أعلن نائب رئيس مجلس الأمن في روسيا الاتحادية دميتري ميدفيديف، أن تدفق المهاجرين إلى روسيا في تزايد، مشيراً إلى أنه هذا المعدّل زاد العام الماضي بمقدار الثلث عمّا كان عليه في العام الذي قبله 2020.
وقال نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ذلك خلال اجتماع بشأن التدابير الإضافية لدمج المهاجرين وتكييفهم في المجتمع الروسي، وذلك اليوم الجمعة 11 فبراير/شباط 2022.
ولفت ميدفيديف إلى أن الأمر يتعلق في الغالب بأشخاص من الدول المجاورة لروسيا، موضحاً أن "تدفق المهاجرين يتزايد في الوقت الراهن، خاصة بعد تراجع تدابير مكافحة الوباء في عدد من البلدان، وفي عام 2021 أصبح أكثر من الثلث عما كان عليه في عام 2020. ويأتي إلينا عدة ملايين من المواطنين الأجانب كل عام".
وأضاف: "وفقاً لوزارة الشؤون الداخلية، يتراوح عدد أكبر الجاليات في روسيا اليوم بين مليون و5 ملايين شخص"، مبيناً أنه "هؤلاء هم بشكل أساسي أشخاص من بلدان آسيا الوسطى"، وهذه المجموعات "غير متجانسة للغاية، ولها سماتها الخاصة، وغالباً ما تكون في صراعات".
ولفت نائب رئيس مجلس الأمن الروسي الانتباه إلى حقيقة أنه "في الأماكن التي يعيش فيها المهاجرون بشكل مضغوط، هناك خطر تكوين جيوب عرقية". واستدرك قائلاً: "هذه مشكلة عالمية، وهي مجسدة لدينا أيضاً بالكامل. (مشكلة تشكيل) نوع من هذه الدول الصغيرة داخل دولة تعيش وفقاً لقوانينها ومفاهيمها، والأخطر من ذلك، تجاهل قوانيننا".
وبحسب دميتري ميدفيديف، فإنه دون رقابة مناسبة يُمكن أن تصبح "أرضاً خصبة لمشاعر المتطرفين والإرهابيين وبؤر للجريمة"، منوهاً بأن العلاقات بين سكان هذه المناطق والسكان المحليين حذرة للغاية وعدائية في كثير من الأحيان.
وعبّر المسؤول الروسي عن اعتقاده أن "السبب غير المهم حرفيا يكفي لانفجار الغضب، ويكفي أن تقترب بعود كبريت، كما يُقال".
وفي هذا الصدد، حثّ على تعزيز السيطرة على الوضع في هذه الأحياء والمناطق السكنية، بهدف الاضطلاع بالأعمال الوقائية، بما في ذلك مع القادة الرسميين وغير الرسميين لهذه الجاليات.
وبذلك، شدّد السياسي الروسي بقوله إنه "من الواضح أن الإجراءات المعتمدة الآن ليست كافية على الإطلاق، فالمناوشات تحدث كل يوم".
وبشكل عام، تحدّث دميتري مدفيديف عن أهمية اندماج المهاجرين وتكييفهم في المجتمع الروسي. وقال: "هذا مرتبط بمشاكل اقتصادية وقانونية ومالية واجتماعية ثقافية معقدة للغاية. ومن الضروري، بلا شك، التركيز على هذا الموضوع، لأنه يسبب التوتر في المجتمع ويحدث صدى".
مصالح الروس والأمن القومي
وفي سياق متصل، قال دميتري ميدفيديف إن أولوية روسيا تظل مصالح مواطنيها وأمنها القومي، على الرغم من ضرورة تهيئة ظروف مريحة للأجانب في روسيا.
وأوضح قائلا: "أي أن الانتقال إلى مكان جديد يمثل دائماً مشكلة بالنسبة لأي شخص، حتى أولئك الذين يغيّرون منطقة إقامتهم يشعرون بذلك، وخاصة عندما يسافر الشخص إلى بلد آخر، لذلك يجب أن تكون عمليات تأقلم المهاجر مريحة وآمنة بالنسبة له وبالنسبة للمضيف، أي للمجتمع الروسي ككل".
وبيّن ميدفيديف: "بالطبع، نحن مُهتمون بمنح الأجانب فرصة للعمل بشكل قانوني في روسيا، وتلقي التعليم والرعاية الطبية هنا، وتربية الأطفال، لكنّني أريد أن أشير على وجه التحديد إلى أن قضايا أمننا القومي، ودولتنا، ورفاهيتنا وراحتنا تظل أولوية بالنسبة لنا.. أهلنا - أي أهلنا على وجه التحديد".
الفحص الطبي
وفقا لميدفيديف، يجب أن يصبح الفحص الطبي للأجانب الذين يدخُلون روسيا لفترة طويلة إلزاميا.
