Ru En

رئيس الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا: روسيا بمثابة جسر بين الحضارات

١١ ديسمبر

أكد رئيس الجامعة "الإسلامية العالمية" بماليزيا - عثمان بكر، خلال الاجتماع الذي عقد خارج مقر مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا – العالم الإسلامي" في العاصمة كوالالمبور، على المكانة الفريدة التي تتمتع بها روسيا، والتي تمكنها من العمل كجسر بين الحضارات، وذلك اليوم الأربعاء 11 ديسمبر/كانون الأول 2024.

 

وأشار عثمان بكر إلى أن موضوع هذا العام "روسيا والعالم الإسلامي: التعاون في عصر التعددية القطبية الناشئة"، يعكس الديناميكيات المتغيرة للسياسة العالمية والحاجة الملحة لإعادة تقييم العلاقات من أجل ضمان العدالة والمساواة والازدهار الجماعي للإنسانية، وإن العالم المتعدد الأقطاب الناشئ لا يتطلب التحالفات الاستراتيجية فحسب، بل يتطلب أيضًا المبادئ الأخلاقية، وأما "بالنسبة لنا نحن المسلمين، يجب أن تنبع هذه التوجيهات من مبادئ التوحيد - وحدانية الله - التي تشكل أساس نظرتنا للعالم وجميع المساعي البشرية".

 

ووفقاً لبكر فإنه مع انتقال العالم من الهيمنة أحادية القطب إلى واقع أكثر تعددية الأقطاب، نشهد تحديات وفرصاً، وإن صعود قوى مثل مجموعة "بريكس" (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا) يشير إلى تحول نحو بنية حوكمة عالمية أكثر توازناً، كما وتعكس المبادرات والخطط التي نوقشت في القمة الأخيرة اعترافاً متزايداً بالشمولية في عمليات صنع القرار والتعاون الاقتصادي، والحاجة إلى معالجة التحديات العالمية المشتركة مثل الأمن والاستدامة".

 

بالنسبة للعالم الإسلامي، أكد عثمان بكر أن هذه لحظة للتأمل وإعادة التقييم، وكيف نضع أنفسنا كأمة موحدة ومتنوعة في هذا النظام العالمي الجديد؟ وكيف يمكننا ضمان سماع أصواتنا ليس فقط بل وأيضاً تقديم مساهمة ذات أهمية في المناقشة العالمية حول السلام والأمن والتنمية الاقتصادية؟ تكمن الإجابات على هذه الأسئلة في تعزيز الشراكات القائمة على القيم المشتركة والاحترام المتبادل والالتزام بتحسين الإنسانية ككل.

 

كما أوضح المسؤول الماليزي أنه من الأمثلة على هذه الشراكة العلاقة بين روسيا والشعوب الإسلامية هي وجود عدد كبير من السكان المسلمين داخل روسيا نفسها وروابط تاريخية مع العالم الإسلامي، تحتل روسيا مكانة فريدة، وأن التنوع يشكل جسراً بين الحضارات، كما يشكل شريكاً قادراً على إثراء جهودنا الجماعية لتحقيق السلام والازدهار العالميين.

 

واضاف عثمان بكر: "إن تعزيز الانسجام بين الأديان والقوميات يشكل جوهر رؤية العالم المتعدد الأقطاب. وبصفتنا مسلمين، يذكرنا القرآن بأن التنوع هو علامة على حكمة الله: "يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن ذَكَرٍۢ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَٰكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ" (سورة الحجرات: الآية 13) إذ تؤكد هذه الآية على أن التنوع ليس سبباً للانقسام بل هو أساس للتفاهم والتعاون المتبادلين. ومن خلال تعزيز الاحترام والتفاهم عبر الخطوط الدينية والعرقية، يمكننا صياغة أطر للتعايش السلمي الذي يتجاوز الحدود الجغرافية. وفي هذا السياق، يأتي الحوار بين روسيا والعالم الإسلامي اليوم في الوقت المناسب، ويجب علينا أن نستغل هذه الفرصة على أفضل وجه".

 

ولفت الانتباه إلى أن التعددية القطبية الناشئة تفتح الباب أمام فرص اقتصادية، وخاصة في مجالات مثل التمويل الإسلامي. وإن التمويل الإسلامي ليس مجرد أداة للنمو الاقتصادي، بل إنه أيضاً وسيلة لترسيخ المعايير الأخلاقية داخل النظام المالي العالمي، وتتوافق مبادئه في تقاسم المخاطر، وحظر الفائدة، والاستثمار في المشاريع المفيدة اجتماعياً مع أهداف التنمية المستدامة. وتقدم روسيا، باهتمامها المتزايد بالتمويل الإسلامي، فرصة للتعاون الذي قد يعود بالنفع ليس فقط على المسلمين بل وعلى المجتمعات الأوسع نطاقا. ومن خلال دمج التمويل الإسلامي في النظام الاقتصادي الروسي، يمكننا المساهمة في التنمية العادلة وتعزيز الروابط الاقتصادية بين العالم الإسلامي وروسيا. والمؤسسات مثل جامعتنا مستعدة لتقديم المعرفة المتخصصة والبحث والتعليم لدعم هذه المبادرات، مسترشدة بمبادئ الرحمة لجميع العوالم.

