شهدت قازان في الـــــــــ 27 من آب/أغسطس 2022 إفتتاح أعمال المنتدى العالمي الخامس للدبلوماسيين الشباب، تحت شعار "زمن جديد للدبلوماسية"، حضره ممثلون عن الدبلوماسية الشبابية من 44 دولة في العالم. وقال مقدم افتتاح المنتدى، رئيس مجلس الدبلوماسيين الشباب كونستانتين كولباكوف، إنه في إطار المنتدى من المقرر تنظيم أربعة أقسام للنقاش، وسيكون الأهم في عمل المنتدى هو الانضمام إلى الرابطة الدولية للدبلوماسيين الشباب.
واُفتتحت أعمال المنتدى بكلمة عبر الإتصال المرئي لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، التي من خلالها أصر على تعزيز الحوار بين الدول وقال: "اليوم، لا ينبغي تقليص الحوار، بل على العكس من ذلك، يجب تفعيله. لقد قُلنا مراراً وتكراراً إن المشاكل العديدة في عصرنا لا يمكن حلها بجدية إلا من خلال توحيد الجهود على أساس قواعد القانون الدولي المعترف بها دولياً".
وأضاف سيرغي لافروف أن منتدى الدبلوماسيين الشباب مدعو للمساهمة في العمل العام لبقاء جو الثقة والتفاهم المتبادل على الساحة الدولية.
كما قال الوزير لافروف:"من المعروف، أنه خلال ربع القرن الماضي، حدثت تحولات تكتونية على الساحة الدولية، ظهر لاعبون مستقلون أقوياء يعلنون أنفسهم بشكل متزايد في آسيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية وأفريقيا، من خلال اتباع سياسة خارجية ذات توجه يعزيز السيادة الوطنية فهم يحققون نجاحاً متميزاً في مختلف المجالات وبالتالي، فإن عالمنا الحديث بشكل موضوعي متعدد الأقطاب ولا يمكن تجاهل هذا الواقع الجيوسياسي. وفي ظل هذه الظروف، تواصل روسيا، دولة الحضارة كأكبر قوة أوراسية وفي منطقة أوروبا والمحيط الهادئ، تنفيذ سياسة خارجية سلمية وتعزيز أجندة عالمية وإقليمية إيجابية وموحدة وهادفة".
والقى رئيس تتارستان، رئيس مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي" رستم مينيخانوف كلمة في المنتدى شكر فيها المنظمين ووزارة الخارجية الروسية والوزير سيرغي لافروف شخصياً، مشيراً الى إن اختيار مدينة قازان لإقامة هذه الفعالية لم يكن من قبيل الصدفة و"على اكتاف قازان تجمعت خبرة كبيرة". منذ عام 2019 \، يُعقد هنا بانتظام منتدى الدبلوماسيين الشباب مع منظمة التعاون الإسلامي. في عام 2020، قمنا بعقج منتدى الدبلوماسيين الشباب من دول البريكس، على أمل أن تكون هذه التجربة الإيجابية مساعدة جيدة لعقد مؤتمرات مستقبلية من هذا النوع في مدينتا. في السنوات الأخيرة ، توسعت الجغرافيا وأشكال تفاعل تتارستان مع البعثات الدبلوماسية لدول العالم. بفضل العمل المنسق لمجلس الدبلوماسيين الشباب ووزارة الخارجية الروسية وحكومة تتارستان ووزارة شؤون الشباب في جمهورية تتارستان وأكاديمية دبلوماسية الشباب تم إنشاء نادي قازان الدبلوماسي والذي يعمل بنجاح. وهو يجمع كل المكاتب التمثيلية الأجنبية العاملة في عاصمة جمهوريتنا. إنه لمن دواعي السرور أنه يوجد اليوم في هذه القاعة في أوقاتنا الصعبة وفود من العديد من بلدان العالم. هذا دليل واضح على الاهتمام بالنقاش المنتظر في اعمال المنتدى والمزاج للحوار القائم على الاحترام المتبادل.
قازان - مركز الشباب العالمي الجامع
كما ألقى نائب رئيس مجلس الدوما في روسيا الاتحادية بوريس تشيرنيشيف، كلمة امام المشاركين في اعمال المنتدى، أشار فيها إلى أن اختيار مدينة قازان لاستضافة منتدى الدبلوماسيين ليس صدفة وأضاف:" في الواقع ومن المهم جداً أن يكون المنتدى في قازان، لأنها مدينة تتمتع بإمكانيات شبابية مذهلة وفريق إداري رائع وهي مدينة ذات تقاليد ممتازة".
