Ru En

العلاقات الروسية - اللبنانية في أعمال أربعة تشكيليين في الفن الإسلامي

٣٠ يناير ٢٠٢٣

تشكلت العلاقات بين روسيا ولبنان في مجال الفن الإسلامي خلال قرون من خلال التبادل الثقافي والصراعات السياسية والتأثير المتبادل. في حين كانت العلاقات بين البلدين صعبة في بعض الفترات ، كانت هناك أمثلة على التعاون والاحترام المتبادل في الفنون.


في القرن التاسع عشر، نظر العديد من الفنانين والمثقفين اللبنانيين إلى روسيا كمصدر للإلهام وبلد متعاون في إنشاء عالم فني جديد . في الوقت نفسه ، نظر العديد من الفنانين والمثقفين الروس إلى لبنان كمحفز للإبداع المتنوع.

 

العلاقات الروسية - اللبنانية في أعمال أربعة تشكيليين في الفن الإسلامي

Photo: salibadouaihy.com

 

يعتبر الفنان التشكيلي صليبا الدويهي من أشهر الفنانين اللبنانيين الذين تعاونوا مع روسيا. فنان بارز معروف بلوحاته ورسوماته التفصيلية والواقعية. اشتهر بأعماله في فن الآرت نوفو، والتي تأثرت بشدة بالفن والعمارة الإسلامية. سافر الفنان الدويهي الى جميع أنحاء روسيا وتأثر بشدة بفنها وثقافتها. يعتبر عمله انعكاسًا رائعا وممتازًا للتأثير المتبادل بين الثقافتين.

 

العلاقات الروسية - اللبنانية في أعمال أربعة تشكيليين في الفن الإسلامي

Photo: salibadouaihy.com


في الخمسينيات من القرن الماضي، دُعي الدويهي إلى روسيا من قبل الحكومة السوفيتية. خلال الفترة التي قضاها تمكن من زيارة متحف الإرميتاج في سانت بطرسبورغ والذي يضم واحدة من أكبر مجموعات الفن الإسلامي في العالم. كان لهذه التجربة تأثير عميق على عمله وبدأ في دمج عناصر من الفن الإسلامي في لوحاته. كما تعاون مع فنانين روس ، بما في ذلك الفنان الشهير ومصمم الديكور ألكسندر ياكوفليف.


لم تكن رحلة صليبا الدويهي إلى روسيا مصدر إلهام لفنه فحسب، بل منحته أيضًا فرصة لعرض أعماله على جماهير جديدة. عُرضت لوحاته في موسكو ومدن أخرى، وقد تم الإشادة به لاستخدامه الماهر للألوان وقدرته على نقل أجواء الشرق الأوسط .

 

العلاقات الروسية - اللبنانية في أعمال أربعة تشكيليين في الفن الإسلامي

Photo: salibadouaihy.com


بشكل عام ، كان التعاون بين الفنان اللبناني صليبا الدويهي وروسيا مثمرًا ومفيدًا للطرفين. تمكن الدويهي من إلقاء نظرة جديدة على فنه والتفاعل مع فنانين آخرين، بينما تمكنت روسيا من اكتساب نظرة ثاقبة لثقافة وفن الشرق الأوسط من خلال عمله.


فنان لبناني معروف آخر تعاون مع روسيا هو يوسف الحويك. وهو معروف بأعماله في فن الآرت ديكو، والتي تأثرت أيضًا بشكل كبير بالفن والعمارة الإسلامية.

 

العلاقات الروسية - اللبنانية في أعمال أربعة تشكيليين في الفن الإسلامي

 

Photo: Centro Studi e Ricerche di Orientalistica

 

ولد يوسف الحويك في بيروت ودرس الفن في فرنسا لكنه عاد لاحقًا إلى لبنان حيث اثبت نفسه كفنان بارز. على الرغم من أن أعماله ترتبط ارتباطًا أساسيًا ووثيقا بلبنان، إلا أن اعماله كانت لها أيضًا روابط مهمة مع روسيا.

 

 

العلاقات الروسية - اللبنانية في أعمال أربعة تشكيليين في الفن الإسلامي

Photo: Edeyrn87/Creative Commons 4.0

 

في العشرينيات من القرن الملاضي تلقى الحويك دعوة من قبل الحكومة السوفيتية إلى زيارة روسيا ، حيث شارك في المعارض والفعاليات الثقافية وتمكن من زيارة متحف الإرميتاج في سانت بطرسبورغ ومتاحف أخرى في موسكو، مما كان له تأثير عميق على أعماله لاحقا.

