في الـ 20 من أيار/ مايو 2023 ، قام رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية البطريرك كيريل بزيارة الأكاديمية الإسلامية البلغارية لأول مرة حيث التقى بشخصيات حكومية وعامة من روسيا والدول الإسلامية.
وحضر اللقاء المفتي الأعلى، رئيس الإدارة الدينية المركزية لمسلمي روسيا شيخ الإسلام - طلعت حضرة تاج الدين، رئيس المجلس العالمي للتسامح والسلام ( الإمارات العربية المتحدة) - أحمد بن محمد الجروان، والأمين العام للمنظمة العالمية للتقارب بين المذاهب - حميد الخوالي شهرياري(ايران)، ومدير المجلس المصري للشؤون الدولية - عزت سعد، وقداسة البطريرك كيريل في موسكو وعموم روسيا، ورئيس المركز العالمي للإسلام المعتدل (إندونيسيا) - دين شمس الدين وغيرهم.
كان الموضوع الرئيسي للاجتماع هو البحث عن مقاربات وأساليب مشتركة لمعارضة الأيديولوجية العلمانية المدمرة ودعم القيم العائلية والأخلاق التقليدية.
ورحب البطريرك كيريل بالحضور متذكراً كلمات دافئة لـ "الأخ آية الله التازكيري". أشار الواعظ إلى أنهم “كانوا ودودين للغاية وما زلت أتذكره كرجل حكيم ومنفتح على الحوار. ترك آية الله ضوءا في ذاكرتي. لقد فتح لي جوانب الإسلام التي لم أكن أعرفها. وتحدث البطريرك كيريل في خطابه عن التعاون الوثيق طويل الأمد مع مسلمين من دول مختلفة، وقال إن "الاتصالات مع العالم الإسلامي كانت مصدر إلهام لأن لدينا الكثير من الأشياء المشتركة كأساس لحوار شامل".
بالإضافة إلى ذلك، شارك البطريرك كيريل أفكاره حول بعض مشاكل عصرنا. وأشار على وجه الخصوص إلى "المواجهة بين الشرق والغرب التي تتزايد في الآونة الأخيرة بدلاً من أن تتراجع".أولا وقبل كل شيء، أعني روسيا. بعد الإصابة بفيروس كورونا واجهت البشرية مرة أخرى تحديات عالمية جديدة وان العالم لم يعرف ابدا مثل هذه الازمات الجيوسياسية والاقتصادية الخطيرة".
علاوة على ذلك، قدم البطريرك تقييماً لإيديولوجيات الاتحاد السوفييتي والغرب، التي في رأيه متشابهة بان كلا الحضارتين وضعتا في المقام الأول تطور العلوم والتكنولوجيا مما أدى إلى انهيار القيم الدينية والروحية لدول بأكملها.
وأضاف: "هنا وهناك على حد سواء عبادة سلطة الإنسان عندما يكون هو مركز الوجود وليس مستنيراً ومطهراً من الخطيئة ولكن شخصاً خاطئاً - وهذا يؤدي حتماً إلى التدهور بالإنسانية. على خلفية تطور العلم والتكنولوجيا والاتصالات، هل يمكن أن نقول أن الشخص يتحسن؟ لا لا نستطيع قول ذلك. وإذا لم يتحسن الإنسان فقد اختار الطريق الخطأ لتطور الحضارة".
كما أضاف البطريرك متأكدا من أن "البشرية تواجه اليوم صراعًا كارثيًا - الحرب العالمية الثالثة. في هذا السياق، فإن التعاون مع العالم الإسلامي له أهمية كبيرة. تعلن شعوبنا عن قيم روحية وأخلاقية وثيقة، ولا نشارك معايير الأخلاق العامة التي يفرضها الغرب ولا نريد الاعتراف بالخطيئة كقاعدة تتعارض مع القيم الأبدية التي تنبع من معتقداتنا الدينية وتحدد الطريق في حياة شعوبنا.اليوم هناك حرب باردة مستمرة من أجل أرواح البشر، من أجل حقهم في الحفاظ على هويتهم الروحية والثقافية. نرى أصدقاءً وأشخاصاً متشابهين في التفكير في الحضارات الإسلامية. مهمتنا الاستراتيجية المشتركة الرئيسية هي تعليم شبابنا ويلعب التنوير الروحي والتعليم الديني عالي الجودة دوراً رئيسياً في هذا".
ولفت حميد خوالي شهرياري بدوره انتباه المشاركين في الفعالية إلى التمسك بمبادئ الخير والعدل والرصانة. وقال: "العدل هو الأساس الذي يساعد على حل جميع الخلافات وإزالة الفوضى، وبدون ذلك السلام مستحيل. وإذا أراد الغرب سرقة ثروتنا فلا يمكننا التعايش معهم بسلام فنحن بحاجة إلى العدالة".
وشكر عزت سعد القيادة الروسية على «النظر إلى العالم الإسلامي دون تقسيمه إلى شيعة وسنة، على عكس الأميركيين. بالإضافة إلى ذلك لعبت روسيا دوراً مهماً في تقريب إيران من السعودية. وبمساعدة الدبلوماسية الروسية، عادت سوريا مرة أخرى إلى جامعة الدول العربية. وهناك أيضا يد لروسيا في الملفين اليمني والليبي، لهذا أشكرها كثيرا على ذلك.
بدةره أشار دين شمس الدين إلى التقارب بين الأيديولوجيات المسيحية والإسلامية، "على الرغم من الاختلافات العقدية، لدينا الكثير من القواسم المشتركة. يجب علينا تطوير التعاون باسم ازدهار الاقتصاد والسياسة والثقافة في بلادنا".
كما قال دين شمس الدين إن منظمته، المركز العالمي للإسلام المعتدل، تتعاون مع الفاتيكان في حوار الأديان الذي سيحل العديد من مشاكل البشرية.
واقترح أحمد بن محمد الجروان تشكيل فريق من القادة الدينيين المسيحيين والمسلمين لمواجهة الشر اللاأخلاقي، ومحاولات التحريض على الكراهية في المجتمع.
وفي نهاية اللقاء دعا البطريرك كيريل المسلمين والأرثوذكس إلى تقديم استجابة مشتركة قوية لتحديات عصرنا، وإلى حماية قيمنا الروحية والدفاع عن الحق في العيش على أساس الأخلاق التقليدية. كما قدم المفتي الأعلى - طلعت حضرة تاج الدين للبطريرك هدايا ذات محتوى وطني.