أكد رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية لروسيا الاتحادية، سيرغي ناريشكين، أن عملية روسيا العسكرية الخاصة في أوكرانيا أصبحت لحظة حقيقة واقعية بالنسبة للعالم الروسي، والذي أعلن استعداده للدفاع عن حقه في وجوده الخاص.
وجاءت تصريحات رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية، في مقالة له على الموقع الإلكتروني لمجلة "الدفاع الوطني"،وذلك اليوم الخميس 7 ابريل/نيسان 2022.
وقال ناريشكين: "كانت العملية العسكرية الخاصة لروسيا لحظة حقيقة حقيقية للعالم الروسي، الذي أعلن بحزم استعداده للدفاع الكامل عن حقه في وجود خاص بمواجهة العولمة العدوانية ، المتجسدة في الهيمنة الأمريكية، وتوسّع حلف شمال الأطلسي الـ (ناتو)، وفي سياسة التدخل الليبرالي "والدعاية المثليين"، وإلى حد لا يقل عن ذلك، أصبحت نقطة اللاعودة للغرب الجماعي، الذي، في حماسته المعادية للروس، يدوس علانية على مبادئه الأساسية التي تم الإعلان عنها لمدة عقود، أو حتى لقرون، مثل حرمة القطاع الخاص الملكية أو حرية التعبير أو النشر غير المقيد للمعلومات".
وبحسب ناريشكين، فإن "شراسة المواجهة تشير بوضوح إلى أننا نتحدث عن شيء أكبر بكثير من مصير نظام كييف". وقال: "في الواقع، فإن بنية النظام العالمي بأكمله على المحك. من الصعب إلى حد ما التنبؤ بمخططاتها المحدّدة بناءً على الوضع الحالي، ولكن يمكننا القول بثقة: لن تكون هناك عودة إلى القديم".
وبيّن المسؤول الأمني الروسي أن العملية الروسية الخاصة ستضع حداً لمحاولات تحويل أوكرانيا إلى دولة معادية للروس، تبني هويتها على أساس إنكار العلاقات مع روسيا. وكتب ناريشكين في مقالته: "ستضع العملية الخاصة الروسية حداً لا لبس فيه لمحاولات تحويل أوكرانيا إلى دولة دُمية معادية للروس، وتبني هويتها على أساس الإنكار والهوس، وشيطنة كل ما يربطها بشكل موضوعي بروسيا".
مخابئ إرهابية سرّية
وقال سيرغي ناريشكين إن واشنطن ترسل مسلحين إلى أوكرانيا من أجل تنظيم حركة إرهابية سرّية في البلاد. وكتب في مجلة "الدفاع الوطني": "(واشنطن) تستخدم أبشع الأساليب، وصولاً إلى إرسال مسلحين إلى الأراضي الأوكرانية، مكلفين بتنظيم ودعم ما يسمى بالعصابات، ولكن في الواقع هم الإرهابيون السريون في البلاد".
وبحسب ناريشكين، ترى واشنطن أن مهمتها الرئيسية تتمثل في إطالة أمد الصراع في أوكرانيا لأطول فترة ممكنة وجعله مكلفاً قدر الإمكان لكل من موسكو وكييف.
وأوضح: "في المرحلة الحالية، ترى واشنطن أن مهمتها الرئيسة تتمثل في إطالة أمد الصراع قدر الإمكان، مما يجعله مكلفًا قدر الإمكان لكل من موسكو وكييف، وفي الوقت نفسه منع التصعيد من الانتشار إلى الغرب".
وبيّن الأمني الروسي أن واشنطن، مثل معظم أعضاء الـ "ناتو" الآخرين، ليست مستعدة لتجاوز تزويد نظام كييف بالدعم المعنوي والمادي والانخراط بشكل علني في اشتباكات مسلحة مباشرة على الجانب الأوكراني.
وقال: "من الواضح أن الولايات المتحدة، وكذلك معظم أعضاء الـ ناتو الآخرين، ليسوا على استعداد لتجاوز تقديم الدعم المعنوي والمادي للمجلس العسكري في كييف والانخراط علانية في اشتباكات مسلحة مباشرة من جانبها".
"على غرار النموذج الأفغانستاني"
هذا وذكر سيرغي ناريشكين أن حلف شمال الأطلسي، كما يؤكد "الاستراتيجيون" الأمريكيون، يجب أن يحاول تحويل أوكرانيا "إلى نوع من أفغانستان"، ينبغي على الـ "ناتو"، كما يؤكد "الاستراتيجيون الأمريكيون"، "محاولة تحويل أوكرانيا" إلى نوع من أفغانستان.
وبالنسبة لأي شخص لديه معرفة طفيفة بالتاريخ والجغرافيا، فإن عدم الملاءمة المطلقة والفشل الاستراتيجي لمثل هذا القياس أمر واضح. ومع ذلك، هل يستحق الأمر توقع الكثير من القادة الذين يخلطون بين ماريوبول ومتروبول ويعتبرون فورونيج وروستوف على الدون مدينتين أوكرانيتين؟".
عالم متعدد الأقطاب
إلى ذلك، وبين سطور مقالته، تحدث ناريشكين عن أن روسيا تخلق حقاً عالماً متعدد الأقطاب لم يكن موجوداً من قبل، وسيستفيد منه حتى خصومها الحاليون في المستقبل، وإلى أن ثمة مرحلة جديدة جذرياً في تاريخ أوروبا والعالم تتكشف أمام أعيننا.
وأشار مدير الاستخبارات الخارجية إلى أن"جوهر هذه المرحلة يكمن في انهيار العالم أحادي القطب ونظام العلاقات الدولية القائم على حق الأقوى، أي الولايات المتحدة، في تدمير الدول الأخرى من أجل منع أدنى احتمال لتحويلها إلى مراكز قوة بديلة".
وأضاف في هذا الجانب أن هذه الأهداف تم السعي وراءها في يوغوسلافيا وأفغانستان والعراق وليبيا وسوريا- هذا ما كانت جهود الغرب تهدف إلى جر أوكرانيا إلى فلك نفوذها. واليوم، تتحدى روسيا هذا النظام علانية - فتخلق عالما متعدد الأقطاب حقا لم يكن موجوداً من قبل، والذي سيستفيد منه الجميع، حتى خصومنا الحاليون، في المستقبل.
ووفقا له، إذا لم يكن لدى أوروبا والولايات المتحدة ما يكفي من النضج والشجاعة للتحرك في هذا الاتجاه، فسيتعين على مراكز القوة الأخرى تصميم مستقبل عالمي بدونهما. وينبغي استبدال العالمية الليبرالية البالية بنظام عالمي جديد - عادل ومستقر، منوّهاً بأنه "يجب أن يتم إنشاؤه وفقا لتلك الظروف والصيغ التي تضمن تعايش الدول والجمعيات الإقليمية مع الحفاظ على حق كل منها في التنمية الأصلية".
وأعرب مدير جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية عن ثقته في أن تلك القوى السليمة في الدول الغربية، المدركة للمخاطر التي تواجه المجتمع الدولي وتهتم ببساطة بالحفاظ على الذات، ستنجذب بشكل متزايد إلى هذه العملية.
مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"
الصورة: الموقع الرسمي لرئيس روسيا الاتحادية
المصدر: تاس