وُقِّعت مذكرة تفاهم خلال قمة البريكس الإعلامية في موسكو خريف عام ٢٠٢٤ بين وزارة التنمية الرقمية الروسية والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، بهدف توفير تغطية موضوعية للأحداث العالمية للجمهور في كلا البلدين. ويتطور هذا التعاون في وقت يشهد فيه النظام الإعلامي المصري تحولاً جذرياً ناجماً عن الرقمنة والتغيرات السياسية والتحديات الاقتصادية.
بدأ تاريخ الإعلام المطبوع في مصر من صحيفة "مراسل مصر"، التي نشرت أخباراً للجنود الفرنسيين خلال حملة نابليون على مصر. وبعد تولي محمد علي السلطة عام ١٨٢١، بدأت مجلة "الخديوي" الصدور باللغة العربية. وفي عام ١٨٧٥، بسّط الخديوي إسماعيل إجراءات الترخيص، فازداد عدد المنشورات بشكل كبير. ولا يزال بعضها قائماً، مثل صحيفة "الأهرام" اليومية. وضع جمال عبد الناصر، أسسَ المجتمع المصري، بل وأسسَ نظامه الإعلامي لعقودٍ قادمة.
تمتلك الحكومة حصةً كبيرة في الصحف اليومية الوطنية الرئيسية الثلاث في مصر: "الأهرام"، و"الأخبار"، و"الجمهورية". ويُعيِّن رئيس المجلس القومي للصحافة المطبوعة رؤساء تحريرها. تُموَّل الصحف الوطنية من الإعانات الحكومية والإعلانات، لكن كلا المصدرين للدخل شهد تراجعًا في السنوات الأخيرة.
تزداد شعبية صحيفتا "المصري اليوم" و"نهضة مصر"، وهما صحيفتان مملوكتان للقطاع الخاص، ظهرتا في السوق عام ٢٠٠٤. وقد استطاعت "المصري اليوم" منافسة "الأهرام" بفضل أسلوبها غير الرسمي في تقديم الأخبار، والذي اختلف عن الشكل الرسمي للصحف المملوكة للدولة. اليوم، تُعدّ صحيفتا "اليوم 7" و"الوطن" من أبرز الصحف الخاصة. وقد أدّت الاضطرابات السياسية التي شهدتها مصر عام 2011 وما تلاها من انكماش اقتصادي إلى انخفاض حاد في توزيعها.
تُعتبر مصر، عن جدارة، "أمة التلفزيون": ففي بلد يبلغ عدد سكانه حوالي 112 مليون نسمة، يصل التلفزيون إلى ما يقرب من 100% من الجمهور. تُشغّل الهيئة الوطنية للإعلام القناتين التلفزيونيتين الوطنيتين 1 و2، وشبكة تلفزيون "النيل" الفضائية، وإذاعة "القاهرة". ويُنظّم التلفزيون بموجب القانون رقم 92 لعام 2016، الذي ينص على إنشاء المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام (الذي يشمل القطاعين العام والخاص).
يحظى البث التلفزيون الفضائي الخاص بشعبية خاصة. بدأت أولى القناتين الخاصتين، "دريم تي في" و"المحور"، البث في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. بعد أحداث ميدان التحرير وصعود عبد الفتاح السيسي إلى السلطة، ظهرت العديد من الشبكات الخاصة الجديدة، مثل هيئة الإذاعة والتلفزيون المصرية. تشمل معظمها قنواتٍ متخصصة: الأخبار والرياضة والترفيه. وقد تجلى تحرير السياسة الإعلامية في عهد السيسي، على وجه الخصوص، في السماح للقنوات الخاصة بإنتاج برامج إخبارية - حتى عام ٢٠١١، كان هذا حكرًا على وسائل الإعلام الحكومية. يُعدّ الإذاعة ثاني أكثر القنوات شعبية بعد التلفزيون. وتمتلك مصر نظام بث إذاعي هو الأكثر تطورًا في العالم العربي. يعتمد البث الإذاعي الحديث على مبدأ الشبكة: "البرنامج العام" هو الشبكة الأولى والرئيسية، والتي تشكّلت حولها شبكات أخرى. تتكون "المحلية" من ١١ محطة، وتستهدف سكان المحافظات المختلفة.
تجدر الإشارة إلى أن شبكة الإذاعة الخارجية، بدأت بثها عام ١٩٥٣ إلى ثماني مناطق تحت شعار "السلام والاستقلال للجميع". دعمت هذه الشبكة سيادة الدول الأفريقية، وكان لها تأثير قوي لدرجة أن هيئات البث العالمية الأخرى اضطرت إلى توسيع حضورها في أفريقيا لمنافسة البث الخارجي المصري.
انضمت مصر إلى شبكة الإنترنت عام ١٩٩٣. واعتبارًا من مطلع عام ٢٠٢٣، يُعدّ يوتيوب (٤٥.٩ مليون مستخدم) أشهر شبكة تواصل اجتماعي، يليه فيسبوك، المحظور في روسيا (٤٢ مليونًا)، ثم تيك توك. وتتفوق صحيفة "اليوم السابع" الخاصة على وسائل الإعلام الحكومية في مجال الإنترنت: ١٣ مليون مشترك على فيسبوك (المحظور في روسيا) مقابل ٤٠٠ ألف لصحيفة الأهرام. ويلعب القانون رقم ١٨٠ لعام ٢٠١٨ دورًا هامًا، إذ يُلزم وسائل الإعلام الإلكترونية بالتسجيل ويسمح بحجب المحتوى.
ونظرًا للتجربة السلبية للثورة، تُبقي السلطات المصرية الفضاء الإعلامي تحت رقابة صارمة. ورغم كل التحديات، يحافظ النظام الإعلامي المصري على مكانته الرائدة في العالم العربي بفضل مزيج فريد من العوامل: إرث غني، وإمكانات اقتصادية غير مستغلة، وكوادر مهنية، وسوق ضخمة تُشكّل ثلث إجمالي السكان العرب.
مجموعة الرؤية الإستراتجية "روسيا - العالم الإسلامي".
sophia valkova/Unsplashالصورة: