يجري وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، يوم غد الأربعاء، محادثات مع وزير الخارجية العُماني بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي. وبحسب ما هو متوقع، سيلتقي الوزير الروسي أيضاً مع نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء فهد بن محمود آل سعيد، وذلك وفقاً لما تم الإعلان عنه اليوم الأربعاء 11 مايو/أيار 2022.
يشار إلى أن آخر رحلة قام بها سيرغي لافروف إلى العاصمة مسقط كانت قبل 6 أعوام.
من أجل تقوية العلاقات
أعربت موسكو ومسقط في السابق عن عزمهما على بذل جهود متواصلة من أجل زيادة توسيع وتعزيز العلاقات الثنائية متعددة الأوجه.
كما يحافظ كلا البلدين على حوار سياسي منتظم، وفي عام 2016، قامت رئيسة مجلس الاتحاد فالنتينا ماتفيينكو بزيارة عمل إلى عُمان.
وفي عام 2019، زار وزير الخارجية العُمانية روسيا الاتحادية مرتين، في أغسطس/آب 2019، عُقدت جولة أخرى من المشاورات بين وزارتيّ الخارجية على مستوى نواب الوزراء في مدينة صلالة.
وفي العام 2020، قام مدير جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريشكين، بزيارة إلى السلطنة، حيث ناقش هناك الوضع في الشرق الأوسط مع رئيس المخابرات العمانية منذر بن ماجد آل سعيد.
وعلى الرغم من عدم وجود لجنة حكومية دولية للتعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين، إلّا أن التعاون الاقتصادي آخذ في التطور. وفي عام 2016، عُقدت أول قمة أعمال روسية - عُمانية في سانت بطرسبورغ وعقد الحدث الثاني بعد عام واحد في العاصمة مسقط.
هذا ويتم دعم العلاقات التجارية والاقتصادية مع عُمان بدرجة أو بأخرى من قبل 45 كياناً من الكيانات الروسية، وفي قطاع الطاقة، أبدت شركة "زاروبجينفت" و"روجيولوجيا" اهتماما بإقامة تعاون مع العُمانيين.
كما أنه في عام 2018، وقّعت إيران وسلطنة عمان اتفاقية مبدئية بشأن مشروع لبناء خط أنابيب غاز من إيران إلى ميناء صحار العماني، وحينها أفادت الأنباء أن إيران أبدت بعد ذلك اهتماماً بمشاركة "غازبروم" في بناء خط أنابيب الغاز هذا.
أما على الصعيد الإنساني، حظي التعاون الروسي - العُماني في مجال التعليم والثقافة والسياحة بأكثر التطورات نشاطا.
كما أن الموقّع المتميّز على ساحل خليج عمان والمناظر الطبيعية الخلابة والحفاظ على الهوية العربية والبنية التحتية السياحية المتطورة تجعل من سلطنة عُمان جذابة بشكل خاص للمسافرين الأجانب.
وفي الوقت الحالي "بلد الـ 500 حصن" - كما تسمّى السلطنة بسبب العدد الكبير من الحصون - مفتوحة أمام السياح الروس.
الجدير بالذكر أيضاً أنه وقبل انتشار الوباء، زار عُمان ما يصل إلى 15000 سائح روسي سنويا.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2020، قدّمت السلطنة من جانب واحد نظام الإقامة من دون تأشيرة لمدة تصل إلى 14 يوماً لمواطني 103 دولة (بما في ذلك روسيا).
التهديدات المشتركة
تتضامن موسكو ومسقط من أجل التعجيل في التغلب على النزاعات القائمة في المنطقة من خلال إقامة حوار وطني شامل، وذلك على أساس القانون الدولي وأحكام ميثاق الأمم المتحدة.
ولدى كلتا الدولتين مقاربات متشابهة أو متطابقة لصالح حل سياسي موثوق وطويل الأمد للأزمات والصراعات المستمرة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وتعزيز مبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل والاستجابة المشتركة للتحديات والتهديدات الجديدة في هذا الجزء من العالم، علما أنه لم يتم حل الوضع بعد في كل من سوريا وليبيا واليمن ومنطقة الخليج العربي، وكذلك على الاتجاه الفلسطيني - الإسرائيلي، بشكل نهائي.
