يُصادف هذا العام تاريخ مهم جدا، وهو الذكرى الـــــ 1100 لبداية إنتشار الإسلام على أراضي روسيا الحديثة وأصبح حدثا مهما في حياة البلد بأكمله. وللإحتفال بهذه الذكرى المهمة أمامنا العديد من المؤتمرات والاجتماعات والمنتديات والطاولات المستديرة والمعارض ونشر أعمال ما قبل الثورة لعلماء اللاهوت الروس والعديد من الفعاليات الأخرى . كان الإجتماع الذي عقد اليوم برئاسة رئيس جمهورية تتارستان رستم مينيخانوف أول اجتماع للجنة الجمهورية للتحضير والاحتفال بالذكرى 1100 للاعتماد الرسمي للإسلام من قبل بولغار الفولغا دينا للدولة والمجتع.
حضر الاجتماع ممثلي اللجنة الاتحادية وأعضاء لجنة الجمهورية وقيادات الاجهزة الحكومية والسلطات المحلية في جمهورية تتارستان والمنظمات الدينية المركزية والمؤسسات العلمية والتعليمية والجمعيات العامة ووسائل الإعلام. وناقش أعضاء لجنة الجمهورية خلال الاجتماع المهام الرئيسية لتنفيذ خطة العمل الفيدرالية وأقروا خطة عمل الجمهورية وكذلك النظر في مشروع شعار الذكرى 1100 لاعتماد الإسلام دينا للدولة والمجتمع.
وأشار في كلمته رئيس لجنة الجمهورية المنظمة الخاصة بتخليد هذه الذكرى إلى ان:"أحداث عام 922 لها أهمية تاريخية كبيرة بالنسبة لروسيا. إن تبني الإسلام من قبل بولغار الفولغا كدين للدولة حدد مسبقا تشكيل حضارة روسية فريدة تجمع بين تقاليد الغرب والشرق. ووضع تطور الإسلام على أراضي روسيا الاتحادية والتأثير المشترك مع الأرثوذكسية والديانات التقليدية الأخرى أساسا متينا للتعايش السلمي والوئام بين الأعراق في البلاد. ان الفعاليات الجليلة المخصصة لهذا التاريخ تهدف إلى تعزيز حشد مسلمي روسيا لإظهار الارتباط الوثيق بين المجتمع والدولة في إحياء القيم التقليدية للشعوب المسلمة في البلاد".
لأول مرة ، أُقيمت الجمعية البولغارية المقدسة في بولغار عام 1989 بمبادرة من الشيخ طلعت حضرة تاج الدين ، ذكّر بذلك الحاضرين الرئيس رستم مينيخانوف . منذ ذلك الحين، تم القيام بالكثير من العمل للحفاظ على تراث أجدادنا.
وأضاف مينيخانوف:" كان تأسيس الأكاديمية الإسلامية البلغارية في عام 2016 بدعم من رئيس بلدنا، فلاديمير بوتين من أهم الاحداث الاخيرة . هيأت الأكاديمية جميع الظروف لدراسة التراث الغني لعلماء الدين الروس الذي يعود إلى قرون، وأقامت حوارا بين ممثلي مختلف مدارس الشريعة الإسلامية. كما تهدف أنشطة الأكاديمية أيضا إلى توحيد الجالية المسلمة في البلاد على أساس القيم التقليدية للمسلمين الروس".
من خلال الفعاليات القادمة المخصصة للاحتفال بهذه الذكرى المهمة تقع على عاتق مسلمي روسيا مسأله في غاية الأهمية - إظهار تراثهم الغني وإنجازاتهم في الحفاظ على القيم الروحية التقليدية وتطويرها وإبراز الأمة المسلمة في روسيا بأنها جزء لا يتجزأ من العالم الإسلامي.
وستساهم بذلك الفعاليات الدولية المختلفة بما في ذلك الخاصة بمجموعية "روسيا - العالم الإسلامي "، بالتنسيق مع منظمة التعاون الإسلامي. الأنشطة الرئيسية هنا هي: الجمعية البولغارية المقدسة، المنتدى الإقتصادي الدولي- قمة قازان، منتدى عموم روسيا لرجال الدين التتار، حجر الأساس لبناء مسجد الكاتدرائية والمؤتمرات والمعارض والطاولات المستديرة وغيرها من الفعاليات العلمية والثقافية في جميع أنحاء البلاد".