وقال: "في الوضع الوبائي اليوم، تعتبر قضايا الفحص الطبي للأجانب الذين يدخلون بلادنا لفترة طويلة بما فيه الكفاية ذات أهمية خاصة. من المُهم ألا يكونوا مصدراً للأمراض المعدية والخطيرة اجتماعيا".
وبالإضافة إلى ذلك، تابع ميدفيديف أنه يجب أن يكون النهج المتبع لفئات مختلفة من المهاجرين مرناً ومتميزاً، لأنه في إحدى الحالات نتحدث عن متخصصين مؤهلين تأهيلاً عالياً، في الحالة الأخرى - عن أشخاص بدون مؤهلات.
وأوضح قائلا: "هنا، أيضا ثمة ما هو مثير للتفكير. نحن بحاجة إلى تحليل الموقف، وجعل هذه الإجراءات مريحة ومعقولة، ولكنها بالطبع مُلزمة بشكل عام، ويجب أن تنطبق على الجميع، حتى لو كانت هذه الإجراءات مختلفة قليلاً، فيما يتعلق لفئات معينة".
وبحسب رأيه، ينبغي أيضا أن تؤخذ تجربة الدول الأجنبية في الاعتبار في هذا العمل.
وفي الوقت نفسه، أشار دميتري ميدفيديف إلى أن روسيا قد اعتمدت في السابق قانوناً فيدرالياً يضع قواعد جديدة للفحوصات الطبية الإلزامية لفئات معيّنة من المهاجرين.
الوضع في الأقاليم
وفي سياق متصل أيضا، انتقد نائب رئيس مجلس الأمن الروسي السلطات البلدية والإقليمية في روسيا بسبب نقص المعلومات حول تدفقات الهجرة في أراضيها.
وقال: "تكمن مشكلة السلطة في أن الإدارات البلدية غالباً ما لا تملك معلومات عن تدفقات الهجرة على أراضيها، فهذه ليست مُهمتنا، بل إن وكالات إنفاذ القانون تتعامل مع أو بعض الهياكل الفيدرالية أو الإقليمية على الأقل، ومن المهام يتم حذفها ببساطة، لا تتفاعل مع هيئات الشؤون الداخلية والهياكل التنظيمية".
وشدّد دميتري مدفيديف على أن السلطات المحلية "لا تعرف الحالة المزاجية للمغتربين، وليس لها اتصالات بقادتها، لأن هذا في كثير من الأحيان ليس بالأمر اللطيف، ولا يتم إيلاء الاهتمام الكافي لجميع هذه القضايا".
وقال نائب رئيس مجلس الأمن الروسي: "لكن ليس فقط السلطات البلدية. والسلطات الإقليمية، للأسف، بهذا المعنى، ليست نموذجا يحتذى به، على الأقل في عدد من المناطق".
وتابع ميدفيديف: "عندما يحدث شيء هناك، تبدأ المنشورات المختلفة حول هذا الموضوع في الظهور، ويبدأ الإنترنت في الانفجار، ويبدو أن السلطات الإقليمية لا علاقة لها به".
وتابع المسؤول الروسي: "لم يقم ثلث الكيانات المكونة لروسيا الاتحادية حتى بتطوير مثل هذه البرامج، ولا توجد أموال في الميزانية لهذه الأغراض، على الرغم من حقيقة أن مئات الآلاف من هؤلاء الأشخاص يعيشون فيها في كثير من الأحيان، إلا أن هذا متروك إلى حد كبير للصدفة". وقال: "مثل هذا الوضع غير مقبول".
وأشار نائب رئيس مجلس الأمن إلى أن هذا العمل يجب أن يتم "على المستويين البلدي والإقليمي بالتنسيق مع وزارة الداخلية وجهاز الأمن الاتحادي"، مضيفاً: "لكن الإشارات يجب أن تأتي من السلطات الإقليمية والبلدية".
حول لجنة مجلس الأمن الروسي لقضايا سياسة الهجرة
وأشار دميتري ميدفيديف إلى أن الرئيس فلاديمير بوتين وقع في وقت سابق مرسوماً يتعلق بتشكيل لجنة مشتركة بين الإدارات في مجلس الأمن الروسي بشأن تحسين سياسة الهجرة الحكومية. ووفقاً للوثيقة، سيرأس الهيكل الجديد نائب رئيس مجلس الأمن الروسي.
وأشار السياسي الروسي إلى أن مثل هذا العمل جار العمل عليه بالفعل، وسيكون هناك مفهوم لسياسة الهجرة الروسية حتى عام 2025. وخلص نائب رئيس مجلس الأمن الروسي إلى القول: "آمل أن يوفّر إنشاء اللجنة أدوات إدارية إضافية لتحقيق أكثر فعّالية للأهداف التي حددها رئيس الدولة".
مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"
الصورة: مجلس الاتحاد الروسي
المصدر: تاس