ويعد ضمان الأمن في الخليج العربي أحد المشاكل الإقليمية الرئيسية في عصرنا، والتي توليها روسيا اهتماماً خاصاً، لا سيّما في حالة الاضطرابات العسكرية السياسية، وموجات النشاط الإرهابي في هذه المنطقة من العالم، التي تتركز فيها احتياطيات ضخمة من الموارد الهيدروكربونية، وتعتبر محفوفة بعواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي، وقبل كل شيء، على أمن الطاقة.
وفي هذا الصدد، أعلنت روسيا عن مفهومها للأمن في منطقة الخليج العربي، والذي تم تحديثه مؤخراً، مع العلم بأن هناك صيغة لحوار استراتيجي بين روسيا الاتحادية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي عقد اجتماعه الرابع في عام 2016.
وفي إطار مكافحة القرصنة والسطو المسلح قبالة سواحل الصومال، تجري السفن الحربية الروسية رحلات تجارية إلى موانئ مسقط وصلالة.
الوسيط العماني
يشير الخبراء إلى أن مسار عُمان، الذي تم إعداده في عهد السلطان السابق قابوس بن سعيد آل سعيد، يعتبر فريداً من نوعه لدول الشرق الأوسط وخاصة بالنسبة للممالك العربية في الخليج: حذر للغاية، متعدد الاتجاهات ومستقل.
كما يتضح هذا من حقيقة أنه حتى داخل دول مجلس التعاون الخليجي، حاولت السلطنة دائما اتباع نهجها الخاص، دون خوف من الحفاظ على العلاقات مع أولئك الذين يعتبرونهم أعداءهم من قبل بعض الشركاء في الوحدة، بما في ذلك إيران. ومع ذلك، لا أحد يلومه على ذلك.
وعلى الرغم من صغر حجم هذه الدولة، إلا أنّه من المعروف عنها أنها تلعب دوراً هاماً في الوساطة في تسوية بعض النزاعات.
بدوره، أشار فيتالي ناؤومكين، المدير العلمي لمعهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، إلى أن عُمان عملت كوسيط في العلاقات بين عدد من القوى الإقليمية والقوى الغربية، وتحظى بثقة دول مثل بريطانيا، التي طالما كانت للسلطنة معها علاقات وثيقة ومع الولايات المتحدة ودول أخرى.
إن سلطنة عُمان هي أيضا وسيط في الشؤون اليمنية، وعلى سبيل المثال، تم إطلاق سراح 14 أجنبياً في اليمن مؤخرا عبر جهود من السلطنة.
كما بذلت السلطنة جهودها في الاتجاه السوري. وعلى سبيل المثال، عملت سابقا مع روسيا ودول أخرى في عملية مفاوضات فيينا بشأن سوريا.
وبالإضافة إلى ذلك، يعتقد الخبراء أن عُمان لم تستثمر بشكل كبير في دعم القوات المناهضة للأسد في سوريا، وأصبحت السلطنة أول دولة عربية في الخليج العربي تعيد سفيرها إلى سوريا، فضلاً عن أن عُمان لعبت دوراً خاصاً في عملية التفاوض بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة حول البرنامج النووي الإيراني.
وقد استمرت عملية التفاوض لمدة 12 عاماً قبل التوصل إلى اتفاق بشأن الاتفاق النووي، وكان الأمريكيون يتفاوضون من خلف الكواليس مع الإيرانيين، وأجريت هذه المفاوضات كما يقول الخبراء في عمان.
ومن المحتمل جداً أن تكون قضايا خطة العمل المشتركة الشاملة موضع نقاش بين الطرفين، وأيضاً المفهوم الروسي المحدّث لضمان الأمن الجماعي في منطقة الخليج العربي.
هذا ومن المؤكد أنه لن تمر المحادثات دون أن تتم الإشارة من قبل أحد إلى العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا.
ولم يظهر موقف عُمان من الوضع في أوكرانيا مؤخراً في مصادر علنية، لكن قبل بدء العملية العسكرية الخاصة لروسيا، في نهاية شهر يناير/كانون الثاني الماضي، أصدرت وزارة خارجية السلطنة رسالة أعربت فيها عن قلقها بشأن الوضع في أوكرانيا.
ودعت البعثة الدبلوماسية العُمانية بعد ذلك المجتمع الدولي إلى مضاعفة الجهود الدبلوماسية من أجل تجاوز الأزمة وفق مبادئ القانون الدولي والقيم الإنسانية.
مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"
الصورة: وزارة الخارجية الروسية
المصدر: تاس