"يحظى الاجتماع الدولي حول سوريا بصيغة (أستانا) آفاقاً جيدة. ومع ذلك لا ينبغي للمرء أن يتوقع حدوث اختراقات على مستوى النتائج، فهناك العديد من القضايا لا تزال العالقة".
جاء هذا التصريح على لسان كبير الباحثين في "مركز الدراسات العربية والإسلامية" بمعهد الاستشراق الروسي بوريس دولغوف، وذلك خلال مقابلة له مع وكالة "تاس" في 17 فبراير/شباط 2021، أشار خلالها إلى أن عقد جولة جديدة من المحادثات السورية - السورية في سوتشي حدث مهم للغاية، خاصة بعد الانقطاع الطويل. ومع ذلك، أود أن أشير إلى أن هناك آفاق لهذه المفاوضات، ولكن يوجد هنا ما يكفي من الصعوبات، وعلى وجه الخصوص، تلك الخلافات في الرأي بين الدول المشاركة".
وأشار دولغوف إلى أنه "لدى تركيا رؤيتها الخاصة لحل الأزمة السورية، وتقييمها الخاص للجماعات الإسلامية النشطة في سوريا، كما أن الأحداث الأخيرة، وخاصة قصف المنشآت الروسية في منطقة قاعدة حميميم انطلاقاً من أراضي محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة القوات التركية، يخلق صعوبات جديدة على طريق إيجاد حل للأزمة، وهنا [يوجد] العامل الكردي - وهذا ما يبرر القلق التركي من استمرار الاشتباكات بين القوات الكردية والجماعات الموالية لتركيا المتواجدة هناك".
لذلك، أكد الخبير الروسي، أن المفاوضات في صيغة "أستانا" في المرحلة الحالية مهمة وجاءت في وقتها، وإن نوّه بأن هناك "العديد من القضايا لا تزال بحاجة إلى حل".
وأضاف أن "الكثير هنا سيعتمد على موقف الدول المشاركة في المفاوضات، وعلى رأسها القيادة التركية، لأن تركيا لها مصالحها وطموحاتها ليس فقط في الصراع السوري، ولكن في المنطقة ككل أيضا".
كما لفت دولغوف إلى أنه "الدى لأطراف رؤى متباينة في ما يتعلق بأحد الموضوعات الرئيسة للاجتماع – وهو ترسيم حدود (الفصل) بين المعارضة السورية والإرهابيين، وبادئ ذي بدء، من قِبل تركيا".
وتابع قائلا إنه "ثمة نهج مختلف ابشأن الجماعات، التي تعتبرها القيادتان السورية والروسية إرهابية وراديكالية، في حين تعتبرها تركيا معتدلة. وإذا تم حل هذه المشكلة، فإن هذا سيحل هذه المشاكل إلى حد كبير في شكلها المعقد، ويجعل من الممكن التقدم الإجراءات المشتركة لهذه الدول الثلاث لمنع الأعمال الإرهابية وإيجاد طرق لحل الصراع السوري".
وشدّد دولغوف على أن "الكثير هنا يعتمد على الموقف التركي، وكذلك على موقف روسيا كدولة نجحت في حل هذه المشاكل في سوريا ونجحت في تحجيم "الدولة الإسلامية" (داعش - منظمة إرهابية محظورة في روسيا الاتحادية). ويمكن لروسيا أن تطرح بعض القضايا بشكل قاس نوعا ما، لا سيّما فيما يتعلق بالوجود التركي في سوريا. ولكن حتى الآن في هذه المرحلة، لا يستحق انتظار أي قرارات أساسية من الاجتماع الحالي".
خلافات اللجنة الدستورية
وحول عمل اللجنة الدستورية السورية في جنيف، أشار بوريس دولغوف إلى "ظهور عامل جديد هنا – الفصل بين القوى المعارضة، ومطالب جديدة داخل هذه القوى"، موضحاً أن ممثلي الأكراد يطالبون بالمزيد من الحقوق، "وهذا ما يجعل من الصعب على اللجنة التقدم".
وأضاف: "في هذه المرحلة، كل شيء مرهون بتوحيد ممثلي المعارضة. ولكن إذا تحدثنا بشكل عام عن عمل اللجنة الدستورية، فهذا سؤال صعب، لأن فكرة وضع دستور جديد غير مقبولة بحد ذاتها من قِبل الجميع، حيث أنه يوجد دستور قائم".
وأوضح الخبير أن المعارضة السورية مصرّة على دستور جديد للبلاد، وبعض أعضاء اللجنة الدستورية مستعدون لإجراء تغييرات وإضافات، مشيراً إلى أنه "حتى لو تم وضع دستور جديد مع تعديلات، فهذه أيضاً مسألة مهمة جداً وطويلة الأمد. عمل اللجنة نفسها معقد - هناك تضارب في المصالح".
يشار إلى أن الاجتماع الدولي الخامس عشر حول سوريا بصيغة "أستانا" ينعقد يومي 16 و17 فبراير/شباط 2021 في سوتشي. وقد عُقد الاجتماع السابق بهذه الصيغة في ديسمبر/كانون الأول 2019 في عاصمة كازاخستان نور سلطان.
هذا وقد عُقِدت المشاورات الثنائية والثلاثية يوم أمس 16 فبراير، ومن المقرر عقد الجلسة العامة اليوم 17 فبراير 2021.
مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"
Photo : Creative Commons
المصدر: تاس