يحتل أليشر نافوي مكانة خاصة ليس فقط في أوزبكستان، لكن في جميع أنحاء العالم. هو معروف ليس فقط باعتباره شاعرا فحسب، بل معروف ايضا كفيلسوف ورجل دولة ومحسن ومنور. ونحن هنا سوف نتحدث عن أليشر نافوي، الشاعر والفيلسوف.
في العام الماضي، احتفل كل العالم بالذكرى 580 لميلاد الكاتب. في قازان، تم تمييز هذا التاريخ للإحتفال به من خلال نشر كتالوج - الألبوم "مخطوطات نافوي في قازان". يُقدم هذا العمل المحفوظ الذي يُعتبر كنزا من كنوز الأدب العالمي والفكر الفلسفي للتداول العلمي والثقافي لأول مرة في العالم. قام بتجميع وكتابة المقدمة والتمهيد ووصف المخطوطات دكتور العلوم التاريخية نائب المدير العام لمتحف الدولة في الشرق إيليا زايتسيف. وشاركت المكتبة الوطنية والمكتبة العلمية والأرشيف الوطني لجمهورية تتارستان في إعداد هذا العمل الأدبي الهام.
يُشار إلى أن قوائم قازان السابقة لأعمال الشاعر العظيم الإبداعية لم تُدرس بعد. لم تأت هذه المخطوطات من آسيا الوسطى فحسب، بل تم نسخ العديد منها في منطقة الفولغا. من بينها المخطوطات الفريدة لديوان الشاعر (المنسوخة في القرنين السادس عشر والثامن عشر)، ومخطوطات بياتريتسا (القرن السادس عشر)، بالإضافة إلى قصائد الشاعر في مجموعات شعرية مختلفة في القرنين السابع عشر والتاسع عشر .
أليشر نافوي وعبقريته الخالدة
أليشر نافوي ليس غريباً عن روسيا والتتار على وجه الخصوص، فهو عُرف شاعراً ومفكرا. لأسباب ونواحي عديدة، يرمز هو وإبداعاته إلى الروابط التاريخية الوثيقة بين آسيا الوسطى والشعوب المسلمة في روسيا الاتحادية .
إبداع أليشر نافوي عظيم جدا. تبلغ عدد أسطر قصائده الست حوالي 60.000 سطر. في عام 1483- 1895 كتب نافوي عمله الإبداعي "الخمسة" والذي يتكون من القصائد التالية: "خيرات الأبرار"، "فرهاد وشيرين"، "ليلي ومجنون"، "السبعة الكواكب"، " جدار إسكندر".ويعتبر عمل "الخمسة"، أول عمل لنافوي من هذا النوع باللغة التركية.
طوال حياته الإبداعية، تمكن نافوي من اختبار مهاراته في جميع الأنواع الأدبية الشعبية تقريباً في الشرق الإسلامي دون أن يفقد صوته وأسلوبه.
بالإضافة إلى الرغبة في التعبير عن الحب الإنساني والصوفي وتفسيره في قصائده، يضع أليشر نافوي المشاكل الدنيوية الموضعية في أولوية أعماله التي تتخطى وجهات نظر الشاعر الإنسانية. على سبيل المثال، في قصيدتي "السبعة الكواكب" و"جدار إسكند"، تظهر المشاكل المرتبطة بعرش الحكام في المقدمة. وتحدث الشاعر من خلال سطوره عن تقلب العالم وواجبات الحاكم تجاه شعبه.
وبحسب الأهمية الاجتماعية والفنية لعمل "الخمسة" كان لنافوي مكانة عظيمة في آسيا الوسطى. لقد تمت إعادة كتابته كثيرا. حالياً، هناك العديد من قوائم عمله "الخمسة" متناثرة حول العالم. هذا دليل حي على الدور الذي لعبه هذا العمل في حياة سكان آسيا الوسطى.
خلال حياته المثمرة تمكن نافوي من انجاز عدد كبير من الأعمال الغنائية. في عام 1498، أنهى جمع مجموعة من قصائده وأنشأ أربع مجموعات من ديوانه سُمى " كنز المعاني"، وهي قصائد مكتوبة بالفارسية جمعها في مجموعة ديوان فاني.
بالإضافة إلى الأعمال الفنية، كتب نافوي أيضا ًأعمالاً علمية. وتشمل هذه الأعمال "نزاع لغتين"، 1499، "مجالس النفيس"، "ميزان الأوزان" و"المفردات".
كان أليشر نافوي مهتماً أيضاً بالتاريخ، حتى أنه كتب أطروحات حول مواضيع تاريخية "تاريخ ملوك إيران" و"تاريخ الأنبياء والحكماء". جمع رسائله الفنية في مجموعة "منشآت". كما تمكن المفكر الأوزبكي خلال حياته من كتابة عدة مذكرات من بينها سيرة عبد الرحمن جامي "الخمسة الحائرون" 1494، "سيرة السيد حسن أردشر" و"سيرة بهلوان محمد".
آخر أعمال نافوي هو "محبوب القلوب"- 1500، والذي يعبر عن آرائه الأخيرة حول المجتمع والسياسة. جمع أليشر نافوي طوال حياته بين إبداعه وأعماله السياسية. نظراً لكونه رجلاً ذا مكانة عالية، إذ قدم مساهمة كبيرة في تحسين الحياة الاجتماعية والاقتصادية للبلد ورعى العلوم والفن والأدب.
الأول في تاريخ قازان- كتالوج مخطوطات أليشر نافوي
وفقاً للقنصل العام لأوزبكستان فريد الدين نصرييف، من عام إلى آخر يتزايد الاهتمام بعمل وشخصية أليشر نافوي. وهذا يتجلى من حقيقة أنه في وطنه أوزبكستان أُطلق إسمه على مدينة ومنطقة وكذا على شوارع وطرق، كما أقيمت له خارج الجمهورية نصبا تذكارية وكرم كمفكر ورجل دولة.
