Ru En

لافروف: روسيا وإيران تأملان عودة واشنطن للاعتراف بالاتفاق النووي مع إيران

٢٦ يناير ٢٠٢١

أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن روسيا وإيران مهتمتان بالحفاظ على خطة العمل الشاملة المشتركة بخصوص البرنامج النووي الإيراني، مشيراً إلى أن الدولتين تأملان في أن تعود الولايات المتحدة إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي ذي الصلة.

 

وصرح وزير الخارجية الروسي بذلك، اليوم الثلاثاء، 26 يناير/كانون الثاني 2021، خلال مؤتمر صحفي مشترك عقب المحادثات التي أجراها مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في العاصمة الروسية موسكو.

 

وقال لافروف: نأمل أن تسفر الجهود التي تُبذل في الوقت الحالي عن نتائج وتساعد في الحفاظ على خطة العمل الشاملة المشتركة، وأن تعود الولايات المتحدة إلى التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 2231. وهذا بدوره سوف يهيئ الظروف للامتثال لكافة متطلبات الاتفاق النووي مع إيران".

 

ولفت الوزير الروسي الانتباه إلى أن "موسكو وطهران تتقاسمان موقفاً مشتركاً، وذلك في ما يتعلق بالمصير المستقبلي لخطة العمل الشاملة المشتركة".

 

وأضاف: "نحن مهتمون بالحفاظ الكامل على خطة العمل ومقتنعون بأن الطريق إلى ذلك يكمن حصراً من خلال التنفيذ الشامل والمتسق لبنود هذه الوثيقة الهامة من قِبل كافة الأطراف المشاركة، وعبر الامتثال الصارم لقرار مجلس الأمن الدولي".

 

وفي هذا الجانب، استذكر لافروف البيان الوزاري الجماعي  للدول التي لا تزال في خطة العمل الشاملة المشتركة، والذي تم تبنّيه في تاريخ 21 ديسمبر/كانون الأول 2020، والذي يحدد كيفية التحرك نحو الحفاظ على الاتفاقات الخاصة بالبرنامج النووي الإيراني وتنفيذها.

 

 

عودة الولايات المتحدة

 

كما لفت سيرغي  لافروف إلى أن روسيا تسمع تصريحات أمريكية حول العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، من أجل حل الوضع حول البرنامج النووي الإيراني، منوّهاً بأن "موسكو سترحب بذلك"، مضيفاً: "لقد سمعنا تصريحات قليلة من فريق (الرئيس الأمريكي) جو بايدن بشأن خطط سياسته الخارجية. ومن بين هذه الخطط الإعلان عن نية العودة إلى الامتثال الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة بشأن برنامج إيران النووي، وإذا حدث ذلك فإن ردنا لن يكون سوى الترحيب بها".

 

وأضاف لافروف أن موسكو وطهران تحدثتا مراراً لصالح عودة جميع المشاركين في خطة العمل المشتركة الشاملة إلى الوفاء بالتزاماتهم. وقال: "إذا حدث هذا، ونأمل أن نتمكن من الوصول إلى هذه النتيجة، حينها بالطبع، ستنعكس بالفائدة على العلاقات إيران وروسيا الاتحادية، حيث سيتم رفعها من قائمة العقوبات الأحادية الجانب وغير المشروعة وغير القانونية المفروضة من قبل الولايات المتحدة وعدد من الدول".

 

يُشار إلى أنه تم توقيع "خطة العمل الشاملة المشتركة" من قِبل إيران، والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (روسيا، المملكة المتحدة، الصين، الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا) وألمانيا في عام 2015.

 

وينص الاتفاق على الحد من تطوير طهران قدراتها النووية، مقابل رفع عقوبات الأمم المتحدة والإجراءات التقييدية الأُحادية للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

 

كما تعهدت إيران بتخصيب اليورانيوم إلى مستوى لا يتجاوز 3.67% لمدة 15 عاماً، والحفاظ على احتياطيات اليورانيوم المخصب بمستوى لا يتجاوز 300 كيلوغرام، وكذلك عدم بناء مفاعلات إضافية للمياه الثقيلة، وعدم تكديس الماء الثقيل وعدم تطوير جهاز تفجير نووي.

 

وفي العام 2018، أعلنت الولايات المتحدة انسحابها من خطة العمل الشاملة المشتركة وفرضت عقوبات اقتصادية على إيران.

 

 

ابتعاد إيران عن التزامات الاتفاق النووي

 

وخلال حديثه في المؤتمر الصحفي، عبّر وزير الخارحية الروسي عن قلق موسكو إزاء ابتعاد إيران عن الالتزامات الطوعية بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن برنامجها النووي، منوهاً بأن "أصل المشكلة هو فشل واشنطن في الوفاء بالتزاماتها".

 

وقال: "روسيا قلقة للغاية من أن إيران مجبرة على الانسحاب من التزاماتها الطوعية بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة. نحن نتفهم أن أصل المشكلة يكمن في عدم الامتثال المنهجي على المدى الطويل وحتى انتهاك إدارة (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب للالتزامات بموجب القرار 2231، الذي وافق على خطة العمل الشاملة المشتركة".

