اختتمت نهاية الأسبوع الماضي فعاليات معرض دمشق الدولي في دورته الـ 61 والتي استمرت 10 أيام بين 28 آب / أغسطس إلى 6 أيلول/ سبتمبر الجاري، ترافقت مع أمل كبير وإنجازات ملحوظة على أرض الواقع فيما يتعلق بتحسن عجلة الإنتاج وعودة التصدير والتبادل التجاري بين سوريا والكثير من الدول، رغم العقوبات القسرية الاقتصادية عليها، وذلك بحسب ما أظهرته غالبية التصريحات التي أدلى بها معنيون بالشأن السوري.
وكان "الملتقى الثالث لرجال الأعمال السوري – الروسي" باكورة الأنشطة الاقتصادية في المعرض بمشاركة عدد من كبار رجال الأعمال السوريين والروس، حيث تم خلاله بحث آفاق الاستثمار والتبادل الاقتصادي والتجاري وسبل تطويره بين البلدين والفرص الاستثمارية والتجارية والاقتصادية والزراعية في سوريا ولا سيما في مرحلة إعادة الإعمار.
وأكد محللون اقتصاديون سوريون أن المعرض هذا العام، وخلال عشرة أيام متواصلة شكل نصراً اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وفنياً شهدته 38 دولة مشاركة، ودول أخرى كثيرة أرسلت رجال أعمالها وإعلامييها لتغطية هذا الحدث المهم على المستوى المحلي والعربي في بلد ما زالت تطرد الإرهاب من أراضيها بمساعدة الحليف الروسي.
وبيّنت المؤسسة العامة للمعارض ازدياد أعداد الشركات الإيرانية الموجودة هذا العام إلى أكثر من 60 شركة والشركات الجزائرية إلى 18 والروسية إلى 16 شركة من مختلف مناطق الاتحاد الروسي، فيما سجلت 7 شركات برتغالية مشاركتها الأولى في معرض دمشق الدولي وهناك الكثير من الدول الأخرى. بالإضافة إلى شركات من مختلف الجنسيات.
CC BY 2.0, معبد جوبيتر الدمشقي
المعرض ساحة تنفيذ التعاون الروسي السوري
شهد معرض دمشق الدولي في دورته الحالية أكبر مشاركة في تاريخ المعرض منذ عام 1954 حيث بلغ عدد الدول المشاركة 38 دولة عربية وأجنبية.
وسبق انطلاق فعاليات المعرض تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض عقوبات على الدول المشاركة في المعرض، وهنا قالت موسكو في هذا الجانب "إن محاولات واشنطن تعطيل انعقاد معرض دمشق الدولي تستهدف إلحاق الضرر بسوريا".
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أن المحاولات الأمريكية لتعطيل معرض دمشق الدولي ضارة بسوريا ومخالفة لقرارات مجلس الأمن الدولي.
ومع ذلك دفعت روسيا الاتحادية بأكبر قدر ممكن من شركاتها للمشاركة في المعرض الدولي انطلاقاً من إدراكها لأهمية الاستثمار الروسي في سوريا والتعاون الاقتصادي بين البلدين.
وأشارت الخارجية الروسية إلى أن أهمية المعرض الدولي في دمشق "بالنسبة لبلد يسير على طريق الاستقرار واستعادة الاقتصاد الذي تم تدميره نتيجة لهجوم الإرهاب الدولي".
الجدير ذكره أن معرض دولي يقام في دمشق سنوياً منذ العام 1954 حتى بداية الأزمة في عام 2011، حيث انقطع لسنوات ثم تم استئنافه في العام 2017.
عقود الغاز والنفط مع الجانب الروسي
الجدير ذكره أن عدد زوار المعرض بلغ 1462000 زائر، وإضافة إلى العديد من الاتفاقيات والعقود الاقتصادية التي تم توقيعها خلال المعرض إلا أن الكثير منها أيضاً تم التنسيق له وسيتم التواصل والتنسيق بشأنها وسيتم إبرامها والتوقيع عليها بعد إنتهاء المعرض بفترة من الزمن.
