يبدأ الرئيس الروسي - فلاديمير بوتين، جدول أعماله في قمة "بريكس" التي تفتتح اليوم في عاصمة جمهورية تتارستان الروسية - مدينة قازان. بما أن روسيا تترأس المجموعة على مدار العام يجعل الرئيس الروسي المضيف للحدث، وذلك اليوم الثلاثاء 23 أكتوبر/تشرين الأول 2024.
على الرغم من أن القمة تبدأ رسمياً في المساء بعشاء ودي لجميع الزعماء القادمين، إلا أن بوتين سيبدأ سلسلة من الاجتماعات الثنائية في وقت سابق من اليوم. وستستمر هذه الاجتماعات بعد حفل الاستقبال المسائي وطوال الأيام التالية.
اليوم الثلاثاء، سيعقد الرئيس بوتين محادثات منفصلة مع رئيس الوزراء الهندي - ناريندرا مودي، ورئيس جنوب افريقيا - سيريل رامافوزا، والرئيس الصيني - شي جين بينغ، والرئيس المصري - عبد الفتاح السيسي. ومن المتوقع مناقشة مجموعة واسعة من المواضيع بين رؤساء الدول.
جدول أعمال مزدحم
لن يقتصر اليوم الأول لفلاديمير بوتن في القمة على المناقشات مع الزعماء الأجانب فحسب، بل ستبدأ سلسلة اجتماعاته الثنائية بمحادثة مع رئيسة بنك التنمية الجديد، الرئيسة البرازيلية السابقة - ديلما روسيف، إذ يمثل هذا الاجتماع الثالث بين بوتين وروسيف منذ توليها إدارة بنك التنمية الجديد لـ "بريكس".
تجد الإشارة إلى أن بنك التنمية الجديد تأسس في يوليو 2014 خلال قمة "بريكس" في فورتاليزا (البرازيل) وتتمثل مهمته الأساسية في تمويل البنية الأساسية وغيرها من المشاريع الرئيسية في الدول الأعضاء.
شراكة مميزة
سيكون أول اجتماع للرئيس بوتين على هامش القمة مع مودي، حيث التقى الزعيمان آخر مرة في يوليو/تموز 2024، خلال زيارة رئيس الوزراء الهندي إلى العاصمة موسكو. وفي عام 2024، أجريا أربع محادثات هاتفية على الأقل.
يؤكد الـ كريملِن أن العلاقات بين موسكو ونيودلهي تتميز بـ "شراكة استراتيجية مميزة بشكل خاص" وتتطور بنجاح في جميع القطاعات.
خلال عام 2023، بلغ حجم التجارة الثنائية بين روسيا والهند رقماً قياسياً بلغ 56.8 مليار دولار، بنمو يزيد عن 60%. وفي الأشهر الثمانية الأولى من عام 2024، زادت التجارة بنسبة 9% أخرى، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى إمدادات النفط، لتصل إلى 37.4 مليار دولار.
يُشار كذلك إلى أن أحد مجالات التعاون ذات الأولوية بين الهند وروسيا هو الطاقة، حيث تتوسع صادرات روسيا من الهيدروكربونات، كما يتعاون البلدان في مجال الطاقة النووية، إذ يعد المشروع الرائد هو بناء محطة "كودانكولام" للطاقة النووية في الهند.
كما تنسق موسكو ونيودلهي الجهود في المنتديات الدولية مثل الأمم المتحدة ومجموعة العشرين ومنظمة "شنغهاي للتعاون"، حيث وصف الـ كريملِن هذا التعاون بأنه مثمر.
التعاون المتعدد الأوجه
ستستمر سلسلة الاجتماعات الثنائية لبوتين بمناقشة مع رئيس جنوب افريقيا - سيريل رامافوزاـ الذي زار روسيا عدة مرات، بما في ذلك مرتين في عام 2023 - مرة في يونيو/حزيران كجزء من مبادرة السلام الأفريقية ومرة أخرى في يوليو لحضور قمة روسيا وافريقيا. كما تحدث الرئيسان عبر الهاتف مرتين في عام 2024.
