Ru En

لافروف في الأردن

٠٨ نوفمبر ٢٠٢٢

الأكاديمي مروان سوداح


تميزت الزيارة الرسمية لوزير الخارجية الروسي الشهير سيرغي لافروف إلى الأردن وهي المحطة الأولى في رحلته إلى دول المنطقة العربية، والتي بدأت الأربعاء الثاني من نوفمبر، بالنجاح وتأكيد المصاهرة وثبات آصرة العقيدة الإنسانية بين الدولتين والشعبين، إذ تُعتبر دفعة جديدة للعلاقات الثنائية بين القطرين روسيا والأردن في مختلف الحقول، ومن المعروف أن جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين قد زار العاصمة الروسية خلال السنوات المنصرمة نحو عشرين مرة وفقاً للمعلومات التي أوردتها وسائل الإعلام والفضائيات الناطقة باللغة الروسية، وهي محطات تُعدُ بالمئات، ما يعكس قوة ومتانة التواصل الرسمي بين العاصمتين، فلا تتزعزع مكانته، بالرغم من النقلات الحادة والخطرة التي ما فتىء العالم يتعرض إليها وتمس بالدرجة الأولى الدول النامية، والتغيّرات الحالية الحاصلة في الوضع الأممي الذي يتبدل بحدة وتسارع غير مسبوقين. ويذكر، أن لافروف زار الأردن في إبريل العام 2019.


جلالة الملك التقى الوزير لافروف الذي اجتمع أيضاً بوزير الخارجية أيمن الصفدي، ويُلاحظ أن المباحثات تطرقت إلى القضايا الأهم للطرفين كما كان الأمر بينهما دوماً، ضمنها الدولية والإقليمية، ولا سيّما القضية السورية، والانتشار الايجابي للقوات الروسية في الجنوب السوري ولزومه وإيجابياته العديدة وضروراته للمملكة، وبحث التسوية الفلسطينية - "الإسرائيلية"، والاحوال في العراق، ومنطقة الخليج، وبطبيعة الحال الحال في أوكرانيا.


في الجانب الروسي، يَعتبر وطن الثلوج إن موسكو ترى في زيارة "لافروف إلى الأردن جزءً مهماً من الجهود المستمرة لتعزيز المشاركة متعددة الأوجه مع الشركاء التقليديين في ما يُسمِّيه البعض بِ "الشرق الأوسط"، إذ ترى موسكو أن ذلك يفي بالمصالح طويلة الأجل المتمثلة في توفير السلام والازدهار والاستقرار في هذه المنطقة الاستراتيجية المؤثرة على روسيا ومصالحها الآنية والاستراتيجية بشكل مباشر، فروسيا كانت وما تزال ودون توقف تتالي الأعمال للتعزيز المتواصل لعلاقاتها الأردنية والعربية، ولا يجب أن ننسى هنا، العدد الضخم من المصاهرة الأردنية - الروسية من خلال الزواجات المختلطة بين مواطنينا الأردنيين والمواطنات الروسيات، ووجود مجتمع روسي كبير في المملكة ينطق باللغة الروسية ومنتدى ثقافي رسمي ناشط يَجمَع السيدات الروسيات باسم "ناديجدا - الأمل". ركَّزت محادثات لافروف على القضايا الإقليمية والدولية المُلحة، وبصفة خاصة في أوكرانيا، وسوريا، والتسوية الإسرائيلية الفلسطينية، والأوضاع في العراق ومنطقة الخليج، فضلاً عن الملفات الثنائية.


وهنا ننظر بعين من الرضى والإكبار والشكر لروسيا والوزير لافروف الذي أكد في تصريحات في عمّان وعلى الهواء مباشرة، أن موسكو قررت رفع أعداد الأردنيين الذين يتطلعون للانخراط في الدراسات الجامعية في الفيدراليّة الروسية، عِلماً أن الاحصاءات تُشير إلى أن عدد الأردنيين الدارسين راهناً في روسيا يصل إلى 1500 طالب، وهؤلاء على الأغلب يحملون الجنسية الأردنية، هذا عدا أولئك الذين يحملون الجنسية الروسية (مع الجنسية الأردنية في آن واحد)، والذين تَعتبرهم القوانين الروسية مواطنين يتمتعون بحقوق متساوية مع غيرهم من أبناء روسيا والطلبة الروس في الدولة الروسية.


زيارة لافروف للأردن والبلدان العربية، تماماً كما هي زيارة أي مسؤول روسي لبلدان الضاد، تدخل في مسرب المصالح الايجابية لمختلف الأطراف ذات الصِلة، سواءً على الصعيدين السياسي والدبلوماسي، أو في المجال الاقتصادي وفي غيرها من الفضاءات التي منها الدينية، إذ لا يجب أن ننسى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان افتتح قبل 10 سنوات الكنيسة الارثوذكسية و"بيت الحجيج الروسي" في موقع عُمَّاد السيد المسيح عليه السلام بمنطقة المغطس على الأرض الأردنية التي احتضنت طوال تاريخها رسائل السماء والأنبياء، وهو، سوياً مع العوامل سابقة الذِكر وغيرها، يُقرِّب ويُعلي منسوب العلاقات الثنائية بين موسكو وعَمَّان وبين شتى الدول والأمم، ويُعمّق تفاهمها المباشر، ويَحول دون تدخل أية أطراف بينهما لتخريبها لا سمح الله. وللحديث بقية.