منذ بداية الحملة العسكرية الروسية في سوريا، وإنقاذ مؤسسات الدولة السورية من الإرهاب، فرضت روسيا نفسها كلاعب أساسي في منطقة الشرق الأوسط. وشهدت علاقاتها نموا ملحوظا مع كل من مصر والسعودية وإيران وحتى تركيا بالإضافة إلى دول أخرةى في المنطقة. تركيا كانت تقف في الجهة المعادية من الجبهة في الحرب الدائرة في سوريا بداية الحملة العسكرية الروسية، بيد أن الأمر تغير بشكل جذري فيما بعد، وشراء تركيا منظومة الدفاع الجوي الروسية المتطورة إس أربعمائة خير مثال على ذلك. وقد أقدمت أنقرة على شراء السلاح الروسي رغم أنها عضو في حلف الناتو، ورغم التهديدات الأمريكية بفرض عقوبات عليها.
أضف إلى ذلك المشاريع الاقتصادية بين البلدين كخط غاز السيل التركي وغيره.
الدبلوماسي الروسي البارز ألكساندر غورشاكوف / Public Domain
كل هذا يشير إلى مستوى العلاقة بين موسكو وأنقرة وتجاوز الكثير من الخلافات السابقة.
ورغم العلاقات الروسية الجيدة مع إسرائيل تمكنت روسيا من تعزيز علاقاتها مع إيران والعمل معها للتوصل إلى تسوية سياسية في سوريا في إطار مفاوضات أستانا.
كما تمكنت روسيا من التنسيق مع السعودية في مجال النفط والحفاظ على الاستقرار في أسوقه.
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. الصورة: وزارة الخارجية الروسية
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي زار روسيا أكثر من مرة، وبمرسوم صدر من دميتري ميدفيدف في نوفمبر سنة 2017 تمت «المصادقة على مشروع الاتفاق بين حكومة روسيا الاتحادية وحكومة جمهورية مصر العربية حول نظام استخدام المجال الجوي والبنية التحتية الخاصة بالمطارات لروسيا ومصر». كما تبني شركة «روس آتوم» محطة الضبعة النووية في مصر، وهي أول محطة نووية لإنتاج الطاقة في مصر. أما عسكريا، فتجري القوات الروسية والمصرية مناورات عسكرية مشتركة منذ العام 2016.
باستثناء سوريا، يعود الفضل بالدرجة الأولى إلى الدبلوماسية الروسية في تعزيز الوجود الروسي في الشرق الأوسط. فقد وضعت موسكو خلال الأعوام القليلة الماضية نهاية لعقود من الغياب الروسي في الشرق الأوسط، وبل وجعلت النفوذ الاتحاد الروسي أقوى من السوفيتي حسب بعض المراقبين.
الرئيسان الروسي والمصري / Public Domain
تدرك السياسة الخارجية الروسية قوة الدبلوماسية. وهذا ما لا تدركه الولايات المتحدة، حيث لا يوجد لديها سفارة في إيران ولا في سوريا. بينما كان منصب السفير في السفارة الأمريكية في أنقرة شاغرا لمدة عام ونصف العام قبل وصول السفير الجديد قبل نحو شهر. وكذلك الأمر في سفارة الولايات المتحدة في مصر، منذ أن انتهت بعثة السفير روبيرت بيكروفت في يوليو 2017 وحتى وصول السفير جونتان كوهين في الأول من الشهر الجاري، بقيت السفارة الأميريكية دون سفير لأكثر من عامين. منذ مارس 2017 وحتى يومنا هذا لا يوجد سفير أمريكي في الأردن، ومنذ يونيو من نفس العام لا يوجد سفير في قطر،، منذ نهاية العام 2017 وحتى مطلع الشهر الجاري لم يكن هناك سفير أمريكي في ليبيا، وحتى في المملكة العربية السعودية بقي منصب سفير في السفارة الأمريكية منذ يناير 2017 وحتى يونيو من العام الجاري. بينما تجول الأساطيل الأمريكية في مياه الخليج والمتوسط، وتنتشر القوات الأمريكية في قطر والبحرين والكويت والإمارات.. ويبدو أن الولايات المتحدة تعول على وجود قوتها العسكرية في بناء علاقاتها مع دول المنطقة تارة، وعلى لغة العقوبات تارة أخرى. وقد بينت الأعوام الماضية أن لا القوة العسكرية ولا العقوبات تأتي بنتيجة.
مجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا – العالم الإسلامي"