أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن جماعة "الدولة الإسلامية" الإرهابية المحظورة في روسيا الاتحادية، تحاول استغلال المواجهات المسلحة الجارية في أفغانستان من أجل تعزيز مواقعها في جمهورية أفغانستان.
وأعلن وزير الخارجية الروسي ذلك، اليوم الخميس 18 مارس/آذار 2021، خلال افتتاح اجتماع لـ"الثلاثية" الموسّعة بشأن التسوية في أفغانستان، إذ قال إن "هناك زيادة في الخسائر من كلا الطرفين المتحاربين (في أفغانستان)، ولا يزال المدنيون هناك يموتون، من المقلق بشكل خاص أن الجماعات الإرهابية المتطرفة، وفي مقدمتها (داعش)، تحاول الاستفادة من هذا البند لتعزيز مواقعها على الأرض. وفي تقديرنا، لم يتخل تنظيم (الدولة الإسلامية) عن محاولاته للتعمق أكثر في الشمال الأفغاني من أجل وضع خططه في منطقة آسيا الوسطى".
وتابع سيرغي لافروف: "كل هذا يخلق شروطا مسبقة لمزيد من الازدهار في تجارة المخدرات، التي تشكل تحديا خطيرا لأفغانستان والمنطقة والعالم بأسره وتغذي إلى حد كبير النشاط الإرهابي".
اتفاق السلام الأمريكي مع المسلحين
كما صرّح وزير الخارجية الروسي بأن "موسكو تدعو واشنطن وممثلي حركة (طالبان - المحظورة في روسيا الاتحادية) إلى الالتزام باتفاق السلام الذي وقعته الأطراف في الدوحة في فبراير/شباط من العام الماضي".
وأشار إلى أن صيغة "الثلاثية" - روسيا والصين والولايات المتحدة، والتي أضيفت إليها باكستان لاحقا - تم وضعها بهدف خلق ظروف مواتية لبدء محادثات السلام بين الأطراف الأفغانية و"تعزيز المساعدة الدولية لأفغانستان في مرحلة ما بعد الصراع".
وأضاف سيرغي لافروف أن هذه الآلية، التي بدأت عملها في عام 2019، لعبت دورا إيجابيا ملموسا في تسهيل المفاوضات بين الولايات المتحدة وحركة "طالبان"، والتي توّجت بتوقيع اتفاقية في 29 فبراير/شباط 2020، وقال "إننا ندعو الجانبين للبقاء ملتزمين ببنود هذه الوثيقة التي يدعمها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2513".
الجدير بالذكر أنه بتاريخ 29 فبراير/شباط 2020، وقّعت الإدارة الأمريكية السابقة وحركة "طالبان" اتفاقية سلام في العاصمة القطرية الدوحة، تعهدت الولايات المتحدة وحلفاؤها وقوات التحالف بموجبها بسحب جميع القوات من البلاد في غضون 14 شهرا.
بدورها، أكدت حركة "طالبان" أنها لن تستخدم أراضي أفغانستان لأي أعمال تشكّل تهديداً لأمن الولايات المتحدة وحلفائها، علماً أن اجتماعات "طالبان" مع ممثلي الحكومة الأفغانية، التي بدأت بعد ذلك، لم تؤد حتى إلى وضع جدول أعمال لمحادثات السلام، وإنما وصلت إلى طريق مسدود.
ويُعقد اجتماع "الثلاثية" الموسّع حول قضية التسوية السلمية فى أفغانستان على مستوى الممثلين الخاصين في موسكو اليوم الخميس، وحضر الاجتماع ممثلون عن السلطات الأفغانية وحركة "طالبان". بالإضافة إلى ذلك، تمت دعوة ممثلين عن قطر إلى المشاورات.
التسويف في المفاوضات
وبحسب الوزير الروسي سيرغي لافروف، فإن التسويف في المفاوضات حول التسوية السلمية أمر غير مقبول، في سياق الوضع العسكري السياسي المتدهور في البلاد.
وقال: "نحن مقتنعون بأنه في ظل ظروف الوضع العسكري السياسي المتدهور، فإن المزيد من التأخير أمر غير مقبول، ويشكّل الوضع (القائم) قلقاً متزايداً على خلفية اقتراب فترة الربيع والصيف، حيث يُلاحظ بشكل تقليدي تزايد النشاط العسكري".
