Ru En

كوساتشيف: الوئام بين الأعراق ضروري لبقاء روسيا

١٦ مايو

ألقى نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي - قنسطنطين كوساتشيف، كلمة أمام الجلسة العامة لمجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"، المنعقدة كجزء من المنتدى الاقتصادي الدولي الخامس عشر "روسيا - العالم الإسلامي: منتدى قازان - 2024"، أشار خلالها إلى أنه قبل عقد من الزمن، في عام 2014، أعاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنشطة المجموعة، وعين رستم مينيخانوف، رئيس تتارستان، رئيساً فخرياً لها، وذلك اليوم الخميس 16 مايو/أيار 2024.

 

وقال كوساتشيف خلال كلمته: "قبل يومين فقط، انطلق المنتدى الاقتصادي الدولي الخامس عشر "روسيا - العالم الإسلامي"، وقد حظي باستقبال حار من رئيسة مجلس الاتحاد - فالنتينا ماتفيينكو، وهنا في عاصمة تتارستان الجميلة، ونشارك في مناقشات متزامنة حول كل من الجيوسياسية والجوانب الاقتصادية لتعاوننا، مما يضمن اتباع نهج شامل لهذا الموضوع الحاسم. وإلى جانب أول رئيس لتتارستان الموقر- مينتيمر شاريبوفيتش شايمييف، شغل رجل الدولة الروسي البارز - يفغيني بريماكوف منصب الرئيس المشارك الفخري لمجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي" لسنوات عديدة، ولم يكن بريماكوف، المشهور بكونه مستعرباً ومستشرقًا، مرشداً لي فحسب، بل كان أيضاً رائداً في تطوير هذا الإطار في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وفي عام 2006".

 

وأضاف قنسطنطين كوساتشيف: "ربما لا تستطيع أي دولة أخرى، ذات أغلبية مسيحية تتعايش جنباً إلى جنب مع أقلية مسلمة، وأن تكون نموذجاً للتعايش السلمي، والاختلاط الثقافي، والحفاظ على تنوع المجتمع، كما تفعل روسيا".

 

وأكد نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي كذلك أن فكرة المجتمع والحياة المتناغمة تتجسد اليوم في نموذج حضارة الدولة، كما هو منصوص عليه في مفهوم السياسة الخارجية لروسيا الذي صادق عليه الرئيس الروسي.

 

ووفقاً له، يعد الوئام بين الأعراق أمراً أساسيا بالنسبة لروسيا، التي تضم ما يقرب من 200 مجموعة عرقية وقومية، بما في ذلك أكثر من 20 مليون مسلم. وتمتد هذه الحتمية بسلاسة إلى سياسات روسيا الخارجية. وباعتبارها القوة الأوراسية الأكبر، لا تستطيع روسيا أن تركز اهتمامها على أي منطقة بعينها أو على قيمها. ومع ذلك، فإن البعد القيمي يكتسب أهمية قصوى ليس فقط في الحفاظ على وحدتنا الوطنية ولكن أيضاً في التعامل مع المجتمع العالمي، وفي خطاب الرئيس (الروسي فلاديمير) بوتين أمام الجمعية الفيدرالية الروسية في 29 فبراير (شباط) 2024، أكد خلالها أن "روسيا كانت وستظل معقلًا للقيم التقليدية التي تقوم عليها الحضارة الإنسانية، وخياراتنا تلقى صدى لدى الأغلبية في جميع أنحاء العالم".

 

وأشار نائب رئيس مجلس الاتحاد إلى أن القيم المشتركة تشكل الأساس الذي يمكن أن يقام عليه نظام عالمي عادل وديمقراطي بشكل حقيقي، وعندما ارتُكب قبل عام عمل مشين من تدنيس القرآن الكريم، بموافقة ضمنية من السلطات السويدية، أصدر مجلس العلاقات بين الأعراق والتعاون مع الجمعيات الدينية التابع لمجلس الاتحاد بياناً حازماً، أكد فيه أن "الهمجية هي ما أظهرته ما يسمى بالدول المتحضرة ليس له مكان في نظام عالمي متعدد الأقطاب يتوافق مع المصالح والقيم المقدسة للأغلبية العالمية، التي يقف الغرب الجماعي ضدها الآن".

 

وتابع كوساتشيف حديثه: "وبالمثل، شعرنا دائماً بتضامن المجتمع الإسلامي العالمي في أعقاب الهجمات الإرهابية أو الاستفزازات الأخرى التي يُزعم أنها نُفذت باسمهم داخل روسيا، وفي أغلب الأحيان، يتم التحريض على هذه الحوادث من قبل كيانات منفصلة تماماً عن الإسلام. ونحن على ثقة من أننا متحدون برؤية مشتركة للمبادئ الأساسية لنظام عالمي متعدد الأقطاب يخدم مصالح جميع الأمم والثقافات والأديان في جميع أنحاء العالم، بشكل لا لبس فيه، فإن مثل هذا النظام وحده هو الذي يمكن أن يدعي بحق أنه ديمقراطي، وليس إملاءً".

