يشارك وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم الجمعة 13 مايو/أيار 2022، في اجتماع لمجلس وزراء خارجية رابطة الدول المستقلة، الذي ينعقد في عاصمة جمهورية طاجكستان دوشنبه.
وبذلك يكون قد مر أكثر من ستة أشهر على آخر حدث من هذا القبيل في عاصمة بيلاروسيا مينسك، وقد تراكمت مواضيع كثيرة مطروحة للبحث.
وفي بيان لها، أشارت وزارة الخارجية الروسية، إلى أنّه من المتوقع أن يتبادل الطرفان وجهات النظر حول قضايا الساعة الإقليمية والدولية، فضلا عن المجالات الواعدة لتطوير التعاون المتعدد الأوجه داخل رابطة الدول المستقلة.
كما أفادت وزارة الخارجية الروسية بأنه "سيتم إيلاء اهتمام خاص لقضايا الأمن الدولي وتعزيز الروابط في المجالات الثقافية والإنسانية والعلمية"، وبالتأكيد، ستتم أيضاً مناقشة الاستعدادات لعقد اجتماع جديد لمجلس رؤساء دول رابطة الدول المستقلة المقرّر عقده في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2022 في عاصمة كازاخستان، نور سلطان.
القضية الحالية: أوكرانيا
هذا وليس هناك أي شك في أنّه سيتم التطرق إلى الوضع في أوكرانيا خلال الاجتماع. ومن الواضح أن رئيس الدائرة الدبلوماسية الروسية سيبلغ زملائه بمسار العملية العسكرية الخاصة لروسيا، والتي بدأت استجابة لنداء قادة جمهوريتيّ دونيتسك ولوغانسك طلباً للمساعدة.
بدوره كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أكد عند الإعلان عن بدء العملية أن خُطط موسكو لا تشمل احتلال الأراضي الأوكرانية، مبينا أن الهدف منها يتمثل في نزع السلاح واجتثاث النازية من البلاد.
كما أنه وعلى خلفية الحديث عن استمرار العملية العسكرية الخاصة، يؤكد الكريملِن من جهته أنها تسير وفقاً للخطة المرسومة.
بالإضافة إلى ذلك، تستمر عملية التفاوض بين روسيا وأوكرانيا، ولكن، بحسب ما أشار إليه المتحدث الرسمي باسم الكريملِن دميتري بيسكوف، "بطيئة للغاية وغير فعّالة"ـ وسلمت موسكو إلى كييف مسودة وثيقة حول تسوية العلاقات في 15 ابريل/نيسان الماضي، ولكنّها لم تتلق أي رد فعل حتى الآن.
وفي الوقت نفسه، تؤكد موسكو أن روسيا الاتحادية مستعدة لإجراء اتصالات بشأن الأزمة الأوكرانية على أي مستوى، ولكن يجب أن تكون مستعدة جيدا وذات مغزى.
وفي السياق ذاته، على خلفية عملية المفاوضات البطيئة، تواصل الدول الغربية تزويد أوكرانيا بأسلحة مختلفة الأمر الذي لا يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع وعرقلة تسويته.
بالإضافة إلى ذلك، طغت نوايا بولندا على الوضع. وهكذا، ووفقا لجهاز الاستخبارات الخارجية الروسية، تعمل واشنطن ووارسو على خطط من أجل فرض سيطرة بولندا على ما أسموه "ممتلكاتهم التاريخية" في أوكرانيا.
بالإضافة إلى ذلك، لفت الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو الانتباه إلى مناورات الناتو في بولندا، فضلاً عن زيادة الوجود العسكري في ذلك البلد.
كييف ترصد ترانسنيستريا
من الملاحظ زعزعة استقرار الوضع في ترانسنيستريا، حيث هناك وقعت سلسلة من الهجمات الإرهابية في نهاية ابريل/نيسان الماضي، وحتى 25 مايو/أيار، تم تمديد الإجراءات الأمنية الخاصة هناك.
بدوره، صرّح مصدر في الدوائر الحكومية في تيراسبول لوكالة أنباء "تاس" بأن آثار قصف مبنى وزارة أمن الدولة في ترانسنيستريا غير المعترف بها تدل بما لا شك فيه إلى الجانب أوكرانيا.
وأعرب خبير منتدى "فالداي" للنقاش، كبير الباحثين في معهد الاقتصاد الدولي والعلاقات الدولية، دميتري أوفيتسيروف-بيلسكي، في مقابلة مع وكالة "تاس"، عن رأي مفاده أن حجم تفاقم الوضع في ترانسنيستريا في ابريل كان مبالغاً فيه، ولكن خطر حدوث حالة متفجرة يُمكن أن تثيره كييف لا يزال قائما. وبحسب قوله فإن تصعيداً خطيراً يعود بالنفع على الجانب الأوكراني الذي "يهتم الآن بفتح جبهة أخرى".
مشكلة الأمن البيولوجي: أراضي أوكرانيا لتجارب الغرب
من جهته، أشار أمين سر مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف، إلى أنّه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، نشرت الولايات المتحدة ومن يدور في فلكها شبكة من المختبرات البيولوجية في فضاء الجمهوريات السوفيتية السابقة - في أوكرانيا وجورجيا وأذربيجان وأوزبكستان، كازاخستان وأرمينيا، حيث "يختبئون وراء البحث العلمي، ويقومون بأنشطة بيولوجية عسكرية".
ووفقاً له، فإن تفشي العدوى في عدد من البلدان يمكن أن يكون مرتبطاً بشكل مباشر بأنشطة هذه المختبرات.
وفي الوقت نفسه، ذكرت دائرة أمن الدولة الأذربيجانية أنه لا توجد مختبرات بيولوجية أو مراكز علمية تمولها دول ثالثة في البلد تعمل في مجال البحوث في مجال الأسلحة البيولوجية.
