Ru En

بوتين يصف الوضع في أفغانستان بعد انسحاب أمريكا بالكارثي

٠٣ سبتمبر ٢٠٢١

وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وضع الأفغان الذين عملوا لصالح الغرب الجماعي بقيادة الولايات المتحدة، وكذلك الوضع العام في الجمهورية بعد انسحاب القوات الأمريكية، بأنه "كارثي".

 

وأعلن الرئيس الروسي ذلك، اليوم الجمعة 2 سبتمبر/أيلول 2021، خلال الجلسة العامة للمنتدى الاقتصادي الشرقي (EEF)، أشار خلالها إلى أنه "في الواقع، هذه كارثة. هذا صحيح. إنها ليست كلماتي. وإنما هذه كلمات المحللين الأمريكيين أنفسهم. إنها كارثة، لأن الأمريكيين - أناس براغماتيون للغاية - أنفقوا أكثر من تريليون ونصف تريليون دولار على هذه الحملة بأكملها، وماذا كانت النتيجة؟".

 

وأضاف: "إذا نظرتم إلى عدد الأشخاص الذين تم التخلي عنهم في أفغانستان، والذين يعملون من أجل الغرب الجماعي، والولايات المتحدة وحلفائها، فإن هذه تعتبر كارثة إنسانية".

 

وقال الرئيس إن فرض بنية دولة ديمقراطية بالقوة على البلدان أمر غير مقبول، ويجب على الشعوب أن تصل إلى ذلك بمفردها"، مبيناً أنه "إذا كان هناك حاجة عند البعض للديمقراطية، فسوف يصل هؤلاء الناس إليها بمفردهم، ولا داعي للقيام بذلك بالأساليب العنيفة".

 

كما قال بوتين إنه "على سبيل المثال أفغانستان، لقد سمعت بالفعل من العديد من زملائي: نعم، هذا خطأ، نعم، لقد تصرفنا بشكل غير صحيح، ولا ينبغي أن نفعل هذا في المستقبل، ولكن تم ذلك منذ أيام ما يسمى بالأنشطة التربوية لرجال دين كاثوليك الذين أتوا بشروط إلى الصين ذاتها وحضروا إلى أماكن السكان المحليين هناك، معتمدين على إنجازات معينة في مجال العلوم الطبيعية والتعليم والطب. ولكن في الوقت نفسه، كان هدفهم الرئيسي هو نشر للكاثوليكية".

 

ووفقا للرئيس الروسي فإن المبادئ لم تتغير كثيراً منذ ذلك الحين، واليوم فقط "ليس الاستعمار الروحي والاقتصادي الذي يحدث، وإنما محاولات الحفاظ على نفوذهم بذريعة تعزيز مبادئ الديمقراطية".

 

وأشار فلاديمير بوتين في هذا السياق إلى أن انسحاب القوات السوفيتية من أفغانستان، كان بخلاف انسحاب القوات المسلحة الأمريكية، لأنه تم بطريقة منظمة.

 

وتابع الرئيس الروسي: "ومع ذلك، فإن النظام الذي بقي بعد انسحاب القوات السوفيتية موجود منذ عدة سنوات، إذا لم يتوقف الاتحاد السوفيتي عن تقديم المساعدة الاقتصادية على الأقل حتى نهاية وجوده، ولا يزال هنا من غير المعروف كيف سيتطور الوضع في أفغانستان نفسها"، مشيراً إلى أنه "ربما كانت القوى المتعارضة ستتمكن من الاتفاق على شيء ما، ولكن الأمريكيين يغادرون بمساعدة الجسور الجوية، بينما كانت لا تزال القوات السوفيتية تتجه إلى حدودها. هذه قصة مختلفة، ومن هذا المنطلق كان الأمر أسهل على الاتحاد السوفيتي".

 

 

فرض الأمور من الخارج

 

وفي السياق الأفغاني ذاته، أشار بوتين إلى أن الغرب يواصل سياسته في فرض المعايير على دول أخرى من الخارج، على الرغم من الدروس المستفادة من أفغانستان. وقال: "هل هذه نهاية نوع من الهيمنة الغربية؟ ما هو الهدف؟ النقطة هي أن هذه الدروس - إنها، هذه الدروس - بحيث يتم فهمها بشكل صحيح وإجراء تغييرات على السياسة الحقيقية. يقولون عن أفغانستان: لقد ذهبنا إلى هناك، وارتكبنا الكثير من الأخطاء. وفي نفس الوقت، يستمر الأمر نفسه فيما يتعلق بالبلدان الأخرى. ما هي العقوبات؟ هذا استمرار لنفس السياسة، وفرض معاييرهم الخاصة".

 

كما أشار بقوله إلى أن "نحن نتحدث ليس فقط عن روسيا، ولكن أيضاً عن دول أخرى، بما في ذلك دول منطقة آسيا والمحيط الهادئ"، موضحاً "وفي أمريكا اللاتينية، نعم في كل مكان، في جميع أنحاء العالم. إذا تم التوصل إلى أي استنتاجات رئيسية، فيمكننا أن نشهد بعض التغييرات العالمية في السياسة العالمية. ونهاية هذه الهيمنة أم ليست نهايتها، فهي تعتمد بالدرجة الأولى على الإمكانات الاقتصادية لتلك الدول الموجودة على الساحة الدولية".

