يجري وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم السبت 5 مارس/آذار 2022، محادثات مع وزير الخارجية القرغيزي رسلان كازاكباييف الذي وصل في زيارة رسمية إلى العاصمة الروسية موسكو.
وكانت آخر مرة قد زار فيها كازاكباييف موسكو خلال فبراير/شباط 2021، كما التقى الجانبان العام الماضي على هامش اجتماعات مجلس وزراء خارجية "رابطة الدول المستقلة" في موسكو في 1 ابريل/ نيسان، ومجلس وزراء خارجية "منظمة معاهدة الأمن الجماعي" في عاصمة جمهورية طاجيسكتان - دوشنبه في 19 مايو/أيار.
وقالت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، خلال مؤتمر صحفي، إن الوزيرين سيناقشان قضايا الساعة للتعاون الثنائي في المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية والثقافية والإنسانية وغيرها.
وأشارت زاخاروفا إلى أنه "ومن المتوقع أيضا تبادل وجهات النظر حول قضايا التكامل الأوراسي، والأمن العالمي والإقليمي، بما في ذلك ما يتعلق بالأحداث في أوكرانيا، والتفاعل على المنصات الدولية".
الشريك الاستراتيجي
هذا ويفتتح الاجتماع الوزاري المرتقب سلسلة من الفعاليات المُقرّر إجراؤها في العام الحالي، والتي يتم توقيتها لتتزامن مع الذكرى الـ 30 لإقامة العلاقات الدبلوماسية الروسية - القرغيزية.
كما أن العلاقات بين موسكو وبيشكيك (قرغيزستان) هي في طبيعة الشراكة الاستراتيجية والتحالف.
وأشارت وزارة الخارجية الروسية عشية انعقاد المحادثات إلى أنها "تتميّز بتنوعها وتتسم بتقارب النهج تجاه الشؤون الدولية والإقليمية، والتركيز على تطوير عمليات التكامل الأوراسي".
ومن المتوقع أن ينظر وزيرا خارجية البلدين في قضايا التكامل الأوروبي الآسيوي، والأمن الإقليمي، والتفاعل على المنصات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، والاتحاد الاقتصادي الأوروبي، ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي، ورابطة الدول المستقلة، ومنظمة شنغهاي للتعاون.
وبحسب الإدارة الدبلوماسية الروسية، فإنه عقب نتائج المحادثات، من المُقرّر التوقيع على بيان وزاري مشترك وبرنامج تعاون بين وزارة الخارجية الروسية ووزارة الخارجية القرغيزية للفترة 2022-2024.
يُشار إلى أنه تم اختبار الشراكة بين البلدين للتحقق من قوتها، وحتى في فترة انتشار الوباء، ظلت روسيا تقدم مساعدة كبيرة لقرغيزستان في مكافحة عدوى فيروس كورونا طوال هذا الوقت.
وفي هذا الخصوص بالتحديد، أرسلت موسكو فرقاً من اختصاصيها إلى البلاد، وقدمت المعدات الطبية والأدوية وعدة دفعات من لقاح فيروس كورونا الروسي بشكل مجاني، وفي الوقت الحالي، يستمر التعاون النشط بين البلدين في مكافحة الوباء.
بالإضافة إلى ذلك، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، العام الماضي، إن المتخصّصين الروس يدرسون إمكانية إنتاج لقاح "سبوتنيك V" في أحد المواقع الإنتاجية في قرغيزستان.
الأمن في الفضاء المشترك
الجدير بالذكر أن موسكو مقتنعة بأن المحادثات بين لافروف وكازاكباييف ستجعل من المُمكن "ضبط عقارب الساعة" بشأن قضايا ضمان الاستقرار والأمن في منطقة أوراسيا، وفي هذا السياق، سيتم إيلاء اهتمام خاص للأحداث في أوكرانيا.
وفي 28 فبراير/شباط الماضي، أيّد رئيس قرغيزستان صادر جاباروف، خلال محادثة هاتفية مع بوتين، إجراءات روسيا الاتحادية الهادفة إلى حماية السكان المدنيين في دونباس.
وفي وقت لاحق، أعلنت بيشكيك إن قرغيزستان تؤيد إنهاء الصراع في أوكرانيا ورحبت ببدء المفاوضات حول التسوية السلمية للوضع.
هذا ومن المُمكن أن يقوم وزير الخارجية الروسية بإبلاغ نظيره بسير العملية العسكرية الخاصة لروسيا الاتحادية، فضلاً عن آفاق المفاوضات مع الجانب الأوكراني في بيلاروسيا.
بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن ينظر الطرفان في الوضع على الحدود الطاجيكية - القرغيزية، التي تنشأ في بعض أقسامها الخلافات والنزاعات من وقت لآخر بين السكان المحليين في المناطق الحدودية، علماً أن آخر نزاع بين الجانبين باستخدام الأسلحة النارية وقع في يناير/كانون الثاني 2022.
المصالح المشتركة
الجدير بالذكر أن جمهورية قرغيزستان لا تزال أحد أهم الشركاء التجاريين والاقتصاديين لروسيا بين بلدان "رابطة الدول المستقلة". وعلى الرغم من أن حجم التبادل التجاري بين البلدين قد انخفض منذ بداية الوباء، إلا أنه في العام 2021 زاد حجمه بنسبة 46.6 بالمائة مقارنة بالعام 2020 وبلغ 2.49 مليار دولار.
هذا وتعد صناعة الغاز أحد المجالات الرئيسية للتعاون بين البلدين، ومع ذلك، بحسب ما قال رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين في وقت سابق، "تتمتع الدولتان بآفاق جيدة في مجالات مثل الاقتصاد الرقمي والطاقة الخضراء والنقل والخدمات اللوجستية".
وفي هذا الصدّد، أعرب رئيس الوزراء الروسي أيضاً عن أمله في أن تستمر الجمهورية في توفير الظروف المريحة للمستثمرين الروس.
إلى ذلك وفي سياق متصل باجتماع وزيري الخارجية، من المحتمل ألا يتجاهل لافروف وكازاكباييف قضية الهجرة، إذ يذهب غالبية العمال المهاجرين من قرغيزستان للعمل في روسيا، حيث يصل سنويا حوالي 800 ألف عامل مهاجر إلى البلاد.
بدوره، يصر الجانب الروسي على فتح مراكز للتدريب المنظم للعمالة المهاجرة في الدول التي يتم منها إرسال أكبر عدد منهم إلى روسيا الاتحادية، كي يكون القادمون للعمل في روسيا مستعدين لذلك.
ومثل هذه المراكز يمكنها تدريب المهاجرين على اللغة الروسية وتعريفهم بتشريعات روسيا الاتحادية، وأن موسكو مقتنعة بذلك.
كما أشارت وزارة الخارجية إلى التعاون الوثيق بين روسيا وقرغيزستان في المجالات الثقافية والتعليمية.
هذا ويتزايد اهتمام جيل الشباب في قرغيزستان بالحصول على التعليم العالي في روسيا الاتحادية، ويدرس حاليا 8054 طالباً قرغيزياً في المؤسسات التعليمية الروسية.
كما أنه على جدول أعمال البلدين في المجال الثقافي، حفل ختام "عام ملتقى الطرق" لروسيا وقرغيزستان في بيشكيك هذا العام.
مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"
الصورة: وزارة الخارجية الروسية
المصدر: تاس