Ru En

الأعمال الفنية الإسلامية في الأعمال الكلاسيكية الروسية العظيمة

١٩ مارس ٢٠١٩

في ذلك الوقت، عندما كانت القبيلة الذهبية تحكم على أراضي روسيا الإتحادية الحالية، كانت الدولة تربطها علاقات تاريخية مع الإسلام. واليوم، فإن الإسلام هو الدين الثاني من حيث حيث عدد أتباع الديانات في روسيا، وليس مستغربا من أن الدوافع الإسلامية تخللت ودخلت في الأدب الروسي.

 


تاتيانا  ميزيبينا، منحت في عام 2014 ميلادية الجائزة الروسية "لأول مرة" للمؤلفين الشباب، والتي بدأت كتابها المشهود بالإنتقادات اللاذعة "الرحلة إلى الجنة":  "أرفع رأسي، ويبدو لي، كما أرى ... مأذن المساجد الحادة، التي ترتفع بكل فخر وجرأة إلى السماء. إنني أسمع بالفعل صوت المؤذن الذي يدعو إلى الصلاة". مذكراتها تروي للقارئ عن الرحلة البرية من روسيا إلى مصر.

 

نوافير الماء والحكايات

 

إن الصور الإسلامية تخللت في جميع الأدب الروسي، بدءا من القصص الشعرية القديمة وإنتهاء بالأدب والخيال الفني الحديث. تذكروا الشاعر أليكساندر بوشكين "نافورة الماء لـ  باختشيساريا"، التي كتبها في عام 1820 ميلادية بعد زيارته لقصر باختشيساريا في جزيرة القرم. وحرفيا فإن كل سطر في طياتها تحمل الكثير من النماذج الشرقية: الحكام ذوو العيون السوداء، السجاد المغطى بالحريم والنساء، والتي يتم حراستها والمحيطة بالأبراج، والفتيات البعيدة عن أعين الغرباء، واللواتي يقدمن الشربات في الحدائق، والمليئة بالكروم والورود. ومع ذلك، فإن القوة العقلانية للقصيدة الشعرية تتدفق في قدرة بوشكين على أن يكون في مكان أخر مختلف تماما في "أغنية تارتار"، من غنائه الرومانسي، الغريبة لوصف الإسلام: "الذي كان ينظر بكل سعادة إلى مكة في سنواته المدهشة"...

 

ميخايل ليرمونتوف كتب قصة قصيرة بعنوان "أشيك كيريب"، والتي تروي "حكاية تركية" في عام 1837 ميلادية، وذلك في سنة نفيه إلى القوقاز. كما أن إجراءات العمل تمت في جورجاني، وتبدأ القصة كقصة خيالية حقيقية تصف فيها تاجرا غنيا ("الذي أعطاه الله الكثير من الذهب") لإبنته الجميلة والشاعر الفقير  أشيك كيريب، والذي من سوء حظه يقع في حب فتاة شابة. وهذه القصة، بالإضافة إلى الأعمال الأكثر شهرة لـ  ليرمونتوف ما هي إلا مثال جيد على قوة إبداعه التي أثرت عليه أثناء قضاء وقته في القوقاز.

 

مـحمد  كوفشين و فيرا تولستوفو

 

إن الرومانسيين الروس في النصف الثاني من القرن التاسع عشر إستمدوا أيضا الإلهام من الإسلام. عندما خرج فيودور دوستويفسكي من سجن أومسك في العام 1854 ميلادية، هو طلب من أخيه مرارا نسخة من القرأن الكريم. في رواياته الفلسفية يوجد مذكرات له عن التصوف الإسلامية. إيفان شاتة في كتابه "بيساخ – يقصد به (الشياطين)" كتب ما يلي: "هل تذكرون مـحمد كوفشين، الذي لم تكن قطرة واحدة عندما كان يطير بحصانه في الجنة؟". دوستويفسكي ذكر مرة أخرى هذه الاسطورة في كتاب "الأحمق". "... الذي كان كوفشين قد قلب إبريق الماء على مـحمد ولم تسقط قطرة ماء، والذي تمكن من التأمل في جميع قصور الله سبحانه".