وأشار رئيس مجلس الدبلوماسيين الشباب كونستانتين كولباكوف، إلى أنه بدون دعم وزارة الخارجية الروسية، من المستحيل كان إنشاء منصة فعالة مثل منتدى الدبلوماسيين الشباب. كما قدم كولباكوف السفير المتجول لوزارة الخارجية الروسية، الممثل الخاص لوزير الخارجية الروسية للتعامل مع منظمات الدول الإسلامية، نائب رئيس مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي" كونستانتين شوفالوف، الذي بدوره قال إن قازان التي لقبت هذا العام بعاصمة شباب منظمة التعاون الإسلامي واستضافت هذه الأيام القمة العالمية للشباب فبمقدورها ان تصبح المركز الدولي الرئيسي للشباب.
كما أشار شوفالوف إلى أن قيادة جمهورية تتارستان جعلت العام الحالي عام التواصل الدولي النشط، مؤكداً على ان منتدى الدبلوماسيين الشباب اكتسب التقاليد والشعبية، ويؤكد ذلك تواجد بالمنتدى رجال الدولة الروس وكبار الخبراء والدبلوماسيين الشباب من مختلف البلدان. وأضاف: "توفر منصتنا، القائمة على مفهوم "الدبلوماسية الأفقية" فرصة ممتازة للمتخصصين الشباب في هيئات السياسة الخارجية لبلدان العالم للتواصل المباشر مع ممثلي السلطات ومجتمع الخبراء لإجراء تبادل شعبي وباهتمام من وجهات النظر حول القضايا الملحة على جدول الأعمال الدولي، وأن مثل هذه المنتديات لها أهمية خاصة في السياق الحالي للأزمة العالمية".
كان الموضوع الأول للنقاش في المنتدى بعنوان "وقت جديد للدبلوماسية"، والذي أوضح باختياره كونستانتين شوفالوف على أنه عنوان يتحدث عن تغير العالم بدون رجعة وما حدث بالفعل يستحيل عودته الى الخلف، إلى المشروع الأحادي الذي اثبت فشله" نظام القطب الواحد" سيئ السمعة.
للأسف، يوجد شعور بنقص في الإرادة المشتركة للبشر. وفي أوقات كثيرة يبدو أنهم متواجدون ونحن كذلك، وأيضا الجان موجودون والعفاريت معا.
في كلمته بالاتصال المرئي أمام المشاركين في منتدى الدبلوماسيين الشباب، تحدث نائب رئيس مجلس الاتحاد كونستانتين كوساتشيف عن الفشل الدبلوماسية العالمية وقال: "وصف أحد الصحفيين الأمريكيين في بداية القرن الماضي الجيش بأنه أناس اجتمعوا في مكان واحد لغرض واحد هو تصحيح أخطاء الدبلوماسيين. وراء كل صراع عدم الرغبة في الاستماع إلى الطرف الآخر ومراعاة مصلحته وهذه مخاطرة كبيرة، لأن جميع القرارات السابقة في الدبلوماسية، من مؤتمر فيينا إلى إنشاء الأمم المتحدة والاجتماعات الخاصة بالأمن و التعاون في أوروبا كانت محاولات لتحقيق قاسم مشترك بين مصالح القوى المختلفة. للأسف، يوجد شعور بنقص في الإرادة المشتركة للبشر. وفي أوقات كثيرة يبدو أنهم متواجدون ونحن كذلك، وأيضا الجان موجودون والعفاريت معا، وكل من لا يشاركنا قيمنا ليس لديه الحق في احترام مصالحه الخاصة. مثل هذا المنطق هو بيئة قاتلة للدبلوماسية. لهذا السبب حاولت الدبلوماسية الروسية إنشاء نموذج أمني عالمي من شأنه تنفيذ المبدأ الأكثر ضماناً في المواثيق الدولية: لا تضمن أمنك على حساب أمن بلد آخر. لا يسع المرء إلا أن يأسف لأنه في عام 2008 تم ببساطة تجاهل الاتفاقية العالمية الجاهزة بشأن نظام الامن الجديد . وفي ديسمبر من العام الماضي، لم يتم الاصغاء إلى المقترحات الروسية الواقعية من قبل الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي. إنني على يقين تام من أن تنفيذ اقتراح الدبلوماسية الروسية سيحبط كل السيناريوهات السلبية. هناك مخرج واحد فقط - حان الوقت لإعادة الدبلوماسية إلى المسرح العالمي".
