Ru En

" فقدنا عالِماً - فقدنا الدنيا "- ماذا نعرف عن الشيخ شهاب الدين المَرجاني ؟

١٩ يناير ٢٠٢١

" لا تهين أطفالك، ولا تضربهم، لا سيما بالرأس. أنا شخصياً عانيت من مرارة اليتم...." - شهاب الدين المرجاني.


إبداعاته، هي جوهر الفكر الديني والفلسفي التتاري، الذي حدد مسار تطوره في النصف الثاني من القرن التاسع عشر .


أُطلق عليه وما زال يُطلق عليه عملاق الفكر. وعنه كتب قصيدة مفتاح الدين أكمولا، مُنور الشعوب الكازاخستانية والبشكيرية والتتارية، حيث أطلق عليه لقب "النجم القطبي" ، الذي يُنير الطريق إلى الحرية.


الحديث يدورعن عالم الدين والمعلم  البارز لشعب التتار الشيخ شهاب الدين المرجاني . وندعوكم للتعرف على  اهم فترات حياته وعمله وعلى حقائق مثيرة للاهتمام، وتقرأ ما قاله العلماء البارزون وأتباعه عنه وكذلك كيف تعامل هو نفسه مع النخبة التتارية.


ولد مساء الخميس 7 ربيع الأول 1233، الموافق 15 يناير 1818 . وبحسب مصادر أخرى ولد تاريخ خمسة بعد غروب الشمس في قرية يابينتشي. في يوم الجمعة 15 ربيع الأول 1237 الموافق 10 ديسمبر 1821 ، انتقل والدي الكريم إلى قرية طشقيشو ليصبح إماماً. وفي يوم 8 ذوالحجة 1238 الموافق 16 أغسطس 1823 أنتقلت والدتي إلى رحمة الخالق سبحانه وتعالى ، مما جعلنا حزينين جدًا ".


كان أسلاف المرجاني من جهة الأب والأم ينتمون إلى عائلة أئمة المدرسين المشهورين. ومنهم حصل على أول المعلومات عن التاريخ والفلسفة والقرآن الكريم والسنة النبوية واللغتين العربية والفارسية. كما علمه والده المنطق والخطابة. وجده، والد أمه علمه القرآن والسنة والفقه والمذهب.


تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة في قرية طشقيشو وتابع دراسته في بخارى وسمرقند. وصل إلى أوزبكستان عام 1838 ليجد نفسه في مدرسة تحفيظ القرآن والنصوص الدينية فقط، مع الغياب التام للتخصصات الأخرى .


في عام 1843 ، ذهب المُنورإلى سمرقند ، حيث تابع دراسته في مدرسة " شيردار " والتقى بالمؤرخ القاضي أبو سعيد السمقندي، الذي أصبح في حياته سببا لشغفه وحبه لمادة التاريخ. في عام 1845 ، جاء مرة أخرى إلى بخارى، إلى مدرسة "مير العرب". ولم يعود إلى وطنه الا بعد مرور11 عامًا ، في عام 1849 ، ليقدم الإمتحانات في مدينتي قازان وأوفا.


في 20 نيسان / أبريل 1850 ، تم تعيينه إماماً و مُدرساً في مسجد قازان وفقًا لمرسوم جمعية أورينبورغ الدينية للمسلمين. وفي عام 1867 جمعية أورينبورغ الدينية المحمدية عينت المرجاني في منصب الموجه في إدرة قازان الدينية.


قرأ المرجاني طول حياته العديد من الكتب، مفضلًا الوصول إلى المصادر الأولية والإطلاع على الأعمال الأصلية.


أشار نائب رئيس الأكاديمية الإسلامية البلغارية سعيد حضرت شاجافييف في أبحاثه العلمية ، أن المرجاني كتب في سيرته الذاتية عدد أعماله والمقدرة بي 28 عملاً منشورا ومكتوبا بخط اليد، مشيرا إلى أن هناك أيضا خطب ووعظ ورسائل جمعها.كما أشار شاجافييف إلى ان رضا الدين فخري الدينوف ذكر في عمله " الأثر " سوى 11 عملاً منشوراً وثلاثة مخطوطات للمرجاني، أي تلك التي كان يعرفها. و جليم جان بارودي أدرج في مجلد "المرجاني" إجمالي الاعمال  27.


