Ru En

حوار "جوهري وحيوي".. أين اتفق واختلف بوتين وبايدن بعد الاجتماع ؟

١٧ يونيو ٢٠٢١

عقد الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين، والأمريكي جو بايدن أول اجتماع مباشر بينهما في جنيف - سويسرا يوم الأربعاء 16 يونيو/ حزيران 2021، وذلك منذ تولي الأخير منصبه مطلع العام الحالي.

 

واستمرت المحادثات في شكلها الضيق ثم الموسع مع الاستراحة، حوالي ثلاث ساعات ونصف، وكانت الوثيقة الوحيدة التي تم الاتفاق عليها في نهاية القمة هي البيان المشترك المقتضب الذي يعد بإطلاق حوار "جوهري وحيوي" في المستقبل القريب حول الاستقرار الاستراتيجي.

 

وعلى عكس اجتماع عام 2018، بين بوتين ودونالد ترامب في هلسنكي (الذي استغرق وقتا أطول قليلا مع وجبة إفطار عمل)، عقد الرئيسان بوتين وبايدن مؤتمرات صحفية منفصلة، وتحدث بوتين أولاً، وأجاب على أسئلة الصحفيين الروس والأجانب لمدة ساعة تقريبا.

 

في حين تحدث بايدن - في الهواء الطلق - لمدة نصف ساعة تقريبا، وكان بإمكان المراسلين الغربيين فقط سؤاله عن نتائج المباحثات. ثم تحدّث رئيس الولايات المتحدة مرة أخرى إلى الصحافة عند سلم طائرته.

 

 

حول الاجتماع

 

أعرب كلا الزعيمين عن تقديرهما الشديد للمحادثات التي جرت. وبحسب بوتين، برزت "لمعة ثقة" في الاجتماع، وكانت هذه نتيجته الرئيسية، وكانت المحادثة نفسها "بناءة للغاية".

 

بينما وصف بايدن نغمة القمة بأنها "جيدة وايجابية"، واتفق مع ما قاله الرئيس الروسي بأنه "لم يكن هناك ضغط. لم تكن هناك تهديدات، كانت هناك تصريحات فقط: إذا قمتم بذلك، سأفعل ذلك".

 

وقال رئيس الإدارة الأمريكية، حتى قبل أن ينتقل إلى الأسئلة، إنه "سمع جزءً كبيراً مما كان في المؤتمر الصحفي للرئيس بوتين". وأضاف: "كما قال (بوتين)، فإن الأمر كله يتعلق بقرارات عملية ومباشرة وواقعية نحتاج إلى اتخاذها أو عدم اتخاذها. سنكتشف ذلك".

 

 

العلاقات بين البلدين

 

وبحسب الرئيس بوتين، فإن الولايات المتحدة هي التي بدأت في تدهور العلاقات بين القوتين، لكن كلا الجانبين يفهم عموماً مواقف الآخر "عندما يتعلق الأمر بالخطوط الحمراء".

 

أما بايدن فقد جدّد دعمه للعلاقات "المستقرة والمقروءة" بين موسكو وواشنطن، وتتمتع بـ "آفاق حقيقية" لتحسينها بعد القمة، مشدداً على أنه ورئيس روسيا الاتحادية "يتحملان مسؤولية فريدة" إزاء كيفية تطور العلاقات بين دولتين قويتين وفخورتين".

 

 

 

الاستقرار الاستراتيجي

 

وفي سياق متصل، اتفق الطرفان على بدء المشاورات حول الاستقرار الاستراتيجي.

 

وقال الرئيس الروسي بهذا الصدد إن "الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية تتحملان مسؤولية خاصة عن الاستقرار الاستراتيجي في العالم. نحن ندرك هذه المسؤولية".

 

أما الرئيس الأمريكي فقال: "ناقشنا بالتفصيل الخطوات التي يجب أن يتخذها البلدان في مجال الحد من التسلح والحد من مخاطر الصراع. ويسرّني أن أعلن أننا اتفقنا على إطلاق حوار ثنائي حول الاستقرار الاستراتيجي".

 

 

حول الأمن السيبراني

 

ستجري روسيا والولايات المتحدة مشاورات حول الأمن السيبراني. وحول هذا الأمر أكد فلاديمير بوتين: "في رأيي، هذا مهم للغاية".

 

وفقا لبايدن، فقد اقترح حماية "أشياء معينة من البنية التحتية الحيوية"، بما في ذلك قطاع الطاقة، من الهجمات الإلكترونية. وأضاف أنه ليس هناك ما يدعو إلى "رد عسكري" على مثل هذه الهجمات.

 

وقال الرئيس الأمريكي أيضاً إن "خبراء من البلدين سيحلّلون حالات محدّدة".

 

 

في مجال حقوق الإنسان

 

في إطار حقوق الإنسان، صرّح الرئيس بوتين بأن جو بايدن طرح موضوع حقوق الإنسان و"الأشخاص الذين يعتقدون أنهم يمثلون هذه القضايا في روسيا".