وأعلنت وزارة النفط والثروة المعدنية السورية عن توقيع ثلاثة عقود مع شركات روسية في مجال النفط والغاز. من جهة أخرى وقعت مؤسسة الحاجي لتصدير الخضراوات والفواكه مع "البيت السوري في جمهورية القرم الروسية" اتفاقية لتصدير كميات من الخضراوات والفواكه وزيت الزيتون بقيمة 2 مليون دولار. إضافة إلى العديد من العقود والاتفاقيات التي تلامس مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية والاستثمار.
القرم وإعادة إعمار السكك الحديدية السورية
اللافت في دورة هذا العام من المعرض الدولي الاتفاقيات وفرص الاستثمار المتاحة مع الدول الصديقة كروسيا الاتحادية.
وقال وزير الصناعة في القرم الروسي أندريه فاسيوتا، إن شركات القرم ستشارك في المناقصات الحكومية في سوريا لاستعادة خطوط السكك الحديدية وكذلك توريد الحبوب والمنتجات النفطية.
معرض دمشق الدولي, الجمهورية العربية السورية. دمشق. 1 يونيو 1988 / شنيكوف , TASS
كما وقع وفد القرم في سوريا وخلال المعرض، اتفاقية تعاون تجاري واقتصادي مع الجانب السوري، وأكد الوفد المشارك أن البيت التجاري المشترك بين القرم وسوريا سيشارك في مناقصات حكومية على أراضي سوريا. وهنا نتحدث عن إعاد إعمار السكك الحديدية وتوريد الحبوب والمنتجات النفطية.
كما عرضت شبه جزيرة القرم خدماتها البحرية على سوريا، وأعلن نائب رئيس مجلس وزراء القرم والممثل الدائم لرئيس روسيا الاتحادية، غيورغي مرادوف، أن شبه جزيرة القرم مهتمة بأن تقوم سوريا ببناء وإصلاح سفنها في أحواضها المائية.
التوأمة بين القرم والساحل السوري
ليس الحديث عن العلاقات بين سوريا والقرم جديد على الساحة، فقد أكد محافظ مدينة اللاذقية السورية إبراهيم خضر السالم في نيسان/ أبريل العام 2018 أن المنتدى الاقتصادي العالمي في مدينة يالطا له أهمية كبيرة، وخاصة بعد القضاء على الإرهاب بمساعدة روسيا وبدء إعادة الإعمار في سوريا، ووجود فرق عمل كبيرة سواء في محطات المياه والكهرباء والبنى التحتية والسكك الحديدية.
الجدير ذكره أن هناك جهود كبيرة مشتركة بذلها الجانبان السوري والروسي بخصوص التوأمة بين مدينتي يالطا واللاذقية وطرطوس، وأيضا فيما يتعلق باتفاقيات بين المرافئ، وهذه المسائل جميعها مهدت الطريق إلى بدء النشاط التجاري والتبادل التجاري، وكان هنا حركة تجارية شهدت بداياتها في نهايات عام 2018 وبدايات عام 2019 والمأمول أن تتعاظم هذه الحركة خلال الفترة القادمة.
توقيع مئات العقود والاتفاقات
أثمر معرض دمشق الدولي في دورته الحادية والستين عن التوصل إلى مئات العقود والاتفاقيات والتفاهمات بين الشركات المشاركة ورجال الأعمال الأجانب والعرب والسوريين لتسويق المنتجات السورية خارجياً وداخليا وإقامة شراكات لمشاريع في القطاعات الإنتاجية والخدمية والطاقة وفي مجالات إعادة الإعمار.