جدير بالذكر، أن موسكو وبريتوريا تتعاونان بشكل فعال في القضايا السياسية والاقتصادية والإنسانية، ويدعو كلا البلدين إلى إنشاء نظام عالمي عادل ومتعدد الأقطاب.
وأشار الـ كريملِن بهذا الصدد إلى أن "روسيا وجنوب افريقيا تربطهما علاقات صداقة وتعاون قوية، لها جذور تاريخية عميقة تعود إلى النضال ضد نظام الفصل العنصري".
كما تشهد العلاقات التجارية نمواً ملحوظاً أيضاً. ففي عام 2024، ارتفع حجم التجارة مرة أخرى، على الرغم من انخفاض طفيف بنسبة 5% في عام 2023. وتشمل مجالات التعاون الواعدة الطاقة والصناعة والزراعة والعلوم والابتكار، ويعمل البلدان على مشاريع كبرى في هذه القطاعات، بما في ذلك إنشاء حديقة للألواح الشمسية.
بالإضافة إلى ذلك، يعد التعاون الإنساني قوي بين الدولتين، حيث تم تخصيص 85 منحة دراسية للطلاب من جنوب إفريقيا للدراسة في الجامعات الروسية في العام الدراسي 2024-2025.
مستوى غير مسبوق من العلاقات
اللقاء التالي في جدول أعمال الرئيس بوتين مع شي جين بينغ. وسيكون هذا هو الاجتماع الثالث بين الزعيمين الروسي والصيني خلال عام 2024، بعد زيارة بوتين الرسمية للصين في 16 - 17 مايو ومحادثاتهما خلال قمة منظمة "شنغهاي للتعاون" في عاصمة كازاخستان - أستانا في 3 يوليو/تموز الماضي.
وأكد الـ كريملِن أن "العلاقات الروسية - الصينية القائمة على الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي هي في أعلى مستوياتها في التاريخ".
ووصف الرئيس الروسي هذه العلاقة بأنها "غير مسبوقة"، حيث تتعاون موسكو وبكين في إطار المنظمات الدولية الكبرى مثل الأمم المتحدة، والدول الأعضاء في مجموعة "بريكس"، ومنظمة "شنغهاي للتعاون"، ومجموعة العشرين، وكذلك على أساس ثنائي. وتعقد اجتماعات سنوية بين رؤساء الحكومات، وهناك اتصالات منتظمة من خلال خمس لجان حكومية دولية ومجموعات عمل عديدة.
وتستمر العلاقات الاقتصادية في التطور بوتيرة مستمرة. ففي عام 2023، بلغ حصة حجم التجارة بين روسيا والصين 23.1%، ويستمر في النمو. ويتعاون البلدان بشكل وثيق في الصناعة والتكنولوجيا العالية والزراعة والنقل والخدمات اللوجستية. وهناك تبادلات ثقافية منتظمة، وأعلنت الدولتان عن سنوات ثقافية متبادلة.
أحداث أخرى
هذه السلسلة من الاجتماعات والعشاء الترحيبي هي مجرد بداية للقمة. الحدث، الذي يستمر من 22 إلى 24 أكتوبر الجاري، سيتضمن جلسات مغلقة وموسعة، وتنسيقات "بريكس بلس" والتواصل (بمشاركة من ما يقرب من 40 دولة)، وحفل استقبال رسمي. كما ستستمر اجتماعات بوتين الثنائية، حيث من المقرر أن يجري محادثات مع جميع القادة الحاضرين تقريباً.
وفقاً لمساعد الرئيس الروسي للشؤون الدولية - يوري أوشاكوف، سيتم تلخيص نتائج القمة كتابياً وشفهياً. ومن المتوقع أنه بعد الجلسة الموسعة في 23 أكتوبر، سيعتمد الزعماء إعلان "قازان"، وهي وثيقة شاملة تلخص ليس فقط القمة ولكن أيضاً الرئاسة الروسية الكاملة لمجموعة "بريكس". بالإضافة إلى ذلك، سيختتم الرئيس بوتين القمة بمؤتمر صحفي في 24 أكتوبر.
مجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"
الصورة: الموقع الرسمي لرئيس روسيا
المصدر: تاس