عملت الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها خلال القرن الماضي بكل السبل لتحقيق الاهداف الاستراتيجية على إشعال الحروب في كل بقاع الأرض وتحت ذرائع وأسباب تختلف من حرب الى اخرى، كما عملت باصرار خلال فترة الحرب الباردة، و بشتى السبل بالترهيب والترغيب على اقناع حلفاء موسكو بالتخلي عنها، ومع ذلك واصلت العديد من الدول إنتهاج سياستها المستقلة دون النظر لذلك مثل كوبا وكوريا الشمالية والصين وفيتنام.
منذ صعود فلاديمير بوتين الى رئاسة الحكم في روسيا الاتحادية، توالت الانتصارات الروسية على الصعيد العالمي، سياسيا واقتصاديا وعسكريا، والتي شكلت لواشنطن صدمة تلو الأخرى.
بالاضافة الى إستعادة روسيا البوتينة لشبه حزيرة القرم ولعبها دورا محوريا أساسيا في عملية القضاء على تنظيم الدولة "داعش" في سوريا، شكلت صفقات القرن الاستراتيجية الروسية مع اوروبا مثل السيل الشمالي والسيل التركي و "إس – 400" مع كل من روسيا البيضاء والصين وتركيا كابوسا حقيقيا لواشطن ، وستؤثر نتائج هذه الصفقات على العلاقات الاستراتيجية بين الغرب وروسيا على المدى القريب والبعيد، حيث ستلعب موسكو دورا رائدا في تأسيس العالم الجديد، عالم الاقطاب المتعددة والمتنوعة.
صفقة نظام الدفاع الصاروخي الروسي " إس – 400 " الى تركيا، تختلف تماما عن الصفقات السابقة مع كل من روسيا البيضاء و الصين او حتى الهند مستقبلا لعدة أسباب، تعود الى موقع تركيا ودورها المحوري في ازمات الشرق الاوسط بالاضافة الى عضويتها في حلف شمال الاطلسي الذي كان تاريخيا ومازال ينتهج سياسة توسعية نحو الشرق ويكن العداء لموسكو وحلفائها.
تم توقيت "زفة" الدفعة الاولى من نظام الدفاع الصاروخي الروسي الى أنقرة في ليلة المحاولة الفاشلة للإنقلاب على الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، قبل ثلاثة اعوام، أي في الـــــ 15 من تموز / يوليو 2016 ، هذا التوقيت له دلالته المهمة عند أردوغان ، الذي وجه رسائل قوية صاعقة، كاصفقة نفسها، بانه ماضي في علاقات الشراكة الاستراتيجية على كل الاصعدة وفي كل المجالات مع موسكو دون رجعة، ووصف الصفقة " بأهم حدث تاريخي في البلاد".