ـ المقالة من إعداد: الأكاديمي مروان سوداح: *كاتب وصحفي روسي وأردني الجنسية، ومتخصص في الشؤون الروسية، وناشط في "مجموعة الرؤية الإستراتيجية روسيا – العالم الاسلامي" في موسكو، ومؤسس ورئيس الرّابطة الدّولية للقَلميين العرب حُلفاء روسيّه، وحامل أوسمة وميداليات وشهادات شكر وتقدير من رؤساء دول صديقة وحليفة ومنظمات أُممية.
ـ مراجعة المقالة: يلينا نيدوغينا.
اللافت للانتباه بشدة، إنَّمَا هو ديمومة أسس الشَّراكَة العميقة القائمة بين موسكو من جهة، وكوالالمبور والعالم الإسلامي الواسع من جهة أخرى، إذ أن عواصم هذه الدول تركِّز على مسألة البحث المشترك عن إجابات مناسبة للتحديات العديدة التي يضج بها عصرنا. وهنا بالذات، تُطل علينا تلك العلاقات الوطيدة والتفاهمات التي تقوم بين روسيا الفدرالية ودول العالم الإسلامي، المُمتد على مساحات مختلف القارات، لأجل تأمين سلام العالم، ومنع احتراره، وتطلعاً للعمل على إعلاء مكانة كل ما مِن شأنه بذل الجهود ليتآخى البشر ويتآزرون، أضف إلى ذلك التبادلات الكثيرة والمتلاحقة في مجالات عديدة، والتي منها الفِكرية، وتلك ذات المنفعة المتبادلة مادياً، والاقتصادية، والسياسية، وغيرها الكثير.
قبل فترة وجيزة لاحظنا تعاون مملكة ماليزيا الشقيقة فكرياً مع روسيا، من خلال رافعة غاية في الأهمية والفعالية على صعيد آسيوي وعالمي، ألا وهي "مجموعة الرؤية الاستراتيجية: روسيا - العالم الإسلامي"، إذ إنه قد تم التنسيق بين رئاسات البلدين لتفعيل الروابط الثنائية من خلال هذه المجموعة الرئاسية، تكريماً للذكرى السنوية الـ20 على زيارة الرئيس الروسي فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين، وبيانه بشأن نيّة روسيا الانضمام إلى "منظمة التعاون الإسلامي" بصفة مراقب، إذ كان تقرَّر وتم ذلك بعقدِ اجتماع "مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي" في النصف الأول من هذا العام 2023م، في العاصمة الماليزية الجميلة كوالالمبور التي شخصياً أذكرها بكل محبة ومُتعة، وكان اللقاء المذكور ناجحاً للغاية.
وفي الأنباء كذلك، كُنَّا قد طالعنا أنباء التحضير الشامل والدقيق لالتئام هذا الاجتماع التاريخي، إذ إنه قد جاء على لسان رئيس جمهورية تتارستان الروسية بالذات، وهي جمهورية تقع ضمن روسيا الفدرالية. وبهذا الصدد قال السيد رستم مينيخانوف، بتاريخ الـ20 من مايو/أيار 2022، خلال الاجتماع الـ12 لهذه المجموعة في العاصمة التتارية الرحبة قازان، التالي: "يصادف العام المُقبل (أي، الحالي:2023م) الذكرى الـ20 لزيارة رئيس روسيا الإتحادية فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين إلى ماليزيا، وبيانه حول نيّة روسيا الانضمام إلى "منظمة التعاون الإسلامي" بصفة مراقب. ولهذا، جرى العمل آنذاك على تنظيم اجتماع لِ "مجموعة الرؤية الاستراتيجية" "روسيا - العالم الإسلامي"، في موعد يتزامن مع تاريخ هذه الذكرى السنوية، في عاصمة ماليزيا، كوالالمبور".
