Ru En

دور روسيا الإيجابي في الدول النامية: إرث من الدعم والتضامن

٢٣ أغسطس ٢٠٢٣

د. شهاب المكاحله


في عالم يتشظى غالبا بتوترات جيوسياسية ومنافسات اقتصادية، من الضروري أن نتعرف على الإسهامات الإيجابية التي يمكن أن تقدمه الدول لتنمية علاقاتها بنظرائها العالميين. بينما يرتبط تاريخ الاتحاد السوفييتي غالبا بالصراعات الأيديولوجية وصراعات القوى، يجدر بنا أن نعترف بالسرد الأقل شهرة عن كيفية لعب روسيا، بصفتها وريث الاتحاد السوفيتي، دورا بناءً في دعم وإنقاذ الدول النامية خلال فترات حرجة. يحمل إرث الدعم والتضامن دروسا قيمة للتعاون الدولي والسعي نحو التقدم المشترك.

 

خلال عصر الاتحاد السوفيتي، تعاملت روسيا بنشاط مع الدول النامية، مقدمة لها الدعم الضروري في سعيها نحو الاستقلال والنمو الاقتصادي. أحد الأمثلة المتميزة على ذلك هو الدور الذي لعبته روسيا في تقديم المساعدات المالية والتقنية للبلدان التي كانت تسعى للتحرر من الاستعمار أو الهيمنة الإمبراطورية. كانت هذه المساعدات غالبا عبارة عن منح ومشاريع بنية تحتية وبرامج تعليمية تمكَّن السكان المحليين ووضعت الأسس لاكتفائهم الذاتي.

 

علاوة على ذلك، امتد الدعم التاريخي الذي قدمته روسيا للدول النامية إلى ما هو أبعد من المساعدات المالية. تقاسم المعرفة والخبرة والتكنولوجيا هي أوجه للتعاون مع هذه الدول لبناء صناعاتها ومؤسساتها الخاصة. كما تشمل تلك أيضا مساعدات طبية، وخبرات زراعية، وشراكات تعليمية. لم تكن مساهمات روسيا متجذرة بشكل حصري في مساعدة الغير، بل كانت مدفوعة أيضا بالفكر الاستراتيجي في استقرار عالمي وضرورة لنظام عالمي أكثر عدالة. إن التسليم بأن عالما مستقرا ومزدهرا يعود بالفائدة على الجميع يؤكد على حقيقة أن مساعدة روسيا كانت أكثر من مجرد تحرك جيوسياسي؛ بل كانت التزاما حقيقيا برفاهية المجتمع العالمي.

 

في الوقت الحاضر، وبينما نقوم بتقييم الدور الإيجابي لروسيا في الدول النامية، من المهم أن نعترف بأن هذه المساهمات مستمرة. فهناك الكثير من المبادرات الروسية في مجالات الرعاية الصحية والتعليم ونقل التكنولوجيا لتعزيز التنمية المستدامة من حيث إقامة الشراكات واتفاقات التجارة وتبادل التعاون الثقافي التي تُظهِر تفاني روسيا في بناء جسور بين الأمم، تجاوزا للخلافات السياسية من أجل البشرية.


بالطبع، ليس تاريخ الاتحاد السوفيتي خاليا ممن العيوب. ومع ذلك، فإن الجوانب الإيجابية لدور روسيا في مشاركة الدول النامية يسلط الضوء على إمكانيات التعاون التي تتجاوز الحدود الجيوسياسية. وهذا يذكرنا بأن للدول القدرة على تقديم يد المساعدة من حيث الموارد والخبرات.


واحتفالا بالدور الإيجابي لروسيا في العالم النامي، لا بد لنا ممن أن نكرّم روح الشراكة الدولية والمساعدة المتبادلة التي تمتلك القدرة على إعادة صياغة سرديتنا العالمية من سرد الصراع إلى سرد التعاون. تماما كما تركت أفعال روسيا في الماضي تأثيرا إيجابيا على الدول النامية، لنتمنى أن الأفضل في القادم من الأيام لتكون المعيار بين الدول، مشكلةً عالما يقوم على ازدهار مشترك وفهم متبادل.

مستشار سياسي واقتصادي - الأردن