وتجدر الإشارة إلى أن جميع أعمال شهاب الدين المرجاني عمليا مكتوبة باللغة العربية، مما يُعقد دراستها للعلماء المعاصرين. إذا تحدثنا عن أعماله، فإن حوالي نصفها كانت مُكرسة لموضوعات الدين، والبقية عبارة عن أبحاث وأسئلة في التاريخ والأدب واللغة. في المقابل، تنقسم أبحاث مُنور التتار إلى 4 أجزاء: العقيدة، الفقه وأصوله، العلوم القرآنية، الأخلاق و المواعظ.


كونه إنسانيا، فقد وضع في مقدمة سلوكه الرغبة والطموح لمساعدة الإنسان، مساعدة العامل البسيط و بهذه الطريقة وبهذا السلوك حدد المرجاني هدف العلوم كلها. شُهرته لم تتزعزع، حيث وصفه المعاصرون وطلابه بأنه شخص عادل ونزيه ومبدئي للغاية طوال حياته، بغض النظر عن الظروف المحيطة به والتجارب القاسية، و ظل مخلصاً للطريق الذي اختاره وسلكه في حياته.

 


أهم 10 حقائق عن شهاب المَرجاني


1- إسمه الكامل: شهاب الدين أبو الحسن هارون بن بهاء الدين بن سبحان بن عبد الكريم بن عبد التواب بن عبد الغني بن عبد القدوس بن يداش ابن يدكر بن عمر القازاني المرجاني البلغري.


2. لم يُعين شهاب المرجاني مُفتيا في حياته بسبب أنه لم يعرف اللغة الروسية.


3-  دافع المرجاني عن الاسم العرقي "التتار" وسعى إلى إرساء استمرارية تاريخية بين  التتار الفولغا - بولغار وتتار الفولغا - الأورال من خلال خانات قازان والحشد الذهبي.
4- كتب مُنور التتار، المرجاني ، كتابه الأول وهو في عمر 12 سنة "علم الحال" (تعاليم الدين عن أساسيات الإيمان والعبادة) ، وهو موجه لطلاب المدارس الابتدائية والمسلمين العاديين التتار.


5- كان تلميذا لثلاثة من شيوخ الصوفية : عبيد الله بن نيازكولي (توفي عام 1852) ، عبد القادر الفاروقي الهندي (صاحب زاده) (توفي عام 1855) ، مظهر بن أحمد الهندي  (توفى 1883).


6- لم يكن المرجاني مجرد تلميذ عند الشيخ ، بل حصل على جائزة من الشيخ صاحب زاده ، في الحق أن يكون مرشدا - معلما دينياُ.


7- حُرم المرجاني من منصب الإمام، أتهموه بأنه أقر صيام شهر رمضان المبارك قبل موعده بيوم واحد.


8- لم يمنع عدم معرفة المرجان اللغة الروسية من التواصل مع العلماء الناطقين بالروسية، حيث كان زملائه الروس والأجانب يبحثون عن سبب للقائه.


9- دُفن شهاب الدين حضرت في مقبرة التتار في مدينة قازان. على الحجر المنصوب فوق قبره ، نقشت كلمة الوداع " فقدنا عالِماً - فقدنا الدنيا ".


10- في سن الـــــ 17 عاما، بدأ شهاب الدين التدريس في مدرسة أينما عمل والده وألف كتابه المدرسي عن مورفولوجيا ( علم التشكل ) اللغة الفارسية.


" فقدنا عالِماً - فقدنا الدنيا "- هذه عبارة الوداع التي كتبت عن المَرجاني ومنقوشة على الحجر المنصوب على قبره، وهناك شخصيات بارزة جدا كتبت عن شهاب الدين المرجاني وفكره وتعاليمه ودوره في الحياة .


كتب رضا الدين فخر الدين:" كان شهاب الدين حضرت شخصاً منفتحاً، قوي البدن، لطيفًا في الحديث وأنيقًا في مظهره. كان أيضًا خبيرًا في العلوم الإسلامية والتاريخ البشري والتراث المكتوب. كان يعرف عن ظهر قلب العديد من نصوص الشعر العربي وبعض المقتطفات من المؤلفات الشهيرة مثل "الكشاف" و "بيداوي" و " المدارك" و "يحيا". كل أهدافه وتعاليمه كانت تهدف لخدمة شعبه. وبين الحين والآخر كان ينتقد بعض الكتابات الإسلامية. من المعروف ان الناس التي تسلك مثل هذا الطريق يتعرضوا لمشقات واضطهادات وضربات مصيرية في عصره، الا انهم يتحملوها بثبات. كانت الأفكار العميقة والقلم الصلب والشجاع قد كونت عزة شخصيته وأفرزته لأن يكون بطلاً حتى نهاية حياته. سيكون دائما نموذجا يحتذى به لأصدقائنا ومواطني بلدنا المحترمين الذين يريدون خدمة شعوبهم وإيمانهم ".