وأعرب وزير الخارجية الروسي عن امتنانه لدولة قطر على جهودها لتعزيز المصالحة الوطنية في أفغانستان، كما أعرب عن أسفه لأن الجهود المبذولة في الدوحة لم تسفر حتى الآن عن نتائج إيجابية، وأضاف: "نأمل أن تساهم محادثات اليوم في تهيئة الظروف لتحقيق تقدم في المحادثات بين الأفغان".
الدعم الروسي
إلى ذلك أكد سيرغي لافروف أنه يمكن لأفغانستان الاعتماد على الدعم الروسي في سبيل إيجاد طرق لإنهاء الصراع المسلح وإحلال سلام دائم في البلاد.
وقال إن "روسيا ستواصل تقديم المساعدة الشاملة لأفغانستان الصديقة، للمساهمة في تنفيذ الإجراءات التي تهدف إلى إنهاء الصراع المسلح طويل الأمد وإحلال سلام دائم في هذا البلد"، مضيفاً أن"ندعو الأطراف المتنازعة إلى خفض مستوى العنف على الأرض".
كما دعا وزير الخارجية الروسي إلى المرونة على طاولة المفاوضات والاستعداد لتقديم تنازلات، وكذلك رفض تقديم شروط غير مقبولة عمداً. وأكد: "هذه هي الطريقة الوحيدة لتقريب وجهات النظر والتوصل إلى حلول بشأن القضايا الأساسية، في الواقع، هذا هو الهدف من اجتماعنا اليوم".
وبحسب الوزير، فإن روسيا تؤيد توحيد جهود الثلاثية الموسّعة مع عمل صيغة موسكو للمشاورات حول أفغانستان.
وأوضح "هذه، باعتراف الجميع، آلية مطلوبة بشدّة وتوحد كل جيران أفغانستان، والدول الرئيسية في المنطقة، وكذلك الولايات المتحدة، من دون استثناء".
كما نوّه بأنه "في إطار صيغة موسكو، اجتمع في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 ممثلون عن الحكومة الأفغانية وحركة (طالبان) لأول مرة رسمياً على طاولة المفاوضات نفسها، بحضور وفود من أكثر من 10 دول، وإذا لزم الأمر، فنحن مستعدون لتنظيم الاجتماع القادم لهذا اللقاء".
وأشار لافروف كذلك إلى أنه "في فبراير/شباط/ مايو/أيار 2019، عُقِدت اجتماعات "الحوار الأفغاني" في موسكو، بمبادرة وبمشاركة مباشرة من الجالية الأفغانية التي تعيش في روسيا الاتحادية، وبلدان رابطة الدول المستقلة، وأوروبا وآسيا".
وقال "في ذلك الوقت، وضع السياسيون الأفغان المؤثرون وقيادة المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية وممثلو حركة طالبان أساسا عمليا لإطلاق عملية السلام بين الأفغانيين"، مشيراً في هذا الخصوص إلى أن "ممثلين في موسكو عن النخبة السياسية الأفغانية جلسوا على طاولة واحدة مع (طالبان) لأول مرة".
اتفاقية جديدة
هذا وأوضح الوزير سيرغي لافروف أن "روسيا تدعو إلى توقيع اتفاق يلبي مصالح جميع الأطراف في أفغانستان"، مبيناً أنه "لا يمكن للأطراف الأفغانية المهتمة بالمصالحة الوطنية تحقيق السلام إلا من خلال المفاوضات والتسويات، ومن المهم التوقيع على اتفاق يلبي مصالح كافة القوى العرقية السياسية الرئيسة في البلاد ويعتبر مقوماً نحو المزيد من التنمية".
كما أشار الوزير الروسي إلى أن اللاعبين الخارجيين، "على الرغم من أهمية دورهم، يجب عليهم تهيئة الظروف اللازمة للأفغانيين من أجل التوصل إلى اتفاق"، مختتماً بقوله: "آمل أن يتمكّن المشاركون في اجتماع اليوم من إحراز تقدم كبير في هذا الاتجاه".
مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"
Photo : Creative Commons
المصدر: تاس