المشاركة الروسية المتميزة
نوّه مدير مؤسسة المعارض والأسواق الدولية السورية، غسان الفاكياني، بالمشاركة الروسية في دورة هذا العام من المعرض قائلاً: المشاركات الروسية دائماً متميزة في دورات معرض دمشق الدولي"، مبيناً أن المساحات المحجوزة للشركات الروسية بلغت هذا العالم 500 متر مربع تضم العديد من الشركات الروسية المتخصصة في مجال الصناعة والمواد الغذائية وإعادة البناء والإعمار.
ومذكراً بأن هناك لقاءات وندوات واجتماعات بين رجال الأعمال السوريين ورجال الأعمال العرب والأجانب ومن ضمنهم رجال الأعمال الروس.
وكان للنائب في مجلس الدوما الروسي إيفان تيتيرين كلمة بهذا الخصوص عندما أكد أن انطلاق فعاليات الدورة الـ 61 لمعرض دمشق الدولي مؤشر مهم على انتصار سوريا حيث أثبتت للعالم برمته قدرتها على حماية استقلالها وصون سيادتها.
تيتيرين: الأعمال بدأت بمساعدة شركات روسية
وقال تيتيرين في تصريح لوسائل إعلام سورية: إن مشاركة العشرات من الدول في فعاليات المعرض تزيد من أهميته وتمثل مؤشراً على أن الجهود الوطنية ستوجه نحو إعادة الإعمار وإكمال مسار التنمية والتطور.
وأشار تيتيرين إلى أن إعادة إعمار سوريا أصبحت حقيقة واقعة حيث بدأت الأعمال في مختلف المدن والبلدات السورية وذلك بمساعدة شركات البلدان الصديقة لسورية وفي مقدمتها الشركات الروسية، مشدداً على فشل المخططات الأميركية لاستهداف سوريا معتبراً أن الدعوة التي أطلقتها واشنطن علناً إلى مقاطعة معرض دمشق الدولي والتهديد بفرض عقوبات على الشركات المشاركة في هذا المعرض تعبير عن هذا الفشل.
بدوره قال مسؤول سوري: إن المناخ الاقتصادي الدولي الحالي يعيق استعادة سوريا لعافيتها الاقتصادية، ومعرض دمشق الدولي المقام حالياً في العاصمة السورية هو خطوة إيجابية في طريق التعافي. وأضاف: مع تقدم الجيش السوري بدعم روسي وتحريره لمناطق واسعة من الأرضي السورية من سيطرة الإرهابيين بدأت تعود الحياة إلى المناطق المحررة، وجميعها تعتبر مؤشرات على أن الدولة مستمرة في تحسين الاقتصاد والتصنيع.
الخدمة الصحفية لرئيس جمهورية القرم / TASS
سوريا والقرم - بيت تجاري وشركة ملاحة وتبادل المشاركات بالمعارض
حدث آخر مهم في العلاقات بين سوريا والقرم الروسي حيث وقعت الجانبان خلال فعاليات المعرض اتفاقية لتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بينهما في مجالات إنشاء بيت تجاري وشركة ملاحة للقطاع الخاص وتبادل المشاركات في المعارض.
وفي تصريح صحفي أكد نائب رئيس حكومة جمهورية القرم، غيورغي مرادوف، أهمية تعزيز التعاون الروسي السوري في كل المجالات وخاصة إعادة إعمار سوريا، مبيناً أن هدف زيارته توقيع اتفاقيات تعاون تجاري واقتصادي بين البلدين والمشاركة في معرض دمشق الدولي. ولفت مرادوف إلى النجاحات الكبيرة التي حققتها سوريا في مكافحة الإرهاب مؤكدا أن هذه النجاحات تمهد الطريق للمساهمة الروسية في عملية إعادة الإعمار والعمل في كل المجالات الاقتصادية السورية.
وفي تصريح مماثل أوضح وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السوري، محمد سامر الخليل، أن الاتفاقية جاءت بعد عام من التعاون بين البلدين وشملت عدة مجالات منها إنشاء بيت تجاري يشكل قناة للتعاون من خلال استيراد وتصدير المنتجات بين سوريا والقرم.