قال كبير الباحثين في "مركز الدراسات العربية والإسلامية" بـ"معهد الاستشراق الروسي" التابع لاكاديمية العلوم الروسية، بوريس دولغوف "إن المفاوضات بين الأطراف المتصارعة في ليبيا ليست ممكنة بعد"، مشيرا إلى أن احتمال تصاعد النزاع المسلح "مرتفع للغاية".
وجاء كلام الباحث دولغوف في مقابلة مع وكالة "تاس" قال فيها: "في رأيي، محادثات السلام بين مركزي القوة ممكنة فقط في حال كان هناك تكافؤ عسكري بينهما، عندما لا يتمكن أي من الجانبين من تحقيق نجاح عسكري، عندما يتم تطوير هكذا وضع، عندها فقط يمكن التوصل إلى إقامة مفاوضات، وإيجاد نوع من التوافق، وإنشاء حكومة حقيقية من الوفاق الوطني."
وأضاف: إذا كان هناك رجحان من جانب واحد فلن يكون هناك أي معنى. في هذه الأثناء، هناك موقف يتضح فيه نجاحات "المجلس الوطني الانتقالي"، لذلك لا حاجة للحديث عن المفاوضات".
وبحسب المحلل، فإن العامل الحاسم في زيادة تطوير الوضع في ليبيا هو تأثير اللاعبين الخارجيين. لافتا إلى الاهتمام بالمشاركة في الصراع بين قوة الدعم التركية لصالح المجلس الوطني الانتقالي، والتي تنشط بشدة في النزاع ولا تمتثل للاتفاقات التي تم التوصل إليها بشأن وقف إطلاق النار وحظر الأسلحة المفروض على البلاد.
وأضاف: بفضل الدعم العسكري من تركيا فقط، اكتسبت قوات "الوفاق الوطني" عددا من النجاحات العسكرية واحتلت عددا من المناطق على طول الساحل الليبي وعلى الحدود مع تونس.
وقال في حواره مع الوكالة: هذه العمليات العسكرية، رغم أنها ضعفت إلى حد ما حاليا، لكنها بالتأكيد لن تنتهي عند هذا الحد، وهنا مرة أخرى سيتم لعب الدور الرئيسي من قبل اللاعبين الخارجيين. التصعيد ممكن في أي وقت. وطالما أن هذه المعركة تجري من أجل السلطة، فلا يمكن أن تتوقف عند هذه المرحلة، عندما يكون هناك توازن معين، على الرغم من تحقيق نجاحات من جانب حركة الوفاق الوطني. ويجب أن نضع في اعتبارنا أن تركيا تعتمد على النجاح العسكري للمجلس الوطني الانتقالي. ونجاحاته ستعني نجاح التوسع التركي والمصالح التركية في ليبيا".
وأوضح دولغوف أن النجاح في ليبيا هدف استراتيجي بالنسبة لتركيا، بما في ذلك المصالح الاقتصادية.
وأشار إلى المذكرة الموقعة من قبل الجانب التركي مع "حركة الوفاق الوطني" حول تطوير محتمل للجرف الليبي في المناطق النفطية.
وأضاف الخبير أن تركيا تدعم أيضا الجماعات المسلحة القريبة إيديولوجيا من القيادة التركية الحالية. موضحا أن "السلطات التركية تنصب نفسها كزعيم جديد للعالم الإسلامي. وهذا أيضا أحد الأهداف في ليبيا، أي أن النجاح في ليبيا سيؤكد هذه الطموحات للقيادة التركية. لذلك، يمكننا أن نتوقع تزايد وتقدم مصالح تركيا".
فرصة للانتقام
وفي حديثه عن فرص المشير خليفة حفتر في "استعادة الموقف"، أشار الخبير دولغوف إلى وجودها في حال "لأنه حصل أيضا على دعم خارجي". وفي هذا الخصوص، تلعب مصر دورا مهما هنا وهي مهتمة بالاستقرار في ليبيا، وفي منع القوى الإسلامية، "الإخوان المسلمين"، الذين هم خصوم مصر، من الوصول إلى السلطة. وأشار إلى أن هناك السعودية والكويت تدعم "الجيش الوطني الليبي" بقيادة حفتر.
وأضاف الخبير "إذا هناك فرصة. ومع ذلك، فإن تركيا تتصرف بشكل أكثر حسما وحزما وثباتا. خطوة بخطوة، تحقق تركيا هدفها في التوسع في ليبيا".
وأشار دولغوف إلى حادثة وقعت مؤخرا قبالة سواحل ليبيا. حيث رفضت الفرقاطة التركية هذا الشهر الامتثال لأمر تفتيش البضائع من قبل الفرقاطة الفرنسية المشاركة في عملية الحراسة البحرية للناتو "إيريني".
وتجنبا لعملية التفتيش، واجهت السفينة التركية السفينة الفرنسية باستخدام نظام توجيه صاروخي بالرادار، الأمر الذي اعتبرته وزارة الدفاع الفرنسية "إجراءات عدائية عدوانية للغاية".
الوضع في ليبيا
في ليبيا، ومنذ فترة طويلة ، تقوم هناك سلطتان متوازيتين: "حركة الوفاق الوطني" التي تتمركز في طرابلس بقيادة فايز السراج، والحكومة المؤقتة التي تعمل في شرقي البلاد مع البرلمان وبدعم من "الجيش الوطني الليبي" بقيادة المشير خليفة حفتر.
ومنذ أكثر من عام، كانت المعسكرات المتحاربة تقاتل من أجل السيطرة على المدينة الرئيسية للبلاد، بعد أن شن المشير حفتر هجوما على العاصمة في 4 نيسان/ أبريل 2019 ، بهدف - كما ادعى - تحريرها من الإرهابيين.
وردا على ذلك، حشدت الحكومة في طرابلس جميع الجماعات المسلحة التي تسيطر عليها، وطلبت المساعدة من تركيا بشكل رسمي رسميا على أساس مذكرة تعاون عسكري موقعة معها في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي.
وبدعم فعال من قبل أنقرة، تمكنت "حكومة الوفاق الوطني" من استعادة السيطرة على عدد من المناطق التي استولت عليها في السابق قوات "الجيش الوطني الليبي".
واتهم الجيش الوطني الليبي عدة مرات الجانب التركي بتزويد قوات "الوفاق الوطني" بالسلاح وتجاوز الحظر الدولي المفروض، فضلا عن إرسال مئات المرتزقة من سوريا لمساعدتهم. بدورها، أعلنت حكومة العاصمة أن "الجيش الوطني الليبي" يتمتع بدعم نشط من مصر والإمارات والعديد من البلدان الأخرى، مدعيةً أنها ترسل أسلحة ومتخصصين عسكريين ومرتزقة إلى ليبيا.
مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"
الصورة: Zuma \ TASS