أكد فلاديمير بوتين أن عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ضد سوريا "غير قانونية"، مشيرا إلى أنها تهدف إلى خنق سوريا اقتصاديا.
وجاء كلام الرئيس الروسي يوم أمس الأربعاء 1 تموز/ يوليو، خلال مؤتمر عبر الفيديو حول سوريا مع الرئيسين، التركي رجب طيب أردوغان، والإيراني حسن روحاني.
وقال الزعيم الروسي إن "العقوبات المفروضة على سوريا تمت بتجاوز لمجلس الأمن الدولي، أي أنها عقوبات غير قانونية في الواقع، ولها تأثير سلبي".
ولفت بوتين إلى أنه وفقا لبرنامج الغذاء العالمي، يحتاج أكثر من 9 ملايين سوري، أي نصف سكان البلاد، إلى مساعدة غذائية، وعلى الرغم من الدعوة إلى تخفيف ضغط العقوبات في ظل انتشار الوباء، فإنه في واشنطن وبروكسل يتم تقرير تمديد القيود المفروضة على دمشق.
وشدّد بوتين على أنه "بالإضافة إلى ذلك، فقد تم فرض عقوبات جديدة، والغرض منها بالطبع هو الرغبة في خنق اقتصادي للجمهورية العربية السورية". وفي هذا الصدد، اعتبر رئيس روسيا الاتحادية أنه من المهم التفكير عبر قنوات المساعدة الإنسانية من أجل دعم شعبها.
وقال الرئيس الروسي إن وباء فيروس كورونا جعل تنسيق الجهود الإنسانية في سوريا أكثر إلحاحا. موضحا "في سياق انتشار عدوى فيروس كورونا، يصبح تنسيق جهودنا على المسار الإنساني لسوريا أكثر إلحاحا." وقال الزعيم الروسي "من المهم الآن التفكير في الكيفية التي يمكننا من خلالها تنظيم تقديم المساعدة الإنسانية ودعم الشعب السوري من خلال القنوات المناسبة".
وفقا له، الثلاثية "روسيا وتركيا وإيران" يمكن أن تفعل الكثير في مجال بنية ما بعد الصراع في سوريا في إطار نهوض الاقتصاد والمجال الاجتماعي، وعودة اللاجئين.
وقال الرئيس الروسي "الصراع في سوريا والمواجهة مع الإرهابيين مستمرة منذ سنوات عديدة وبالطبع هذا يؤثر على الوضع الاقتصادي للبلاد."
كما دعا خلال مؤتمر الفيديو رئيسي إيران وتركيا إلى مناقشة اتخاذ إجراءات إضافية لمحاربة الإرهابيين في سوريا.
وأشار رئيس الدولة الروسية إلى أن "أحد الأهداف الرئيسية للمؤتمر اليوم هو تحليل الوضع الحالي في هذا البلد سوية، والاتفاق على ما يمكن القيام به بشكل إضافي لضمان التطبيع على المدى الطويل في الجمهورية العربية السورية".
وأوضح أن "الأمر يتعلق في المقام الأول بمواصلة الحرب ضد الإرهاب الدولي".
وأضاف بوتين "نحن بحاجة إلى التفكير في الإجراءات الأخرى اللازمة لتحييد الجماعات الإرهابية الموجودة".
وأشار الرئيس الروسي إلى أن الوضع الأكثر توترا لا يزال قائما في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية، بـ"منطقة خفض التصعيد في إدلب" في الشمال الشرقي من البلاد، وفي منطقة شرقي الفرات، "حيث تكثفت أنشطة مقاتلي داعش بشكل كبير" (منظمة محظورة في روسيا الاتحادية).
وفي هذا الجانب، تحدث بوتين عن الوضع في إدلب، مشيرا إلى أن موسكو تواصل العمل بشكل وثيق مع أنقرة "من أجل تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها في إطار مذكرة سوتشي بتاريخ 17 أيلول/ سبتمبر 2018 وبروتوكولها الإضافي المؤرخ 5 آذار/ مارس من هذا العام".
وأضاف الرئيس الروسي "بالطبع، لم يتم حل جميع المهام (في إدلب)، ولم يتم القيام بكل شيء، لكن الجهود لا تزال تؤتي ثمارها. على سبيل المثال، مع بدء وقف إطلاق النار، استقر الوضع في منطقة خفض التصعيد هناك بشكل ملحوظ".
