Ru En

"المُحمديّة" - كيف غير الترميم مظهر المدرسة القديمة؟

٢٦ يوليو ٢٠٢١

الطلاب من مختلف أنحاء روسيا والبلدان القريبة والبعيدة، مختبرات لغوية مزوّدة بإمكانية التدريب الفردي، علامات لوحية باللغتين التترية والعربية بطريقة برايل، غرفة قراءة منفصلة، طرق تدريس خاصة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، الفصول الدراسية المضيئة وممرات مريحة مع التكنولوجيا العصرية، والروح التاريخية للمكان الذي نشأ فيه أكثر من جيل من المثقفين المسلمين الأتراك - لا يمكن للمرء أن يتخيل أن كل هذا إنما وصف لواحدة من أقدم المدارس الدينية في روسيا وتتارستان، التي يبدو أنها بُنيت من جديد. نحن نتحدث عن المدرسة "المُحمديّة"، التي فتحت أبوابها هذا العام مرة أخرى لكل من يريد اكتساب المعرفة الدينية، والانغماس في ثقافة وتاريخ الإسلام.

 


الانغماس في تاريخ المدرسة


المدرسة "المُحمديّة" هي واحدة من أقدم المؤسسات التعليمية الإسلامية في روسيا. يعود تاريخ تأسيس المدرسة إلى عام 1882، عندما قرر والد شخصية دينية بارزة، هو المعلم البارز عليم جان بارودي محمدجان، تأسيس مبنى حجري من طابق واحد. بفضل جهوده، أصبحت المدرسة "المُحمديّة" معروفة على نطاق واسع، ليس فقط في مسقط رأسه، ولكن أيضاً بين جميع الشعوب الطورانية - التركية - في جميع أنحاء العالم. ومن بين خريجي المدرسة الشهيرة غالياسكار كمال، كريم تينشورين، صالح سعيداشيف، فتيح أميرخان، ناكي إيسانبيت، مازيت غافوري، فتحي برناش، باكي أورمانش وشخصيات بارزة أخرى من شعب التتار.


في البداية، كان المبنى التعليمي للمدرسة يتألف من طابق واحد. بعد 3 سنوات، بنى سعيداشيف الطابق الثاني. وبعد عام، في 1886، عمّر التاجر أوتياميشيف الطابق الثالث. في عام 1901، تم بناء ملحق من 3 طوابق. وفي عام 1909، انتقل الى هذا المُجمّع مبنى مجاور مكوّن من طابق واحد، "مدرسة ساجيتوفسكي". لسوء الحظ، كان كلا المبنيين في حالة سيئة إلى حد ما وفقدا معالمهما المعمارية والتاريخية.

 

في عام 1891، مع إدخال طريقة التدريس الحديثة في حينه، ظهرت مواد جديدة مثل الرياضيات، والجغرافيا وعلم الطبيعة واللغة الروسية وما إلى ذلك. بالتوازي مع هذا، كانت هناك حاجة مُلِحّة لإعداد وتأهيل معلمين. وفي عام 1907، في 2 أيار/ مايو تحديداً، تم افتتاح دورات تربوية لهذا الغرض. نتيجة لذلك، باتت "المُحمديّة" مدرسة متعددة المراحل، حيث تتم العملية التعليمية على مدار 12 عاماً. في عام 1913، تغير التدريس بشكل جذري وأصبح مدته  14 عاماً. تضمنت الدراسة الآن في المدرسة: 5 سنوات تعليم ابتدائي، 6 سنوات - ثانوية، 3 سنوات، دورة عُليا ونهائية، بالإضافة إلى سنة واحدة من الدورات التأهيلية غير المُدرجة في نظام التدريب.


على مدار 36 عاماً من تأسيسها، تخرج من المدرسة أكثر من ألف طالب بمختلف المستويات التعليمية الدينية، الابتدائية والثانوية والعُليا. تركت مدرسة "المُحمديّة" بصماتها المشرقة على تاريخ التنوير التتاري، حيث تخرج منها علماء مشهورين في مجال العلم والثقافة والاقتصاد والسياسة.


تخرج من هذه المدرسة ما يصل إلى 500 متعلم، بفضل هيئة تدريس قوية خاصة بها. لذلك، وفي عام 1906، بالإضافة إلى العديد من المساعدين، بلغ عدد العاملين هنا حوالي 20 معلم . في العام الدراسي 1913-1914، تألف أعضاء هيئة التدريس في "المُحمديّة" من 20 شخصاً.

 

 

الترميم والمرحلة الثانية للمدرسة


في عام 2020، تقرر الشروع بأعمال ترميم للمبنى التعليمي في المدرسة. هنا، تم إبعاد كسوة الجدران والسقف وكذا الجص وتم إبعاد الحواجز، والعزل الحراري والصوتي للسقف، والصاق الالواح الخشبية بالسقف والتجريف في الطابق الأسفل، وما إلى ذلك من اعمال.


نتيجة للأعمال والترميم، أصبح المبنى يضم 7 فصول دراسية، وفصلين دراسيين للأشخاص ذوي القدرة المحدودة على الحركة، بالإضافة إلى غرفتين للمعلمين وغرفة للصلاة، وغرفة قراءة وغرفتين للغة وقاعتين لتدريس علوم الحاسوب، وغرفة لخلع الملابس الخارجية وغرفة للوضوء، فضلاً عن أنه تم  تجهيز المبنى التعليمي بالكامل بأثاث جديد وأجهزة كمبيوتر ومعدات تعليمية حديثة.


لم يتم الانتهاء من أعمال الترميم بعد، لكن المدرسة "المُحمديّة" اليوم هي مزيج عضوي من التاريخ وروح أسلافنا مع أحدث الإنجازات التقنية.


الآن يندفع الطلاب بالفعل للدراسة، ويمرون بنفس الدرج القديم. ويستوعبون المعرفة في الجدران التي حافظت على روح عصرهم، من خلال استخدامهم أحدث التقنيات. إن الجمع بين التراث القديم والأغنى لشعب التتار مع الاتجاهات الحديثة، يجعل المدرسة فريدة من نوعها، ربما ليس لها نظائر في روسيا بأكملها.


أما بالنسبة للعملية التعليمية نفسها، فيتم التدريس باللغة التتارية. يوجد في الوقت الحالي مرحلتان من التعليم في المدرسة - 3 و5 سنوات. ومن المخطط الاحتفاظ بهما في المستقبل. وبذلك ستوفر المدرسة "المُحمديّة" التعليم الثانوي المهني والعالي.

 


ما مستقبل "المُحمديّة" ؟


بالطبع من خلال أعمال الترميم، كانت الإجتماعات تُعقد أسبوعياً مع جميع الأطراف المهتمة. لم تتغير قاعدة المدرسة وظلت كما هي. ومع ذلك، فإن المزيد من التغييرات قادمة في المستقبل القريب. على سبيل المثال، من الضروري إكمال وتوسيع المبنى القديم لأن الطلاب بحاجة إلى سكن.
حتى الآن، تم الانتهاء من المرحلة الأولى من إعادة الإعمار. الخطوة التالية هي إعادة وضع المدرسة كواحدة من مؤسسات التعليم العالي. وستحصل المدرسة في المستقبل على مكانة واسم جامعة "قازان الإسلامية المُحمديّة"، ومن المخطط تحويل المدرسة إلى مركز تعليمي متكامل، بحيث يتم إلحاقها بمركز تحفيظ القرآن.

إلميرا جافياتولينا