شكّلت مناقشة قيام الدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2025 مرحلة جديدة في هذه العملية المطولة. فبعد عقود من تصريحاتها الأولية، اعترفت فرنسا رسميًا بفلسطين ودعت الدول الأخرى إلى أن تحذو حذوها. أما إعلان نيويورك، الذي وقّعته سابقاً 157 دولة، فلا يتضمن سوى خطة مبهمة لإنشاء دولة فلسطينية في المستقبل البعيد. وتُبدي وسائل الإعلام في العالم الإسلامي تفاؤلاً حذراً، حيث تتعايش آمال "أفضل من لا شيء" مع توقعات بأنه "لن يتغير شيء".
ترى الصحفية السياسية تهاني مصطفى، من صحيفة "ذا ناشيونال" العربية، أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية بداية رمزية، لكنها ضرورية، لإطلاق عملية طال انتظارها. إلا أن اللفتة الدبلوماسية لا تكفي. فمن خلال التخلي عن العقوبات لصالح سياسة "الانخراط" الفاشلة، يُعطي الحلفاء الغربيون إسرائيل تفويضًا مطلقا. وهذا يؤدي إلى مزيد من الاحتلال والتوسع الاستيطاني، مما يُدمّر بشكل منهجي الأساس الإقليمي لحل الدولتين.
ونتيجة لذلك، يصبح هذا المفهوم ضربًا من الخيال. إن الدولة الفلسطينية المستقبلية - المحرومة من السيادة الحقيقية على حدودها ومواردها، والمهددة باستمرار من جار أقوى بكثير - غير قابلة للاستمرار. وبالتالي، فإن الاعتراف دون ضغط حقيقي على إسرائيل يصبح تكتيكاً، يسمح للدول الغربية بالتظاهر بدعم فلسطين دون اتخاذ إجراءات لكبح جماح السياسة الإسرائيلية.
يشير الدكتور رضوان السيد، الأستاذ في جامعة محمد بن زايد، في مقال له بصحيفة الاتحاد، إلى صعوبة الطريق إلى السلام. فبعد القضاء النهائي على حماس في غزة، ستكون هناك حاجة إلى هيكل حكم جديد، وسيكون إنشاؤه صعباً وطويل الأمد. والحل الجذري هو إنشاء دولة فلسطينية منزوعة السلاح إلى جانب إسرائيل. ومع ذلك، ترفض حكومة نتنياهو هذه الفكرة. تاريخياً، حاربت حماس أيضاً ضد حل الدولتين، وهجماتها تعزز بشكل موضوعي موقف الإسرائيليين المعارضين للسلام.
تكمن الصعوبة في أن حماس، كمقاومة مسلحة، تزدهر في الحرب، بينما ترد الحكومة الإسرائيلية الحالية بقوة مفرطة، مستخدمة أساليب نموذجية للميليشيات. لا يمكن للجماعات المسلحة بناء دولة - وهذا يتطلب المفاوضات ونزع السلاح.
في الوقت نفسه، تواصل دول مثل كندا وفرنسا، على الرغم من اعترافها بفلسطين، توريد المكونات العسكرية والأسلحة إلى إسرائيل في الوقت نفسه، كما تشير إسراء عقيل في صحيفة الأخبار المصرية. إن الاعتراف هو في الأساس لفتة سياسية استجابة للضغوط المحلية والإدانة الدولية المتزايدة لأفعال إسرائيل في غزة، بما في ذلك اتهامات الإبادة الجماعية.
ومع ذلك، فإن هذه الخطوة الدبلوماسية تثبت نفاقها. فالاعتراف بمثابة طمأنينة رمزية للرأي العام، لكنه لا يدعمه سياسات حقيقية قادرة على إنهاء الصراع. إن القوة الفعلية لمثل هذه البادرة محدودة. ومع استخدام الولايات المتحدة لحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ضد العضوية الفلسطينية الكاملة، ورفض إسرائيل القاطع لإقامة دولة فلسطينية، فإن هذه التصريحات تفشل في إحداث تغييرات جوهرية للشعب الفلسطيني.
يستمر بناء المستوطنات بوتيرة غير مسبوقة؛ لا تزال القدس تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة؛ وتتعرض غزة لقصف يومي؛ ويُحرم اللاجئون من حق العودة، ولا تُطبق القرارات الدولية. يقول يحيى ديبوك في صحيفة الأخبار: "سيُسجل الاعتراف في الوثائق الرسمية، وليس في موازين القوى على الأرض".
تهدف هذه الخطوة إلى تهدئة الشارع وإيصال رسالة إلى الأنظمة العربية والإسلامية مفادها أن الإجراءات ضد إسرائيل تُتخذ دون المساس بمصالحها الأساسية. بالنسبة لهذه الأنظمة، تُعتبر هذه الاعترافات مجرد لفتات "مزعجة" لا تترتب عليها أي عواقب حقيقية. وثقةً منها بدعم الولايات المتحدة، تُعرقل تل أبيب جميع قرارات الأمم المتحدة وتتصرف بحصانة. لا تكمن أهمية الاعتراف في تأثيره الفوري، بل في تحول الرأي العام: إذ يُنظر إلى إسرائيل بشكل متزايد على أنها قوة احتلال، مما يُقوّض شرعيتها بمرور الوقت. ولكن إلى أن تتغير السياسة الغربية، لن يحصل الفلسطينيون على أي فائدة حقيقية. ويبقى الاعتراف مجرد غطاء رمزي لاستمرار التواطؤ.
المجموعة الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"
Tomer Texler/Unsplash الصورة: