يُجري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الجمعة 5 أغسطس/آب 2022، محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي يصل إلى سوتشي - روسيا في زيارة تستغرق يوماً واحدا.
وجاء في بيان أصدره المكتب الصحفي في الكريملِن أنه "في الخامس من أغسطس، سيُجري فلاديمير بوتين محادثات مع رئيس جمهورية تركيا رجب طيب إردوغان في سوتشي. وفقا للاتفاقيات التي تمّ التوصّل إليها في الاجتماع الثنائي للرؤساء في طهران يوم 19 يوليو/تموز، من المقرر مناقشة موضوع التعاون الروسي - التركي متعدد الأوجه بالتفصيل، بما في ذلك آفاق المزيد من التوسّع في العلاقات التجارية والاقتصادية وتنفيذ المشاريع الإستراتيجية المشتركة في قطاع الطاقة".
كما تم الإعلان عن الاستمرار في تبادل وجهات النظر حول قضايا الساعة على جدول الأعمال الدولي.
وبحسب المتحدث الرسمي باسم الكريملِن، دميتري بيسكوف، من المقرر أيضاً أن يُجري بوتين "الكثير من المحادثات، والكثير من اجتماعات العمل التي تحدث بعيداً عن أعين الجمهور"، مبيناً أنها تحدث بأعداد كبيرة خلال فترة النهار.
هذا وترى أنقرة أيضاً أن محادثات "سوتشي" بين إردوغان وبوتين تأتي استمرارا لاجتماع 19 يوليو في طهران على هامش قمة "أستانا" الثلاثية، حيث تمت هناك مناقشة قضايا العلاقات الثنائية وجدول الأعمال.
وقال حسين باججي، مدير معهد السياسة الخارجية التركي ، لوكالة أنباء "تاس" في هذا الصدد: "إذا كانت هناك حاجة إلى مفاوضات جديدة، فعندئذ يكون لدى الأطراف ما تقوله لبعضها البعض".
كما أوضح دميتري بيسكوف أن صيغة المحادثات تتضمن محادثة بين القادة، وكذلك المحادثات الروسية - التركية بشكل موسّع، على أن يستمر الرئيسان في التواصل واحدا لواحد على طاولة غداء العمل.
اتفاقيات الحبوب والوضع في سوريا
بحسب المتحدث باسم الكريملِن، هناك مجموعة واسعة من الموضوعات على جدول أعمال الاجتماع المقبل، "أولا وقبل كل شيء الأبعاد المختلفة لعلاقاتنا الثنائية: هذا هو التعاون التجاري والاقتصادي، وهذا بالطبع مناقشة للنزاعات الإقليمية، وتبادل وجهات النظر حول كل من الشؤون الأوكرانية والسورية".
وقال دميتري بيسكوف حول ذلك إن "هذا يتطلب اهتماماً شخصياً من الرئيسين".
ومن القضايا الرئيسة على جدول أعمال اجتماع "سوتشي"، كما ذكر المتحدث الرسمي باسم الرئيس التركي إبراهيم كالين في وقت سابق، الوضع في أوكرانيا، هو "اتفاق الحبوب" الذي أبرم في 22 يوليو/تموز الماضي في اسطنبول من قِبَل الرباعية، إذ اشار كالين إلى أن تنفيذ هذا الاتفاق بنجاح، ومن شأنه أن يسهم في بدء المفاوضات حول تسوية الأزمة الأوكرانية.
وأعرب وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو عن رأي مماثل يوم الأربعاء الماضي.
كما أكد دكيتري بيسكوف أن كتلة منفصلة في المحادثات ستخصص للقضايا الإقليمية، بما في ذلك الوضع في سوريا والوضع في أوكرانيا.
ومن المتوقع أن يناقش رئيسا روسيا الاتحادية وتركيا بالتفصيل الاتفاقيات الخاصة بالحبوب في ضوء إمكانية شحن المنتجات الزراعية والأسمدة الروسية بحرا.
وأضاف: "إنّها فرصة جيّدة لمقارنة الملاحظات حول فعالية آلية تصدير الحبوب من الموانئ الأوكرانية، ولمعرفة مدى كفاءة عملها. حسناً، لتبادل وجهات النظر حول الشؤون العالمية. جدول الأعمال، كما نرى، متوتر للغاية".
وشدّد دميتري بيسكوف على أنه "سيكون هناك تبادل لوجهات النظر حول كيفية انطلاق أول رحلة محملة بالحبوب من أوديسا. بشكل عام، هذه فرصة جيّدة لتقييم فعالية الآلية التي تم إنشاؤها بفضل اتفاقيات اسطنبول"، وفقاً لما كشف عنه بيسكوف، الذي أضاف أن "الاتفاقية الخاصة بتصدير المنتجات "ليست آلية لمرة واحدة".
وبيّن قائلا: "هذه آلية مصمّمة لضمان تصدير الحبوب التي تراكمت في هذه الموانئ (الأوكرانية)، ونأمل أن تستمر هذه الآلية في العمل بنفس الفعالية"، واصفاً إياها بأنها "مثال جيد على أنه بالإمكان حلّ أصعب القضايا مع مراعاة مصالح جميع الأطراف.. ومثال على كيفية التفاوض".
هذا ولا يستبعد خبراء في أنقرة أن يعرض إردوغان على بوتين اتخاذ اتفاقيات "اسطنبول" كأساس لحل أزمة الطاقة التي قد تواجهها أوروبا هذا الشتاء، بسبب نقص الطاقة واحتمال توقف إمدادات الغاز الروسي.
