سيجري وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف محادثات مع نظيره الأردني، أيمن حسين عبد الله الصفدي اليوم الخميس 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، كما سيستقبله العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني خلال زيارته للمملكة.
وقد وصل لافروف إلى العاصمة الأردنية مساء أمس، حيث أصبحت عمّان النقطة الأولى في رحلة عمل الوزير إلى الشرق الأوسط، التي سيزور خلالها الإمارات العربية المتحدة أيضا.
يجدر القول، إن زيارة الوزير الروسي إلى المنطقة تتم مباشرة بعد قمة جامعة الدول العربية التي عقدت في الفترة من 1 إلى 2 نوفمبر في العاصمة الجزائرية. ومن المحتمل أن يبلغ الجانب الأردني لافروف بنتائجها.
وأشارت وزارة الخارجية الروسية عشية المحادثات إلى أن موسكو تعتبر زيارة لافروف إلى الأردن جزءً مهماً من الجهود المستمرة لتعزيز التعاون متعدد الأوجه مع الشركاء التقليديين في الشرق الأوسط. وأعلنت الوزارة: "ننطلق من حقيقة أن هذا يلبي المصالح طويلة الأجل لضمان السلام والازدهار والاستقرار في هذه المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية".
ملفات إقليمية: سوريا، فلسطين، العراق
هذا وسيتبادل وزيرا البلدين التقييمات حول القضية السورية، إذ يوحد موسكو وعمان فهم مشترك للحاجة بضرورة التعامل مع حل جميع المشاكل القائمة من خلال الحوار المباشر الذي يوفره السوريون أنفسهم، بما في ذلك في إطار اللجنة الدستورية. كما يمتلك الجانبان مواقف متقاربة جدا بشأن الحاجة إلى القضاء على الجيوب الصغيرة المتبقية من الإرهاب على الأراضي السورية، وتوفير الظروف من أجل عودة اللاجئين والمساعدة الدولية لإعادة إعمار هذا البلد.
في هذا السياق، سيناقش الطرفان بالتأكيد عمل صيغة أستانا (روسيا وإيران وتركيا)، وكذلك الاستعدادات للاجتماع الدولي القادم حول سوريا في هذا الإطار، المقرر عقده قبل نهاية العام في عاصمة كازاخستان - مدينة أستانا. ويشارك الأردن بانتظام في هذه الاجتماعات بوصفه بلداً مراقباً إلى جانب العراق ولبنان. ومن المرجح أن يتطرق الطرفان أيضاً إلى الوضع في مخيم الركبان للاجئين بالقرب من الحدود الأردنية - السورية، حيث لا يزال الوضع الإنساني صعبا.
من أحد الموضوعات الرئيسية للمحادثات سيكون كذلك وضع التسوية الفلسطينية -الإسرائيلية. ويولي الأردن هذه المسألة اهتماماً ذا أولوية، خصوصاً وأن الملك الأردني يتمتع بوضع الوصي على الأضرحة الإسلامية في القدس، مما يجعل دور المملكة في هذا الأمر مهم بشكل خاص.
وتمتلك موسكو وعمان رأياً مشتركاً في هذه الأزمة مفاده الحاجة إلى دفع حل الدولتين باعتباره الطريقة الوحيدة الممكنة لحل النزاع في النهاية. يذكر أنه خلال زيارته لروسيا في عام 2021، أشار الملك عبد الله الثاني إلى "الدور التاريخي" للاتحاد الروسي في تسوية الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، الأمر الذي أتاح "للإسرائيليين وللفلسطينيين البدء في مناقشة القضايا القائمة مع بعضهم البعض". وكان أيمن الصفدي قد أشار في وقت سابق إلى أن اللجنة الرباعية للوسطاء الدوليين في الشرق الأوسط تلعب دوراً رئيساً في التسوية الفلسطينية - الإسرائيلية، "لذا يجب أن ينعش هذا الإطار أنشطته".
الوضع في العراق مُدرج أيضاً على جدول أعمال المحادثات في سياق موافقة البرلمان على الحكومة الجديدة للبلد. وأعلنت وزارة الخارجية الروسية: "نعوّل على أن يبذل مجلس الوزراء برئاسة محمد السوداني الجهود اللازمة لتحسين الوضع في العراق، بما في ذلك ضمان الأمن والقانون والنظام هناك".
الأزمة الأوكرانية
إلى ذلك، من المحتمل أن يخبر الوزير الروسي الجانب الأردني بالتفصيل عن الوضع في أوكرانيا في سياق العملية العسكرية الروسية الخاصة، إذ تتبنى عمّان موقفاً متوازناً ومستوياً إزاء هذه العملية. وفقاً لموسكو، فإن رفض عمّان الانضمام إلى العقوبات المناهضة لروسيا يؤكد أن "العلاقات الثنائية التي اجتازت اختبار الزمن بين الاتحاد الروسي والأردن لا تخضع لتقلبات ظرفية مرتبطة بالتغيرات في الوضع الجيوسياسي".
بالإضافة إلى ذلك، قد يتطرق الطرفان أيضاً إلى الوضع حول صفقة الحبوب، التي كانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2022 تعليق مشاركة موسكو فيها بعد ارتكاب أوكرانيا هجوماً إرهابياً ضد سفن أسطول البحر الأسود والسفن المدنية المشاركة في ضمان أمن ممر الحبوب.
إلا أنه تم الإعلان يوم أمس الأربعاء أن روسيا ستستأنف المشاركة في الصفقة بعد تلقيها ضمانات مكتوبة من جانب أوكرانيا، بشأن عدم استخدام ممر الحبوب للقيام بعمليات عسكرية ضد موسكو. وأشارت وزارة الدفاع الروسية إلى أن هذا حدث بفضل وساطة الأمم المتحدة وتركيا. ومع ذلك، فإن مسألة تمديد الصفقة، التي تنتهي في منتصف نوفمبر الجاري، لا تزال مفتوحة.
تجدر الإشارة إلى أن الأردن عضو كذلك في فريق الاتصال التابع لجامعة الدول العربية المعني بأوكرانيا. وقد عقد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اجتماعاً مع زملائه من الجامعة العربية في هذا الإطار، وذلك على هامش الدورة الـ 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أعطت موسكو عقبه تقييماً عالياً للموقف المتوازن لجامعة الدول العربية بشأن هذه المسألة.
العلاقات الثنائية
من جانب آخر، سيولي الطرفان اهتماماً كبيراً لتعزيز التعاون التجاري بين روسيا الاتحادية والممكلة الردنية الهاشمية. فمعدلات نمو حجم التجارة بين روسيا والأردن لا تزال أقل من المستوى المرغوب، لكن الدولتين مهتمتان بزيادتها، وستساهم في ذلك اللجنة الحكومية الروسية - الأردنية لتنمية التعاون التجاري - الاقتصادي والعلمي - التقني، التي عقدت اجتماعها الأخير في 2 فبراير/شباط الماضي عبر مؤتمر فيديو.
من أجل تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية والسياحية، سيناقش الجانبان، الروسي والأردني/ أيضاً سبل تسهيل قضايا التأشيرات واستئناف الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين. وتشير موسكو وعمّان إلى أُفق جيدة لتطوير التعاون العسكري - التقني بين البلدين والتعاون في مجال الطاقة النووية.
مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا – العالم الإسلامي"
الصورة: وزارة الخارجية الروسية
المصدر: تاس