العمل بروح الفريق الواحد
وعبر الرئيس بوتين عن اعتقاده بأن دول روسيا وإيران وتركيا حققت الكثير في إطار حل الوضع في سوريا.
وقال "أتفق مع السيد روحاني في التقييمات التي تحدث عنها حول فعالية وأهمية العمل المشترك في الجانب السوري. بالفعل لقد عملنا الكثير معا".
وقد تواصل بوتين مع زملائه من مركز القيادة في الكرملين. وصرح بأنه سعيد لرؤية زملائه و "أن تتاح لهم الفرصة للتحدث بشأن إحدى القضايا المؤلمة للغاية والمدرجة في جدول أعمال اليوم". مشيرا إلى أن رؤساء الدول الضامنة لعملية "أستانا" في سوريا اجتمعوا في أيلول/ سبتمبر 2019 في أنقرة.
وصرح رئيس روسيا الاتحادية "لقد خططنا للاجتماع في طهران في آذار/ مارس من هذا العام ولكن لأسباب واضحة، لم نتمكن من القيام بذلك". معربا عن امتنانه للجانب الإيراني "لمبادرته بتنظيم القمة في صيغة مؤتمر عبر الفيديو".
من بين ما تم فعله بالفعل لحل الوضع في سوريا، دعا رئيس الدولة الروسية إلى خفض مستوى العنف. وقال بوتين "تتم استعادة الحياة السلمية تدريجيا، والأهم من ذلك، تم إنشاء الشروط المسبقة للتوصل إلى تسوية سياسية ودبلوماسية مستدامة على أساس قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2254". لافتا إلى أن "المبدأ الأساسي منصوص عليه في هذه الوثيقة - الالتزام بسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها".
تعزيز الحوار بين السوريين
كما عبر بوتين عن دعمه التطور الفعال للحوار بين الأطراف السوريين بهدف إقامة نظام الدولة اللاحق في سوريا.
وقال "فيما يتعلق بآفاق العملية السياسية، يجب تعزيز الحوار الشامل بين السوريين بنشاط في إطار اللجنة الدستورية في جنيف".
وأشار الرئيس الروسي إلى أنه "يُقترح دعم هذه العملية، لمساعدة المشاركين على اللقاء وبدء حوار مباشر، من أجل البدء في تطوير معايير نظام الدولة المستقبلي في سوريا".
وأشار إلى أنه تم الاتفاق على ذلك خلال "مؤتمر الحوار الوطني السوري" في مدينة سوتشي في كانون الثاني/ يناير 2018، والذي تم بفضل الجهود المنسقة للدول الضامنة لعملية أستانا.
البيان المشترك للرؤساء الثلاثة حول سوريا
وعقب المناقشات، تبنى قادة دول عملية "أستانا" الثلاث "بيانا ختاميا" تم فيه التأكيد على أن مبادئ استقلال ووحدة الأراضي السورية تخضع لالتزام عالمي، ولا ينبغي لأحد أن يقوضها".
وقال البيان: "أكد القادة الالتزام الراسخ بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة أراضيها، فضلا عن كافة قرارات ومبادئ الأمم المتحدة ذات الصلة. وشددوا على أن هذه المبادئ تخضع لمراعاة عالمية وأنه لا ينبغي لأي أحد تقويض أي إجراءات".
ضرورة وقف الاستيلاء على النفط السوري
أدان بوتين وروحاني وأردوغان عملية الاستيلاء غير القانونية على حقول النفط واختلاس عائدات هذا النفط، والتي يجب أن تعود كلها إلى سوريا.
لفت البيان المشترك إلى أن الأطراف ناقشت "الوضع في شمال شرقي سوريا، وشددا على أن تحقيق الاستقرار والأمن في هذه المنطقة والذي لا يمكن تحقيقه إلا على أساس احترام سيادة البلاد ووحدة أراضيها، واتفقوا على تنسيق الجهود لتحقيق هذه الغاية".
وأضاف البيان "لقد عبروا عن رفضهم للاستيلاء غير المشروع على عائدات النفط وتحويلها، والتي يجب أن تخص سوريا".
