أكد كبير الباحثين في مركز الدراسات العربية والإسلامية في معهد الاستشراق الروسي، بوريس دولغوف، أن رحلة عمل وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف إلى البحرين، ثم إلى السعودية بهدف تعزيز الموقف المتوازن لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بشأن أوكرانيا، إنما هي مهمة أساسية أخرى هي تعزيز الفهم الموجود في العالم العربي بأن مشكلة أزمة الغذاء العالمية يتم ضخها بشكل مصطنع من قبل الغرب في مواجهة روسيا الاتحادية.
وأشار دولغوف في مقابلة مع وكالة أنباء "تاس"، إلى أنه تم عقد عدد من الفعاليات، اليوم الثلاثاء 31 مايو/أيار 2022، في إطار زيارة لافروف للبحرين، والتي أصبحت استمرارا منطقيا للقاء الوزير في ابريل (نيسان) الماضي بين الوزير لافروف ونظيره البحريني عبد اللطيف بن راشد الزياني في موسكو. ومن المقرّر أن يشارك يوم الأربعاء في الرياض في الاجتماع الدوري لمنتدى وزراء خارجية روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي.
ولفت الباحث إلى أن كلا نقطتيّ البرنامج تعكس "الأولوية" التي توليها السياسة الخارجية الروسية لمنطقة الشرقين الأدنى والأوسط.
وتابع قوله: "إذا تحدثنا عن القضايا التي ستظهر في عمل المنتدى فإن هذه قضايا توسيع التعاون الاقتصادي والوضع في الشرق الأوسط وبعض القضايا الأخرى. وعلى المستوى العالمي، من المرجح أن يتم التطرق إلى القضايا المتعلقة بالأزمة الأوكرانية".
العامل الأوكراني
وفي الشأن الأوكراني، أشار المحلل إلى أن أياً من دول مجلس التعاون الخليجي "لم تؤيد حملة الغرب ضد روسيا"، "علاوة على ذلك، عرضت المملكة العربية السعودية حتى مساعدتها كمنصة للمفاوضات. وهذا الموقف لا يزال ساري المفعول"، مبيناً أن "روسيا مهتمة بحقيقة أن موقف هذه الدول (بشأن القضية ذات الصلة) ملائم".
وفي هذا الصدد، أكد الخبير أنه خلال الاتصالات المقبلة، من المهم أن يحدّد الجانب الروسي "تشكيل موقف أكثر واقعية لهذه الدول العربية" فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية وآفاق المزيد من التعاون مع روسيا الاتحادية على خلفية ضغوط الغرب. كما وتتفاقم هذه المشكلة بسبب مشكلة الغذاء التي تفرضها الدول الغربية على الوضع في أوكرانيا.
وأضاف محاور وكالة "تاس": "في ما يتعلق بأزمة الغذاء ومشكلة الجوع في العالم تقريباً، أود أن أشير أولاً وقبل كل شيء إلى أن هذا، إلى حد ما، يجبر أحد أطراف الحرب الإعلامية التي يشنّها الغرب على روسيا، لأننا إذا إلقاء نظرة على البيانات الرسمية، فإن أوكرانيا تقع في مكان ما في المركز السابع لتوريد الحبوب، وهناك روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا وحتى دول الاتحاد الأوروبي قبلها".
واستدرك بالقول: " في الواقع، الوضع لا يعتمد كثيراً على أوكرانيا. لكن على الأرجح ستطرح هذه المسألة في المفاوضات بين روسيا وهذه الدول وتحل بما يتفق مع مصالح الطرفين".
وفي الوقت نفسه، شدّد بوريس دولغوف على أن موضوع أزمة الغذاء لم يسمع كثيرا في البلدان المعنية و"لا يظهر في الضوء وهذا مثير للقلق. هناك تفاهم في الدول العربية على أن هذا الموضوع جزء من حرب الإعلام. وليس لديهم أي مخاوف جدية في هذا الصدد"، بحسب ما شدّد عليه دولغوف، مشيراً إلى أن تعزيز هذا التفاهم هو كذلك المهمة الأساسية للاجتماعات الرسمية المقبلة.
جدول الأعمال الإقليمي
ومن بين الملفات الأخرى التي ستظهر في اتصالات لافروف الثنائية وفي اجتماع المنتدى، حدّد دولغوف قضايا توسيع التعاون الاقتصادي والقضايا الإقليمية في الشرق الأوسط.
وقال: "المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى تعيد النظر الآن إلى حد ما في موقفها من الصراع السوري. كانت هناك زيارات قام بها الرئيس السوري (بشار الأسد) لهذه البلدان وزيارات متبادلة لممثلي هذه الدول إلى دمشق. وبهذا المعنى، هذا مؤشر على التقدم الناجح، بما في ذلك السياسة الروسية".
وأضاف: "سابقاً كانت هذه الدول تدعم الجماعات الإسلامية المسلحة لكنها الآن تبني علاقات مع القيادة السورية وهذه نقطة مهمة. أعتقد أن هذه القضية سوف تثار أيضا".
وبحسب الخبير الروسي في مركز الدراسات العربية والإسلامية بمعهد الاستشراق الروسي، فإن الوضع الراهن في اليمن وليبيا لن يترك دون اهتمام، لأنه "يؤثر على مصالح كل من روسيا وهذه الدول".
ومع ذلك، قد تحظى مسألة توسيع التعاون الاقتصادي بأولوية أكبر، منوّهاً بأن "روسيا تعمل على تطوير التعاون مع هذه الدول". واختتم بوريس دولغوف: "إذا تحدثنا عن قضية النفط والغاز فسنناقشها بالطبع، مع مراعاة الوضع الحالي للحصص وللأسعار".
مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"
Photo : Creative Commons
المصدر: تاس