يبدأ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم الأربعاء 10 مارس/آذار 2021، زيارة العمل إلى المملكة العربية السعودية، وبذلك تكون الرياض ثاني محطة في جولة الوزير الروسي لافروف التي يقوم بها إلى دول الخليج والتي كان قد استهلها بزيارة أبوظبي.
ويتضمن برنامج الزيارة للعاصمة السعودية الرياض، لقاء الوزير مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود، فضلا عن إجراء محادثات مع وزير الشؤون الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود.
ويعتبر جدول أعمال زيارة الوزير الروسي حافلا بالأحداث، ومن المتوقع أن تركز المحادثات على التعاون التجاري والاقتصادي ومسائل الطاقة وقضايا الأمن الإقليمي وتسوية النزاعات الحالية فضلا عن مكافحة فيروس كورونا.
وفي اليوم نفسه، سيتوجّه لافروف إلى العاصمة القطرية الدوحة، حيث سيلتقي هناك مع نظيره التركي مولود تشاويش أوغلو، كما سيستقبله أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، وسيجري محادثات مع نظيره القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
شراكة متبادلة المنفعة
يُذكر أن موسكو والرياض تحافظان على علاقات تجارية واقتصادية وثيقة. وأشار نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك بعد زيارة إلى العاصمة السعودية في ديسمبر/ كانون الأول 2020، إلى أن كلا البلدين يهدفان إلى رفع مستوى حجم التجارة الثنائية إلى 5 مليارات دولار بحلول العام 2024.
وتتوضح جدوى مثل هذا الهدف الطموح من خلال الديناميكيات الإيجابية للتجارة الثنائية: على الرغم من كل الصعوبات المرتبطة بالوباء وظروف السوق الخارجية غير المواتية عموماً، استمر حجم التجارة بين البلدين في النمو، من يناير/كانون الثاني إلى تشرين أكتوبر/الأول 2020، وارتفع بنسبة 6% - إلى 1.4 مليار دولار مقارنة بنفس الفترة من العام 2019.
ويتم تسهيل الحفاظ على هذا الاتجاه الإيجابي إلى حد كبير من خلال عمل اللجنة الحكومية الروسية - السعودية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتقني، التي تم إنشاؤها في أكتوبر 2002.
هذا وتم الإعلان في شهر يناير أن اجتماعها المقبل سوف ينعقد في النصف الأول من عام 2020. وكما أوضحت وزارة الخارجية الروسية عشية المحادثات، فإنه من المتوقع أن يؤكد سيرغي لافروف لشركائه خطط عقد اجتماع للمفوضية هذا العام.
كما يتعزز التعاون بين موسكو والرياض في مجال الاستثمار، بما في ذلك من خلال الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة.
وفي إطار المنصّات المشتركة مع الهياكل المتخصصة في المملكة العربية السعودية، تم تنفيذ مشاريع بقيمة 2.5 مليار دولار، وفي الوقت نفسه، يجري العمل على إنشاء 12 مشروعاً مشتركاً في مختلف المجالات.
وسيناقش الطرفان القضايا المتعلقة بتنفيذ مشاريع محددة في مجالات مثل استكشاف الفضاء والطاقة النووية فضلا عن قضايا تحسين الإطار القانوني للعلاقات الثنائية. كما سيكون هناك موضوع آخر للمناقشة وهو المزيد من التنسيق بشأن الوضع في سوق النفط العالمية، والذي توليه موسكو أهمية كبيرة.
وتتعاون روسيا والمملكة العربية السعودية بشكل فعّال في قطاع النفط، وأعادتا عدة مرات تأكيد التزامهما على مواصلة التنسيق الوثيق من أجل الحفاظ على الاستقرار في سوق النفط العالمية.
محاربة الوباء
وفي شأن آخر سوف يتم خلال الزيارة إيلاء اهتمام خاص للتعاون بين موسكو والرياض في إطار مكافحة انتشار فيروس كورونا. وكما تمت الإشارة في وقت سابق، ستبدأ في المملكة العربية السعودية، التجارب السريرية لمزيج من العقار الروسي "سبوتنيك V" مع اللقاح الذي طورته شركة الأدوية البريطانية السويدية "أسترازينيكا".
وفي الوقت نفسه، تم إدراج المملكة السعودية ضمن أولى الدول التي سيتم فيها إجراء مثل هذه الدراسات.
ومن المحتمل أن يتطرق القائمون على المحادثات أيضا إلى إمكانية استخدام اللقاحات الروسية في المملكة العربية السعودية، وهو ما سبق وتمت مناقشته بالفعل في فبراير/شباط الماضي من قِبل قيادتيّ البلدين، علماً أنه لم يتم تسجيل اللقاحات روسية الصنع في المملكة حتى الآن، لكن "الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة" يعمل عن كثب مع المملكة العربية السعودية في هذا الإطار، وفي الاجتماع الوزاري الأخير الذي عُقد في 14 يناير/كانون الثاني 2021 في موسكو، تم بحث إمكانية توطين إنتاج "سبوتنيك V" في السعودية، وربما بفضل المحادثات القادمة سيكون من الممكن إعطاء دفعة لهذه القضية.
الحفاظ على الاستقرار الإقليمي
وبحسب ما أفادت به الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، فإن الجانبين سيتطرقان إلى أجندة الشرق الأوسط "مع التأكيد على ضرورة حل النزاعات المستمرة في المنطقة من خلال المفاوضات، مع مراعاة المصالح والاهتمامات المشروعة لكافة الأطراف المعنية".
ومن هذه الزاوية، سيعكل الطرفان على تحليل آفاق حل الأزمات في سوريا وليبيا واليمن ومنطقة الخليج وفي التسوية العربية - الإسرائيلية.
وعند النظر في القضايا الإقليمية، سيولي الطرفان اهتماماً خاصاً للأمن في منطقة الخليج. وفي يناير/كانون الثاني 2021، عقب قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي عقدت في المملكة العربية السعودية، تم التوقيع على اتفاق بشأن المصالحة النهائية لرباعية الدول العربية (المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة ومصر) مع قطر، ووصفت موسكو هذا التطور بأنه خطوة مهمة نحو استقرار الوضع في المنطقة.
في تلك الأثناء تظل المواجهة السياسية بين الرياض وطهران أحد عوامل عدم الاستقرار في منطقة الخليج العربي. وفي عام 2019، طرحت موسكو مفهوم الأمن الجماعي في المنطقة كإحدى الطرق لتأمينه. وتتضمن آلية جماعية للرد على التحديات والتهديدات بمشاركة دول المنطقة بما في ذلك بمشاركة إيران وجميع الدول العربية.
وفي هذا الصدد أكد وزير الخارجية لروسي سيرغي لافروف خلال لقائه السابق مع نظيره السعودي، فإن موسكو مهتمة برؤية إيران والدول العربية وهي "تقيم حواراً طبيعياً في ما بينها، وأن تتوصل إلى اتفاقيات بشأن بناء الثقة، والشفافية في الشؤون العسكرية وتعزيز التعاون بشكل عام".
وهذا بالضبط ما تهدف إليه المبادرة الروسية. لذلك، وكما هو متوقع، سوف تتم مناقشة هذا الموضوع بشكل مفصّل خلال المحادثات.
مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"
الصورة: وزارة الخارجية الروسية
المصدر: تاس