صرح رئيس تتارستان - رستم مينيخانوف، متحدثاً في الجلسة العامة لمجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا-العالم الإسلامي"، والتي تجري في هذه اللحظة في إطار المنتدى الاقتصادي الدولي الخامس عشر "روسيا – العالم الإسلامي: قازان-2024"، مسلطاً الضوء على الأوضاع المضطربة، والاتجاهات المتناقضة السائدة في المشهد العالمي المعاصر، فضلاً عن الاختلافات والخلافات في توقعات "النظام العالمي الجديد" بين الغرب الجماعي والعالم غير الغربي، وذلك اليوم الخميس 16 مايو/أيار 2024.
وقال مينيخانوف خلال كلمته إنه "في عالم اليوم، نشهد توقعات متنوعة في ما يتعلق بالنظام العالمي الجديد بين الغرب الجماعي والعالم غير الغربي. فالتعددية القطبية الحقيقية آخذة في الظهور بينما تفسح العولمة المجال للإقليمية، ويفكر الكثيرون في كيفية تجاوز هذه الأزمة وتصور الأدوار".
وتساءل رستم مينيخانوف: "كيف يمكن لروسيا والدول الإسلامية أن تتعاون من أجل التنمية البناءة والسلام والأمن والصداقة والتعاون؟".
وأضاف: "تهدف مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي" إلى معالجة هذه الاستفسارات على مستواها. ويصادف العام المقبل مرور 20 عاماً على حصول روسيا على عضوية مراقب في منظمة التعاون الإسلامي، وذلك تزامنا مع الذكرى السنوية الخامسة والخمسين لتأسيس المنظمة هذا العام".
وتابع رئيس تتارستان حديثه: "أهنئ قيادة منظمة التعاون الإسلامي والدول الأعضاء فيها على هذا الإنجاز الهام، متمنياً لهم استمرار النجاح في خدمة جميع الدول والشعوب. وفي الآونة الأخيرة، في القمة الخامسة عشرة لرؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في غامبيا، ترأست الوفد الروسي. بناء على طلب قيادتنا، حيث تركزت القمة، التي تعقد كل ثلاث سنوات، على موضوع: "تعزيز الوحدة والتضامن من خلال الحوار من أجل التنمية المستدامة".
وعلى هامش القمة، شاركت في مناقشات مع العديد من زعماء الدول الإسلامية، واستكشفت تعاون روسيا مع العالم الإسلامي، بما في ذلك أنشطة مجموعتنا. وغالباً ما تتوافق مواقفنا بشكل وثيق مع أهمية الوحدة والتضامن والحوار في مواجهة التحديات العالمية والحفاظ على الأمن وتلعب المنظمات الدولية الرائدة، بما في ذلك رابطة "بريكس"، أدواراً محورية في هذا المسعى".
واردف رستم مينيخانوف: "منذ يناير (كانون الثاني) من هذا العام، انضمت خمس دول أخرى، بما في ذلك دول إسلامية مثل مصر وإيران والإمارات السعودية "بريكس" في عام 2024، حيث تترأس روسيا رئاسة المجموعة هذا العام، وتم التخطيط لأكثر من مائتي حدث ذي صلة، بما في ذلك حوالي 20 اجتماعاً مهماً في تتارستان، بما في ذلك قمة رؤساء دول "بريكس"، بالإضافة إلى اجتماعات "بريكس + بلس" واجتماعات التوعية لـ بريكس".
واسترسل رستم مينيخانوف في تناول الأزمات العالمية المستمرة، قائلاً:
في الوقت الحاضر، لا تزال الأزمة الأوكرانية تمارس تأثيرات سلبية عميقة على الأمن العالمي والاقتصاد العالمي، ويتردد صدى التوترات المتصاعدة في فلسطين وبين إيران وإسرائيل في جميع أنحاء العالم، كما وتثير إراقة الدماء في قطاع غزة وفقدان أرواح المدنيين قلقاً عميقاً بين المسلمين في جميع أنحاء العالم، وفي روسيا كذلك، بما في ذلك تتارستان، التي تبذل الجهود لتقديم المساعدات الإنسانية.
وخلص رئيس تتارستان القول في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية: "أود أن أعرب عن امتناني لشعب تتارستان على استجابته لتقديم المساعدات الإنسانية، وإننا نكرر موقف رئيس بلادنا فلاديمير بوتين بشأن الحاجة الملحة إلى وقف إطلاق النار في غزة واستئناف المفاوضات السياسية، حيث نؤكد على إقامة دولة فلسطين بعضوية الأمم المتحدة".
ومن خلال تسليط الضوء على الإرهاب باعتباره تحدياً معاصراً ملحاً، أكد مينيخانوف على ضرورة مكافحة مظاهره المختلفة، قائلاً، إن "الإرهاب يشكل بجميع أشكاله، تهديداً كبيراً. وقد أكد الهجوم الإرهابي الشنيع الذي وقع بضواحي موسكو في وقت سابق من هذا العام وحشيته. وأحد أهدافه هو زرع الفتنة بين الأديان والأعراق، في محاولة للتستر على ديننا مع إدامة ومن الضروري التصدي بشكل حاسم لهذه الأيديولوجية المدمرة، وإظهار الطبيعة السلمية والبناءة للإسلام، ولا تشمل الديناميكيات العالمية الحالية المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية الاستراتيجية فحسب، بل تشمل أيضاً الأبعاد الثقافية والأخلاقية والدينية".
على خلفية التهديدات الأمنية العالمية غير المسبوقة، انتقد مينيخانوف محاولات الغرب الجماعي لاستبدال القانون الدولي بقواعد تخدم مصالحه الذاتية، قائلاً: "من المؤسف أن الغرب الجماعي يسعى إلى استبدال القانون الدولي بنظام من "القواعد" المنحرفة لمصالحه، ولمواجهة ذلك، يجب على القوى السليمة في الكوكب أن تدافع عن نموذج لنظام عالمي عادل ومتعدد الأقطاب. ولا تنشأ خطوط صدع جديدة من فقط المواجهات العسكرية والسياسية أو المنافسات الاقتصادية ولكن أيضاً من التوجهات الأخلاقية والثقافية غير المتوافقة ترتبط هذه التوجهات ارتباطاً جوهرياً بالأمن، بما في ذلك الحفاظ على القيم الثقافية والأخلاقية والنهوض بها، والتي تعتبر أساسية لأنماط حياة المواطنين، والعالم الإسلامي يمتلك إمكانات تعاونية هائلة لهذا الأمر".
وفي ختام كلمته، أكد مينيخانوف على الأرضية المشتركة بين الأرثوذكسية والإسلام فيما يتعلق بالقيم الأخلاقية الأساسية، قائلاً إن "الأرثوذكسية والإسلام يتوافقان أو يرتبطان بشكل وثيق بالقيم الأخلاقية الأساسية، بما في ذلك حقوق الإنسان ومبادئ الأسرة، وأنا على ثقة من أن التآزر الإيجابي والشراكة بين روسيا والعالم الإسلامي سوف يسهمان بشكل كبير في تعزيز التنمية الآمنة ضمن نظام عالمي عادل ومتعدد الأقطاب".
مجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"
الصورة: الموقع الرسمي لرئيس تتارستان