الإسلام جزء أساسي ولا يتجزأ من الهوية الروسية
من جانبه، تلا أناتولي فيليجانين، نائب رئيس قسم السياسة الداخلية لإدارة رئيس روسيا الإتحادية كلمة ترحيبية نيابة عن محمدسلام محميدوف، نائب رئيس إدارة رئيس روسيا الإتحادية، وجاء فيها:" تشير هذه الاحتفالات واسعة النطاق والتي تُنظم بقرار من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أن الإسلام جزء أساسي ولا يتجزأ من الهوية الروسية، القائمة على الوحدة التاريخية للقيم الروحية والأخلاقية لأتباع الديانات المختلفة التي تُكون شعب روسي واحد . الاحتفالات بمناسبة الذكرى 1100 لاعتماد الإسلام من قبل بولغار الفولغا دينا هي مناسبة مشرقة لجميع مواطني روسيا لإدراك تفرد وقيمة التجربة المحلية في تعايش الثقافات والتأخي بين الأديان. أنا متأكد من أنها ستعمل على تطوير التراث الروحي الغني للمسلمين الروس وتقوية التقاليد الإبداعية".
وأشار أناتولي فيليجانين شخصيا إلى أن الاحتفالات القادمة لها نطاق وأهمية فيدرالية. المعنى والهدف الرئيسي هو إظهار عمق وتنوع تاريخ البلاد وتفرد ثقافتها التي استوعبت بشكل عضوي مجموعة واسعة من تقاليد شعوب روسيا .
واختتم أناتولي فيليجانين كلمته قائلا:"يعد الإسلام أكثر إشراقا في تعاليمه. لا يمكن تقدير أهمية التاريخ الممتد لقرون من المشاركة في بناء أغنى تراث لبلدنا. أثر انتشار الإسلام في القوقاز ومنطقة حوض نهر الفولغا وشبه جزيرة القرم ثم روسيا الوسطى بشكل إيجابي على تطور الإنتاج المحلي والتجارة والفكر الاجتماعي والعلوم والتعليم والشعر وأشياء أخرى. لهذا الحفاظ على هذه القيم وزيادتها كان واجبا على كل من الأجداد والأحفاد، والاحتفالات القادمة هي خطوة أخرى وإن كانت صغيرة نحو إنجاز هذه المهمة ".
أشارت نائبة وزير الثقافة الروسية، السكرتير التنفيذي للجنة المنظمة الفيدرالية، أولغا ياريلوفا، إلى أنه تمت الموافقة على الخطة الفيدرالية للفعاليات الرئيسية في 7 كانون الأول/ ديسمبر 2021 والتي تتضمن 6 أقسام و 71 فعالية .
كما أوضحت أولغا ياريلوفا:"إذا كنا نتحدث عن الاتجاهات الرئيسية للاحتفالات القادمة، فمن ضمنها بناء وترميم مرافق البنية التحتية، تصميم الملصقات والصور والرموز والهدايا التذكارية، ونشر المواد المطبوعة (الهدايا والأعمال البحثية)، تصميم فيديوهات، إنشاء مواد للإنترنت وعقد المنتديات العلمية والطاولة المستديرة والندوات والمعارض والمسابقات".
ومن الفعاليات الرئيسية، سيتم عرض فيلم "ابن فضلان" ، الذي يحكي عن البعثة إلى بولغار الفولغا وكذلك الاحتفالات المعتاد إقامتها في بولغار والمؤتمر العالمي للحوار بين الأديان في سانت بطرسبرغ .
مدينة أول مصحف طُبع في العالم الإسلامي
كما شارك فاسيل شيخرازيف نائب رئيس وزراء جمهورية تتارستان في خطط الجمهورية لإقامة الإحتفالات على شرف الذكرى 1100 لاعتماد الدين الإسلام .
