بحث الاجتماع المشترك لوزراء الخارجية والدفاع وأمناء مجالس الأمن لدول منظمة معاهدة الأمن الجماعي، اليوم الأربعاء 15 سبتمبر/أيلول 2021، في عاصمة جمهورية طاجيكستان، مدينة دوشنبه، الوضع في أفغانستان، فضلاً عن مجموعة واسعة من قضايا الأمن الدولي والمسائل المتعلقة بأنشطة منظمة معاهدة الأمن الجماعي.
وفي حديثه إلى المراسلين الصحفيين عقب الاجتماع، أكد الأمين العام لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي، ستانيسلاف زاس، أن الوضع على طول محيط حدود منظمة معاهدة الأمن الجماعي تقريباً لا يزال صعبا. ولكن في هذا الخصوص، بحسب قوله، فإن الوضع في أفغانستان مقلق.
وفي هذا الصدّد، ناقش المشاركون في الاجتماع الوضع على الحدود الطاجيكية - الأفغانية، مع الأخذ في الاعتبار أن "طالبان" (المحظورة في روسيا الاتحادية) التي وصلت إلى السلطة تسيطر الآن على كافة حدود البلاد، وتم اعتماد بيان خاص من قبل جميع الدول الأعضاء في منظمة معاهدة الأمن الجماعي وأجمعت وأكدت على موقفها المشترك بأنه في حالة تفاقم الوضع على الحدود الجنوبية لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي، سيتم تزويد طاجيكستان بكل المساعدات العسكرية والدبلوماسية اللازمة".
حول الوضع في أفغانستان
وفي بيان مشترك "حول الوضع في أفغانستان"، دعا المشاركون في الاجتماع الجماعات العرقية الأفغانية إلى "الامتناع عن المواجهة المسلحة". وقالت الوثيقة: "تتحدث الدول الأعضاء في منظمة معاهدة الأمن الجماعي لصالح عملية سلام مستدامة بين الأفغان لصالح التشكيل المبكّر لحكومة شاملة بمشاركة جميع القوى الاجتماعية والعرقية السياسية في البلاد، بما في ذلك ممثلو الأقليات القومية، والعمل على التنمية".
وفي الوقت نفسه، سيعمل الأعضاء على المراقبة عن كثب لتطورات الوضع في أفغانستان، حيث أنهم قلقون بشأن الوضع الحالي هناك ويتوقعون أن تصريحات كابول بشأن احترام الحقوق والحريات الأساسية لجميع المواطنين الأفغان، وخاصة النساء، فضلاً عن ممثلي وسائل الإعلام والمجتمع المدني، من ناحية التطبيق والممارسة. ويتعلق هذا على وجه الخصوص بالعفو المعلن عن المسؤولين الحكوميين السابقين والعسكريين وكل من تعاون مع الوجود العسكري الأجنبي".
وفي الوقت نفسه، عارضت الدول الأعضاء في منظمة معاهدة الأمن الجماعي نشر على أراضيها البنية التحتية العسكرية للولايات المتحدة ودول حلف شمال الأطلسي - الـ ناتو- الأخرى الموجودة في أفغانستان، وكذلك المواطنين الأفغان الذين تعاونوا مع الوجود العسكري الأجنبي، "باستثناء الحالات التي تتطلب بصورة عاجلة حل للأغراض الإنسانية".
وفي الوقت نفسه، وكما أكد الأمين العام للمنظمة ستانيسلاف زاس، فإن دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي مستعدة لاستخدام الموارد المتاحة لضمان أمن بلدانها من التهديدات المنبثقة من أراضي أفغانستان.
وعلى خلفية تفاقم الوضع في أفغانستان، وافق أعضاء المنظمة على إجراء عمليات لمكافحة تهريب المخدرات ومكافحة الهجرة غير الشرعية، وكذلك تعزيز الحدود الطاجيكية - الأفغانية.
وفي هذا الخصوص، وفقاً للمكتب الصحفي لجهاز مجلس الأمن الروسي، من المُخطّط إجراء تدريبات عسكرية خاصة لأركان القيادة، وعملية خاصة لمكافحة المخدرات "القناة" وعملية مشتركة بين الدول من أجل مكافحة الهجرة غير الشرعية على الحدود الجنوبية لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي".
بالإضافة إلى ذلك، اتفقت الدول على تعزيز تفاعل السلطات المختصة والأجهزة الخاصة لتحديد الخلايا المتطرفة والإرهابية وتحييدها.
الوضع في الشرق الأوسط: دعوة للحوار
وفي البيان المشترك الذي تم اعتماده في نهاية الاجتماع، تم إيلاء اهتمام كبير للوضع في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
كما شدّد وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة معاهدة الأمن الجماعي، عبر البيان المشترك، على أهمية إقامة حوار بين جميع دول المنطقة "على أساس مبادئ حسن الجوار، وعدم استخدام القوة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية" و"حل النزاعات بالطرق السياسية فقط، والطرق الدبلوماسية مع الاعتماد المستمر على القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة".
