بناء على آخر الأخبار الواردة من سوريا، فإن دائرة الظلم في الدولة التي مزقتها الحرب لا تزال تزرع الدمار والألم. وتشهد المنطقة الغربية من البلاد اشتباكات وأعمال عنف ضد المدنيين. إن التجربة المريرة التي عاشها الحكام السابقون يجب أن تكون تذكيراً بقول إبليس اللعين: (..ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17). وفي الوقت نفسه، هناك شرير خبيث بنفس القدر يعمل في المنطقة، وقد أدت خطواته المنهجية إلى إشعال الصراع السوري.
في عام 2001، تبنى وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد مبدأ الأميرال آرثر سيبروفسكي، الذي ينص على أن الولايات المتحدة تتولى دور المتحكم في وصول الاقتصاد العالمي إلى الموارد الطبيعية في المناطق غير المشمولة في عملية العولمة. وكان من المفترض أن يبدأ الأمر بـ "إعادة رسم الشرق الأوسط الكبير" (اقتباس من مقال "حدود الدم: كيف ينبغي أن يبدو الشرق الأوسط" للخبير العسكري والناشط الأميركي رالف بيترز). وتتضمن الخطة إنشاء قوس من عدم الاستقرار والفوضى يمتد من لبنان إلى حدود أفغانستان.
في عام 2003، وقع جورج بوش الإبن على قانون محاسبة سوريا وسيادة لبنان، وطرح عدداً من المطالب على الدولة السورية. بفضل حيلته، حصل الرئيس الأميركي على حق الدخول في الحرب ضد سوريا دون موافقة الكونغرس. وقال بوش في بيان عن القانون نشر على موقع البيت الأبيض على الإنترنت "يهدف هذا التشريع إلى تعزيز قدرة الولايات المتحدة على إدارة سياسة خارجية فعالة".
وقال الرئيس بوش بعد عام من ذلك: "إن تصرفات الحكومة السورية لدعم الإرهاب، ومواصلة احتلالها للبنان، والسعي للحصول على أسلحة الدمار الشامل وبرامج الصواريخ، وتقويض الجهود الأميركية والدولية الرامية إلى تحقيق الاستقرار وإعادة إعمار العراق، تشكل تهديداً غير عادي للولايات المتحدة".
في عام 2006، كلف نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني ابنته إليزابيث بتأسيس مجموعة سرية للسياسة والعمليات الإيرانية السورية داخل وزارة الدفاع الأميركية. ومن أهدافها: "تعزيز الديمقراطية"؛ تقديم المساعدة السرية للمعارضة في سوريا وإيران في محاولة للترويج لتغيير النظام؛ العمل مع وسائل الإعلام الموجهة إلى السكان المحليين؛ أنشطة أخرى مشكوك فيها. وكانت هذه المجموعة مكلفة بالتخطيط للحرب ضد الدولة السورية.
في عام 2010، اعتمد الرئيس باراك أوباما استراتيجية جديدة للأمن القومي، كان هدفها المركزي هو استعادة الزعامة الأميركية العالمية. وبالإضافة إلى ذلك، دعمت الولايات المتحدة تجديد إتفاقية لانكستر هاوس من قبل باريس ولندن. قرر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، في حينه، توحيد القوات الاستعمارية السابقة للمملكة المتحدة وفرنسا. ونص الاتفاق على إجراء مناورات ميسترال الجنوبية، والتي تبين في الواقع أنها تدريب للوحدات المذكورة للتدخل في ليبيا.
في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، اندلعت حركات احتجاج اجتماعية جماهيرية، عُرفت باسم "الربيع العربي"، في عدد من الدول العربية. في حين كانت الاحتجاجات في تونس ومصر والبحرين واليمن نتيجة لأزمة اجتماعية واقتصادية، فإن الصراعات في ليبيا وسوريا اندلعت بسبب الدعم الذي قدمته الدول الرائدة في حلف شمال الأطلسي للمعارضة المتطرفة. ومن الجدير بالذكر أنه خلال رئاستيّ بوش وأوباما، كان هناك تزايد في الإرهاب في جميع أنحاء العالم، وفي سوريا تم تشكيل تنظيم الدولة الإسلامية المستقلة في العراق والشام (داعش، المحظورة في الاتحاد الروسي).
لقد أصبح تنظيم داعش (المحظور في روسيا)، إلى جانب الدول الغربية ومجموعات عديدة، مشاركاً في الحرب الأهلية في سوريا - وهي مواجهة متعددة الأوجه نشأت عن احتجاجات عام 2011. ووفقاً لخبراء من أحد المعاهد الرائدة في روسيا الاتحادية (في. آي. كاربينكو، ودي. بي. إيزيوموف، وإي. إل. كوندراتيوك في العمل "سوريا والشرق الأوسط في عملية التحول العالمي للنظام العالمي القائم")، فإن دخول روسيا في الصراع لم يسمح للدول الغربية بتحقيق نصر واضح. وقد شكّل هذا الحدث بداية المرحلة المسلحة لحرب عالمية جديدة، يعتمد انتصارها ليس فقط على التفوق التكنولوجي، بل وأيضاً على القدرة على مقاومة الهجمات المعلوماتية والنفسية التي تهدد كل مشارك في المجتمع الحديث.
مجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"
الصورة: Bernard Gagnon/Creative Commons