افتتح في العاصمة قازان يوم أمس الخميس 20 مايو/ أيار، المؤتمر الثاني لنادي "فالداي" الدولي للحوار حول موضوع النقاش "روسيا وآسيا الوسطى في مواجهة تحديات العالم الجديد - طريق مشترك إلى المستقبل".
لطالما كانت الفعاليات الخارجية منتظمة لنادي "فالداي"، حيث انعقدت مؤتمراته في كل من العواصم الأوروبية والآسيوية. وغالبا ما توفر المدن الروسية المكان لانعقاد "فالداي"، ووقوع الاختيار هذه المرة على مدينة قازان ليس صدفة.
وبحسب المنظمين، فإن منطقة الفولغا والأورال وغربي سيبيريا من وجهة نظر تاريخية وحضارية واقتصادية منتشرة إلى أقصى حد في آسيا الوسطى. ويجب أن يصبح المؤتمر استمرارا منطقيا لاجتماع النادي المخصص لهذه المنطقة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 في سمرقند.
إن هذا المنتدى، الذي جمع أكثر من 60 خبيرا من 16 دولة في مبنى المكتبة الوطنية لجمهورية تتارستان، سوف يستمر على مدار يومين وسيعقد بالشكل الشخصي وجها لوجه.
وفي الافتتاح، ألقى رئيس جمهورية تتارستان رستم مينيخانوف ونائب وزير خارجية روسيا الاتحادية أندريه رودينكو كلمة أمام المشاركين والضيوف.
ومن بين ممثلي دول منطقة آسيا الوسطى المشاركين في المؤتمر، مستشار وزير الاقتصاد في قيرغيزستان نورغول أكيموفا، ومساعد رئيس كازاخستان ورئيس مجلس العلاقات الدولية الكازاخستاني، يرلان كارين، والنائب الأول لمدير معهد الدراسات الاستراتيجية والاقليمية برئاسة رئيس جمهورية أوزبكستان أكرمجون نيماتوف.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي وكبير مستشاري وزير خارجية إيران، ومدير معهد الدراسات الإيرانية والأوراسية، والسفير السابق في موسكو مهدي سنائي، الذين أصبحوا أصدقاء فعليا للنادي، سوف يشاركون أيضا في هذه المناقشات.
سد الفجوات
بحسب منظمي المؤتمر، لفترة طويلة لم يتم إيلاء الاهتمام الكافي للمناقشة على مستوى الخبراء لمسائل آسيا الوسطى وعملياتها الداخلية. ويسعى جمهور "فالداي" إلى سد هذه الفجوة، ومن خلال توفير منصة للحوار، وتحديد نغمة للمحادثة بين المثقفين من روسيا ودول المنطقة.
ويشير "النادي" إلى أن العلاقات مع أقرب جيرانه كانت دائما إحدى أولويات السياسة الخارجية لروسيا، ويحث على عدم الإسهاب في فكرة أن روسيا الاتحادية وآسيا الوسطى "الخماسية" (كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان) ترتبط فقط بالماضي السوفيتي.
كما يشدد خبراء "فالداي" على أن أساس العلاقات اليوم يعتمد على المنظمات التي تم إنشاؤها من خلال الجهود المشتركة على مدى السنوات الثلاثين الماضية، مثل الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، منظمة معاهدة الأمن الجماعي، ومنظمة شنغهاي للتعاون، ورابطة الدول المستقلة، إضافة إلى المسارات الثنائية.
إلى ذلك، أعلن "النادي" عن إصدار تقرير حول سياسة روسيا تجاه الفضاء ما بعد الاتحاد السوفيتي على مدار الثلاثين عاما الماضية، والمقرر إجراؤه في نهاية العام الحالي 2021. ويهدف المؤتمر القادم إلى أن يصبح نوعا من مصدر الأفكار والأحكام لهذا العمل.
منطقة أمن واحدة
وفي سياق متصل، تدخل قضايا الأمن ومحاربة الإرهاب في مجال المصالح المشتركة لروسيا ودول آسيا الوسطى، بالنظر إلى قربها من منطقة معرّضة للتطرف السياسي. وقد أعربت موسكو بشكل دوري عن قلقها بشأن مشكلة المقاتلين الإرهابيين الأجانب التي لم يتم حلها.
ويتعلق هذا الأمر على وجه الخصوص بجمهورية أفغانستان، حيث استمرت حالة عدم الاستقرار هناك لعقود من الزمن، مما يشكل تهديدات للبلدان المجاورة. علاوة على ذلك، فإن قرار الولايات المتحدة بسحب قواتها من البلاد، من ناحية، يمكن أن يساعد على التسوية في تلك الجمهورية الإسلامية، ومن ناحية أخرى يبشر بظهور فراغ أمني. وسوف يتعيّن على دول آسيا الوسطى أن تحسب حسابا لهذا الأمر. ولا شك في أن هذه القضية ستحظى باهتمام المندوبين.
التعاون بالأرقام
تحتفظ روسيا اليوم بمكانة الشريك الاقتصادي الرئيسي لدول وسط آسيا، على الرغم من تحول ميزان القوى للاقتصاد العالمي تجاه الصين، والظروف الصعبة للعقوبات والحروب التجارية، وتزايد الحمائية، والتباطؤ العام في التجارة العالمية. وتبقى أكبر مستثمر في اقتصاد دول المنطقة، حيث يعمل أكثر من 10 آلاف مشروع روسي ومشترك، وسوق العمل في روسيا الاتحادية يمثل أهمية خاصة لمواطني جمهوريات آسيا الوسطى.
إن العامل المهم هو الوباء الناجم عن انتشار عدوى فيروس كورونا، ولا يزال يتعين على روسيا الاتحادية وشركائها اتخاذ خطوات للتغلب على عواقب الوباء، ولكن حتى في ظل هذه الخلفية، تمكنوا من إيجاد فرص للتعاون.
وعلى وجه الخصوص، منذ ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، أطلقت روسيا إنتاج اللقاح ضد فيروس كورونا "سبوتنيك V" في كازاخستان؛ وفي الوقت الحالي، يتم النظر في إمكانية فتح منشآت الإنتاج المحلية في أوزبكستان وقرغيزستان.
إضافة لذلك، من المتوقع أن يناقش المشاركون كيف اجتازت روسيا ودول آسيا الوسطى اختبار الإجهاد الوبائي، وكيف نتطور معا في فترة ما بعد الوباء، وكيفية عدم تفويت نوافذ الفرص التي تفتح أمامهم في الاقتصاد العالمي.
مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"
Photo : Creative Commons
المصدر: تاس