وبالتالي، تحدّث أعضاء منظمة معاهدة الأمن الجماعي لصالح الحفاظ على نظام وقف إطلاق النار في منطقة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي ودعوا الأطراف إلى العمل على تخفيف حدة التوترات.
إضافة إلى ذلك، شدّد البيان على ضرورة التخلي عن الخطوات الأحادية الجانب التي تعرقل إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة "داخل حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية تتعايش بسلام وأمن مع إسرائيل".
كما أشار وزراء الخارجية إلى أنهم يؤيدون "المساعدة الدولية الشاملة لدفع العملية السياسية في ليبيا إلى الأمام مع الدور القيادي للأمم المتحدة". ورحبوا بتشكيل حكومة موحدة في ليبيا لفترة انتقالية وأعربوا عن دعمهم لالتزام القيادة الليبية بإجراء انتخابات عامة بحلول نهاية العام.
وأيضاً، دعم الوزراء عملية التسوية في سوريا، وأشاروا في البيان إلى أن العقوبات الاقتصادية الأحادية الجانب لا تؤدي إلا إلى تفاقم معاناة الشعب السوري، وخاصة في ظل تفشي جائحة فيروس كورونا.
وبحسب رأي الوزراء، فإن الصراع السوري ليس له حل عسكري، وبالتالي دعم العملية السياسية التي يقوم بها السوريون أنفسهم بمساعدة الأمم المتحدة "وفق قرار مجلس الأمن 2254".
كما دعا بيان وزراء منظمة معاهدة الأمن الجماعي إلى الإنهاء المبكر للصراع السياسي الداخلي في الجمهورية اليمنية وإقامة عملية تفاوض شاملة تحت رعاية الأمم المتحدة.
وجدّد الوزراء تأكيد التزام دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي بوحدة وسيادة أراضي العراق، ودعوا المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم الشامل في نضال البلاد ضد فلول "داعش" (الاسم السابق لتنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي المحظورة في روسيا الاتحادية) والجماعات الإرهابية الأخرى.
وثائق حول تطوير قوات دول "الأمن الجماعي"
خلال الاجتماع المشترك، وقّع وزراء الدفاع على وثائق حول تطوير العنصر العسكري للمنظمة، التي وضعها المقر المشترك لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي.
كما ورد في المقر المشترك للمنظمة، في هذا الخصوص، "هذه هي الوثائق المتعلقة بمعدات الوحدات العسكرية وتكوينها، وتشكيلات القوات الخاصة لقوات الرد السريع الجماعية التابعة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي، فضلاً عن نشر شبكة اتصالات متعددة الخدمات محمية من منظمة معاهدة الأمن الجماعي".
إلى ذلك، أبلغ الجانب الأرمني المشاركين في الاجتماع بمجالات النشاط ذات الأولوية خلال رئاسة منظمة معاهدة الأمن الجماعي في العام 2022.
وحضر الاجتماع وزراء الخارجية وإدارات الدفاع وأمناء سر مجالس الأمن للدول الأعضاء في منظمة معاهدة الأمن الجماعي، والأمين العام لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي ستانيسلاف زاس، وأناتولي سيدوروف، القائد العام للمقر المشترك لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي.
وقد عُقد اجتماع مشترك للوزراء المعنيين وأمناء المجالس الأمنية عشية الدورة المقبلة لمجلس الأمن الجماعي لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي، التي ستُعقد في 16 سبتمبرأيلول.
وخلال ذلك، سيناقش قادة الدول الأعضاء في الاتحاد قضايا الساعة للأمن الدولي والإقليمي والنتائج الرئيسية لأنشطة المنظمة في فترة ما بين الدورات. وستكون إحدى أهم القضايا هي الوضع في أفغانستان وتأثيره على الأمن في دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي. وستعقد القمة بصيغتها الشخصية برئاسة رئيس طاجيكستان إمام علي رحمن. وسيشارك فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر الفيديو كونفرنس.
الجدير بالذكر أن "منظمة معاهدة الأمن الجماعي" هي منظمة أمنية دولية تضم حالياً 6 دول: روسيا وأرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان. وتم التوقيع على معاهدة الأمن الجماعي عام 1992 في عاصمة جمهورية أوزبكستان، مدينة طشقند.
هذا ويُذكر أن جمهورية طاجيكستان تترأس منظمة معاهدة الأمن الجماعي في 2020-2021.
مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"
الصورة: وزارة الخارجية الروسية
المصدر: تاس