 

وبحسب عثمان بكر، يسعدني أن أبلغكم أنه في الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا، نشعر بالفخر لأننا نمتلك خبرة متعددة التخصصات يمكن مشاركتها مع زملائنا الروس لتعزيز التعاون المتبادل المنفعة.و لقد أحرزت الجامعة تقدماً كبيراً في مجالات مثل إنتاج الأغذية الحلال والمعايير، والسياحة الحلال، والخدمات المصرفية والتمويل الإسلامي، والفقه الإسلامي، والريادة في مجال الأمن السيبراني. وفي مجال الخدمات المصرفية والتمويل الإسلامي، ساهمت الجامعة بشكل كبير من خلال برامجها البحثية والتعليمية، حيث قدمت رؤى حول الأدوات المالية الإسلامية وممارسات الاستثمار الأخلاقية. وإن برامجنا المصرفية والمالية الإسلامية الموثوقة تضع الأساس لإنشاء أنظمة مالية عادلة. علماً أن لدى علماء الجامعة العديد من المنشورات حول الأنظمة المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية وتم تعيينهم كمستشارين في مؤسسات مصرفية وأكاديمية بارزة، مما يجعل الجامعة مركزاً لتطوير آليات دمج التمويل الإسلامي في الاقتصاد العالمي. يمكن لهذه المساهمات دعم الاهتمام المتزايد لروسيا بدخول الأسواق المالية الإسلامية.

 

وعلى حد قوله: "توفر أبحاثنا وتدريبنا في النظام البيئي الحلال أساساً للاستهلاك الأخلاقي والسياحة بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة العالمية. في جامعتنا، هناك مبادرات بارزة في مجال السياحة الحلال، تسلط الضوء على دمج الاعتبارات الثقافية والأخلاقية لتعزيز تجربة السفر للمسافرين المسلمين. وتؤكد الأبحاث التي نشرتها الجامعة على الفوائد الاقتصادية والثقافية المترتبة على تعزيز السياحة الحلال، والتي أصبحت ذات أهمية متزايدة لتوحيد المجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم".

 

وأضاف: "كما وستكون السمة المميزة لإنجازاتنا الأكاديمية هي أبحاثنا في الشرع الإسلامي، والتي تعزز التفاهم بين الأديان بشكل أعمق، بما في ذلك في مجال القيادة الجديد في مجال الأمن السيبراني. تدمج الجامعة مبادئ التوحيد مع التقنيات المتطورة، مما يضمن نهجاً قائماً على القيم للحوكمة الرقمية وممارسات الذكاء الاصطناعي المسؤولة. وتقدم التدريب والخبرة في ضمان الأمن الرقمي ضمن القيم الأخلاقية القوية، والتي يمكن أن تكون بمثابة نموذج قيم للتعاون مع المؤسسات الروسية التي تهدف إلى تعزيز البنية التحتية للأمن السيبراني مع احترام الجوانب الثقافية والأخلاقية".

 

كما شدد عثمان بكر على أنه يجب أن تحدد هذه الأطر الأخلاقية العلاقة بين روسيا والعالم الإسلامي. معاً، يجب أن نتعامل مع القضايا العالمية مثل تغير المناخ، وعدم المساواة الاجتماعية، وتآكل القيم الأخلاقية، وقال: "إنني أحث بقوة على أنه من خلال إعطاء الأولوية لهذه الأمور، يمكننا تشكيل عالم متعدد الأقطاب ليس متوازناً من حيث القوة فحسب، بل وأيضاً غنياً بالالتزام المشترك بالكرامة الإنسانية والمرونة".

 

وخلص إلى القول: "بينما نجتمع لمناقشة آفاق التعاون والسلام، يجب ألا نتجاهل الحقائق القاسية التي يواجهها العديد من إخواننا وأخواتنا المسلمين في جميع أنحاء العالم. في المناطق التي تعاني من الصراع والاضطهاد والتمييز المنهجي، يواجهون صعوبات عميقة تختبر مرونة الأمة العالمية، وتتحدى مبادئنا ومعتقداتنا. من نضالات المجتمعات النازحة إلى أصوات المضطهدين الصامتة، تذكرنا هذه الحقائق بواجبنا الجماعي في التصرف بعطف وعزم. ومن الأهمية أن يقف القادة والعلماء والدول من أجل العدالة، ويحافظوا على الكرامة الإنسانية، ويعالجوا الأسباب الجذرية لهذه الفظائع".

 

مجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"