وكتب إسماعيل بك غسبرينسكي: " معرفة دور وأهمية شهاب الدين شرفاً لنا وليس له " .


وكتب فاتح أمير خان: " أدبنا التتاري الجديد كان غير مطلعاً على الغرب، والعالم الشرقي كان معروفاً لها فقط بجوانبه السلبية المتخلفة من الحياة. بدأ أدبنا في هذا الزمن من الشيخ المرجاني . فرحنا فرحاً عظيماً، لأنه أطلعنا على الإنجازات الرائعة لثقافة الشرق التي تستحق الاهتمام والتقدير".


وكتب المؤرخ عين الدين أحمروف: " قبل ظهور " مستفاد الأخبار " لم تكن هناك كتب علمية عن البلغار .. جمع في كتابه الكثير من المعلومات عن تاريخ قازان. على الرغم من أنه ليس مكتملاً ، ولكن لا يوجد كتاب آخر جدير بالاهتمام".


وكتب عليم جان إبراهيموف: " مستفاد الأخبار كان تحذيرًا في الوقت المناسب للتتار الذين نسوا تاريخهم ، بعد أن فقدوا الاهتمام بماضي شعوبهم ... لن ينتبه مؤرخو المستقبل إلى أخطاء " مستفاد الاخبار" التركيبية . ولن يلاحظوا الطبيعة المعقدة للغته. سوف يندهشون أنه من بين الناس، الذين كانت قواهم الإبداعية في ذلك الوقت محدودة ومقموعة للغاية، ظهر رجل، لا يصدق الكلمات والقصص، وبحثًا عن الحقيقة، ركب حصانًا وذهب إلى قرى ماري المختلفة وحصل على المواد من عجزة ماري ولم يترك مكان الا ونبشه".


وكتب عبدالله طوكاي: " بطل الفكر الحر والمعرفة والتقدم ، الذي اتخذ خطى الخطوة الأولى نحو التنوير".


وكتب عبدالله قارئ تاج الدين: "ذات مرة اثناء اللقاء، طلب مني شهاب الدين حضرت أن أقرأ القرآن بصوت عالٍ. وتقديرا وامتنانا منه لذلك أهدى لي 3 روبلات وسقاني الشاي".


وكتب يوسف أكتشورا : " لم أتذكر عن ماذا كان يتحدث شهاب حضرت ، لكن تذكرت مظهره، المشابه لمظهر حكماء الشرق، هو شخص طويل القامة كما حفظته ذاكرتي. أتذكر اللباد الأبيض على أرضية منزله المكون من طابقين. أتذكر أنني كنت أرغب في الحصول مثله يوماً ما ".


وكتب حسن جاتا غبياشي: " أثناء دراستي، عِشتُ مع قريبي عبد الوالي، ابن خليل الله ، وهو مشهور بخياطة قبعات االرأس. الأخير أحب المرجاني حباً جما، ولهذا كان المُنور زائرا منتظماً  لمنزل قريبي ولم يتردد في التحدث والمناقشة مع مالك المنزل في القضايا الدينية لفترة طويلة. أذهلني كل شي بالمرجاني ابتداء من بدنه القوي وقامته الطويلة، ومظهره الرائع وجماله وسحره وألبسته الأنيقة والتي بنظافتها لا تشوبها شائبة، وإنتهاء ببراعة معرفته وقدراته العقلية. بسبب انني كنت شاباً مراهقاً، فلم استطع اُقـيـّم آرائه وأفكاره الثاقبة".


وكتب عبد الرحمن حضرت عُمري: " كان المرجاني حضرت، رحمة الله عليه، رجلاً متديناً جداً ولذلك حاول أن ينجز أعماله على أساس تعاليم القرآن الكريم وسنة النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، لهذا كان لا يفهم الذين لا يبالون بالدين ، وفي نفس الوقت حافظ على وحدة الأمة، وكان لا يحب في الخطاب الواحد أن يخلط المفهوم بلغات مختلفة وفي هاتين الصفتين، أظهر الصرامة و التعصب اللامحدود.

 

إلميرا جافياتولينا