ويعتبر هذا الخيار ممكناً من قِبَل وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، وهو ما كشف عنه فور توقيع اتفاقيات "اسطنبول".
كما ستتم أيضاً، خلال المحادثات في سوتشي، مناقشة العملية العسكرية الجديدة التي خطّطت لها تركيا في شمالي سوريا، إذ يشير محللون أتراك، إلى أن هذا الملف قد يكون أحد أهم القضايا الرئيسة على جدول الأعمال.
يذكر أن رجب طيب إردوغان صرّح سابقاً بأن الهدف من العملية هو توسيع المنطقة الأمنية التي يبلغ طولها 30 كيلومتراً، التي تم إنشاؤها في أكتوبر/تشرين الأول 2019 بعد عملية "نبع السلام"، علماً أن الرئيسين ناقشا مراراً مسألة إجراء عملية عبر الحدود، بما في ذلك في قمة طهران.
التصعيد في قره باغ
إلى أفاد المتحدث الرسمي باسم الكريملِن، في مقابلة مع الصحفيين، بأن بوتين وإردوغان قد يناقشان، في محادثات "سوتشي" اليوم الجمعة، تفاقم الوضع في ناغورني قره باغ، مشيراً إلى أنه "لا يُمكن استبعاد أن يتبادل الرئيسان الآراء بخصوص هذا التفاقم"، وذلك في معرض رده على سؤال مراسل وكالة "تاس".
وبحسب ما ذُكِر سابقاً في وزارة الدفاع الروسية، لوحظ تفاقم الوضع في منطقة مسؤولية وحدة حفظ السلام الروسية في ناغورني قره باغ. وبحسب الوزارة، فقد انتهكت القوات المسلحة الأذربيجانية نظام وقف إطلاق النار في منطقة علو صاري بابا.
وتتخذ قيادة قوات حفظ السلام مع ممثلين عن الجانبين الأذربيجاني والأرمني التدابير اللازمة لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
التعاون العسكري - التقني
كما لم يستبعد دميتري يسكوف مناقشة التعاون العسكري التقني بين روسيا وتركيا.
وقال في هذا الجانب إن "التعاون العسكري - التقني بين البلدين مدرج باستمرار على جدول الأعمال، وحقيقة أن تفاعلنا يتطور في مثل هذا المجال الحساس يشير إلى أن النطاق الكامل لعلاقاتنا بشكل عام على مستوى عالٍ للغاية".
وأكد أنه "بما في ذلك الاتصالات الأخيرة بين الرئيسين (في 19 يوليو/تموز الماضي في طهران)، تم التطرق إلى موضوع التعاون العسكري - التقني بأبعاده المختلف. كقاعدة عامة، تتم مناقشة مختلف الجوانب في كل اجتماع تقريباً، لذلك، نعم، سيتم بالتأكيد مناقشة موضوع التعاون العسكري - التقني في سوتشي".
ومع ذلك، لم يرد بيسكوف على سؤال حول ما إذا كان التعاون في إنتاج طائرات بدون طيار من شركة "بيرقدار" سيكون مدرجاً أيضاً على جدول الأعمال.
وفي هذا الإطار، أشار المتحدث الرسمي باسم الرئيس التركي، إبراهيم كالين، على هواء "Kanal 7" التلفزيونية المحلية، إلى أنه في المحادثات التي جرت في طهران في 19 يوليو كانت "محادثة نصف مزحة.. وليس هناك أي التزامات".
القضايا المطروحة على الأجندة الثنائية
وفي السياق ذاته، قال المتحدث ارسوي باسم الرئاسة الروسية إنه على الرغم من هيمنة جدول الأعمال الدولي، لن يتجاهل بوتين وإردوغان قضايا العلاقات الثنائية في محادثات "سوتشي"، وأن المحادثات بين الرئيسين ستشمل كذلك التعاون الاقتصادي.
وفي هذا المضمار، وفقاً لرئيس مجلس الأعمال الروسي - التركي، ناكي قره أصلان، فإن حجم التجارة بين تركيا وروسيا بحلول نهاية عام 2022 يُمكن أن يصل إلى 60 مليار دولار.
وبحسب نتائج 6 أشهر تجاوز هذا الرقم 30 مليار دولار ويتجه نحو 50 مليار دولار، علماً أن مؤشرات الفترة ذاتها من العام الماضي، بلغ حجم التبادل التجاري بين روسيا وتركيا نحو 35 مليار دولار.
كما تعتقد أنقرة أنه خلال زيارةالرئيس التركي لروسيا، ستُثار مسألة الانتقال المبكر للتعامل بالعملات الوطنية في التسويات المتبادلة.
من جهته، ذكر رئيس البنك المركزي التركي، شهاب قهوجي أوغلو، في وقت سابق أن الأعمال ذات الصلة من جانب المنظمين في البلدين قد اكتملت، وكان يعوّل على نتيجة إيجابية للمفاوضات على المستوى السياسي.
إلى ذلك، سيكون أحد العناصر المهمة على جدول الأعمال الاقتصادي للمحادثات هو تنفيذ تشييد أول محطة للطاقة النووية في تركيا "آق قويو".
وفي 21 يوليو الماضي، تم بدء أعمال تشييد وحدة الطاقة الرابعة في موقع المحطة، ومن المقرر إطلاق أول وحدة طاقة في "آق قويو" في عام 2023، تزامناً مع احتفال تركيا بالذكرى المئوية لإعلان تأسيس الجمهورية.
مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"
الصورة: الموقع الرسمي لرئيس روسيا الاتحادية
المصدر: تاس