Ru En

ترجمة كتاب العالم الفرنسي "مصاحف الأمويين" في السعودية

١٦ فبراير ٢٠٢٣

لعل من أهم الكتب المعاصرة في موضوع المخطوطات القرآنية كتاب المصحف الأموي. مراجعة أولية "بقلم فرانسوا ديروش، الباحث الفرنسي المعروف في مجال المخطوطات القرآنية. ونظراً لأهمية هذا الكتاب، فقد تم نشر ترجمته إلى اللغة العربية في وقت سابق من هذا العام من قِبَل دار "النهود" للأبحاث تحت عنوان "المصاحف الأموية: نظرة تاريخية لمخطوطات القرآن الأولى.


الكتاب الذي ترجمه الباحث حسام صبري، المحاضر بقسم الدراسات الإسلامية في كلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر إلى اللغة العربية، يهدف إلى تقديم لمحة عامة عن مخطوطات القرآن التي تم تدوينها في العصر الأموي، أي خلال القرن الأول لتدوين آيات القرآن الكريم.


من هو فرانسوا ديروش؟ - هو باحث ومستشرق فرنسي متخصص في دراسة المخطوطات القديمة والنصوص الآثرية، وأستاذ في قسم التاريخ ونقل النص القرآني في المؤسسة البحثية المرموقة في فرنسا "المعهد الفرنسي"، كما يعتبر فرانسوا ديروش من أبرز الأساتذة في علم المخطوطات القرآن وعلوم الكتابة القديمة بشكل عام.


العديد من الكتاب والعلماء درسوا اعمال ديروشي بعناية، بما في ذلك خبير المخطوطات القرآنية ياسين ديوتون ، الذي راجع أهم فصول المصاحف الأموية وعلق على بعض أقسامها. وهو يعتقد أن أحد إنجازات ديروش العظيمة هو أنه ضمن تقسيمًا زمنيًا للمخطوطات التي تعود إلى تلك الحقبة. وأوصى به ديوتون للمهتمين بمخطوطات القرآن المبكرة.


إن الحفاظ على نص القرآن بالشكل الذي نزل به على النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حقيقة معترف بها عمومًا لدى جميع المسلمين. ومع ذلك ، فإن الدراسة التاريخية الواردة في الكتاب لا تتوقف عند هذا الحد، بل تأخذنا في رحلة ممتعة عبر تاريخ المخطوطات القرآنية المبكرة والتي تعود إلى العصر الأموي، وربما حتى قبل ذلك. يفحص ديروش في بحثه الطرق التي كُتبت بها هذه المخطوطات وغموض الحروف وأشكالها المختلفة اعتمادًا على المناطق والكتّاب. كما يستخلص من المخطوطات الأولى استنتاجات حول أنواع الحبر والورق والمواد المختلفة المستخدمة في النسخ، حول مراحل تطور فن الكتابة عبر الأجيال، مؤكداً دور المخطوطات في إثبات صحة ما ورد في نص القرآن.


يقارن المؤلف أيضًا بين العديد من المخطوطات المبكرة للقرآن والتغييرات التي مرت بها خلال فترة زمنية قصيرة من حيث أسلوب إخراج الصفحة وتصميمها والخط المستخدم في كتابة القرآن.


مقدمة الكتاب تقدم ملخصا للأحكام والموضوعات الرئيسية التي تم التطرق إليها، مع التركيز بشكل خاص على الحقائق التاريخية التي تثبت أن مخطوطة معينة تنتمي إلى العصر المحدد. لاحظ المؤلف أنه بسبب الغياب المتكرر للصفحتين الأولى والأخيرة من المخطوطات، اضطر لاستخدام طريقة الكربون المشع ومعرفته الواسعة بفلسفة اللغة والتاريخ.


كان التركيز والإهتمام على واحدة من أولى المخطوطات الأموية، إن لم تكن الأولى، والتي بقي الكثير منها في باريس وسانت بطرسبورغ. أما الفصل الثاني فقد تناول موضوع كتابة القرآن الكريم بالخط الحجازي، مشيراً إلى ثلاث مخطوطات، إحداها محفوظة الآن في اسطنبول والثانية في لندن والثالثة في سانت بطرسبورغ.


كما يصف المؤلف مخطوطات أخرى في اليمن وتونس. وهي تنتمي إلى أقدم مجموعة من المخطوطات القرآنية وتتوافق مع أساليب تدوين كتابة مخطوطات الفترة الأولى. ومن المرجح أيضًا أن هذه المخطوطات تعود إلى الربع الأخير من القرن الأول، أي قبل 695 م (في عهد عبد الملك بن مروان).


في الفصل الثالث يناقش المؤلف موضوع "تغيير شكل القرآن". يدرس فيه، على وجه الخصوص، مخطوطتين كبيرتين بترتيب رأسي، مما يوضح المرحلة اللاحقة من كتابة نصوص القرآن الكريم. إحدى المخطوطات، "مخطوطات دمشق الأموية"، محفوظة في إسطنبول والثانية، تسمى "مخطوطة فسطاط الأموية"، محفوظة في سانت بطرسبورغ وباريس. في المخطوطتين المذكورتين أعلاه، تظهر دوائر زخرفية مميزة للغاية على الصفحات الواقعة بين سور القرآن الكريم، والتي تحتوي في معظمها على أنماط نباتية من الأوراق المنمنمة. بفضل هذه العينات، يمكن أن تُنسب هذه المخطوطات إلى العصر الأموي

ويشير الباحث الفرنسي إلى أن الأمويين "أصدروا مصحفًا جديدًا (بهذه الزخارف) بهدف تحدي الإنجيل المسيحي، والذي بدا فاخرًا.


في الفصل الرابع وهو الأخير، أوضح المؤلف أن هناك مخطوطتين كبيرتين اشتهرتا بين المتخصصين، الأولى مخطوطة ضخمة مخزنة في دُبلن، والثانية أقل ضخامة، ولكن ربما تكون معروفة بشكل أفضل، مخطوطة أموية بصنعاء والمحفوظة في صنعاء.و صيغة صنعاء وصيغة دُبلن أُعدت في العقود الأولى من القرن الثامن، في عهد الأمويين. في هذه المرحلة من إنشاء المخطوطات، انعكس الاهتمام بالمظهر الفاخر للكتاب المقدس في القرآن من الداخل والخارج. كان القرآن الكريم كبير الحجم، وكُتبت نصوصه بشكل جميل. هكذا نشأت الثقافة الحقيقية لتزيين القرآن.

 

تعتبر المخطوطات المذكورة أعلاه من أبرز المخطوطات التي قدمها المؤلف في هذا الكتاب. أراد فرانسوا ديروش أن يوضح للقارئ أن المخطوطات الأموية المبكرة كانت أكثر دقة من تلك التي سبقت عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفا، رغم أن أهمية هذا الأخير تكمن بالتأكيد في الحفاظ على النص القرآني. لكن لم يتم استخدام علامات التشكيل والحروف المتحركة فيها [النسخ المبكرة من القرآن قبل الأمويين]. وبالتالي، فإن النص لا يحتوي على الحل الذي كان عثمان يجاهد من أجله وفقًا للتقاليد الإسلامية.

وخَلُص الباحث الفرنسي في كتابه إلى أن القرآن المنشور في العصر الأموي أعطى هذا الحل للمسلمين.

 

 

Photo: PxHere/CC0