Ru En

يكون أو لا مؤتمر إسلامي للإنسانية؟

٢٠ سبتمبر ٢٠٢٣

في الـ 19 من أيلول/ سبتمبر، عُقِد في قازان المؤتمر الإسلامي الدولي التاسع تحت عنوان "التكنولوجيا في خدمة القرآن الكريم: من الكلام إلى الكمبيوتر".
نظم المؤتمر مركز أبحاث القرآن الكريم والسنة المطهرة بجمهورية تتارستان بالتعاون مع الإدارة الديني لمسلمي جمهورية تتارستان كجزء من تنفيذ خطة عمل مجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا – العالم الإسلامي".


وشارك في أعمال المؤتمر علماء دين أجانب ومحليون وممثلون معروفون عن الأوساط الأكاديمية، منهم الباحث الشهير في القرآن الكريم، غانم قدوري (جمهورية العراق)، أحمد شكري (المملكة الأردنية الهاشمية)، محمد الوائلي (مملكة البحرين)، محمد علي أتافي ( المملكة المغربية)، والخطاطون المشهورون زكي سيف (المملكة العربية السعودية)، وعلي إبراهيم (دولة قطر)، ومفتي جمهورية سريلانكا الديمقراطية الاشتراكية الشيخ محمد رضوي وآخرون.


الهدف الرئيسي للمؤتمر هو النظر في مجموعة واسعة من المشاكل المرتبطة باستخدام التكنولوجيا في عملية الطباعة والنشر ومواصلة دراسة ظاهرة "قازان بسماسي" الإنتاج المادي للقرآن الكريم في المرحلة الحالية ، تصميم أشكال بحثية جديدة، وضع توصيات ومعايير لمنهجية دراسة عملية إنتاج القرآن الكريم.


وكانت اللغات العاملة في المؤتمر هي : الروسية، التترية، العربية.


وتكون المؤتمر من جزأين: افتتاح مؤتمر العلم الإسلامي العالمي وجلسة عمل.


افتتح المؤتمر مدير مركز أبحاث القرآن والسنة بجمهورية تتارستان فريد حضرة سلمان، الذي أشار في كلمته إلى أن الحدث خصص لواحد من أهم المواضيع في مجال دراسة علوم القرآن: تجسيد إعجاز القرآن الكريم المنقطع النظير في التنفيذ المادي. وليس من قبيل الصدفة أن يتم تحديد موضوع المؤتمر بأنه "التكنولوجيا في خدمة القرآن الكريم: من الكلام إلى الكمبيوتر".


"بالنسبة لشعب التتار، الذي قدم مساهمته القيمة في الحضارة الإسلامية العالمية، لعبت هذه العملية دوراً خاصاً في تطويرها الإضافي. أصبحت طباعة الطبعة الأولى من القرآن الكريم في قازان عام 1803، والتي دخلت التاريخ تحت اسم "قازان بسماسي - طباعة قازان"، بداية عملية طباعة المصحف الإسلامي. كان لنشر القرآن الكريم في قازان، باستخدام التقنيات المتقدمة والمُيسرة، تأثير مباشر على عملية طباعته في جميع أنحاء العالم الإسلامي.


وقال حضرة سلمان: "يدرس العلم، من بين أمور أخرى، تطور المجتمع البشري وفقًا لمستوى التطور التكنولوجي. فما هي التكنولوجيا؟ في حالتنا، بحكم التعريف، هي مجموعة من طرق المعالجة والتصنيع وإنتاج الأشياء والتحف الثقافية. التكنولوجيا هي تشكيل نظامي معقد إلى حد ما وله ميزات مهمة. ومن  الضروري تسليط الضوء على تلك التي تم اختيارها خصيصاً وتحديدها حسب مستوى المعرفة بأساليب النشاط البشري. لقد كانت التقنيات دائمًا خاضعة للقيمة المهيمنة المميزة لثقافتها. والشيء الأكثر أهمية هو أن التقنيات تم إنشاؤها وهي موجودة باعتبارها النواة المنظمة للحياة الاجتماعية. تتميز كل فترة زمنية من حركة المجتمع إلى الأمام بتطور التكنولوجيا ككل، أو نطاقها الضيق.