 

العلاقات الروسية - اللبنانية في أعمال أربعة تشكيليين في الفن الإسلامي

Photo: Centro Studi e Ricerche di Orientalistica


لكن لم يأت الفنانون اللبنانيون فقط إلى روسيا. كان مارك شاغال من أشهر الفنانين الروس الذين تعاونوا مع اللبنانيين. اشتهر شاغال بأعماله بأسلوب فوفيست، والتي تأثرت بشدة بالفن الإسلامي.


كان مارك شاغال فنانًا روسيًا فرنسيًا معروفًا بلوحاته الملونة المميزة واستخدامه لرموز وصور من الفولكلور اليهودي.

 

العلاقات الروسية - اللبنانية في أعمال أربعة تشكيليين في الفن الإسلامي

Photo: Public Domain


في الثلاثينيات من القرن الماضي، دعت الحكومة الفرنسية شاغال إلى لبنان للعمل على مجموعة من اللوحات الجدارية لمتحف بيروت الوطني الجديد. أمضى عدة أشهر في لبنان، حيث تمكن من زيارة الآثار القديمة لجبيل وصور ومواقع تاريخية أخرى. كما تمكن من التواصل مع المجتمع المحلي للفنانين اللبنانيين، الذي كان يضم فنانين مثل صليبا الدويهي ويوسف الحويك.


كانت إقامة شاغال في لبنان مصدر إلهام لفنه، وتأثر بشكل خاص بألوان البلاد النابضة بالحياة وتاريخها الغني. ابتكر سلسلة من اللوحات والجداريات التي تصور عناصر من الثقافة اللبنانية والمناظر الطبيعية مثل أرز لبنان، وهو الرمز الوطني للبلاد

 

العلاقات الروسية - اللبنانية في أعمال أربعة تشكيليين في الفن الإسلامي

Photo: Public Domain


عاد شاغال أيضًا إلى لبنان عدة مرات وقال إنه دائمًا ما كان لديه ارتباط خاص بهذا البلد. كان مفتونًا بتاريخه وثقافته وفنه وشعر بعلاقة عميقة مع شعبه
بشكل عام، كانت رحلة شاغال إلى لبنان تجربة مهمة أثرت في فنه وشكلت فهمه للشرق الأوسط. تعتبر لوحاته ولوحاته الجدارية في ذلك الوقت مساهمة قيمة في ثقافة لبنان وتاريخه فنان روسي آخر مستوحى من الفن اللبناني هو إيفان إيفازوفسكي (1817-1900). يعتبر أحد أعظم الرسامين البحريين في كل العصور. سافر إيفان إيفازوفسكي كثيرًا في البحر الأبيض المتوسط ، بما في ذلك لبنان.

 

العلاقات الروسية - اللبنانية في أعمال أربعة تشكيليين في الفن الإسلامي

Photo: Public Domain

 

خلال رحلته إلى لبنان ، تأثر إيفازوفسكي بشكل خاص بجمال ساحل البحر الأبيض المتوسط بمنحدراته شديدة الانحدار ومياهه الزرقاء الصافية. قام برسم العديد من المناظر البحرية والمناظر الطبيعية التي تلتقط الضوء والجو الفريد للمنطقة. كما تأثر بالثقافة المحلية ودمج عناصر من العمارة اللبنانية والأزياء والعادات المحلية في لوحاته الفنية.

 

العلاقات الروسية - اللبنانية في أعمال أربعة تشكيليين في الفن الإسلامي

Photo: Public Domain

 

تعتبر لوحات أيفازوفسكي من لبنان والبحر الأبيض المتوسط من أرقى أعماله، وتحظى بتقدير كبير بسبب براعتها التقنية وقدرتها على التقاط جمال المنطقة. تعتبر لوحاته تمثيلاً قيماً لثقافة وتاريخ لبنان والبحر الأبيض المتوسط.

 

العلاقات الروسية - اللبنانية في أعمال أربعة تشكيليين في الفن الإسلامي

Photo: Public Domain

 

في الختام ، تجدر الإشارة إلى أن العلاقات بين روسيا ولبنان في مجال الفن الإسلامي تنعكس في أعمال العديد من الفنانين ولو بشكل غير مباشر. الفنانين اللبنانيين والروس المذكورين أعلاه مثل صليبا الدويهي ويوسف الحويك ومارك شاغال وإيفان إيفازوفسكي أمثلة على كيفية تأثير الثقافتين على بعضهما البعض. يتجلى ذلك في أعمال هؤلاء الفنانين البارزين، مما يجعل هذه الأعمال الفنية انعكاسًا ممتازًا للعلاقة بين روسيا ولبنان في مجال الفن الإسلامي.

 

 

العلاقات الروسية - اللبنانية في أعمال أربعة تشكيليين في الفن الإسلامي

Photo: Public Domain