Ru En

كريم خكيموف – الملقب بـ "باشا الأحمر" وزير الكرملن في الجزيرة العربية

١٩ مارس ٢٠١٩

إن هذا الرجل قام بعمل مجهود كبير لإقامة علاقات دبلوماسية بين الإتحاد السوفياتي وبين دول العالم العربي في الخليج الفارسي. هذا الدبلوماسي كان له مكانة في العالم العربي، حيث أنه وبعد رحيله من منصبه، إنقطعت جميع الإتصالات والعلاقات مع الإتحاد السوفياتي. ولم يتم إستئناف  العلاقات إلا بعد سقوط الإمبراطورية. اليوم سوف نتحدث عن كريم خكيموف.

 

كريم  عبدالرؤوفوفيتش خكيموف – دبلوماسي سوفياتي، أول ممثل مفوض لروسيا السوفياتية في الدول العربية، والذي ساهم بشكل كبير في إقامة علاقات جيدة بين الإتحاد السوفياتي وبين دول العالم العربي في الخليج الفارسي. كما أن دبلوماسي المستقبل كان قد تربى في أسرة مسلمة. ومن الجدير بالذكر إلى أنه كان في الماضي ثوريا محترفا، وكان القائد الأحمر ومنظما للسلطة السوفياتية. خكيموف شارك مباشرة في تشكيل الدولة الجديدة للسعوديين.

 


أصبح صديقا شخصيا لمؤسس الأسرة الحاكمة عبد العزيز بن ال سعود ونال ثقة الناس البسطاء في شبه الجزيرة العربية. في سياق إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الإتحاد السوفياتي وبين الدول العربية كريم خكيموف قام بتنظيم إمدادات السلع والمنتجات اللازمة الحيوية من الإتحاد السوفياتي، وكذلك تقديم المساعدات الطبية للسكان. وفي العام 1918 ميلادية أصبح عضوا في لجنة أوروينبورغ الإسلامية الثورية والعسكرية. وبدأ عمله في المجال الدبلوماسي بدءا من عام 1920 ميلادية بناءا على توصية من كويبيشيف حيث تم قبوله للعمل في مفوضية الشعب للشؤون الخارجية.

 

ومن هذا العام بدأ نشاط عمله، الذي كان يهدف إلى إقامة تعاون وثيق بين الحكومة السوفياتية والعالم العربي. وحتى عام 1921 ميلادية كان كريم خكيموف يشغل منصب نائب رئيس الدائرة السياسية لجبهة الترك، وفي نفس الوقت كان سكرتيرا مؤقتا في اللجنة المركزية  للحزب الشيوعي في تركمنستان، وممثلا مفوضا لجمهوريات الإتحاد السوفياتي في جمهورية بخارى الشعبية وسكرتيرا للجنة المركزية للحزب الشيوعي في بخارى. والسنوات القادمة التي تلت تلك الفترة، واصل عمله بصفته القنصل العام لجمهوريات الإتحاد السوفياتي / الإتحاد السوفياتي في مدن مشهد، و ريشت (إيران – بلاد فارس).

 

إلتقى كالينين بـ عبد العزيز ال سعود، في الخلف يقف حكيم، عام 1932 ميلادية. كما وأن ستالين لم يقبل بلقاء عبد العزيز، حيث وأن الشيخ العربي كان مستاءا جدا، ولكن بفضل خكيموف لم تتسبب هذه الحادثة بأية عواقب.

 

وأثناء سنوات عمله قام الدبلوماسي السوفياتي بتنظيم شحنات السلع الأساسية إلى جدة عن طريق البحر، حيث وشارك في تنظيم الرحلات الإستكشافية، التي كانت بقيادة المؤسس والمقدم التلفزيوني الأول الأسطوري شنييديروف "نادي المسافرين". وتم إصدار نتائج عمل البعثة في وقت لاحق في دورة عن الأفلام الوثائقية حول اليمن.

 


في العام 1925 ميلادية، أدى خكيموف أداة العمرة (فريضة العمرة)، مما يزيد من أهميته في عيون النخبة العربية. وبعد عام، أصبح الإتحاد السوفياتي أول دولة تعترف بدولة السعوديين الجديدة. وفي خلال ثلاثة أعوام (من عام 1926 لغاية عام 1928 ميلادية) فإن كريم خكيموف أصبح ممثلا مفوضا عن الإتحاد السوفياتي في مملكة الحجاز، ونجد والأقاليم المتصلة بها (بدءا من عام 1932 ميلادية – سميت بالمملكة العربية السعودية). في السنوات الثلاث اللاحقة – أصبح ممثلا مفوضا عن الإتحاد السوفياتي في المملكة اليمنية، وفي نفس الوقت الممثل العام في "الشرق الأوسط" وموظفا في قسم الخارجية في الإدارة السياسية الحكومية الموحدة.

