قال فلاديمير بوتين إن إقليم ناغورني قره باغ، من وجهة نظر القانون الدولي، هو جزء من دولة أذربيجان.
وصرّح بوتين بذلك اليوم الخميس 17 ديسمبر/كانون الأول 2020، خلال المؤتمر الصحفي السنوي، في معرض رده على سؤال لوكالة أنباء "تاس".
وشدّد الزعيم الروسي على أنه "من وجهة نظر القانون الدولي، تحدثت أيضاً عن هذا، فكل هذه الأراضي جزء لا يتجزأ من جمهورية أذربيجان". وأشار إلى أن "أرمينيا نفسها لم تعترف باستقلال ناغورني قره باغ"، ومع الأخذ في الاعتبار هذه الظروف، فإن "ناغورني قره باغ هي أيضاً أذربيجان من وجهة نظر القانون الدولي".
وأشار بوتين إلى أن هذا هو موقف روسيا في إطار أنشطة مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا لحل النزاع حول ناغورني قره باغ.
كما قال الرئيس الروسي "هذه هي الطريقة التي تم بها بناء موقفنا في إطار مجموعة مينسك، حيث تشارك روسيا والولايات المتحدة وفرنسا في رئاستها. وعلى مدار سنوات عديدة، انطلقنا دائما من افتراض أن 7 مناطق مسيطر عليها حول ناغورني قره باغ يجب أن تُعاد إلى أذربيجان".
وفي سياق رد الرئيس الروسي عن وضع ناغورني قره باغ أشار بوتين إلى أنه "ينبغي أن يظل وضع ناغورني قره باغ نفسه دون تغيير، أي أنه ينبغي نقله إلى المستقبل. وينبغي إصلاح الوضع الراهن في ناغورني قره باغ، ولكن مع الضرورة المُلحة لإمكانية الاتصال بين ناغورني قره باغ وأرمينيا، كان من المفترض إنشاء ما يسمى بممر لاتشين، أي ممر اتصال بين أرمينيا و ناغورني قره باغ".
وتطرق بوتين إلى موقف تركيا من الوضع حول ناغورني قره باغ، وأشار إلى تصريحات أنقرة الداعمة لأذربيجان في عودة الأراضي التي خسرتها في فترة التسعينيات.
وقال بوتين إن "موقف تركيا يستند، ويعلن علناً، أن تركيا دافعت، كما يرون، عن القضية العادلة لأذربيجان، وهي إعادة الأراضي التي احتُلت خلال المعارك في التسعينيات".
أسباب الصراع
وعبّر بوتين عن اعتقاده بأن "الصراع على ناغورني قره باغ لم يندلع مرة أخرى هذا العام بسبب تدخل بعض القوى الخارجية". وقال: "لقد خرج الوضع عن السيطرة، واستمر هذا التوتر لسنوات عديدة، لا أعتقد أنه حدث بسبب نوع من التدخل الخارجي. في كثير من الأحيان كانت هناك احتكاكات وإطلاق نار ومناوشات طفيفة".
ووفقا لبوتين، فإن الوضع حول ناغورني قره باغ "أكثر تعقيداً بكثير من الافتراضات المعيارية البسيطة، بما في ذلك الافتراضات القانونية الدولية".
وقال إنه متأكد من أن "الجذور تعود إلى الصراع العرقي، الذي بدأ في سومجيت ثم امتد إلى ناغورني قره باغ. "لكل طرف حقيقته الخاصة هنا. حمل أرمن ناغورني قره باغ السلاح في زمنهم لحماية حياتهم وكرامتهم، والوضع نشأ في وقت تصعيد الصراع هذا العام".
وتتنازع باكو ويريفان على ملكية ناغورني قره باغ منذ شباط/ فبراير 1988، عندما أعلنت المنطقة انفصالها عن جمهورية أذربيجان الاشتراكية السوفيتية. وخلال النزاع المسلح 1992-1994، فقدت أذربيجان السيطرة على ناغورني قره باغ وسبع مناطق متاخمة لها.
وقف إطلاق النار
كما صرّح فلاديمير بوتين أن انتهاك وقف إطلاق النار في ناغورني قره باغ، الذي تم رصده بعد اعتماد البيان المشترك بين أذربيجان وأرمينيا برعاية روسيا،،و الموقّع في 9 نوفمبر 2020 بشأن الوقف الكامل للعمليات القتالية في المنطقة، "كان منفصلاً". ويأمل بوتين ألا يكون هناك المزيد من مثل هذه الحالات.
وأضاف: "حالات انتهاك وقف إطلاق النار، حدثت مرة واحدة فقط. وآمل أن تظل حادثة منفصلة ومنعزلة، (وأن) تظل جميع الأطراف المتعاقدة قادرة على الجلوس على طاولة المفاوضات، بوساطة (أو) عبر مجموعة مينسك (منظمة الأمن والتعاون في أوروبا) - ليس مهماً، المهم أن تبدأ العملية وتنتهي بشكل إيجابي".
