يُجري وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف محادثات في العاصمة موسكو اليوم الثلاثاء 23 أغسطس/آب 2022، مع نظيره السوري الوزير فيصل المقداد. هذا وكانت آخر مرة زار فيها الوزير المقداد العاصمة الروسية في شباط /فبراير من العام الجاري.
وبحسب بيان وزارة الخارجية الروسية عشية عقد المحادثات، سينظر الوزيران بصورة مفصلة في قضايا الساعة على جدول الأعمال الدولي والإقليمي، بما في ذلك في سياق الأزمة في أوكرانيا التي أثارها "الغرب الجماعي".
وأشار بيان الخارجية الروسية إلى أنه "سيركّز الوزيران على تطورات الوضع في سوريا وما حولها، مع التركيز على آفاق دفع التسوية الشاملة في هذا البلد".
كما شدّدت الخارجية الروسية على أن الاجتماع المرتقب لوزيري خارجية البلدين سيصبح جزءً مهماً من الحوار السياسي الثنائي الموثوق.
حوار سياسي على منصة جديدة
هذا ومن المنتظر أن يناقش الطرفان عمل "صيغة أستانا" بما في ذلك الأخذ بعين الاعتبار نتائج القمة الثلاثية الروسية - الإيرانية - التركية التي عُقِدت في طهران يوم 19 يوليو/تموز الماضي.
فضلاً عن بحث مسائل عمل اللجنة الدستورية السورية، وهناك وقفة في عمل اللجنة في الوقت الحالي - في وقت سابق أعلن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، عن تأجيل اجتماع اللجنة المقرر عقده في الفترة من 25 إلى 29 يوليو الماضي بسبب رفض الوفد الحكومي المشاركة في دورته التاسعة في جنيف - سويسرا.
بدوره، ذكر المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية، ألكسندر لافرنتييف، في وقت سابق أن سويسرا، بعد انضمامها إلى العقوبات المناهضة لروسيا، فقدت وضعها المحايد، ولم تعد جنيف مناسبة لاجتماعات مجلس اللجنة الدستورية.
كما أشار إلى أن روسيا لن تكون قادرة على استضافة اجتماعات لجنة التنسيق المركزية بدلاً من جنيف، ولكن هناك الكثير من الخيارات لتغيير الموقع.
وفي الوقت نفسه أوضح لافرينتييف أن موضوع نقل مقر عمل اللجنة من جنيف "أولا وقبل كل شيء بموافقة وفد الحكومة السورية والمعارضة السورية".
من جهته، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عقب القمة في طهران بين روسيا وإيران وتركيا، وأيضاً بالتنسيق مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، مستعدون "للاستمرار بأي وسيلة مُمكنة للمساعدة في العمل المستقر وغير المنقطع للّجنة".
الوضع على الأرض
يُشار إلى أنه من المحتمل كذلك أن تكون العملية العسكرية التركية المحتملة عبر الحدود في شمالي سوريا محور اهتمام الوزيرين.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد صرّح في وقت سابق أن الهدف الرئيسي للإجراءات المخطط لها هو توسيع المنطقة الأمنية التي يبلغ عمقها 30 كيلومتراً، التي تم إنشاؤها في أكتوبر/تشرين الأول 2019 بعد عملية "نبع السلام".
وبحسب تقارير إعلامية تركية، من المتوقع أن يشارك في العملية الجديدة 50 ألف جندي تركي و 5000 مقاتل من ما يسمى بـ "الجيش السوري الحر" الخاضع لسيطرة أنقرة.
وكما لوحظ، سيسمح القتال لتركيا بتأمين السيطرة على قطاع طوله 600 كيلومتر من الحدود مع الدولة المجاورة. وتوضح أنقرة الحاجة إلى العملية من خلال تهديدات من "حزب العمال الكردستاني" وفرعه - "قوات الحماية الذاتية الشعبية" السورية.
وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم الكريملِن دميتري بيسكوف في وقت سابق، رداً على سؤال حول ما إذا كانت روسيا قلقة من عملية أنقرة المحتملة في شمال سوريا، "إن تركيا لديها مخاوف مشروعة لأسباب أمنية، والتي تأخذها روسيا بالطبع في الاعتبار".