 


وفي عام 1936 ميلادية أصبح خكيموف أصبح ممثلا مفوضا عن الإتحاد السوفياتي في المملكة العربية السعودية. وللأسف، كان هذا أخر تعيين في المنصب للدبلوماسي: بعد عام تم إستدعاءه إلى موسكو، وبعدها بشهر واحد تم إعتقاله بناءا على بلاغ وإدانة كاذبة. وبتاريخ 10 من شهر كانون الثاني – يناير من عام 1938 ميلادية إنتهت حياة "باشا الأحمر". حيث أن القمع الذي مُورس بحق "باشا الأحمر" وإعدامه لاحقا ترك إنطباعا عميقا لدى ممثلي الأسرة الحاكمة والسلالة التي تحكم في المملكة العربية السعودية – حيث وأن العلاقات الدبلوماسية بين هذه الدولة وبين الإتحاد السوفياتي قد قُطعت في عام 1938 ميلادية، وبعد إستدعاء خكيموف لم يتم إستئناف العلاقات بينهما حتى سُقوط النظام الشيوعي في الإتحاد السوفياتي. وهذا ما قاله زملاءه والأشخاص المعاصرين عن أنشطة كريم خكيموف. "في أثناء المهمة الدبلوماسية التي قام بها كريم خكيموف كان قد أقام علاقات صداقة مع مؤسس السلالة الحاكمة للسعوديين عبد العزيز ال سعود وإستغل موقعه. وبين وسط النخبة العربية وعامة الشعب البسيط كان يعرف بـ: "باشا الأحمر"، -  عبد العزيز ال سعود.

 

ومن توصيات اللجنة المركزية لحزب الإتحاد الشيوعي العام  ف. كويبيشيف أثناء إرسال كريم خكيموف إلى العمل الدبلوماسي: "من الموظفين – المسلمين كان هو أكثر متحيزا شيوعيا وذو إنحياز قومي". وفي رسالته إلى خكيموف التي أرسلها بتاريخ 19 من شهر تموز – يوليو من عام 1925 ميلادية كان مدير قسم وزارة الخارجية في الإتحاد السوفياتية  ف.  تشيشرين قد قيم رحلة الممثل المفوض إلى مكة للتعرف على بن سعود: "عن الرحلة الناحجة التي نظمتها تنظيما جيدا وقمت برحلة إلى مكة، كتب تشيشرين – كانت مثيرة للغاية وزادت من معلوماتنا عن الموقف الفعلي لإبن سعود وعن نواياه ...".

 


ومن رسالة ملك الحجاز، ونجد والأقاليم المتصلة بها  عبد العزيز إبن سعود كتب إلى رئيس هيئة الرئاسة للجنة الإنتخابات المركزية في الإتحاد السوفياتي م. ي. كالينين المرسلة إليه بتاريخ يوم 26 من الشهر السادس من عام 1347 هجرية: "ننتهز هذه الفرصة للتعبير عن فرحتنا فيما يتعلق بالجهود التي قدمها وكيلنا من أجل تعزيز العلاقات الجيدة والصداقة بين بلدينا. كما أن هذه الجهود تركت إنطباعات رائعة".

 

وفي عام 1990 ميلادية، سفر الإتحاد السوفياتي في جمهورية اليمن العربية  ف. ف. بوبوف، وصف عمل خكيموف في الجزيرة العربية، حيث كتب:
"ما الذي قام بعمله هذا الرجل كدبلوماسي، كممثل عن بلدينا، من الصعب تقييمه.وتحديدا كان نتيجة ذلك إلى حد كبير هو مساهمته الشخصية في وضع الأساس لعلاقات الدولة السوفياتية الفتية مع العالم العربي .. ويرجع ذلك إلى معرفته العميقة بالتاريخ ، وتقاليد العرب، والبراعة غير العادية، والقدرة على كسب الناس إليه، فإن خكيموف تمتع بإحترام كبير عند اليمنيين والسعوديين ... كان يجيد العربية بإمتياز، حتى أن العرب دُهشوا بمهاراته المزخرفة والنقية، وبالعربية كان يعبر عن أفكاره. كما أن قراءة الوثائق بخط يده – كان متعا جدا: وكان ذلك بشكل صحيح، وبشكل مهني كانت مكتوبة بشكل جيد وعلامة معبرة. كان يدخل إلى القصور، وبكل سرور كان يستقبله الفقراء في خيامهم وأكواخهم، وكان منزله دائما ممتلئ بالضيوف – كان يزوره التجار، والمقربين من العائلة الحاكمة، وعامة الناس البسطاء".


إلميرا غافياتوللينا