 

وشدّد رئيس روسيا الاتحادية على أن المُهمة تكمن في العمل مع الشركاء، لتوحيد الجهود وتحقيق أفضل النتائج في تنمية بلدهم. عندها ستزداد أهمية روسيا وصوتها، وهذا لن يفيد فقط الروس والشعب الروسي، ولكن أيضا جميع شركاء البلاد".

 

وأكد بوتين أن روسيا غير مهتمة بتفكك أفغانستان. وقال: "روسيا ليست معنية بتفكك أفغانستان. إذا حدث هذا، فلن يكون هناك من نتحدث إليه. وإذا كان الأمر كذلك، فأنت بحاجة إلى التفكير في حقيقة أنه كلما أسرعت حركة (طالبان) - حركة محظورة في روسيا الاتحادية /تاس - ستدخل، إذا جاز التعبير، في فئة الشعوب المتحضرة، كلما كان الأمر أسهل للاتصال والتواصل والتأثير بطريقة ما وطرح بعض المسائل، إذا لم يكن الأمر يتطلب ذلك، ثم طرح أسئلة حول حقيقة أنه يجب مراعاة القواعد الحضارية في إطار العلاقات الحضارية".

 

 

حسابات الواقع

 

إلى ذلك، حثّ فلاديمير بوتين على الانطلاق من الحقائق التي تسيطر فيها حركة "طالبان" على كامل أراضي أفغانستان تقريبا، منوّهاً بأن "الحقائق الآن هي أن حركة (طالبان) تسيطر على كامل أراضي أفغانستان تقريبا، باستثناء بنجشير والأراضي المجاورة هناك في الشمال، والأراضي الصغيرة، ولكن، مع ذلك، المتاخمة لطاجيكستان.  (طالبان) تسيطر اليوم".

 

وقال الرئيس الروسي: "إذا كان الأمر كذلك، فعلينا أن ننطلق من الواقع".

 

كما تحدث الرئيس الروسي مشيراً إلى أن الحركة غير متجانسة، رغم أنها تتكون أساسا من قبائل البشتون، مضيفاً أنه "يوجد اليوم العديد من ممثلي المنظمات الأخرى على أراضي أفغانستان، بما في ذلك المنظمات المتطرفة - داعش (التنظيم محظور في روسيا الاتحادية) وما إلى ذلك". وقال: "لقد تم الإفراج عن كثير من الأشخاص من السجون والعناصر المتطرفة".

 

 

التهديدات المشتركة

 

كما لفت فلاديمير بوتين إلى أنه بحث مؤخراً الوضع في أفغانستان "مع العديد من الزملاء"، وأضاف أن الأحداث في أفغانستان تشكل تهديداً للدول الآسيوية المجاورة لروسيا، وبالتالي لروسيا نفسها. وقال: "في حال التفكك (في أفغانستان)، لن يكون هناك من نتحدث معه، والحركة الإسلامية في أوزبكستان (المحظورة في روسيا الاتحادية)، وما يوجد على أراضي أفغانستان اليوم، كل هذا يُهدّد حلفاءنا وجيراننا.

 

وأوضح الرئيس أنه إذا اخذنا في الاعتبار أنه ليس لدينا قيود على التأشيرات، وأن هناك حرية للحركة عبر الحدود، فهذا أمر مُهم للغاية بالنسبة لنا، بالنسبة لروسيا، من وجهة نظر ضمان أمننا".

 

وفي هذا الصدد، يرى فلاديمير بوتين أنه من الضروري في الوقت الحاضر توحيد الجهود، لمحاربة المشاكل معا، لحل مسألة إضفاء الشرعية على القوى السياسية في أفغانستان.

 

وتابع بوتين قائلاً: "نحن بحاجة إلى القيام بذلك، وتوحيد الجهود. وعندما أرى اليوم من بعض الشخصيات رفيعة المستوى، من الولايات المتحدة ذاتها، تقول إنها ستركز جهودها على مواصلة الصراع مع الصين أو مع روسيا، أريد هنا أن أقول - عليكم أولا أن تتعاملوا مع أولئك الذين حاربتوهم مدة 20 عاماً، ثم قولوا إنكم ستواجهون روسيا والصين".

 

كما حثّ الرئيس الروسي على عدم نسيان أن الولايات المتحدة أرسلت قوات إلى أفغانستان بعد الهجمات الإرهابية الوحشية على مركز التجارة العالمي في نيويورك وأن هذه العملية كانت مخصصة لمحاربة الإرهاب، مشدداً على أنه "من الضروري أن نتحد من أجل مكافحة الإرهاب بشكل فعّال، ومحاربة انتشار المخدرات والجريمة المنظمة هناك تهديدات مشتركة ومن الممكن فقط محاربتها بشكل فعال".

 

 

مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"

الصورة: الموقع الرسمي لرئيس روسيا الاتحادية

المصدر: تاس