 


ليف تولستوي كان مفتونا بهذا الإيمان، وهذا ما كتبه في رسالته من ياسنايا بوليانا في العام 1884 ميلادية، حيث قال فيه أن دينه كان فرديا بحيث أن كان الأسهل "لكي يعتبرني بأني مسلما طيبا". وفي رسائل أخرى مدح فيه وأشادة بأمانة المسلمين.

 

"حجي مراد" – هي قصة قوية في وقت متأخر لتولستوي عن القائد الشيشاني، وهي نماذج مزخرفة بالشخصيات الإسلامية. وعندما يلتنقي القُراء بـ حجي مراد، "الأذان الجميل للمؤذن قد صمت"، وأول كلماته كانت "السلام عليكم". وعندما يهرب من الروس، هو يركب حصانه الأبيض ويذهب إلبى الغابة، ويمر بجانب الحقول والمأذن. عندما شاميل، إمام المتمردين يعود من حربه مع الروس، فإن فرسانه ينطقون الشهادة ويكبرون بشكل متواصل ويطلقون النار من أسلحتهم في الهواء.

 

المترجم ريتشارد بيفير يكتب في مقدمة كتابه عن الرواية بأن حجي مراد – "نوع جديد من البطل لتولستوي": جرئ، وبراغماتي ومع ذلك فهو عنيد ولا يقدم تنازلات. "هو يقوم بأداء واجباته بحذر الدينية كمسلم، وهو كذلك يشاطر بدون قيد أو شرط ثقافة شعبه".

 

المؤلفين والكتاب السوفيات وفي مرحلة ما بعد العهد السوفياتي.

 

في الروايات السوفياتية من النادر ما كان الحديث يدور عن الدين، ولكن الأبطال من الناس من أسيا الوسطى لا زالوا يمارسون طقوسهم الدينية بكل عزم وإيمان. الكاتب القيرغيزي جنكيز  أيتماتوف، كتب روايته "ويستمر اليوم لأكثر من قرن" ونقل جزئيا إلى الفضاء. ولكن القصة كلها مقيدة في الصحراء الكازاخستانية، حيث أن عامل سكة الحديد بوراني يفيغي يحاول أن يدفن صديقه القديم وفقا للعادات والتقاليد الإسلامية.

 

الكاتب الأوزبكي حامد إسماعيلوف كذلك أولى إهتماما خاصا بتقاطع الأماكن والثقافات في روايته "السكة الحديدية".

 

إسماعيلوف يؤكد بأن رواية أندريه بلاتونوف "الروح" يمكن إعتبارها "أطروحة صوفية"، وكما يبدو على مر التاريخ أنها إشارات إلى الأساطير الصوفية. وكما تأثر بلاتونوف بوصف الصحراء وكتب ذلك في يوميات المسافر المسلم في أسيا الوسطى الذي عاش في القرن العاشر الميلادي.

 

والمؤلفون والكتاب فيما بعد رأوا غالبا الترابط بين مختلف الطوائف الدينية والخبرة والتجربة البشرية. وفي أماكن أخرى من روايات إسماعيلوف الذي يقتبس مقاطع من الشاعر الصوفي بوبورحيم ماشرب: "اليوم أنا روسي، وغدا شركسي ... وبعد غد أنا مسلم، وبعد يوم بعد ذلك – أنا غير مؤمن وكافر".

 

تاتيانا  ميزيبينا ذكرت في البداية والتي نظرت فيها إلى الطقوس الدينية بأنها وسيلة لنقل المشاعر العالمية. في الكنسية القديمة في سورية هي تعترف بأن "الكلمة لله، والتي هي بهذه اللغة ما تزال تعني "الله"". والعائلة التركية المألوفة، وأصحابها يكشفون عن القارورة التي فيها "شعرة النبي". كما أن ميزيبينا تعتبر المكان المقدس كـ "موجة للوصل مع عصى للقلوب، والمليئة بالحب وعلى إستعداد للفيضان".