Ru En

تاريخ العلاقات بين روسيا وماليزيا. تعزيز العلاقات والتبادل الثقافي

٢٨ سبتمبر ٢٠٢٣

روسيا وماليزيا دولتان تقعان في قارتين مختلفتين ولهما جذور تاريخية وثقافية مختلفة. ومع ذلك، فإن تاريخ تفاعل الدولتين في مجال الإسلام وغيره من المجالات مثير للاهتمام ومهم لكلا الجانبين. وبمرور الوقت، طورت هاتان الدولتان علاقاتهما القائمة على تبادل القيم الثقافية والتفاعل في مجال الاقتصاد والسياسة.


قبل 20 عاماً، أعلن رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين، أثناء زيارته إلى ماليزيا، عن نية روسيا الانضمام إلى منظمة المؤتمر الإسلامي بصفة مراقب. وفي عام 2013، قام رئيس جمهورية تتارستان - رستم مينيخانوف، بزيارة ماليزيا بهدف توسيع العلاقات الثنائية بين ماليزيا وتتارستان في مجالات التجارة والاستثمار وصناعة تكنولوجيا المعلومات والتكنولوجيا الحيوية والتعليم العالي. ولنلاحظ أن الزيارة الرسمية الأولى لرئيس جمهورية تتارستان - رستم مينيخانوف إلى ماليزيا تمت في عام 2010. وفي عام 2012، جاء وزير التجارة الدولية والصناعة الماليزي إلى قازان، لحضور اجتماع وزراء التجارة في منظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (آبيك).

 


التفاعل بين روسيا وماليزيا في المجال الإسلامي


أنتشر الإسلام في أراضي روسيا الحديثة في القرن السابع، عندما بدأت القوافل العربية بالسفر عبر آسيا الوسطى، ومع مرور الوقت، انتشر الإسلام في جميع أنحاء ما يعرف الآن بروسيا وأصبح جزءً مهماً من ثقافة وتاريخ هذا البلد، رغم انتماء المسلمون في روسيا إلى مجموعات عرقية مختلفة.


تتمتع ماليزيا بتاريخ طويل من الإسلام، يعود تاريخه إلى القرن الثالث عشر، عندما وصل الإسلام إلى جزيرة بورنيو وشبه جزيرة الملايو من خلال الروابط التجارية مع التجار العرب والهنود. وقد أصبح الإسلام الدين السائد في المنطقة ويمارس غالبية الملايو الآن الإسلام السني.


بدأ الاهتمام بالتفاعل بين روسيا وماليزيا في مجال الإسلام ينمو في العصر الحديث. كان العصر السوفييتي في روسيا فترة من الإلحاد وقمع الطوائف الدينية. ومع ذلك، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي واستعادة الحرية الدينية، بدأت المجتمعات الدينية، بما في ذلك المسلمين، في استعادة علاقاتها الثقافية والدينية مع البلدان الأخرى.


أصبحت ماليزيا، باعتبارها إحدى الدول ذات الأغلبية المسلمة، شريكاً مهماً لروسيا. وبدأ البلدان في تعزيز علاقاتهما من خلال تنظيم برامج تعليمية وثقافية، تهدف إلى زيادة التفاهم المتبادل بين المجتمعات الإسلامية. وشملت هذه البرامج تبادل الطلاب والمؤتمرات والبحوث المشتركة.


وبالإضافة إلى ذلك، شاركت روسيا وماليزيا بنشاط في الحوار بين مختلف الحركات الإسلامية، وطلبتا المساعدة في حل النزاعات الدولية المتعلقة بالإسلام. كما تعاونوا داخل المنظمات الدولية مثل منظمة المؤتمر الإسلامي لمناقشة القضايا التي تؤثر على العالم الإسلامي.


إن تاريخ التفاعل بين روسيا وماليزيا في المجال الإسلامي هو تاريخ تعزيز الروابط الثقافية والدينية بين بلدين مختلفين. وعلى الرغم من الاختلافات في خلفياتهما التاريخية والثقافية، فقد وجد كلا البلدين أرضية مشتركة في الحوار الديني والثقافي. ويستمر هذا التفاعل في تعزيز المزيد من التفاهم والتسامح بين المجتمعات الإسلامية في روسيا وماليزيا، ويساهم في السلام والاستقرار العالميين. وتوضح روسيا وماليزيا كيف يمكن للثقافات والأديان المختلفة أن تجد أرضية مشتركة وتتعاون.