 

وأكد المسؤول الروسي مجدداً أن "الدول الغربية تصنف نفسها على أنها ديمقراطية وتنتهك بشكل صارخ حقوق المؤمنين وتدوس القيم التقليدية".

 

وأردف قنسطنطين كوساتشيف القول: "يمكن النظر إلى الصراع بين النموذج الأحادي القطب والنموذج الناشئ متعدد الأقطاب في العالم باعتباره القضية المركزية في عصرنا. ومن الواضح أن التردد المستمر للجماعة الغربية، بقيادة الولايات المتحدة، في التخلي عن تطلعاتها إلى التفوق العالمي وطموحاتها ويشكل التفرد المتأصل، إلى جانب الاستغلال الفعلي لموارد الكوكب، عقبة كبيرة أمام التقدم العالمي. وتمثل ما يسمى بالعقوبات المفروضة على الدول التي يبلغ عدد سكانها المليارات من السكان مثالاً واضحاً على الاختلاف بين مصالح ما يسمى "المليار الذهبي". وفرض الغرب وحلفائه المستمر وغير العقلاني لحزمة العقوبات ضد روسيا قد كشف عن جانب حاسم آخر من النظام العالمي الأحادي القطب: المؤسسات والآليات العالمية - البنوك والعملات العالمية، والمنظمات الدولية، والاحتكارات، في النقل، أو التأمين، أو التكنولوجيا - يتم تسليحها، وتحويلها إلى أدوات للإكراه السياسي ضد أولئك الذين يقاومون الهيمنة العالمية لمركز قوة واحد. ومن ثم، فإن الأحادية القطبية يتم دعمها من خلال مؤسسات محددة تدعم وتعزز هذا النظام غير الديمقراطي وغير العادل. ولذلك، فإن هدفنا الجماعي هو إضفاء الطابع المؤسسي على التعددية القطبية، وإنشاء إطار يقوم على مبادئ ومعايير بديلة مقبولة عالمياً، وليس على "نظام قائم على القواعد" استعماري جديد بطبيعته تمليه وتفسره وتنفذه مجموعة أقلية من الدول".

 

وبحسب نائب رئيس مجلس الاتحاد، في الوقت الحاضر، تعمل العديد من الدول تدريجياً على تقليل اعتمادها على العملات الغربية، وتطوير آليات لإجراء التجارة الخارجية خارج نطاق الإشراف الغربي، وإنشاء طرق نقل جديدة، وإقامة سلاسل توريد بديلة. من المنطقي أن غالبية الدول، التي تمثل 85% من سكان العالم، لم تمتنع فقط عن الانضمام إلى العقوبات المناهضة لروسيا التي فرضها "التحالف الغربي"، بل استخلصت منها أيضاً استنتاجات حتمية.

 

كما أوضح قنسطنطين كوساتشيف "أن إنشاء أطر دولية جديدة، مثل مجموعة "بريكس"، التي رحبت منذ يناير من هذا العام بإضافات مهمة، ولا سيما أربع دول إسلامية - مصر وإيران والإمارات السعودية - يعد تطوراً جديراً بالملاحظة. وتظل روسيا ملتزمة بالدخول في حوار مع شركائه من العالم الإسلامي لتشكيل نظام شامل للحوكمة العالمية، وإن الغالبية العظمى من الدول الإسلامية في آسيا وافريقيا كانت حليفة لنا منذ فترة طويلة. كما أنها تؤكد نفسها بشكل متزايد على المسرح العالمي، وتتجاوز مجرد السياسات الإقليمية وتظهر اهتماماً شديداً بمعالجة التحديات العالمية. وفي المقابل، فإننا نؤيد الأدوار البارزة التي لعبتها من قبل هيئات إقليمية مثل جامعة الدول العربية، ومجلس التعاون لدول الخليج العربي، ومنظمة التعاون الإسلامي، التي تدعو العالم الإسلامي بأكمله إلى تجاوز الحدود الإقليمية وتظل روسيا ملتزمة بدعم حلفائها في سعيهم للاضطلاع بدور أكثر أهمية في معالجة القضايا الحاسمة في عصرنا، وذلك من خلال توليهم أهمية أكبر في السياسة والاقتصاد الدوليين، وتعزيز سيادتهم وتنفيذ سياسات خارجية عملية ذات توجه وطني، ذات نظام عالمي عادل وديمقراطي يرتكز على القيم المشتركة والأعراف المشتركة وضمانات الأمن والتنمية للجميع".

 

واختتم نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي حديثه بالقول: "أنا على ثقة من أن المنتدى الاقتصادي الدولي الخامس عشر "روسيا - العالم الإسلامي: منتدى قازان - 2024" سيقدم مساهمة كبيرة في تعزيز شراكتنا، ونحن نقدر بشدة مساهمات المشاركين والضيوف في المنتدى، وأتقدم بأطيب تمنياتي للجميع بالمداولات المثمرة والنجاح".

 

 

مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا – العالم الإسلامي"

الصورة: مجلس الإتحاد الروسي