 

وتابع قائلا: "ليس انتهاك الولايات المتحدة فقط هو في صلب الوضع الحالي، ولكن أيضاً حقيقة أن واشنطن طالبت جميع دول العالم بعدم تنفيذ القرار 2231، في الجزء الذي يضمن علاقات تجارية واقتصادية دون عوائق مع إيران، ونحن نتفهم أن هذا هو السبب الجذري للمشاكل".

 

وأشار لافروف إلى أن روسيا تواصل العمل بإصرار مع المشاركين الأوروبيين في خطة العمل الشاملة المشتركة، والتي من الواضح أنها "أظهرت عدم استعدادها للنزاع كثيراً مع الولايات المتحدة. لقد سمعنا أكثر من مرة أن الرئيس دونالد ترامب هو الأول بين الرؤساء السابقين الذين لم يبدأوا في شن ولا حرب واحدة".

 

ولذلك - أضاف لافروف - سواء في الولايات المتحدة نفسها أو في الخارج، كان هناك الكثير ممن أرادوا التأكد على أنه  يمكن استخدام هذه القصة، الخاصة بانسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة، لاستفزاز إيران ومن ثم شن حرب جديدة، وبالتالي، عدم جعل إدارة ترامب استثناء مقارنة بالإدارات التي سبقتها".

 

كما لم يستبعد وزير الخارجية الروسي وجود الكثير من هؤلاء الأشخاص الآن إذ قال: "نحن نفعل الآن كل ما في وسعنا لنجد، باستخدام تصريحات جو بايدن، وموظفيه حول الرغبة في العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، بحيث أننا على أساس هذه التطلعات، مع إيران والأوروبيين وجمهورية الصين الشعبية، نجد طرق ملموسة في المستقبل القريب بحيث يبدأ جميع المشاركين في خطة العمل المشتركة الشاملة في الوفاء بالتزاماتهم بالكامل".

 

وبالتالي، سنرجع إلى خزينة الدبلوماسية الدولية هذا الإنجاز الأعظم في مجال ضمان عدم انتشار الأسلحة النووية، وبالتالي نقوم بإسقاط الأوراق الرابحة من أيدي أولئك الذين يرغبون في تفاقم هذا الوضع إلى أقصى حد".

 

وشدّد لافروف على أن "روسيا ستحاول جاهدة منع حدوث مثل هذا السيناريو"، معرباً عن ثقته في أن "ذلك يصب في مصلحة إيران ودول المنطقة وجميع الدول الغربية".

 

 

الوضع في منطقة الخليج

 

وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية الروسي إن "روسيا ليست من الدول التي تريد ربط التقدم في ضمان الأمن في منطقة الخليج، بالحفاظ على خطة العمل الشاملة المشتركة لحل الوضع المتعلق بالبرنامج النووي الإيراني".

 

وأضاف: "هناك رغبة جامحة لدى بعض الدول في ربط التقدم في الأمن الإقليمي باستعادة خطة العمل الشاملة المشتركة. لسنا واحدة من هذه الدول. على العكس، نحن مقتنعون بضرورة تجديد خطة العمل الشاملة المشتركة بالكامل، دون أي شروط مسبقة".

 

وأشار لافروف إلى أنه قبل عام ونصف، تم تقديم المفهوم الروسي المحدّث لضمان الأمن الجماعي في منطقة الخليج، وأضح قائلاً: "لقد قدمنا اقتراحاً مناسباً لتطوير المفهوم الأمني في منطقة الخليج قبل حوالي 20 عاما. ومنذ ذلك الحين لم نكرره فحسب، بل كنا نراقب الوضع المتغير في المنطقة وفي العالم ككل، ونبذل قصارى جهدنا لتحديث مناهجنا كي نجعلها ملائمة".

 

 

اجتماع الدول الخمس لمجلس الأمن وألمانيا وإيران

 

وبحسب سيرغي لافروف، فإن اقتراح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعقد اجتماع في شكل مؤتمر بالفيديو لقادة "الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي" وألمانيا وإيران لا يزال ساري المفعول.

 

وقال: "اقترح الرئيس الروسي (فلاديمير) بوتين في الخريف الماضي عقد مؤتمر عبر الفيديو، بسبب قيود فيروس كورونا، وهو اجتماع قمة بين قادة الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن (التابع للأمم المتحدة) وإيران وجمهورية ألمانيا الاتحادية. ولا يزال هذا الاقتراح قائما".

 

وفي الوقت نفسه، شدّد الوزير على استعداد روسيا للانضمام إلى أي عملية يكون الغرض منها تحقيق السلام والأمن وحسن الجوار في منطقة الخليج، بدعم من جميع الدول المحيطة بهذه المنطقة.

 

الجدير بالذكر أنه في 14 أغسطس/آب 2020، اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عقد قمة عبر الإنترنت للأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (روسيا وبريطانيا العظمى والصين والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا) وألمانيا وإيران، تكون مخصصة لتنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي الإيراني.

 

كما أشار بيان صادر عن الرئيس الروسي، نُشر على موقع الكرملين الإلكتروني في حينه، إلى أن الهدف من هذه الفعالية هو "تحديد الخطوات لتجنب المواجهة وتفاقم الوضع في مجلس الأمن الدولي".

 

 

مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"

الصورة: وزارة الخارجية الروسية

المصدر: تاس