 


الروابط التعليمية والثقافية


تتعاون ماليزيا وروسيا بنشاط في مجال التعليم والتبادل الثقافي. وفي إطار هذا التعاون، تم إنشاء برامج تعليمية للطلاب المسلمين من روسيا لدراسة الثقافة والدين الإسلاميين في ماليزيا. وساهمت مثل هذه البرامج في إثراء معارف الطلاب الروس عن العالم الإسلامي. 

في عام 2013، خلال اجتماع مع وزير التعليم العالي الماليزي - داتو سيري محمد خالد نورالدين، قال رستم مينيخانوف: "يجب زيادة تبادل الطلاب مع ماليزيا بشكل كبير"، وهذا ما تم تحقيقه. وبحلول عام 2021، كان عدة آلاف من الطلاب الماليزيين يدرسون في الجامعات الروسية، وهم غالبًا ما يختارون التخصصات الطبية والمجالات الهندسية والتقنية وكذلك الاقتصاد، علماً أن عدد الطلاب الروس الذين يدرسون في ماليزيا، آنذاك، أقل ويُقّدر بعدة مئات. كان الطلاب الروس مهتمين عموماً ببرامج البكالوريوس والدراسات العُليا في جامعات اللغة الإنكليزية في ماليزيا.


وكانت هناك اتفاقيات بين الجامعات الروسية والماليزية تنظم إجراءات تبادل الطلاب والاعتراف بالإنجازات الأكاديمية. غالباً ما كانت برامج التبادل مدعومة من قبل الحكومة والمنظمات التعليمية في كلا البلدين. لذا، وفي إطار المنتدى الاقتصادي الدولي "روسيا - العالم الإسلامي: منتدى قازان 2023": الشراكة الاقتصادية في الواقع الحديث"، تم مؤخراً إحياء فعاليات في جامعة سانت بطرسبرغ الحكومية الكهروتقنية - معهد لينينغراد الكهروتقني سابقاً - وجامعة التكنولوجيا الماليزية.

 

 

السياحة والتبادل الثقافي


تعد السياحة أيضاً جانباً مهماً من التفاعل بين روسيا وماليزيا، لهذا يزور السياح الروس ماليزيا للتعرف على ثقافتها الغنية وتراثها الإسلامي، وهو ما يعزز التفاهم المتبادل والتسامح بين الثقافات والأديان المختلفة.

 


العلاقات التجارية


بدأت العلاقات التجارية بين روسيا وماليزيا في التطور في نهاية القرن العشرين، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وفتح أسواق جديدة للتعاون الاقتصادي. وأرتفع مستوى التطور بشكل خاص للعلاقات التجارية في بداية القرن الحادي والعشرين.


يشمل حجم التجارة بين روسيا وماليزيا مجموعة واسعة من السلع والخدمات. حيث تعتبر السلع الرئيسية المتبادلة بين هذه الدول النفط والمنتجات النفطية والمعادن، بالإضافة إلى المنتجات الكيماوية والأغذية والإلكترونيات والهندسة. فروسيا مصدر رئيسي للنفط والغاز، وماليزيا بدورها منتج ومصدر مهم لموارد الطاقة. وتعزز هذه العلاقة إمدادات الطاقة المستقرة لكلا البلدين وتعزز علاقاتهما الاقتصادية.


جزء مهم من العلاقات التجارية بين روسيا وماليزيا هي الاستثمارات والمشاريع المشتركة. وتنشط الشركات الروسية في الاستثمار في المشاريع الماليزية، خاصة في مجالات الطاقة وصناعة النفط والغاز والزراعة. وفي المقابل، تستثمر الشركات الماليزية أيضاً في روسيا، وتشارك في مختلف قطاعات الاقتصاد الروسي.


تتعاون روسيا وماليزيا بشكل نشط ضمن المنظمات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية للحفاظ على التجارة الحرة والعادلة. ويدعو البلدان إلى تعزيز النظام التجاري المتعدد الأطراف وحل النزاعات مع مراعاة المعايير والقواعد الدولية.

 


التعاون الحديث


واليوم، يتواصل التعاون بين روسيا وماليزيا في التطور وبنشاط. وتواصل كلا البلدين تعزيز العلاقات التعليمية والثقافية والدينية، مما يعزز المزيد من التفاهم والتعاون بين المجتمعات الإسلامية.

مجموعة الرؤية الإستراتجية " روسيا - العالم الإسلامي"