية عام 833 ميلادية، وعلى الرغم من الأزمة السياسية الحادة التي لم يسبق لها مثيل فقط إزدهر العلم والفن. وكان والده الخليفة الأسطورة هارون الرشيد قد أسس في بغداد بما يسمى بأكاديمية العلوم، وأطلق عليها إسم "بيت الحكمة".

 

وتجمع هناك العلماء من جميع أنحاد العالم الإسلامي. وهناك ترجموا من اللغات اليونانية، والفارسية والسنكرياتية إلى اللغة العربية العديد من المؤلفات العلمية القديمة. وكل هذا أعطى أساسا لبعض المستشرقين ليتحدثوا عن هذا الوقت بصفته "النهضة الإسلامية" مقارنة بالنهضة الأوروبية، التي بدأت فيما بعد في وقت لاحق، وكما إتضح تم إستخدام إنجازات العلوم والثقافة العربية – والإسلامية. وأحد هؤلاء في ذلك الزمن هو الخوارزمي – وهو فارسي من حيث المنشأ، وهو من مدينة خواريزم، والذي أطلق عليه "أب الرياضيات الحديثة". وكانت مؤلفاته العلمية "الجبر" و "المقابلة" بمثابة بداية لعلوم الرياضيات الحديثة.

 

وبعد الضعب السياسي الخطير للخلافة، فقد إنتقل مركز العلوم لإسلامية إلى خراسان – وهو مركز تاريخي شغل جزءا من أراضي إيران الحالية، وأفغانستان، وطاجيكستان، وأوزبكستان، وتركمنستان. وتجدر الإشارة إلى أن الكثير من الأعمال العلمية التي تم إنجازها في العالم الإسلامي  في الفترة الممتدة بين القرن 9 والقرن 12 للميلاد باللغة العربية لا تعود إلى العرب - - وإنما إلى الأشخاص الذين هم من أسيا الوسطى. كما أن تراثهم فيما بعد سمح بتطويرالعلوم، والثقافة، والفن في العالم الإسلامي خلال مدة مئة عام. وبعد أن تم التقسيم السياسي وإنقاسمه إلى دول منفصلة، واصل العالم الإسلامي بتوليد أفكار جديدة.على سبيل المثال، عاصمة توهير – نيشابور  كانت تعتبر إحدى المراكز العلمية في العالم الإسلامي إلى جانب تلك المدن كـ ميرف، بالخ، جيرات. وهنا ولد عالم الرياضيات الشهير، عالم الفلك والشاعر عمر الخيام.

 

وفي بخارى ولد العالم – المحدث الشهير مـحمد البخاري. حيث أن مألفات الأحاديث تعتبر الأكثر موثوقية في العالم الإسلامي وتحظى بإحترام وتقدير وتحتل المكان الثاني من حيث مصدر المعرفة في الإسلام بعد القرأن الكريم. وتجدر الإشارة إلى أن خمسة من بين ستة مؤلفات كتب الأحاديث كان قد ألفها مواطنون من دول أسيا الوسطى، والذين كانوا من حيث المنشأ ليسوا عربا.

 

ومن بين العلماء من أسيا الوسطى كذلك لا بد من الإشارة إلى العالم أبو علي حسين إبن سينا (إبن سينامـحمد بن زكريا الرازي وأبو ريحان مـحمد البيروني. ولد في عام 980 ميلادية في مدينة بخارى إبن سينا وكان عالما واسع المعرفة ومربيا، وكان معروفا قبل كل شئ بكونه طبيبا. وكانت "قانون العلوم الطبية" التي تم ترجمتها من اللغة العربية إلى اللغة اللاتينية التي خدمت وكانت كأداة تدريب للأطباء في الغرب على مدى مئة عام ووصولا إلى الإكتشافات العلمية في العصر الجديد. البيروني (عاش من عام 973 وحتى عام 1048 للميلاد) حيث ولد في مدينة خوارزم، وألف 45 مقالة في علم الفلك. وبالإضافة إلى ذلك، لديه مقالات فريدة في الرياضيات، على سبيل المثال "حول تعريف الوتر في الدائرة من خلال الخط المكسور المدرج فيه" (ويبحث فيها عن عدد النظريات التي تنتمي إلى أرخميدس والتي لم يتم حفظ تلك المخطوطات اليونانية).

 

في عام 1038 ميلادية كتب البيروني "علم المعادن، أو كتاب المعرفة لمعرفة المجوهرات الثمينة"، التي حيث يتم تحديد الوزن المحدد للعديد من المعادن، ووالتي أعطى فيها وصفا مفصلا لأكثر خمسين نوع من المعادن، خامات المعادن، والمعادن، والسبائك. ويمكن الإستمرار في سرد إنجازات العلماء المسلمين من أسيا الوسطى وإسهامهم الذي لا يقدر بثمن في تطوير العلوم الحديثة. وتدريجيا، فإن "النهضة الإسلامية" تلاشت، ومن الصعب الإجابة عن السبب. ربما يكون السبب في ذلك إلى الغزو المنغولي الذي كانت نتيجته تدمير الكثير من المدن، وأجبر العلماء الذي عملوا فيها على الفرار أو ماتوا.

 

وفي كل الأحوال، فإن السكان الحاللين في أسيا الوسطى – هم ورثة الحضارة العظيمة، التي أعطت العالم الكثر من العلماء والإنجازات العلمية، وهذا ما لا يعرفه الناس، الذين يدعون التعليم وبأن مستواهم الثقافي أعلى من أولئك "الناس القادمين من دول أخرى".