منذ ظهور الحقيقة الإلهية لأول مرة في شكل سور وآيات قرآنية، حاول الناس استخدام تقنيات عصرهم لتسجيل الحقيقة الدينية وتجسيدها في تجسيد مادي. القرن السابع هو قرن استخدام سعف النخيل وعظام الحيوانات وغيرها من المواد المرتجلة، ثم حتى القرن السادس عشر - ورق الرق والورق الباهظ الثمن والنسخ باليد. الفترة ما بين القرن السادس عشر إلى القرن السابع عشر –  كانت المحاولات الأولى لاستخدام تقنيات العصر الأكثر تقدماً وظهور القرآن الكريم في شكل نسخ قليلة من المطبوعات. وبداية القرن التاسع عشر - بدأ استخدام المطبعة لإنتاج كميات كبيرة من منتجات الكتب. أما القرن العشرين - يعتبر فترة تعزيز تطور فن الكتاب وأخيراً القرن الحادي والعشرين. – الانتقال إلى الإنتاج الرقمي ورقمنة التقنيات. طوال تطور المجتمع، خدمت التكنولوجيا مصالحه واحتياجاته. وهكذا، فإن القرآن الكريم قطع شوطاً طويلاً على مدى ألف ونصف سنة ليتجسد ماديا في نتاج عصره، من النقوش المطبوعة بالإزميل على الحجر إلى العمليات الرقمية المعقدة.


وبدوره، ذكر مفتي جمهورية تتارستان كامل حضرة ساميغولين ان هناك 6 تفاسير للقرآن باللغة التتارية كانت موجودة قبل بداية القرن العشرين. وأشار أيضاً إلى أن الإدارة الإسلامية لجمهورية تتارستان قامت هذا العام بترجمة عمل عالم الفقه البارز الملا مراد رمزي " الترجمة التركية للقرآن الكريم" إلى اللغة السيريلية وترجم نصه إلى اللغة الأدبية التتارية الحديثة. ولفت كامل حضرة إلى أنه من أجل ترجمة القرآن وفهم معانيه، لا يكفي معرفة اللغة العربية بشكل كامل بتعدد معاني الكلمات والقواعد. بالإضافة إلى ذلك، من المهم أن يكون لديك معرفة ممتازة باللغة التي يُترجم إليها القرآن. واشتكى المفتي من عدم وجود متخصصين في روسيا في الوقت الحالي يستوفون جميع شروط المفسر. وقال المفتي أيضاً ان خطط الادارة الدينية لإعداد كتاب علوم القرآان والذي سيعكس اراء رضاء الدين فخرالدين والمرجاني وموسي بيجييف.


تحدث الشيخ الدكتور أحمد يوسف شكري بحماس عن عالم الشريعة التتري موسى بيجييف، واصفا إياه بالعالم الكبير، المعروف ليس في تتارستان فحسب، بل في جميع أنحاء العالم الإسلامي.


ألقى رفيق حضرة موخاميتشين، نائب المفتي لشؤون التعليم، رئيس مجلس التربية الإسلامية، عميد المعهد الإسلامي الروسي، محاضرة حول ظهور المخطوطات التترية للقرآن الكريم، وأول الطبعات المطبوعة للكتاب المقدس وترجماته التي تمت في قازان.


وقال العالم: "كانت قازان دائمًا مركزاً لدراسة القرآن الكريم، وطباعة القرآن الكريم، واليوم ترجمة القرآن الكريم إلى لغة التكنولوجيا الحديثة"، متمنياً النجاح في دراسة تقنيات الكمبيوتر الجديدة لنقل كلمات القرآن.


واختتم عميد معهد ثقافة السلام، ورئيس الأكاديمية الإنسانية الدولية "أوروبا-آسيا"، وعضو لجنة جمهورية تتارستان لدى الـ "يونسكو"، إنجل تاجيروف، الجزء الأول من المؤتمر بتقديم الدبلوم والميدالية الذهبية "وردة العالم" لمفتي سريلانكا الشيخ محمد رضوي. كما شارك إنجل تاجيروف، مخاطباً الباحثين المجتمعين، انطباعاته عن التقارير التي استمع إليها. وأكد أن هذا الحدث هو “احتفال بالأفكار والروح والبصيرة والتنوير. أحد أهداف الحدث التي لا تقل أهمية هو "تكوين صداقات والتآخي مع بعضنا البعض".


"ما هو القرآن الكريم - هل هو آخر الرسالات السماوية ، الذي لا يخضع للفهم الإبداعي في نموذج تغير الأجيال وظهور تحديات جديدة أو معرفة رب الكتاب كعملية لا نهاية لها؟"،  تساءل العالم. وتابع: "هذه ليست مجرد مجموعة من العقائد والقواعد، ولكنها أيضاً المفتاح لفهم العصور الجديدة وإيجاد الإجابات في فترات زمنية معقدة".


وتمنى إنجل تاجيروف التوفيق للباحثين في علوم القرآن، واقترح  يجب الغوص في أعماق القرآن، حتى نتمكن في المرحلة الحالية للبشرية من العثور على الإجابة ، التي توصف بأنها نقطة اللاعودة أو عبور الروبيكون وهي - تكون أو لا تكون للإنسانية".

 


مجموعة الرؤية الإسترتيجية " روسيا - العالم الإسلامي"
Photo: GR Stocks/Unsplash