وفقا لمعد الكتالوج، نائب مدير متحف الدولة للفنون الشرقية إيليا زايتسيف، إن نصوص أليشر نافوي لم تفقد أهميتها حتى يومنا هذا.
وشرح زايتسيف "أما بالنسبة للكتالوج نفسه، فهذا عمل جماعي و شاق. ساهم الجميع بأفكارهم وأعمالهم في إخراجه. وتجدر الإشارة إلى أن دراسة إبداع نافوي تمتد لفترة طويلة في الدولة. نُشر أول كتاب عنه منذ أكثر من 150 عاماً والذي كان عبارة عن أطروحة دكتوراه عن نافوي كرجل دولة. كان المؤرخ السوفيتي سيميون فولين أول من أهتم بإبداعاته ومخطوطاته. في عام 1941، أعد للنشر مجموعة من المخطوطات المحفوظة في مجموعات لينينغراد. نظراً لظروف صعبة معينة، لم يتم طباعة المقال إلا في عام 1946. فكرته عن ديوان أليشر نافوي وعن المراحل التي تعرض لها الديوان لعبض التعديلات الا انه مازال محتفظ بقيمته الأدبية والإبداعية".
ومن المثير للاهتمام، أنه على الرغم من ثروة المخطوطات الخاصة بأليشر نافوي تقع في موسكو وقازان، إلا انه لم يتم إيلاء أي اهتمام لهاتين المدينتين. فقط في احد الاعمال العلمية تم ذكر ديوان قازان . وهذا على الرغم من الإقبال الكبير من المسلمين الروس الذين لم يقرؤوا أعمال نافوي فحسب، بل أعادوا كتابتها وأعيدوا طبعها ودرسوها بالتفصيل .
وشرح مُعد الكتالوج فكرة الإعداد قائلا:" توصلنا إلى فكرة عمل كتالوج يتضمن مجموعة من مخطوطات قازان. لطالما كانت قازان واحدة من مراكز الدراسات الشرقية الوطنية. وكانت الأفكار الشرقية هنا على قدم وساق لهذا تم نشر كتب رائعة. للأمانة يمكن اعتبار قازان مركزاً من الطراز العالمي. كل هذا كان بالتأكيد سيعكس نفسه في المخطوطات المحفوظة. في قازان، يتم حفظ هذه المخطوطات في المكتبة الوطنية، في المكتبة العلمية، مكتبة لوباتشيف التابعة لجامعة قازان الفيدرالية وفي الأرشيف الوطني.
يمثل الكتالوج الخاص بنا فرصة رائعة للتعرف على هذه المخطوطات التي لا تقدر بثمن، والتي تم إعدادها في أوقات مختلفة في مناطق مختلفة ومن قبل أشخاص مختلفين.
تعطينا قائمة واحدة من هذه القائمة فهماً إلى اي مدى تم تقدير إبداع نافوي.
يعود تاريخ مخطوطتين إلى القرن السادس عشر، إحداهما - 1568، كتبت في موطن الشاعر العظيم - في هرات القديمة. المخطوطات الثلاث المتبقية تعود إلى فترة لاحقة، أحدها تم إعدادها عام 1868، والآخريات - بعد بداية القرن التاسع عشر. جاءت كل من المخطوطات الخمس إلى المكتبة إما نتيجة لهدف الشراء أو أثناء الرحلات الأثرية.
تحدث عن ذلك رئيس قسم المخطوطات والكتب النادرة بالمكتبة العلمية خلال العرض الكتالوج الميرا أميرخانوفا .
كما أضافت أميرخانوفا:"أقدم مخطوطة هي قائمة "الديوان"، 1568 وهي عبارة عن مجموعة من القصائد الغنائية. تم إدراج هذه المخطوطة في دفتر جرد القطاع الشرقي لقسم المخطوطات والكتب النادرة بالمكتبة العلمية لجمهورية التتار بجامعة قازان في 23 آيار/مايو 1939".
بحسب رئيس قسم المخطوطات والكتب النادرة، هناك مخطوطة أخرى فريدة من نوعها. في القرن التاسع عشر، أعد كاتب من نورلاط يُدعى صدر الدين مجموعة شعرية تحتوي على قصائد أليشر نافوي بموجب طلب عميل من قاسيموف - حمزة ، نجل ميرزا محمدجاري مقصودوف.
كما أكدت أميرخانوفا على ان" أليشر نافوي هو شخصية عظيمة بين مفكري الشرق، وعلى أنإرثه هو أعظم قيمة للأوزبكيين والشعوب الأخرى، وأنه جوهر الروحانية للجيل الحديث.
هذا هو السبب في أن دور أعمال نافوي في التطور الروحي للأمم والقوميات آخذ في الازدياد حالياً. إن المهمة الرئيسية للدراسات في العصر الجديد هي تحليل وتعميم عمل المفكر في الدراسات الشرقية العالمية على أساس وجهات نظر ومقاربات علمية جديدة في فترة التغيرات الأساسية في المجتمع".
أتاحت عمليات البحث المنتظمة عن المخطوطات في المناطق المكتظة بالسكان التتار تحديد مخطوطة أخرى لنافوي، التي تمت مناقشتها خلال عرض ألبوم الكتالوج. في عام 1968، خديجة جيلمتدينوف من قرية كينليك، مقاطعة بوينسكي جمهورية تتارستان السوفيتية سلمت خلال البعثة الأثرية لجامعة قازان قائمة "الديوان"، التي تم إعدادها قبل القرن التاسع عشر