 

وقال الرئيس الأمريكي نفسه، إن "الشعب الأمريكي لن يثق أبداً بالرئيس إذا لم يدافع عن القيم الديمقراطية والحريات العالمية لجميع الناس"، وبالتالي فإن حقوق الإنسان "ستكون دائماً" على الطاولة (للتفاوض)".

 

 

حول تبادل السجناء

 

إلى ذلك ناقش الرئيسان الروسي والأمريكي قضية تبادل المحتجزين، وقال بوتين إنه "بالمكان إيجاد حلول وسط معينة هناك". وبحسب قوله، أثار بايدن قضية الأمريكيين المسجونين في روسيا.

 

وأوضح الرئيس الأمريكي بنفسه أنه تحدث بشكل خاص عن بول ويلان (المدان بالتجسس) وتريفور ريد (المدان بمهاجمة ضباط الشرطة)، كما تطرّق إلى قضية مؤسس الصندوق الاستثماري "Baring Vostok"، مايكل كالفي (المتهم باختلاس 2.5 مليار روبل من بنك فوستوشني).

 

وبحسب جو بايدن، من خلال السماح له بالرحيل، فإن روسيا ستجذب المزيد من الاستثمارات الأمريكية.

 

 

قطاع الاقتصاد والأعمال

 

في سياق المباحثات عن قطاع الأعمال، أشار الرئيس بوتين إلى أن الولايات المتحدة خسرت من العقوبات المناهضة لروسيا بما لا يقل عما خسرته روسيا، بينما "نفذت بشكل جزئي مهمتها المتمثلة في كبح التنمية" في روسيا الاتحادية.

 

وعلى حد تعبيره، وبسبب القيود المفروضة، "ترك الأمريكيون (السوق الروسية) بخسارة وسلموا هذا العمل إلى أيدي منافسيهم من دول أخرى".

 

وبحسب بايدن، "ليس لديه مشكلة في التعامل مع روسيا. من مصلحتنا أن ينجح الشعب الروسي اقتصاديا".

 

 

حول أوكرانيا

 

هذا وقد اتفق فلاديمير بوتين وجو بايدن على تعزيز تنفيذ اتفاقيات "مينسك". وكما أشار الرئيس الروسي، فإن "هذا هو التزام موسكو الوحيد بشأن قضية أوكرانيا".

 

بينما الرئيس الأمريكي، وعلى حد قوله، خلال الاجتماع "أكد من جديد التزام الولايات المتحدة الثابت بدعم سيادة ووحدة أراضي أوكرانيا"، منوّهاً بأن"اتفقنا على الدخول في الدبلوماسية للوفاء باتفاقات مينسك".

 

 

حول نافالني

 

وفي شأن آخر قال جو بايدن إنه "أوضح" أنه في حال فارق المعارض الروسي أليكسي نافالني الحياة في السجن، فإن "العواقب ستكون كارثية بالنسبة لروسيا".

 

وشدّد فلاديمير بوتين، متحدثا عن نافالني، على أنه تعمد انتهاك القانون، وعند عودته إلى وطنه "ذهب بشكل متعمد إلى الاحتجاز".

 

 

القطب الشمالي

 

كما تحدث جو بايدن مشيراً إلى أن الرئيسين ناقشا كيفية ضمان أن "القطب الشمالي يظل منطقة تعاون وليس صراعا".

 

من جانبه أعرب فلاديمير بوتين عن قناعته العميقة بأنه في استطاعة روسيا الاتحادية والولايات المتحدة، بل يجب عليهما التعاون في تلك المنطقة، كما أن مخاوف واشنطن بشأن عسكرة القطب الشمالي لا أساس لها من الصحة، مشدداً على أن "نحن لا نفعل أي شيء هناك لم يكن في زمن الاتحاد السوفيتي".

 

 

ماذا سيحدث بعد القمة

 

بحسب الرئيس بوتين، لا يزال من الصعب تحديد ما إذا كان مؤيدو تطوير العلاقات مع روسيا أو معارضوها سينتصرون في الولايات المتحدة. لكنه حذّر من أنه إذا فرضت واشنطن، كما بعد قمة هلسنكي، عقوبات جديدة على موسكو، فإن ذلك يعني "فرصة أخرى ضائعة".

 

وعبّر بايدن عن اعتقاده بأنه في غضون 6-12 شهرا سيتضح ما إذا كان يتم التوصل إلى "حوار حقيقي" حول الاستقرار الاستراتيجي، وما إذا كان قد تم التوصل إلى اتفاقيات بشأن الأمن السيبراني وتبادل المحتجزين. وأما إذا كانت القمة قد حققت أي نتائج من حيث المبدأ، سيكون من الممكن تحديد ذلك في غضون 3-6  أشهر.

 

ورداً على سؤال حول ضمانات بأن روسيا "ستغير سلوكها"، انتقد الرئيس الأمريكي الصحافة التي لا تطرح أبدا "أسئلة إيجابية". وأضاف: "علينا أن نكون واقعيين، لكن أن نتطلع إلى المستقبل بتفاؤل".

 

 

 

مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"

الصورة: الموقع الرسمي لرئيس روسيا الاتحادية

المصدر: تاس