وفي الوقت نفسه، أضاف بيسكوف أنه "من المهم جدا عدم السماح بأي أعمال قد تؤدي إلى زعزعة استقرار الوضع في سوريا، أو قد تعرض وحدة أراضيها وسلامتها السياسية للخطر".
وبذلك، سيركز الوزيران لافروف والمقداد على الوضع الإنساني في الجمهورية العربية السورية، ومهام إعادة الإعمار بعد الصراع، فضلاً عن تسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى أماكن إقامتهم الدائمة.
وبحسب ما هو مبين في بيان الوزارة، من المهم في هذا السياق ضمان التنفيذ الكامل لبنود قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2642 الصادر في يوليو/تموز من العام الجاري، والذي ينص، بالإضافة إلى تمديد نظام تمرير الإمدادات الإنسانية إلى سوريا عبر الحدود لفترة 6 أشهر، دعم مشاريع الإنعاش المبكر للبنية التحتية الأساسية في الجمهورية العربية.
أوكرانيا والأمن الغذائي
خلال تبادل الآراء حول القضية الأوكرانية، من المتوقع أن يطلع لافروف نظيره السوري بالتفصيل على مسار العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. وسبق أن أعربت دمشق مرارا عن دعمها الكامل لقرار موسكو إطلاق العملية العسكرية الخاصة.
وبالإضافة إلى ذلك، أعلنت سوريا في يونيو/حزيران الماضي عن اعترافها باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، وتعمل الأطراف حاليا على تفاصيل فتح بعثات دبلوماسية في الجمهوريات.
إن موسكو، كما أعلنت وزارة الخارجية الروسية، تقدر تقديراً عالياً الموقف المبدئي لسوريا بشأن هذه القضية.
وبالإضافة إلى ذلك، أثرت الأزمة في أوكرانيا التي أثارها "الغرب الجماعي" وسياسة العقوبات التي ينتهجها على الوضع الاقتصادي المتوتر بالفعل في سوريا.
ومع ذلك، وكما قال السفير السوري في موسكو رياض حداد في وقت سابق في مقابلة مع وكالة أنباء "تاس"، فإن روسيا تمكّنت من عزل سوريا عن الاضطرابات في مسألة تصدير البضائع الروسية، لذا فإن الإمدادات الغذائية بما في ذلك القمح، من روسيا إلى سوريا "مستمرة وستنقل بانتظام وفقا لاتفاقيات بين البلدين".
المسار الثنائي
من المتوقع أيضاً أن يبحث لافروف والمقداد حالة وآفاق تطوير العلاقات الروسية - السورية ومهام تعزيز التعاون العملي في مختلف المجالات.
ويعود الدور الرئيسي في ذلك إلى اللجنة الروسية - السورية للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي -التقني.
وقد عُقِد الاجتماع الأخير لرؤسائها المشاركين في مايو/أيار المايض في العاصمة الروسية موسكو. وبحسب ما ورد، تعد روسيا وسوريا حزمة قوية من الوثائق للتوقيع في اجتماعها المقبل.
من جهتها، تبدي سوريا اهتماماً بإدخال نظام الدفع الروسي "مير"، كما أشار سفير الجمهورية العربية في موسكو، إلى أن "هناك حاجة متزايدة لنشر أنظمة غربية بديلة للعديد من دول العالم التي تتعرض لضغوط من الغرب والعقوبات".
الجدير بالذكر أنه من المكونات الهامة للعلاقات بين روسيا الاتحادية وسوريا تقليدياً الاتصالات في المجالات الثقافية والإنسانية والعلمية والتعليمية.
وفي سوريا، هناك اهتمام متزايد باللغة الروسية، وفي هذا الصدد، تعمل الدول على تعزيز دراستها. ويتم دعم ممارسة قبول السوريين للدراسة في الجامعات الروسية.
مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"
الصورة: وزارة الخارجية الروسية
المصدر: تاس