وأكد الأطراف أيضا من جديد التصميم على مواصلة التعاون من أجل القضاء نهائيا على تنظيم "الدولة الإسلامية" و"جبهة النصرة" وكافة الأفراد والجماعات والمؤسسات والمنظمات الأخرى المرتبطة بتنظيم "القاعدة" أو "الدولة الإسلامية" (المنظمات المذكورة محظورة في روسيا الاتحادية) وجماعات إرهابية أخرى باعتراف مجلس الأمن الدولي".
بالإضافة إلى ذلك، وفقا للرؤساء، فإنه "من الضروري توفير ضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية وفقا لقواعد القانون الإنساني الدولي."
وبحسب البيان، فإن بوتين وروحاني وأردوغان "بحثوا بالتفصيل الوضع في منطقة خفض التصعيد في إدلب وشددوا على ضرورة الحفاظ على الهدوء" على الأرض "من خلال التنفيذ الكامل لجميع الاتفاقات القائمة بشأن إدلب".
وتقول الوثيقة "في هذا الصدد، تم رفض جميع المحاولات لخلق حقائق جديدة" على الأرض "بذريعة مكافحة الإرهاب، بما في ذلك المبادرات غير القانونية بشأن الحكم الذاتي".
وإلى جانب الجيش الأمريكي، تسيطر الوحدات الكردية التابعة لـ"قوات سوريا الديمقراطية" على أكبر حقول النفط في سوريا في مدن الرميلان ودير الزور.
الهجمات الإسرائيلية ضد سوريا
كما تنتهك الهجمات العسكرية الإسرائيلية في سوريا سيادة الجمهورية العربية السورية وتؤدي إلى زيادة التوتر في المنطقة.
وفي هذا الصدد قال البيان: "إن (الرؤساء) يعتبرون الهجمات العسكرية الإسرائيلية في سوريا مزعزعة للاستقرار وتنتهك سيادة البلاد وسلامة أراضيها، كما تؤدي إلى زيادة التوترات في المنطقة".
وتؤكد الوثيقة أن بوتين وروحاني وأردوغان "أكدوا مجددا على ضرورة احترام القرارات القانونية الدولية المعترف بها عالميا، بما في ذلك أحكام قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة التي ترفض احتلال الجولان السوري، وفي المقام الأول قرار مجلس الأمن الدولي 497، وبالتالي أدانت قرار الإدارة الأمريكية بشأن الجولان السوري المحتل، وهو انتهاك صارخ للقانون الدولي ويهدد السلام والأمن الإقليميين".
ويهاجم سلاح الجو الإسرائيلي بانتظام في سوريا قواعد التشكيلات القوات الشيعية الموالية لإيران والتي تقاتل إلى جانب الجيش السوري، وكذلك مواقع الجيش السوري.
وفي الساعات الأولى من صباح يوم الأحد، هاجمت الطائرات الإسرائيلية قواعد تلك القوات الموالية لإيران في محافظة دير الزور شرقي البلاد.
وبحسب قناة "الحدث"، قتل ستة جنود على الأقل نتيجة للهجوم على منطقة البوكمال بالقرب من الحدود مع العراق.
وبحسب قولها، زار القائد الجديد لقوات "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني، العميد إسماعيل قاآني، يوم السبت الذي سبقه، موقع تلك القوات الشيعية في شرقي سوريا.
وفي 23 حزيران/ يونيو، هاجم سلاح الجو الإسرائيلي المواقع العسكرية للجيش السوري في محافظتي السويداء ودير الزور. ثم، وفقا لوكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا"، قتل جنديان وأصيب أربعة. وفتحت أنظمة الدفاع الجوي السوري النيران على الأهداف الجوية وأصابت عدة صواريخ معادية.
المساعدات الإنسانية
دعا بوتين وروحاني وأردوغان، المجتمع الدولي إلى زيادة المساعدات الإنسانية لجميع السوريين دون تمييز أو تسييس أو شروط مسبقة.
وأشاروا في البيان المشترك المذكور إلى "الحاجة الملحة لضمان وصول إنساني سريع وآمن ودون عوائق في جميع أنحاء سوريا من أجل التخفيف من معاناة الشعب السوري، ودعوا المجتمع الدولي، وخاصة الأمم المتحدة ومنظماتها الإنسانية، إلى زيادة المساعدات إلى جميع السوريين دون تمييز أو تسييس".
