يتضامن اللبنانيون مع بعضهم البعض للعمل سوية على قهر عواقب الكارثة الإنسانية الناجمة عن انفجار المواد الكيميائية في ميناء بيروت البحري. وبحسب مراسل وكالة "تاس"، يعمل في ساحة ساسين بحي الأشرفية المسيحي مخيم حيث يتم هناك توزيع الطعام الساخن والماء والسلع الأساسية على العائلات المتضررة، بشكل مجاني.
وقال أحد المبادرين في العمل الخيري من المجتمع اللبناني، وهو أستاذ مدرسة ثانوية، ويدعى روجر: "واجبنا هو مساعدة أولئك الذين بقوا بدون مأوى، والذين تدمرت منازلهم جراء الانفجار"، وبحسب قوله، وصل العديد من المواطنين إلى ساحة ساسين يوم الأربعاء لأنهم تركوا بلا مصدر رزق. وقال روجر: "إن عدد هؤلاء الأشخاص يتزايد باطراد، ونواصل جمع الطعام والأشياء الضرورية لهم".
وبحسب سلطات المدينة، أصبح ما لا يقل عن 300 ألف من سكان العاصمة بلا مأوى.
ويُقدر إجمالي الأضرار التي لحقت بالمساكن بنحو 15 مليار دولار، ولوحظ أن أكبر الأضرار لحقت بالأحياء التاريخية في الجزء المسيحي من بيروت: الأشرفية والجميزة الصيفي ومار مخايل، وكذلك في منطقة برج حمود الأرمنية. ومن هناك، تم إدخال عدد كبير من الضحايا إلى المستشفيات.
وقال وزير الصحة اللبناني حمد حسن إن عدد القتلى ارتفع إلى 135 بنهاية يوم أمس الأربعاء (أفادت قناة الجزيرة الفضائية القطرية عن حصيلة 137 قتيلا) وفقدان 80 شخص وإصابة حوالي 5000. وبحسب الوزير، غادر المستشفى بالفعل نحو ألفي مصاب.
الأضرار توازي 11 أيلول/ سبتمبر
مع ذلك، بالإضافة إلى الضرر الذي لحق بالقطاع الصحي، فقد تعرض الناس لصدمة رهيبة. في هذا الصدد، فكر المحللون المحليون في العواقب النفسية لمأساة الميناء البحري.
كما أشار عالم السياسة باسل محفوظ في مقابلة مع مراسل "تاس"، إلى أن الانفجارات في لبنان كانت غالبا ما تحدث في السنوات السابقة: في عام 2005، أدى هجوم إرهابي على الواجهة البحرية لبيروت إلى مقتل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، الذي قدم مساهمة كبيرة في الانتعاش الاقتصادي للبلاد بعد الحرب الأهلية الممتدة بين 1975 - 1990 ... وتحقق المحكمة الدولية الخاصة في لاهاي في هذا الاغتيال السياسي، ومن المقرر أن تصدر الحكم في 18 آب/ أغسطس الجاري.
ويعتقد محفوظ أن "الانفجار الحالي، مع ذلك، أكثر قابلية للمقارنة من حيث الحجم والعواقب مع هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية في نيويورك، والتي صاحبتها صدمة هائلة وذعر".
ويقترح عدد من السياسيين اللبنانيين إشراك خبراء دوليين في التحقيق في أسباب هذه المأساة. وجاء ذلك، يوم أمس الأربعاء، على لسان زعيم تيار "المستقبل" المعارضة، والسياسي السني سعد الحريري، والزعيم في الطائفة الدرزية، وليد جنبلاط.
ويعتزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تقديم الخدمات في إجراء تحقيق شامل في الظروف التي تم فيها تفجير أكثر من 2.7 ألف طن من مادة "نترات الأمونيوم" التي صادرتها الجمارك اللبنانية، وسيصل اليوم الخميس 6 أغسطس إلى بيروت لإجراء محادثات مع القادة اللبنانيين. كما يستعد ماكرون ليكون "صانع سلام" داعيا إلى إقامة حوار بين حكومة رئيس الوزراء حسان دياب والمعارضة.
التحقيق في أسباب الانفجار
وبحسب السلطات المحلية، فإن سبب المأساة هو انفجار أكثر من 2.7 ألف طن من "نترات الأمونيوم" المخزنة في المستودع، وصادرتها الجمارك من على متن سفينة "روسوس" قبل 6 سنوات.
وبحسب المصدر، اندلع حريق في 4 أغسطس في أحد العنابر بالميناء، ثم امتد إلى المستودع الذي توجد فيه المادة الكيميائية، وتلاه الانفجار. وأشار المصدر إلى أن التفتيش المتعلق بتخزين المواد المتفجرة في منطقة الميناء قد أشار منذ ستة أشهر إلى وجود مخالفات في التخزين. ومع ذلك، لم يتم اتخاذ أي إجراء بهذا الخصوص.
وقال مدير عام الجمارك اللبنانية، بدري ضاهر، إن الجمارك والمديرية العامة للأمن العام طلبا عدة مرات إزالة البضائع الخطرة من المرفأ، لكن طلباتهما قوبلت بالتجاهل على مدى 6 سنوات.
وبحسب وزير الداخلية محمد فهمي، فإن السلطات اللبنانية نفسها ستجري تحقيقا ولا ترى ضرورة إشراك خبراء دوليين فيه. ووعدت السلطات باستكمال التحقيق في جميع ملابسات الحادث خلال خمسة أيام.
وتبين أن مالك السفينة التي صودرت منها "نترات الأمونيوم" هو رجل أعمال من مدينة خاباروفسك، يدعى إيغور غريتشوشكين.
وأمرت الحكومة اللبنانية بوضع إدارة الميناء تحت الإقامة الجبرية إلى أن يتم تحديد المسؤولين عن حدوث الانفجار.
مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"
Photo: Hassan Ammar/AP/TASS