يوضح مسار حياة النبي سيدنا محمد ﷺ العديد من الأمثلة على التسامح تجاه ممثلي الأديان والمعتقدات المختلفة. إن الأحداث التي تجري في العالم الحديث تتطلب منا أن نقدر مثال تسامح الرسول صلى الله عليه وسلم حتى نفهم عدم الارتباط بين تصرفات المتسترين بالدين والأصل الأخلاقي للإسلام. كتاب "النبي محمد ﷺ مثال في في التسامح"، الصادر عن دار النشر التابعة للإدارة الدينية لمسلمي تتارستان "حضور"، يسمح للقارئ بالغوص في عصور ولادة الحضارة الإسلامية، المرتكزة على القيم الأساسية، بما فيها المسامحة.
كثيرًا ما يعقد مؤلف الكتاب، عالم الفقه التركي نهاد خطيب أوغلو، مقارنات بين حقائق من تاريخ المجتمع الإسلامي المبكر واتجاهات العصر الحديث. ومن المدهش كيف تتناقض الأخلاق الرفيعة للرسول صلى الله عليه وسلم، الذي منح غير المسلمين حق العيش بسلام في بلاد المسلمين واهتم بمرضى الكفار، مع الشر الذي يحدث اليوم. يراقب المؤلف بمرارة الناس المعاصرين يمرون عبر "العصور المظلمة"، عندما تنتشر كراهية الإسلام، وينشغل بعض إخوانهم المؤمنين بالتفكير في تدمير بعضهم البعض. وبحسب البروفيسور خطيب أوغلو، سيواجه المسلمون العديد من الظواهر السلبية حتى يتوقفوا عن الخضوع لتأثير القوى المهيمنة والاستعمارية.
تجدر الإشارة إلى أن "مشال للمسامحة" هو العمل الأول ضمن قائمة واسعة من منشورات العالم التركي نشرت في روسيا باللغة الروسية. تخرج نهاد خطيب أوغلو من كلية الشريعة والفقه بجامعة أنقرة عام 1981. وفي عام 2000، حصل على الدكتوراه بعد مناقشة أطروحته حول موضوع “دور الحديث في فهم القرآن الكريم”، وحصل فيما بعد على اللقب الأكاديمي الأستاذ.
تحتوي السيرة المقدمة على آيات مختارة من القرآن الكريم، وتاريخ نزول بعضها، بالإضافة إلى عدد كبير من المراجع لمجموعات الأحاديث، مما يؤكد الطبيعة العلمية للكتاب. من المحتمل أن القارئ العادي، المطلع فقط على أقوال النبي ﷺ، سوف يهتم بمعرفة الظروف التي سمع فيها الناس لأول مرة بعض الكلمات الحكيمة التي قالها الرسول سيدنا محمد ﷺ. على سبيل المثال، "يُسر ولا تعسر" - كان هذا هو المبدأ الأساسي للنبي صلى الله عليه وسلم. ولذلك أمر أمته بالرحمة، وعدم نسيان الصبر والرحمة.
يتكون الكتاب من ثلاثة أجزاء، يكشف كل منها بتفصيل كبير عن التسامح المذهل للرسول صلى الله عليه وسلم. يروي القسمان الأولان الأحداث المحيطة باكتشاف مكة.
وفي هذا الصدد، يمكن أن يصبح النشر الخطوة التالية في دراسة "سيرة سيدنا محمد ﷺ. إن رفض النبي صلى الله عليه وسلم لعن المشركين في مكة في وضعهم المنبوذ يؤكد الرحمة اللامحدودة التي أغدقها على أعدائه حتى بعد وصوله إلى قمة إدارة شؤون الدولة كزعيم للأمة. أصبحت نجاحات سيدنا محمد ﷺ السياسية والدبلوماسية هي الأساس لانتشار الإسلام في جميع أنحاء العالم، وهذا لم يحدث بسبب الرغبة في السلطة أو الرغبة في رفعة المسلمين، ولكن بفضل الأفكار المضمنة في الدين الذي جاء به الرسول ﷺ للبشر.
لقد نقل الإسلام الأراضي الإسلامية إلى الجزء الأكثر تقدما في العالم المتحضر. وهذه الفترة سواء من حيث درجة الاستقرار في المجتمع وعقلانية المبادئ الأخلاقية، أو من حيث ارتفاع مستوى المعيشة ودرجة التسامح والغياب النسبي للتعصب، وكذلك مستوى تطور العلوم والأدب، كانت من ألمع الفترات في تاريخ الحضارة العالمية. ويكشف الجزء الثالث من كتاب «القائد الأعظم الذي حقق التوازن في العلاقات» سر الأفق السياسي الواسع للنبي صلى الله عليه وسلم الذي أثبتت سلوكياته أن العيش السلمي للمسلمين وغير المسلمين ممكن دون الاعتداء على شرف وكرامة بعضهم البعض.
لم يتم بناء الإسلام بالعنف، بل بكسب قلوب الناس وخلق ثقافة الرحمة. هكذا أختتم المؤلف عمله قبل تلخيص النتائج.كتاب "النبي محمد ﷺ، مثال للمسامحة" يمكن أن يزين أي مكتبة ليس فقط بسبب تصميمه المعبر، حيث يتيح لك الغلاف الناعم وحجم المنشور اصطحاب الكتاب في رحلة. وبمجرد قراءة الكتاب يجعل من الممكن رؤية الطريق الكبير الذي يكمن في الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم - نموذج التسامح لكل مسلم.
مجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"