أما المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء إيغور كوناشينكوف، كان قد صرّح في وقت سابق أنه خلال العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، فإن حقائق التطهير الطارئ من قبل نظام كييف من آثار برنامج بيولوجي عسكري يتم تنفيذه في أوكرانيا، بتمويل من وزارة الدفاع الأمريكية، "تم الكشف عنها".
كما أضاف أن معلومات وردت من موظفي المعامل البيولوجية الأوكرانية حول التدمير الطارئ لمسببات الأمراض الخطيرة بشكل خاص في 24 فبراير/ شباط الماضي: الطاعون والجمرة الخبيثة والتولاريميا والكوليرا وأمراض مميتة أخرى.
أما رئيس قوات الدفاع الإشعاعي والكيميائي والبيولوجي في القوات المسلحة الروسية إيغور كيريلوف كان قد أكد بدوره أن أوكرانيا هي ساحة اختبار للغرب لتطوير مكونات الأسلحة البيولوجية واختبار أنواع جديدة من الأدوية.
باكو ويريفان: الطريق إلى معاهدة سلام
يوم أمس وعلى هامش اجتماع مجلس وزراء خارجية رابطة الدول المستقلة، عقد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف محادثات ثنائية، ثم لقاء ثلاثي مع الزميلين من أذربيجان وأرمينيا، جيهون بيرموف وأرارات ميرزويان على التوالي. وناقش الوزراء خلال ذلك، تنفيذ القرارات التي اتخذها قادة أذربيجان وأرمينيا وروسيا في إطار البيانات الثلاثية.
وأكد لافروف أن الجانب الروسي مُهتم بتحويل جنوب القوقاز إلى منطقة سلام وتنمية مستدامة وازدهار.
وفي أوائل ابريل/نيسان الماضي، أصدر الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي شارل ميشيل في اجتماع في بروكسل تعليمات لوزراء الخارجية بالبدء في الاستعدادات للمفاوضات حول اتفاقية سلام.
هذا وتنظر باكو إلى هذه العملية بأمل كبير وتعتقد أنه لا داعي لإضاعة الوقت.
وبذلك، صرح الرئيس علييف بضرورة بدء مفاوضات جوهرية مع أرمينيا في المستقبل القريب من أجل إبرام معاهدة سلام. ووفقا له، فقد طرح على باكو "اقتراحاً يتكون من 5 مبادئ محدّدة (لتطبيع العلاقات مع أرمينيا - تاس)، وقبلت أرمينيا هذه المبادئ الخمسة".
كما أنّه منذ منتصف ابريل/نيسان، تتواصل الاحتجاجات ضد سياسة السلطات في أرمينيا، ومنذ بداية مايو/ أيار أصبحت حاشدة.
وتطالب المعارضة باستقالة رئيس الوزراء نيكول باشينيان، بحجة أنه يعتزم إعادة النظر في موقف يريفان تجاه وضع جمهورية ناغورني قره باغ غير المعترف بها.
بدروها، أكدت موسكو أنها مصمّمة على تسهيل إبرام معاهدة سلام بين يريفان وباكو. وفي 10 مايو، قال بيراموف إن أذربيجان وأرمينيا توصلتا إلى اتفاق بشأن تشكيل لجنة ترسيم الحدود بين البلدين. وتجدر الإشارة إلى أن التقدم في هذه المسألة "أمر مهم".
العامل الأفغاني: في طريق الاستقرار
من المؤكد أن الإشكاليات المحيطة بأفغانستان، المتاخمة لأوزبكستان وطاجيكستان، لن تمرمرور الكرام، وبحسب ما هو ملاحظ، لا يزال التهديد الإرهابي قائما.
في طاجيكستان، تم قبل أيام الإبلاغ عن اشتباك بين "طالبان" (حركة طالبان محظورة في روسيا الاتحادية) و"داعش" (تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي المحظور في روسيا الاتحادية) على الأراضي الأفغانية الحدودية.
وبعد اجتماع وزراء خارجية الدول المجاورة لأفغانستان، تشير روسيا إلى تشكيل إجماع إقليمي حول هذا البلد. وتم التأكيد على أن روسيا وشركائها لديهم أهداف مشتركة لضمان "أفغانستان مستقرة ومزدهرة" لن ينطلق من أراضيها خطر الإرهاب والاتجار بالمخدرات.
كما لفت وزير الخارجية لافروف الانتباه إلى حقيقة أنه بعد الفرار المتسرّع لقوات الاحتلال الأمريكية وحلف شمال الأطلسي من كابول في أغسطس/آب من العام الماضي وما تلاه من وصول حركة "طالبان" إلى السلطة (جماعة طالبان محظورة في روسيا الاتحادية)، فإن الوضع السياسي - العسكري استقر في أفغانستان نسبيا.
وفي الوقت نفسه، أشار وزير الخارجية الروسية إلى ضرورة تسريع عملية تشكيل حكومة شاملة في أفغانستان.
وعلى المقلب الآخر، تبدو التصريحات الصادرة عن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) مثيرة للقلق. وهكذا، قال رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، الجنرال مارك ميلي، قال يوم الأربعاء، إن الولايات المتحدة ستكون مستعدة لضرب أفغانستان إذا تم تحديد تهديد للأمن القومي هناك.
ووفقاً للجكترال الأمريكي فإن واشنطن تظل ملتزمة بهدفها السابق المتمثل في "ضمان ألا تصبح أفغانستان مرة أخرى منبراً سيضرب من خلاله الإرهابيون البر الرئيسي للولايات المتحدة".
مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"
الصورة: وزارة الخارجية الروسية
المصدر: تاس