وأشار الزعيم الروسي إلى أن البيان الثلاثي يعطي "كل الأسس والإمكانيات" لعملية التفاوض حول التسوية السلمية للوضع في ناغورني قره باغ. وأضاف: "نص (البيان) على أنه بعد التوصل إلى هدنة، ينبغي أن تكون المرحلة التالية تطبيعاً كاملا للعلاقات في المنطقة، مع الكشف عن الإمكانات الاقتصادية والمتعلقة بالبنية التحتية. وينطبق هذا أيضاً على مواصلات الطرق والسكك الحديدية، وهو ما يعلق بناخيتشيفان (جمهورية أذربيجان المتمتعة بالحكم الذاتي)، وكذلك الأمرفي ما يخص "الاتصالات بين جنوب وشمال أرمينيا".
وفي هذا السياق، أفادت وزارة الدفاع الروسية، يوم السبت الماضي، بحدوث انتهاك لوقف إطلاق النار في 11 ديسمبر في منطقة هادروت لأول مرة منذ انتهاء الأعمال العدائية وبدء عملية حفظ السلام الروسية في ناغورني قره باغ.
قوات حفظ السلام الروسية
هذا ولم يستبعد فلاديمير بوتين إمكانية زيادة عدد قوات حفظ السلام الروسية في قره باغ، وإن شدّد على أن ذلك يتطلب موافقة كل من أرمينيا وأذربيجان، إذ نوّه بأنه "في ما يتعلق بزيادة عدد قوات حفظ السلام لدينا، هذا ممكن، ولكن فقط بالاتفاق مع جميع الأطراف، بما في ذلك الجانب الأذربيجاني. لأننا ناقشنا في البداية عدد قوات حفظ السلام لدينا وتم الاتفاق على هذا العدد".
في الوقت نفسه، أشار بوتين إلى أن الناس "يقيّمون الوضع بشكل كاف من أكثر من ناحية، وهذه مسألة فنية بحتة". وأضاف الرئيس "إذا توصل الجميع إلى نتيجة مفادها أن هذا ضروري، فسوف نفعل ذلك، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فهذا يعني أننا لن نقدم على هذه الخطوة".
وتابع: "لكن الأمر لا يتعلق فقط بقوات حفظ السلام، بل يتعلق أيضا بعمل خدماتنا: وزارة الطوارئ وخدمة حرس الحدود التابعة لهيئة الأمن الفيدرالية الروسية".
وتتواجد قوات حفظ السلام الروسية في منطقة نزاع ناغورني قره باغ وفقا للاتفاقيات المسجلة في 9 نوفمبر في البيان المشترك للزعيم الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأذربيجاني إلهام علييف، ورئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان، بشأن وقف إطلاق النار الكامل في المنطقة.
ويتكون جوهر وحدة حفظ السلام من وحدات لواء البندقية الآلية الـ 15 المستقل في المنطقة العسكرية المركزية. وأقيمت نقاط مراقبة روسية على طول خط التماس في ناغورني قره باغ وعلى طول ممر لاتشين الذي يربط بين أرمينيا وإقليم ناغورني قره باغ، حيث تتمركز قيادة عملية حفظ السلام في عاصمة الإقليم مدينة ستيباناكيرت.
إنقاذ الأرواح
وأضاف الرئيس الروسي في مؤتمره الصحفي السنوي أن النتيجة الرئيسية للاتفاقيات الخاصة بوقف العمليات العسكرية في منطقة الصراع حول ناغورني قره باغ هي الحفاظ على الأرواح البشرية.
وقال في إجابته على سؤال من "تاس" قال بوتين إن "هذا الاتفاق (البيان المشترك حول الوقف الكامل للنشاط العسكري في ناغورني قره باغ مع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان - تاس)- بشأن وقف العمليات العسكرية، إنه أمر مهم للغاية. لقد سبق وقلت هذا أيضاً. أنه يوقف إراقة الدماء، للحفاظ على أرواح المدنيين، هذا شيء مهم للغاية، هذا أساسي بشكل عام. وكل شيء آخر يعتبر ثانوياً. الحفاظ على حياة وصحة الناس هو أهم مهمة قمنا بحلها".
وفي الوقت نفسه، شدّد الرئيس الروسي على أن الوقت قد حان للوسطاء الدوليين للانتقال من الأقوال إلى الأفعال والبدء في تقديم المساعدة للسكان المحليين، وليس ترك الأمر لروسيا فقط. "نتمنى وبشدة أن ينتقل الوسطاء الدوليون أخيراً من الأقوال إلى الأفعال، وأن يشرعوا فعليا بمساعدة المحتاجين إلى المساعدة، أولاً وقبل كل شيء، اللاجئين العائدين إلى ناغورني قره باغ. ولن تقوم روسيا وحدها بإرسال قوافل إنسانية إلى هناك، لكن المنظمات الدولية ستنتشر أخيرا: اليونيسيف واليونسكو ومنظمة الأغذية العالمية، وعلى الصعيد الثنائي، سوف يستجيب أولئك الذين يريدون دعم الناس في منطقة الصراع".
مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"
المصدر: تاس