وأوضح شيخرازيف للمشاركين أنه:"من بين الأحداث الهامة التي ستجري هذا العام، بناء مسجد الكاتدرائية، افتتاح مبنى جديد للمعهد الإسلامي الروسي في مدينة أوفا ومسجد في نيجني نوفغورود، الانتهاء من ترميم وافتتاح مجمع المدرسة "المحمدية"، تطوير البنية التحتية في البولغار. في الوقت نفسه، تجري الاستعدادات لنشر وتقديم نصوص الآثار المكتوبة في فترة البولغار، الموسوعة المكونة من 8 مجلدات "الإسلام في روسيا الاتحادية"، أعمال لعلماء الدين ما قبل الثورة. إذا كنا نتحدث عن خطة عمل الجمهورية، فهي تتضمن 39 فعالية، من بينها مهرجان بولغار الكبير، معرض إسلام نوري للثقافة الإسلامية، إقامة معسكر دولي في الأكاديمية الإسلامية البلغارية وعروض مواضيعية، أفلام وبرامج ومقاطع الفيديو والمنشورات في وسائل الإعلام وتقديم نسخة باللغة الروسية من المدرسة الإسلامية على الإنترنت".
كذلك، تعمل الشريحة العلمية المجتمعية في تتارستان بالتعاون مع الأكاديمية الإسلامية البلغارية على ترجمة نصوص فقهاء البولغار من العربية إلى التترية والروسية ونشر نسخة طبق الأصل من النسخة العربية. سيتم إنشاء موقع خاص على الانترنت حيث يمكن لأي شخص العثور على جميع المعلومات حول تاريخ الإسلام في أراضي روسيا الحديثة.
كما تحدث مفتي تتارستان كميل حضرة ساميغولين عن أنشطة الإدارة الدينية لمسلمي جمهورية تتارستان احتفائا بهذه الذكرى .
وأوضح المفتي خلال حديثه الاتي :"خلال اجتماع مجموعة الرؤية الإستراتيجية في جدة، قُدم اقتراح بأن تُلقب مدينة قازان "مدينة أول مصحف مطبوع في العالم الإسلامي".
رستم نورغاليفيتش، يسعدني أن أبلغكم ان الادارة الدينية لمسلمي الجمهورية في إطار الذكرى 1100 سوف تنشر مصحفا جديدا من قازان يعتمد على أساس الكمبيوتر الخطاط المُصمم خصيصا لـــ" طبعة قازان". تم تطوير هذه الأحرف الوطنية التتارية خلال العام الماضي وتم إبتكارهها على أساس النسخة المطبعية الأصلية والتي وفرت إمكانيات تقنية واسعة لطباعة الكتب الحديثة. النسخة المحدثة من "طبعة قازان" سوف تتوافق مع المعايير العالمية المقبولة عموماً لـ "الرسم العثماني" وتأخذ في الاعتبار الملاحظات الواردة في أعمال موسى بيجيف "التصحيح الرسمي للخط" والمرجاني "فوائد المهمة"".
أقيم اليوم أيضًا في قازان في مسجد "قل الشريف" عرضا وبداية رسمية لتنفيذ المشروع الجديد للإدارة الدينية لمسلمي جمهورية تتارستان - مخطوطة بولغار للمصحف الكريم. وشارك في هذا الحدث المهيب فاريت موخامتشين، نائب رئيس مجموعة"روسيا - العالم الإسلامي". البداية الرمزية للمشروع بدأت بالكتابة الخطية للسورة الأولى من القرآن الكريم "الفاتحة" بحضور ومباركة العديد من الضيوف المشاركين في اجتماع اللجنة المنظمة، المفتيين، الشخصيات الدينية الإسلامية المشهورة في روسيا وممثلي السلطات والشريحة العلمية ووسائل الإعلام. أمام أعينهم، كتب الخطاط المحترف سطور السورة على القماش.
سيكون لهذا المشروع قيمة علمية رفيعة للدراسات الروسية الخاصة بالقرآن الكريم والفكر الديني الإسلامي في روسيا الاتحادية. بالإضافة إلى ذلك، سيصبح عملاً من اعمال فنون الخط وسيعتبر خطوة أولى نحو إحياء التقاليد الروسية الإسلامية المفقودة في علوم الخط الإسلامية. يعتبر هذا العمل المكتوب المصحفي من الأعمال الإبداعية الفنية للخطاط مع مشاركة المجتمع الديني المحلي وستطبع منه مجموعة كبيرة من النسخ للتوزيع والنشر .