وعبّر الرؤساء بوتين وروحاني وأردوغان عن قلقهم البالغ إزاء الوضع الإنساني في سوريا وتأثير وباء فيروس كورونا، "معترفة بأنه يعقد بشكل كبير عمل النظام الصحي السوري، والوضع الاجتماعي والاقتصادي والإنساني"، بحسب البيان.
كما رفضت الأطراف جميع العقوبات الأحادية الجانب التي تنتهك القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وخاصة في سياق انتشار وباء فيروس كورونا.
كما تطالب روسيا وإيران وتركيا المجتمع الدولي بزيادة مساعداته لسوريا بهدف استعادة البنية التحتية وعودة اللاجئين. وكما جاء في البيان، أشار الرؤساء إلى ضرورة تسهيل العودة الآمنة والطوعية للاجئين إلى ديارهم في سوريا.
"وفي هذا الصدد، دعا (بوتين وروحاني وأردوغان) المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم المناسب لإعادة توطين اللاجئين وعودتهم إلى الحياة الطبيعية، وزيادة مشاركتهم وزيادة مساعدتهم لسوريا، بما في ذلك من خلال تنفيذ مشاريع لإعادة التأهيل الفوري، بما في ذلك البنية التحتية الأساسية، وأشار البيان إلى أمور "الماء والكهرباء والمدارس والمستشفيات وإزالة الألغام للأغراض الإنسانية".
كما أكد زعماء روسيا الاتحادية وإيران وتركيا "عزمهم على مواصلة العمليات المتعلقة بالإفراج المتبادل عن الأشخاص / الرهائن المحتجزين قسرا" في إطار فريق عامل متخصص في صيغة "أستانا".
وبحسب الرؤساء، فإن مجموعة العمل "آلية فريدة أكدت أهميتها وفعاليتها في بناء الثقة بين الأطراف السورية"، فيما يتعلق بروسيا الاتحادية وإيران وتركيا "اتفقت على اتخاذ إجراءات لمواصلة عملها".
اللقاء في طهران
اتفق قادة روسيا وإيران وتركيا على عقد اجتماع شخصي في طهران عندما يسمح الوضع الوبائي بذلك.
وقال البيان المشترك "قررنا عقد القمة الثلاثية المقبلة في جمهورية إيران الإسلامية بدعوة من الرئيس روحاني في أقرب وقت ممكن".
كما اتفق بوتين وروحاني وأردوغان على "توجيه تعليمات لممثليهم بعقد الاجتماع الدولي القادم لسوريا بتنسيق أستانا (الاجتماع الدولي حول سوريا في أستانا عام 2015) في أقرب وقت ممكن".
بالإضافة إلى ذلك، أكد الرؤساء الثلاثة "إلى جانب القضية السورية، قرارهم بتعزيز التنسيق الثلاثي في مختلف المجالات من أجل تعزيز التعاون الاقتصادي المشترك".
اللجنة الدستورية السورية
كما ستدعم روسيا وإيران وتركيا عقد الاجتماع الثالث للجنة الدستورية السورية في جنيف في شهر آب/ أغسطس.
وقال البيان إن "الرؤساء رحبوا بالاتفاق على عقد الاجتماع الثالث للجنة الدستورية في أغسطس 2020 وأكدوا من جديد استعدادهم لدعم عملها من خلال التفاعل المستمر مع أعضائها والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن <...>".
وأعرب رؤساء روسيا الاتحادية وإيران وتركيا عن قناعتهم بأن "النزاع السوري ليس له حل عسكري ولا يمكن حله إلا في سياق عملية سياسية يقودها وينفذها السوريون أنفسهم بمساعدة الأمم المتحدة". وفي هذا الصدد، تم التأكيد على الدور الهام للجنة الدستورية السورية، التي تم إنشاؤها بمساهمة حاسمة من الدول الضامنة لصيغة "أستانا" وتنفيذا لقرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي.
وعُقد الاجتماع الأول للجنة الدستورية السورية في تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي في جنيف.
مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"
الصورة: الموقع الرسمي لرئيس روسيا الاتحادية
المصدر: وكالة "تاس"