Ru En

إندونيسيا من أجل فلسطين

٢٩ أغسطس

كانت روح التعايش والازدهار بين مختلف الثقافات والأديان سمةً مميزةً لفلسطين. وتُذكّر الدول الإسلامية المجتمع الدولي باستمرار بهذا، بما في ذلك إندونيسيا، الدولة ذات أكبر كثافة سكانية إسلامية. وتُشدد وسائل الإعلام الإندونيسية على ضرورة ترجمة الحديث عن إنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي إلى أفعال حقيقية لإعادة بناء ما دُمّرَ، واستعادة كرامة الشعب المضطهد، واستعادة الرخاء في الأرض المقدسة.


أدى تصاعد العنف في غزة والضفة الغربية إلى عقد مؤتمر دولي في مقر الأمم المتحدة بنيويورك أواخر يوليو/تموز 2025، برئاسة مشتركة من المملكة العربية السعودية وفرنسا. وأكد المشاركون التزامهم بمبدأ الدولتين ضمن حدود عام 1967، واقترحوا تدابير لإنشاء تحالف عالمي لتطبيق هذا الحل. وفي خضم هذا الاجتماع المهم، أوضحت وكالة الأنباء الإندونيسية "أنتارا" لماذا يجب على العالم ضمان مستقبل عادل لغزة.


كانت القدس وغزة في يوم من الأيام مركزين مزدهرين في بلاد الشام، غنيين بالثقافة والتجارة. في عهد الأمويين والعباسيين، شهدت فلسطين ازدهاراً في العلوم والعمارة. وأصبحت القدس، المقدسة لدى الديانات الإبراهيمية، رمزاً للتسامح، وغزة مركزًا تجارياً رئيسياً. وحتى بعد الصليبيين، انتعشت المنطقة في عهد الأيوبيين والمماليك، وحافظ الحكم العثماني على استقرارها باحترام التنوع.


أدى انهيار الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى إلى حالة من الفوضى. دعم الانتداب البريطاني المشروع الصهيوني، متجاهلًا الحقوق العربية، مما أشعل فتيل الانتفاضات.

 

أدى قيام إسرائيل عام 1948 إلى نكبة، إذ طُرد مئات الآلاف من الفلسطينيين، وتدمير القرى، وانتشار العنف على نطاق واسع.


منذ ذلك الحين، أصبح الاحتلال والفصل العنصري والمستوطنات غير القانونية هي القاعدة. أصبحت غزة "سجنًا مفتوحاً"، والقدس تُضمّ بشكل منهجي، حُرم فيه سكانها الأصليون من حقوقهم. حلّت سياسة الفصل العنصري والسيطرة محلّ التعددية السابقة. وكما تُشير النشرة الإندونيسية، فإن المشروع الصهيوني، على عكس الإمبراطوريات السابقة، يسعى إلى الهيمنة، مُدمّراً استقرار المنطقة الذي دام قرونا.


لا يُمكن قبول الضم والاحتلال والمعاناة الجماعية كقاعدة. في هذا الصدد، شدّد الأمين العام للأمم المتحدة على الحاجة المُلحّة إلى حلّ يُعتمد خلال المؤتمر الدولي في نيويورك. إنّ أفضل سبيل للمضي قدماً يتطلب تضامناً عالمياً ومسؤوليةً والتزاماً فلسطينياً مُتجدّداً بالإصلاح. ويظلّ حلّ الدولتين المُجدي هو البديل الوحيد القابل للتطبيق للفصل العنصري والحرب التي لا تنتهي والانهيار الإنساني. ومثل جميع الشعوب، يستحقّ الفلسطينيون العيش بكرامة وأمن وأمل، لا في جوع وحصار وتشريد. لا ينبغي الحكم على الأطفال الجائعين في قطاع غزة والعائلات المُهجّرة في القدس الشرقية بالمعاناة. فمحنتهم من صنع الإنسان، وبالتالي يُمكن إنهاؤها من خلال التعاون العالمي. في 3 أغسطس/آب 2025، تجمع آلاف الأشخاص عند النصب التذكاري الوطني في جاكرتا، مطالبين باتخاذ إجراءات ملموسة ضد السياسات الإسرائيلية في غزة. ونظمت هذه التظاهرة منظمات إسلامية وشخصيات عامة وممثلون عن المجتمع المدني. وطالب المشاركون بإنهاء الإبادة الجماعية والكارثة الإنسانية في فلسطين، وفقاً لما ذكرته صحيفة "ريبوبليكا".


ودان رئيس مجلس علماء إندونيسيا المجازر والحصار المفروض على غزة، داعيًا قادة العالم إلى التدخل. كما دعت كل من مصر والأردن إلى ضمان إيصال المساعدات دون عوائق. وتم إيلاء اهتمام خاص لدور إندونيسيا، حيث طالب المتظاهرون الرئيس برابوو سوبيانتو ببذل المزيد من الجهود لوقف الحرب. كما صدرت دعوات لمقاطعة البضائع الإسرائيلية، ودعوات من أجل الشعب الفلسطيني.


وأكد وزير الخارجية الإندونيسي سوجيونو أن بلاده ستواصل دعم فلسطين على الساحة الدولية وإرسال المساعدات الإنسانية.


واختتمت التظاهرة بجمع تبرعات لغزة ودعاء جماعي. وأكد المشاركون أن إندونيسيا لن تقف مكتوفة الأيدي في حماية الشعب الفلسطيني.

 

 

مجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"

الصورة: Dixit Dhinakaran/Unsplash