ومواصلة لنفس الموضوع أشار في رسالته بواسطة الاتصال المرئي رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي الليبرالي في مجلس الدوما رئيس لجنة الشؤون الدولية في الدوما ليونيد سلوتسكي، إلى أن منتدى الدبلوماسيين الشباب هو "الدبلوماسية في الدبلوماسية"، أي أن الدبلوماسيين الشباب اليوم سيصبحون في المستقبل رؤساء ووزراء ورؤساء إدارات وبطبيعة الحال، فإن إقامة تعاون فيما بينهم الآن في قازان، مركز الحوار بين الأديان والأعراق، يمكن أن يساهم في بناء علاقات وثيقة وودية بين الدول في المستقبل.
ما هي الدبلوماسية بدون دبلوماسيين محترفين؟
تحدث نائب رئيس معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية التابع لوزارة الخارجية الروسية لشؤون سياسة الكادر والموظفين فلاديمير موروزوف، امام المشاركين في المنتدى عن كيفية تطور التعاون الدولي في مجال التعليم وأكد أنه على الرغم من السياسة الحالية لعزل روسيا عن العالم، إلا ان معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية لم يوقف التعاون مع الدول الغربية في مجال التعليم وزيادة عدد الطلاب الوافدين للدراسة فيه، "حتى أولئك الطلاب الذين يمثلوا دولاً أوروبية وأمريكية شمالية، أكملوا العام الدراسي هنا، وإن كان ذلك في شكل مراسلات. لسوء الحظ ، أُجبر الكثيرون على مغادرة روسيا بإصرار من قبل سفاراتهم، لكننا نعلم أن العديد منهم ظلوا يواصلون دراستهم في بلدنا. اليوم لدى معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية أكثر من 200 اتفاقية تعاون مع جامعات أجنبية من 65 دولة في العالم. تم إبرام العديد من هذه الاتفاقيات مع جامعات في غرب وشرق أوروبا والولايات المتحدة وكندا"، كما قال فلاديمير موروزوف ان معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية يواصل المشاركة في تصنيفات الجامعات الدولية.
تعزيز العلاقات الآن يمكن أن يؤثر على مصير العلاقات الدولية
رحب رئيس الوكالة الفيدرالية لللتعاون الإنساني الدولي (روسوترودنيتشيستفو) يفغيني بريماكوف بالمشاركين ومنظمي المنتدى من خلال الإتصال المرئي وقال:"الهدف المهم في الدبلوماسية في الوضع الدولي الحالي ليس فقط الحفاظ على العلاقات بين الدول الصديقة وتعزيزها، ولكن أيضًا البحث عن أرضية مشتركة ومبادئ توجيهية مشتركة حيث يبدو أحيانا أنه مستحيل. آمل أن تتمكنوا في المنتدى من إقامة علاقات مثمرة مع زملائكم من مختلف البلدان، لأن مثل هذه العلاقات بالتحديد هي التي ستساعد في التأثير على مصير العلاقات الدولية في المستقبل".
وقال رئيس مجلس الدبلوماسيين الشباب كونستانتين كولباكوف إن المجلس أقام مؤخرًا علاقات مع هياكل مماثلة في عدد من الدول الصديقة، ولا سيما أبخازيا وبيلاروسيا والإمارات العربية المتحدة وقيرغيزستان. وقدم كولباكوف للمشاركين في المنتدى رئيس نادي الدبلوماسيين الشباب لجمهورية بيلاروسيا داريا شماناين التي في كلمتها شكرت المنظمين وأشارت إلى أن صيغة المنتدى لا يسمح فقط بتبادل الخبرات المفيد، ولكن أيضاً التعرف على أصدقاء جدد من جميع أنحاء العالم. كما اضافت ان نادي دبلوماسيين الشباب بوزارة الخارجية لجمهورية بيلاروسيا ومجلس الدبلوماسيين الشباب بوزارة خارجية روسيا الاتحادية، وقّعا اتفاقية تعاون ثنائية تجري في إطارها مشاورات سنوية حول المواضيع المدرجة على جدول الأعمال الدولي.
لعبت أكاديمية دبلوماسية الشباب في جمهورية تتارستان دورا مهما في تنظيم المنتدى العالمي الخامس للدبلوماسيين الشباب وعلى وجه الخصوص مسؤولها ومؤسسها ديلبار صاديكوفا، التي ألقت كلمة ترحيبية أمام المشاركين في المنتدى أشارت فيها إلى أنهم ينتظرون الكثير من الأعمال المشتركة المثيرة للاهتمام، وقالت إن المنتدى حضره سفراء فوق العادة ومفوضون من تشاد ومالي وغينيا بيساو، الذين سينضمون إلى جلسات أعمال المنتدى.