وأضاف المفتي:"يعد الفيلم الوثائقي "ابن فضلان" أحد المبادرات الرئيسية وهو حاليا في مرحلة تصوير حلقاته. نظرا لأن الفيلم تاريخي، يولي المبدعون اهتماما كبيرا لأزياء العرض وتصميمها الفني. بالإضافة إلى قازان سيتم تصوير الفيلم في بخارى ومشهد وسانت بطرسبرغ. خلال عام 2021 ، تم تصوير لقطات ومشاهد مختلفة للفيلم في منطقة أستراخان وكذلك في منطقة أتنينسكي وفي قازان. المكتبة الإلكترونية للإدارة الدينية لجمهورية تتارستان "دار الكتب" ستتلقى أيضا دعما كبيرا لتطويرها وتحسينها. منذ عام 2013 حتى يومنا هذا، تم رقمنة حوالي 1600 عمل ديني قديم تعود لمرحلة ما قبل عام 1913 وحفظها على موقع المكتبة الإلكتروني. يتيح لك الموقع قراءة هذه الكتب عبر الإنترنت أو تنزيلها مجانا، بالرغم من ضرورة تحديث نظام الموقع الأساسي.
وأشار المفتي ساميغولين أيضًا إلى أنه في عام 2021 تم الإعلان عن مسابقة لعموم روسيا لأفضل أفكار إحياء الذكرى الـ 1100. تم اختيار اثنين من الفائزين، بناءً على أعمالهم المصممة، حيث تم الانتهاء من أستكمال الشعار وقدمه اليوم في اجتماع لجنة الجمهورية المنظمة النائب بالسياسة المعلوماتية مفتي تتارستان ومدير دار نشر "حضور" ريشات حميدولين.
كما أشار حميدولين إلى المهمة التي وضعت امام مصممي شعار الذكرى في إظهار تاريخ تطور الإسلام على أراضي روسيا بأنه قديم وغني وان روسيا تعتبر جزاء مهما من العالم الإسلامي الكبير.
يتألف الشعار الذي تم تقديمه اليوم في الاجتماع للموافقة عليه من 5 عناصر رمزية مبينة يسهل التعرف من خلالها على معالم مدينة بولغار القديمة ودين الإسلام وهي :
1- الصورة الرمزية للشعار عبارة عن هيكل لمسجد مصمم على الطراز الاسلامي وفقًا لنمط العمارة البولغارية القديمة وهذا تجسيد لميلاد الثقافة الإسلامية في منطقة الفولغا.
يعبر هذا الشعار عن الاحترام والامتنان لاختيار الأجداد ويشير إلى استمرارية التقاليد.
2- المصحف المفتوح، تحظر قواعد التعامل مع الكتب المقدسة والآداب، ترك القرآن مفتوحًا دون سبب، لذا فإن المصحف المفتوح في الشعار يؤكد على رغبة المسلمين في فهم حكمة الله باستمرار واتباع تعليماته.
3- تجسد زهرة الزنبق، التي تشبه في الخط العربي لفظ الجلالة "الله" رمزًا للتجديد والازدهار في الثقافة الإسلامية. في الوقت نفسه يعتبر الزنبق من أكثر العناصر الزخرفية شهرة بين أسلاف التتار ويوجد في التطريز التقليدي وكذلك في الزخرفة الداخلية للمساجد. كما أن زهرة الزنبق منذ القدم تعبر عن الرغبة في تحقيق إنجازات عظيمة. كما تتوج الزهرة شعار النبالة لجمهورية تتارستان.
4- نقش الرقم "1100" وفق قواعد الكتابة باللغتين الروسية والعربية يربط هيكليا بين الزنبق والقرآن.
5- نقش كلمة " بُلغار" بالعربية.
وأوضح ريشات حميدولين أن "الجمع بين كل هذه العناصر يجسد 1100 عام من تطور التقاليد القرآنية لمسلمي منطقة الفولغا والتي نشأت في البلغار القديمة".