بدون أدنى شك، يُعتبر دور مملكة ماليزيا الشقيقة في الشؤون والشجون الآسيوية والعالمية مهم جداً ومركزي، فهو يتسم بأبعاد كبيرة إسلامياً وإنسانياً، ليس على صعيد منطفتها الجيوسياسية فحسب، بل هي تتمتع بالشساعة شاملةً العالم برمته كذلك، فهي تتربع على موقع إستراتيجي في أقصى شرق آسيا، وتُفاخر بثقافة عريقة وشعب مثقف ومتعلم ومُبدع وهادىء القسمات، وتربطها روابط وثيقة مع بلدان العالم المختلفة، والتي منها على سبيل المثال لا الحصر، الأقطار العربية والإسلامية، إذ تؤدي كوالالمبور أدواراً مهمة ومحورية في السياسة الأمميةعلى صعيد الكون ومساحات آسيا، وتتميز هذه الدولة وشعبها بالهدوء والسكينة والتعاملات والتبادلات الكثيرة المتلاحقة مع كل مَن يرغب بها في زوايا العالم الأربعة.
ومن الجدير هنا الإشارة إلى أن الاجتماع الذي نحن بصدده في ماليزيا، والذي شاركت فيه قيادات "مجموعة الرؤية الاستراتيجية: روسيا - العالم الإسلامي"، تألق ونجح نجاحاً باهراً بمشاركة سفراء الدول الأعضاء في "منظمة التعاون الإسلامي" المُعتمَدين لدى روسيا الاتحادية، وممثلي السلطات الفدرالية والإقليمية، ورؤساء الجمعيات الدينية في روسيا. وبالتالي، فقد تأكد خلال هذه الفعالية تآلف المجتمعين والشعبين الماليزي والروسي برمته، واستنادهما حصراً للقوة السلمية الوازنة التي تجتذب العالم إلى فعالياتها الخاصة، تكريساً لمستقبل وضّاء للبشرية، التي لزاماً عليها أن تتحالف وتتداخل حماية لهِبةِ الحياة المقدسة في أصقاع الدنيا ضمن أوضاع خطيرة تعيشها البشرية والأنظمة السياسية المختلفة راهناً، وغيرها من الاحتقانات التي يضج بها سطح الكرة الأرضية المُحْتَر منذ فترة طويلة.
روسيا دولة تقوم على قارتين إثنتين، وهي ضخمة المساحة والخيرات المطمورة في أرضها من كل الأشكال والألوان، وهي متعددة الأديان، وكثيرة القوميات والألسن والأعراق، وبالتالي التنوع الثقافي كذلك. ولهذا، فقد أكتسبت روسيا عبر تاريخها ثقافات عديدة تألقت من خلالها عندما انصهرت في بوتقة واحدة وموحَّدِة، كما وتداخلت بعمق لتخليق مجتمع موحَّدٍ ومتداخل ومُشبَع الخيرات، ومتحاب. ولهذا بالذات، لاحظنا بأن اجتماع قيادة "مجموعة الرؤية الإستراتيجية: روسيا - العالم الإسلامي"، جرى بمشاركة فاعلة من شخصيات ذات قامات عالية في كل من روسيا وماليزيا، بالإضافة إلى حضور رؤساء الهيئات والجمعيات الدينية في روسيا، وهو ما أكد عليه وتحدث عنه وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف.
علاقات الكون الإسلامي مع روسيا مهمة كونية رئيسية وضرورية وإلزامية لحماية الحياة على كوكبنا، وكذلك لتطورها موضوعياً وتطويرها علمياً، ولتأكيد وعي أبناء الأرض بكياناتهم، ولجعلها مِثالاً سلمياً يُحتذى. ولذا، تعمل روسيا على البقاء، كما هي الآن، صديقة للعالمين العربي والإسلامي ورفيقة لهما، حفاظاً على التطور الموضوعي والسلمي والنافع للإنسان، كل إنسان، وللمجتمعات. فروسيا هي القوة الأكبر في آسيا في شجون وشؤون متعددة، وهي فاعلة في الجزء الأوروبي الغربي من أراضها، وهنا لا بد لها من العمل المتواصل لأجل صيانة الحياة واستمراريتها من خلال التفاهم المشترك لجميع مَن يعيشون على وجه البسيطة، فهذا حق شرعي وثابت لكل إنسان.
ـ وفي خلاصة القول، إنَّمَا نقول: هلموا معاً لتقوية وتصليب الوحِدة الإنسانية لبني الإنسان.. كل إنسان، ولتعميق التفاهم والتعاون الشامل للأُمم والشعوب والقوميات والأعراق.
..انتهى.